دراسة طبية: ميكروبات الأمعاء .. قد تسبب أمراض القلب

دراسات على القوارض تشير إلى وجود ارتباط ربما لا يظهر لدى الإنسان
دراسات على القوارض تشير إلى وجود ارتباط ربما لا يظهر لدى الإنسان

إنك لا تأكل مطلقا وحدك .. بل تتشارك في كل وجبة تأكلها مع مجتمع بأكمله – تريليونان من البكتيريا والفطريات وغيرها من أنواع الميكروبات الأخرى التي تحيا داخل جهازك الهضمي. وتشير دراسة إلى أن مثل هذه الميكروبات قد تتسبب في الإصابة بتصلب الشرايين الذي يؤدي لانسدادها.
السؤال هو: ما مدى ضخامة هذا المجتمع دائم التغير من الميكروبات؟ 
بالنسبة لكل خلية من خلايا جسمك، هناك 10 ميكروبات تعيش داخل أمعائك وفمك وعلى بشرتك وفي أجزاء أخرى من جسمك. إنها علاقة نفعية. فأنت تمنحها غذاء ومكانا دافئا تعيش فيه، وترد لك الجميل بتفتيت السموم ومحاربة أي مواد تهاجم جسمك، وإنتاج فيتامينات معينة وأحماض أمينية، وتدريب جهازك المناعي على مقاومة المخاطر.
دهون غذائية
منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، اكتشف الباحثون أن ميكروبات الأمعاء تلعب أدوارا رئيسية في ضبط الوزن، وفي استجابة الجسم للإنسولين. ولتحديد ما إذا كانت تتسبب بدرجة ما في الإصابة بمرض تصلب الشرايين، أجرى باحثون من كليفلاند كلينيك سلسلة من التجارب.
في البداية، قاموا بأخذ عينات دم من مجموعتين من الأفراد، واحدة منهما لأفراد أصيبوا مؤخرا بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، والأخرى تضم أفرادا لم يسبق لهم الإصابة بأي منهما، ثم قاموا بفحص عينات من دمهم لتحديد ما إذا كانت تشتمل على مئات من جزيئات معينة.
وكشفت عينات دم المصابين بأحد أمراض القلب والأوعية الدموية عن ارتفاع مستويات الكولين choline والبيتين betaine و«أكسيد ثلاثي ميثيل الأمين» (trimethylamine N - oxide (TMAO. وتعتبر كل هذه المواد نواتج مفتتة من الليسيثين lecithin، أحد الدهون الغذائية.
في الخطوة الثانية، توصل الباحثون إلى أن الجسم يحول الليسيثين الغذائي والكولين إلى مركب «أكسيد ثلاثي ميثيل الأمين». وتوصلوا أيضا إلى أن إعطاء الفئران الليسيثين أو الكولين يعزز الإصابة بتصلب الشرايين.
وللتعرف على مصدر إنتاج مركب «أكسيد ثلاثي ميثيل الأمين»، أعطى الباحثون للفئران مجموعة من المضادات الحيوية، التي تقضي على كثير من أنواع البكتيريا المعوية. وحينما تناولت تلك الفئران نظاما غذائيا غنيا بالليسيثين، لم تفرز مركب «أكسيد ثلاثي ميثيل الأمين»، ولم تحدث لديها زيادة في تصلب الشرايين. وتم نشر النتائج في مجلة «نيتشر» العلمية.
يقول طبيب القلب جوزيف لوسكالزو، الذي يرأس قسم الطب بمستشفى بريغهام وأمراض النساء التابعة لجامعة هارفارد: «تعتبر هذه واحدة من أكثر الدراسات الحديثة اللافتة للانتباه في مجال تصلب الشرايين».
ويضيف: «إنها لا تؤكد فقط فكرة الارتباط بين النظام الغذائي والإصابة بمرض القلب، بل أيضا تظهر ارتباطا واضحا بين التمثيل الغذائي للأطعمة من قبل الميكروبات المعوية والتمثيل الغذائي لهذه الميكروبات عند الثدييات، على نحو يقدم احتمالات جديدة لمنع حدوث إصابة بمرض القلب وعلاجه».
يمكن أن تغير المضادات الحيوية تكوين الميكروبات في الأمعاء عند البشر، تماما مثلما تفعل في الفئران، غير أن تناول المضادات الحيوية لفترة طويلة لمنع حدوث شيء، ربما لا يحدث مطلقا، ليس بفكرة جيدة، ويمثل احتمالا أكثر غرابة ولكن غير مؤكد في استخدام «البروبيوتيكس» (Probiotics) والمحفزات الحيوية أو البريبيوتيكس ((Prebiotics في تشكيل الميكروبات بصور تعزز صحة القلب.
البروبيوتيك والبريبيوتيك
منتجات البروبيوتيك هي أطعمة مثل الزبادي تحتوي على بكتيريا حية أو غيرها من أنواع الميكروبات النافعة، وتستخدم بالفعل في علاج عدد من أمراض الجهاز الهضمي، من بينها مرض القولون العصبي (Irritable bowel).
وفي دراسة أجريت في عام 2008، تناولت الفئران مزيجا من الكثير من أنواع البكتيريا التي أنتجت كميات أقل من أكسيد ثلاثي ميثيل الأمين عن فئران مجموعة المراقبة، وأظهرت دراسة نشرت في مجلة «اتحاد الجمعيات الأميركية للبيولوجيا التجريبية» في أبريل (نيسان) 2012 أن الفئران التي تناولت أحد منتجات البروبيوتيك المتوفرة في الأسواق والتي تضم سلالة بكتيرية تعرف باسم «لاكتوباسيليوس بلانتاروم» (Lactobacillu plantarum) كانت أقل عرضة للإصابة بأضرار نتيجة أزمة قلبية وتعافت بشكل أفضل بعد أزمة قلبية من حيوانات المجموعة الضابطة.
تعتبر منتجات البروبيوتيك عناصر غذائية لا يمكن للجسم هضمها، لكن تستطيع الميكروبات المعوية هضمها. وهي تستخدم من أجل تحفيز نمو أو نشاط ميكروبات نافعة بعينها داخل المعدة. ومن أمثلتها اللاكتولوز والإنسولين والتاغاتوز والمالتوديكسترين المقاوم للهضم.
تقدم متاجر الأطعمة الصحية والموزعون على شبكة الإنترنت المئات من منتجات البريبيوتيك والبروبيوتيك، فهل ينبغي أن تشتريها؟ لا، ليس هذا ضروريا، فقد أوضحت نتائج دراسات قصيرة المدى أجريت على القوارض عدم القدرة على توقع تأثير تلك المنتجات على الأوعية الدموية والصحة العامة.
إذا كنت تحب تناول الزبادي أو مخيض اللبن أو الفطر الهندي أو كومبوشا kombucha أو أرز الميسو miso أو أي أطعمة أخرى تحتوي عل البكتيريا الحية فتناولها بشكلها الطبيعي، إن لم تكن تحب تلك الأصناف من الطعام، لا يوجد دليل قوي على أن تناولها يفيد القلب. وبالتأكيد لا يوجد دليل مؤكد على أن تناول أقراص البريبيوتيك سيفيد قلبك.