أنماط غذائية .. تحسن الذاكرة وتعزز صحة المخ وتمنع ضموره
12:00 ص - الإثنين 9 أبريل 2012
عرف العلماء منذ زمن أن بعض العناصر الغذائية حيوية لنمو المخ ووظائفه، كما ظهرت أيضا دلائل على أن التغذية الجيدة تساعد على درء حدوث التدهور في الإدراك لدى كبار السن.
إلا أن الدراسات حول عناصر غذائية محددة كانت مخيبة للآمال، وكذلك الدراسات حول العلاقة بين الغذاء عموما ووظائف المخ، لأنها اعتمدت في العموم على إجابات عن أسئلة في استبيانات حول عدد مرات تناول الأغذية، وهو ما قد يؤدي إلى حصول الالتباس نتيجة إخفاق المشاركين في الاستبيان في تذكر أنواع الأغذية، إضافة إلى عدم تمكن الباحثين في حساب كمية العناصر الغذائية المتناولة.
علامات بيولوجية
وقد قام الباحثون حاليا بأول دراسة باستخدام علامات بيولوجية biomarkers للعناصر الغذائية، إضافة إلى إجرائهم تصويرا للمخ، بهدف تحليل تأثيرات النظام الغذائي على وظائف الإدراك وعلى حجم المخ.
وتلخص أهم استنتاج لدراستهم في أن ارتفاع مستوى أحماض «أوميغا - 3» الدهنية في الدم، وارتفاع مستويات فيتامينات «بي» و«سي» و«دي»، و«إي» يرتبط بوجود ذاكرة أفضل وتفكير أفضل لدى كبار السن، ونشرت الدراسة في عدد 24 يناير (كانون الثاني) 2012.
وقاس باحثون في جامعة أوريغون للصحة والعلوم مستويات 30 من العناصر الغذائية في الدم لدى 104 أشخاص (منهم 64 امرأة)، كان متوسط أعمارهم 87 سنة، كانوا من المشاركين في «دراسة أوريغون لشيخوخة المخ».
وفي الدراسة الجديدة أجرى الباحثون اختبارات على الوظائف العقلية (وضمنها الذاكرة، والتعلم، وعلاقات الرؤية في الفضاء المحيط)، كما أجروا تصويرا بجهاز الرنين المغناطيسي لمجموعة فرعية من 42 مشاركا بهدف قياس حجم المخ.
غذاء للمخ
وأظهرت الدراسة نتائج من 8 علامات بيولوجية لعناصر غذائية معينة، كان ثلاث منها يرتبط مع حجم المخ ومع قياسات الإدراك.
وظهر أن المشاركين الذين رصدت لديهم أعلى المستويات من مجموعة فيتامينات «بي» (بي1، بي2، بي6، الفوليت، وبي12) وفيتامينات «سي»، «دي»، و«إي» سجلوا أعلى النقاط في الاختبارات العقلية، وخصوصا في ما يتعلق بقدرات تنفيذ الأمور، والانتباه، وقدرات الرؤية في الفضاء المحيط.
وبالمقارنة مع المشاركين الآخرين الذين رصدت لديهم مستويات أقل من هذه العناصر الغذائية، وجد أن حجم المخ كان أكبر لدى المشاركين من ذوي المستويات العالية (الأمر الذي يفترض قلة ضمور المخ لديهم).
كما وجدت رابطة بين ارتفاع مستوى أحماض «أوميغا - 3» الدهنية في الدم وبين الوظيفة التنفيذية الأفضل، ولكن لم توجد رابطة بين ذلك الارتفاع وبين ازدياد حجم المخ. ووفقا لمؤلفي الدراسة، فإن هذه الدهون الصحية (التي توجد في الأسماك) ربما تتصرف بوسائل أخرى لكي تقلل من ضمور المخ، ربما بتحسين وظائف الأوعية الدموية.
كما ظهر أن أنماطا غذائية تحتوي على الدهون المتحولة trans fats (وهي دهون غير صحية توجد عادة في المخبوزات)، كانت ترتبط بمستوى أسوأ في وظائف الإدراك، وبقلة حجم المخ.
محدودية الدراسة
وظفت الدراسة مجموعة واحدة فقط من عينات الدم، وقاست العلامات البيولوجية لـ 30 عنصرا غذائيا فقط، وافترضت وجود الروابط فقط، ولم تبحث في الأسباب والنتائج، ولذا فإن الأمر يتطلب مزيدا من الأبحاث للتأكد من أن العلامات البيولوجية لهذه العناصر الغذائية تقوم فعلا بوضع توقعات حول التغيرات الحاصلة في المخ على المدى الطويل، أو أن تغيير الأنماط الغذائية يمكنه أن يوفر الحماية ضد تدهور الإدراك.
ولكن ومن جهة أخرى، فإن للدراسة عدة جوانب قوية، إذ إنها وبالمقارنة مع الاستبيانات حول عدد مرات تناول الأغذية (وهي الطريقة المعتادة لحساب العناصر الغذائية)، فإن العلامات البيولوجية تشير بشكل أكثر موثوقية إلى أنواع العناصر الغذائية التي امتصها الجسم (والتي تكون متاحة لتغذية المخ).
كما أن نتائج الدراسة تتواءم جيدا مع نتائج تقارير أخرى تربط بين عناصر غذائية معينة وسلامة الإدراك العقلي - وهي تتواءم جيدا أيضا مع التوصيات الغذائية المعتمدة التي تشجع الناس على تجنب الدهون المتحولة وتشجعهم على تناول كميات أكثر من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.