الموضة سلاح السياسة .. في سباق الأناقة بين ميشيل أوباما وآن رومني
12:52 م - السبت 22 سبتمبر 2012
المتابع للانتخابات الأميركية الحالية لا بد أن يلاحظ استعمال الأزياء فيها كسلاح للوصول إلى قلب الناخب ووجدانه ومن ثم إلى صوته.
هذا ما يؤمن به بعض المتابعين، مؤكدين أن الأمر يشمل المرشحين كما زوجاتهم، اللواتي أثبتن أن مظهرهن سلاح أقوى من أي خطاب.
هؤلاء استدلوا على رأيهم بسخونة الـ«تويتر» في اليوم الذي ألقت فيه ميشيل أوباما خطابها، حيث بلغ مجموع الرسائل المتبادلة إلى أكثر من 28.000 رسالة حتى قبل أن تنهي خطابها. وكل الرسائل تركزت على فستانها، وطلاء أظافرها، حذائها وشعرها.
الفستان الذي كان من تصميم ترايسي ريس، تميز بالنعومة، وجاء مصنوعا من البروكار اللامع، وهو يسلط الضوء على رشاقة ميشيل وذراعيها المصقولتين.
وطبعا هو اختيار محسوب بدقة، فترايسي ريس مصممة بدأت من الصفر لتصبح سيدة أعمال ناجحة، كما أنها من أصول أفريقية أميركية، مما يجعلها عملة نادرة في عالم الموضة العالمية.
كما أن أسعارها تعتبر متوسطة مقارنة بأزياء أوسكار دي لارونتا، الذي استعانت به آن رومني خلال إلقاء خطابها أمام المؤتمر الجمهوري قبل بضعة أيام من خطاب أوباما، والذي تفوق أسعاره الألف دولار أميركي بكثير، علما بأنه المصمم المفضل للعديد من سيدات الحزب الجمهوري.
فقد ظهرت له لورا بوش سابقا بعدة فساتين وتايورات، في حين لم تظهر له أوباما بأي تصميم حتى الآن، مما أثار غضبه عليها. وبالفعل أثار زوبعة من الغضب والجدل عندما انتقد اختيارها فستانا من «ألكسندر ماكوين» خلال زيارة سابقة لبريطانيا، مشيرا إلى أنها كان أحرى بها أن تدعم المصممين الأميركيين.
وقد اعتذر في ما بعد عما قاله، معبرا عن أمله في أن تجود عليه برضاها وتظهر بأحد تصاميمه، الأمر الذي لم يحصل إلى حد الآن.
ومقارنة بأوسكار دي لارونتا، فإن أسعار ترايسي ريس تقدر بـ400 دولار أميركي فقط، مما يجعل اختيارها من قبل أوباما لغة سلسلة لمخاطبة الطبقات المتوسطة. وهذا ما تفوقت فيه ميشيل أوباما على آن رومني، حيث إنها منذ فوز زوجها في الانتخابات ودخولها البيت الأبيض التقطت أهمية الأزياء وقوة تأثيرها.
فهي غالبا ما تختارها حسب الرسالة التي تريد أن ترسلها. وساعدها جسمها الممشوق على تبليغ هذه الرسالة بطريقة أنيقة وسهلة، فما إن تظهر بقطعة لمصمم مغمور حتى يحلق، بين ليلة وضحاها، إلى العالمية، مثل جايسون وثاكون وغيرهما.
ربما يقول البعض إن هذا يدخل ضمن وظيفتها في الدفع بصناعة الأزياء الأميركية إلى الواجهة، وهذا صحيح إلى حد ما خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، التي تحتاج إلى كل الجهود لتسويقها، لكن يدا واحدة لا تصفق، الأمر الذي يعرفه الخبراء جيدا، وإن لم يوقفهم هذا عن عقد آمال كبيرة عليها.
فتاريخيا، تمتلك السيدة الأولى قدرة هائلة على التسويق، وهذا ما صرح به مصمم سيدات البيت الأبيض، آرنولد سكاسي، الذي عاصر العديدات منهن، من السيدة إيزنهاور إلى أوباما، قائلا «ما تلبسه السيدة الأولى له تأثير كبير ومباشر على صناعة الموضة.. فهي تحت الأضواء بشكل يومي تقريبا، مما يجعل إطلالتها تقلد من قبل النساء».
لكن ما يجعل ميشيل أوباما تتفوق على غيرها في هذا المجال ليس جرأتها في اختيار تصاميم حداثية أو تبني أسلوب جريء يعتمد على مزج القطع المنفصلة والغالي بالرخيص، بقدر ما هو جسمها الممشوق والرياضي إلى جانب ثقتها العالية بالنفس التي تجعلها بمثابة حلم أميركي.
المقارنة بينها وبين آن رومني غير صعبة بل واضحة في العديد من الأمور، بدءا من سياستهما وثقافتهما وكون الأخير أكثر ترفا وتنميقا في أزيائها بحكم انتمائها إلى طبقة معينة. في مؤتمر الحزب الجمهوري الذي سبق مؤتمر الحزب الديمقراطي بأيام قليلة، اختارت رومني مثلا فستانا أحمر يصرخ بالأناقة التي تعكس طبقتها الاجتماعية وقدراتها المادية.
فهو من تصميم المخضرم أوسكار دي لارونتا، يقدر ثمنه بـ1990 دولارا أميركيا، وهو من حرير التافتا بأكمام وحزام، وبدرجة أحمر توحي بالسعادة والقوة. فستان لا يعيبه شيء على الإطلاق سوى أنه مضمون ومحسوب للغاية، ويحسب له أنه بأكمام، الأمر الذي أصبح نادرا في موضة هذه الأيام.
فالسيدة أوباما روجت للفساتين من دون أكمام ليطرحها لنا المصممون في المواسم الأخيرة بكم هائل لا يناسب كل السيدات أو يروق لهن، خصوصا اللواتي لا يتمتعن بأذرع مصقولة بسبب عدم ممارستهن الرياضة أو بسبب عمرهن.
ويبقى السؤال: هل يمكن أن تتخلص السيدة رومني من رسميتها وتحفظها تجاه الموضة فيما لو دخلت البيت الأبيض، وتحقق ما لم تحققه سيدات الحزب الجمهوري منذ عهد نانسي ريغان التي كانت أكثر من أثار الجدل حول أزيائها؟
ربما، فالمراقبون يرون أنها بدأت فعلا في التخفيف من التكلف في مظهرها من خلال الألوان الصارخة والإكسسوارات، الأمر الذي يعود الفضل فيه إلى ميشيل أوباما التي جعلت من الأزياء سلاحا قويا لا يمكن إنكار تأثيره في كسب الغنائم السياسية.