الدليل الكامل لأسباب وأخطار خثرات الدم
02:12 م - الخميس 31 مايو 2012
عندما تجرح نفسك أثناء تقليم أشجار الحديقة، أو عند قص الأوراق في المكتب، فإن جسمك يتأهب كله لوقف تدفق الدم، وإصلاح الضرر. ولو لم يكن الدم يمتلك القدرة على التخثر (أي صنع الخثرات) لظلت تلك الجروح البسيطة تنزف إلى النهاية.
كما تتكون هذه الخثرات الشافية أيضا داخل الجسم في تلك المناطق التي تحدث فيها أضرار على الأوعية الدموية. وفي العادة، فإن الخثرة وما إن تنهي عملها حتى تتحلل وتذوب.
بدايات الضرر
إلا أن الخثرات (الجلطات) التي تتكون في بعض الأمكنة من الجسم تؤدي إلى أضرار أكثر من فوائدها - مثلما يحدث عند تكونها داخل الشرايين المغذية للقلب أو الدماغ أو في أوردة الساقين. كما أن الخثرات المتكونة داخل الجسم يمكنها أن تتحرك أيضا منتقلة عبر مجرى الدم من منطقة إلى أخرى.
وعلى سبيل المثال، فإن الخثرة التي تشكلت في أوردة الساق يمكنها الانتقال نحو الرئتين، بينما يمكن لخثرة نشأت في القلب الانتقال إلى الدماغ. وهذا الانتقال الصامت قد يجلب معه نتائج قاتلة.
ويؤدي التمزق في طبقة الترسبات على الشرايين، إلى تشكل الخثرات. وهنا تقوم الصفيحات platelets الدموية أولا بالهرع إلى موقع التمزق، والالتصاق بعضها بالبعض الآخر. ثم تحدث سلسلة من التفاعلات البيولوجية - الكيميائية التي تؤدي إلى تكوين شبكة من «الفبرين».
وتقوم هذه الشبكة باصطياد كريّات الدم الحمراء في داخلها. وقد تنجح الترسبات مع الخثرات في منع تدفق الدم تماما داخل الشريان مؤدية إلى حدوث النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.
عملية ثلاثية
ومهما كان موقع تشكل الخثرات سواء على الجلد أو في أعماق الجسم، فإن عملية التخثر معقدة، تتم بشكل عالي التنظيم. ويمكن تقسيم هذه العملية إلى ثلاث مراحل:
1- تشكيل كتلة انسدادية من الصفيحات الدموية. إن الصفيحات الدموية التي تسري في الدم هي أول ما يستجيب في حالات حدوث الأضرار. وتقوم بالالتصاق ببعضها مفرزة مواد كيميائية تحفز على حدوث المرحلة الثانية.
2- سلسلة متتالية من التخثر. إن حدوث سلسلة من التفاعلات الكيميائية، ووجود الضرر نفسه، ونشاط الصفيحات تؤدي كلها إلى تحويل بعض الجزيئات من حالة الخمول إلى حالة النشاط. وهذا ما يؤدي إلى تشكيل شبكة تتكون من الفبرين fibrin، وهو بروتين يعزز كتلة الصفيحات الانسدادية، ويصطاد كريات الدم الحمراء العابرة.
3- إذابة الخثرات. عند انحسار الخطر، تأخذ سلسلة من العمليات العكسية في إذابة الخثرات. وتشمل هذه العمليات احتكاك الدم أثناء جريانه، التخلص من المواد الكيميائية المساعدة على التخثر، التي يقوم الكبد بها، وتنشيط المواد الكيميائية التي تنتج الإنزيم المسمى «بلازمين» plasmin الذي يذيب الخثرات.
خثرات الشرايين المتصلبة الخثرات يمكن أن تكون مدمرة وخطيرة عندما تنشأ من مرض تصلب الشرايين atherosclerosis. ويظهر مرض تصلب الشرايين عندما يحدث ضرر ما لبطانة الوعاء الدموي الرقيقة.
ويزداد ذلك الضرر بعد أن تتدفق كريات الدم البيضاء، ودقائق الكولسترول منخفض الكثافة LDL الضار، والمواد الكيميائية المحفزة للالتهاب لتشكل تركيبة لزجة تغطى بطبقة رقيقة تشكل الترسبات plaque على جدران الوعاء الدموي.
وإن حدث وتمزق هذا الغطاء، فإن الجسم يستجيب فورا كما هو الحال عند استجابته لجرح حدث في الجلد مثلا! وإن كان التمزق طفيفا فإنه يشفى بسرعة ويمر الحدث من دون أية أضرار.
ولكن، إن كان التمزق كبيرا فإن الخثرة المتكونة قد تسد مجرى الدم تماما (انظر الشكل). وعندما يحدث ذلك في شريان يغذي القلب فإنه يتسبب في حدوث النوبة القلبية. أما إن حدثت الجلطة في شريان يغذي الدماغ أو أنها تشكلت في مكان ما ثم انتقلت نحو الدماغ، فإنها ستتسبب في حدوث السكتة الدماغية الانسدادية، وهي أكثر أنواع السكتات الدماغية حدوثا.
كما يمكن أن تتشكل الخثرات في الشريان الأورطى البطني، وهو الشريان الرئيسي الذي يغذي الجزء الأسفل من الجسم، أو في الشرايين المغذية للساقين والقدمين.
أما الخثرات التي لا يرتبط نشوؤها بالترسبات، فإنها يمكن أن تتشكل أيضا في الأمكنة التي يتجمع فيها الدم بشكل غير طبيعي. وعلى سبيل المثال، فإن المصابين بالرجفان الأذيني الدائم - وهو الدق السريع غير المتناسق للأذينين في القلب - يكونون عرضة لخطر متزايد من حدوث الخثرات لأن الدم يتجمع في حوض راكد في الأذينين. وهذه الخثرات الناجمة عن الرجفان الأذيني يمكنها أن تنتقل نحو شرايين الدماغ مسببة السكتة الدماغية.
أدوية مضادة للخثرات
ولأن بمقدور الخثرات التسبب في حدوث آثار مدمرة، فإن الباحثين يسعون دوما إلى تطوير أدوية مضادة تمنع الصفيحات الدموية من الالتصاق ببعضها، وكذلك لمنع حدوث سلسلة من المراحل المؤدية إلى تكون الخثرات.
وغالبا ما يطلق على صنفين من الأدوية التي تحقق مثل هذه الأهداف اسم «مسيّلات الدم» ( blood thinners وهو اسم غير دقيق). ويسمى الصنف الأول اصطلاحا «مضادات الصفيحات» antiplatelets بينما يسمى الصنف الثاني «مضادات التخثر» anticoagulants. وإن كنت ترغب أنت وطبيبك المعالج في خفض احتمالات ظهور الخثرات لديك فعليك مناقشة تناول أدوية من أحد هذين الصنفين.
أما الأدوية المدمرة للخثرات (أو المدمرة للجلطات) thrombolytics، فإنها تستخدم في حالات الطوارئ. وهي عبارة عن تركيبة مختبرية من المواد الكيميائية التي يفرزها الجسم بشكل طبيعي لإذابة الخثرات، وهي تحقن مباشرة في الوريد تحت إشراف طبي. وتنتج غالبية الأدوية المضادة للخثرات – في ما عدا تلك التي يتم حقنها - على هيئة حبوب دوائية.
وعلينا أن نتذكر أن أيا من هذه الأدوية المضادة للخثرات - حتى الأسبرين - يمكنها أن تتسبب في حدوث نزف شديد. ولذا، ينبغي اتباع الإرشادات الصحية حول استخدامها وملاحظة أية أعراض سيئة مثل النزف غير الطبيعي كظهور الكدمات أو التورمات (التي تحدث من دون التعرض لأذى خارجي)، أو ظهور الدم مع البراز.
ما الأدوية الآمنة لتدمير الخثرات بعد حدوث السكتة الدماغية؟
يسعى الأطباء حال تأكدهم من حدوث سكتة دماغية نجمت عن وجود خثرة دموية، إلى إعطاء المصاب عقارا قويا مدمرا للخثرات - إن كانت الفترة تتراوح بين أربع وأربع ساعات ونصف من وقت حدوث أعراض السكتة الدماغية.
ولكن ما العمل عندما تستيقظ بعد ليلة من النوم وقد حدثت لديك أعراض سكتة دماغية - كما تحدث ربع السكتات الدماغية وفقا للتقديرات؟ لا يعلم أحد موعد بدء هذا «الحدث»، ولذا فإن التعليمات لا توصي الأطباء في هذه الظروف المبهمة، باستخدام مدمرات الخثرات خوفا من أن تؤدي هذه العقاقير إلى ازدياد نزف الدم.
ومع هذا، فإن بحثا قدم في فبراير (شباط) 2012 أمام مؤتمر جمعية السكتة الدماغية الأميركية يشير إلى أن مدمرات الخثرات يمكن أن تكون آمنة عندما تعطى للأشخاص المعانين من السكتة الدماغية بعد استيقاظهم من النوم - إن كانت الأعراض لديهم عند وصولهم إلى المستشفى، وكذلك نتائج الأشعة الطبقية، مشابهة لأعراض الأشخاص الذين يعالجون ضمن الفترة الممتدة بين 4 ساعات و4 ساعات ونصف.
وقد توصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج المبدئي بعد المقارنة بين مجموعتين من المصابين بالسكتة الدماغية الذين عولجوا بعقار «ألتيبلايس» alteplase المدمر للخثرات - مجموعة من 68 شخصا من المعانين من السكتة الدماغية بعد استيقاظهم من النوم، ومجموعة من 300 آخرين تعرفوا على أعراض السكتة الدماغية وتناولوا العقار المدمر للخثرات في الفترة المذكورة أعلاه. وكانت معدلات الشفاء، والوفاة، والنزف الشديد نفسها لكلا المجموعتين. وسوف تظل الفترة بين أربع وأربع ساعات ونصف، نافذة على الأقل حتى موعد نشر نتائج الدراسات التي تؤكد ذلك.
أعراض مفاجئة
مهما كانت أهمية الدراسات الأولية الأخيرة، فإن أهم الحقائق التي يجب معرفتها عن السكتة الدماغية هي رصد الأعراض المفاجئة التالية:
- ظهور تنميل أو ضعف في الوجه، الذراعين، أو الساقين
- ظهور تشوش في الرؤية، أو صعوبة النطق، أو الصعوبة في فهم الكلام
- فقدان التوازن أو التنسيق في الحركة
- صداع شديد من دون سبب واضح