زيت السمك .. واحتمالات الشفاء من سرطان الدم
12:00 م - الخميس 23 فبراير 2012
أكد باحثون في قسم المناعة والسموم الجزيئية بجامعة بنسلفانيا الأميركية اكتشافهم مادة كيميائية تسمى Delta - 12 PG J3 ناتجة عن عمليات الأيض (التمثيل الغذائي) للأحماض الدهنية – أوميغا 3 - الموجودة بوفرة في الأسماك وزيت السمك، تستطيع استهداف وتدمير خلايا منشأ سرطان الدم، وتؤدي إلى الشفاء التام من المرض.
وأضاف الباحثون الذين نشروا دراستهم بدورية أمراض الدم Blood في شهر ديسمبر الماضي أنه «بعد حقن فئران التجارب المصابة بسرطان الدم النخاعي المزمن CML بكمية ضئيلة جدا (نحو 600 نانوغرام) من مادة D12PGJ3 يوميا لمدة أسبوع، تراجعت (أعداد الدم) وحجم الطحال إلى معدلاتها الطبيعية وشفيت الفئران تماما من السرطان، وبالمتابعة الدقيقة للدم وأنسجة الطحال ونخاع العظم لم تحدث انتكاسة للمرض مرة أخرى».
مادة نشطة
وأكد الباحثون أن المادة الكيميائية المكتشفة لها القدرة على تنشيط جين معروف باسم p53 موجود في الخلايا الجذعية السرطانية الموجودة في الطحال ونخاع العظم، وهو الجين المسؤول عن الموت الذاتي المبرمج للخلايا السرطانية Programmed cell death، مما يؤدي إلى معالجة سرطان الدم وشفائه تماما دون حدوث انتكاسة أو ظهور للمرض مرة أخرى، وذلك بخلاف العلاجات المتاحة حاليا لمعالجة سرطان الدم، التي تساعد فقط على إطالة عمر المريض بالإقلال من أعداد ونشاط الخلايا السرطانية، والحفاظ على هذه الأعداد القليلة أطول فترة ممكنة حسب البروتوكول العلاجي المطبق.
لكنها تفشل في معالجة المرض بصورة تامة؛ حيث إنها لا تستهدف خلايا المنشأ السرطانية، بالإضافة إلى قدرة هذه الخلايا على مراوغة ومقاومة العقاقير العلاجية، وتؤدي الأعداد الضئيلة المتبقية منها في الطحال ونخاع العظم إلى تكوين خلايا سرطانية جديدة وظهور المرض مرة أخرى.
كما أكد الباحثون مواصلة البحث لدراسة إمكانية استخدام المادة المكتشفة في معالجة المراحل المتأخرة لسرطان الدم النخاعي المزمن، التي يطلق عليها «مرحلة الانفجار الحاد للأزمة Acute blast crisis»، وهي مرحلة متأخرة من سرطان الدم لا تتوافر لها العقاقير الفعالة الشافية حتى الآن.
سرطان الدم
جدير بالذكر أن سرطان الدم (اللوكيميا) هو مرض يصيب خلايا الدم البيضاء فيزداد عددها بصورة هائلة زائدة على حاجة الجسم، وتكون هذه الخلايا غير سليمة، مما يؤثر على باقي خلايا الدم، مثل خلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية، وبالتالي تتأثر وظائف الدم بشكل كبير.
والمعروف أن منشأ خلايا الدم هو النخاع، وهو نسيج يوجد بداخل العظام ويقوم بتكوين خلايا الدم البيضاء والحمراء والصفائح الدموية، كما يوجد مصدر آخر لخلايا الدم البيضاء، وهو النسيج الليمفاوي المنتشر بالطحال والغدد الليمفاوية وأجزاء متعددة بالجسم.
ويتم تقسيم سرطان الدم حسب سرعة تطور المرض إلى «سرطان حاد» تتزايد فيه أعداد خلايا الدم بسرعة هائلة وتسوء فيه الحالة بسرعة كبيرة جدا، و«سرطان مزمن» تسوء فيه الحالة بصورة بطيئة متدرجة.
كما يتم تقسيم سرطان الدم حسب منشأ خلايا الدم البيضاء المتأثرة إلى سرطان دم نخاعي (عندما تتأثر خلايا الدم البيضاء الناشئة من نخاع العظم) وسرطان دم ليمفاوي (عندما تتأثر خلايا الدم البيضاء الناشئة من النسيج الليمفاوي).
لذلك يقسم سرطان الدم بصفة عامة إلى 4 أنواع رئيسية، هي: سرطان الدم النخاعي الحاد (يصيب الأطفال والبالغين)، وسرطان الدم النخاعي المزمن (غالبا ما يصيب البالغين)، وسرطان الدم الليمفاوي الحاد (أكثر الأنواع شيوعا في الأطفال، وقد يصيب البالغين)، وسرطان الدم الليمفاوي المزمن (غالبا ما يصيب كبار السن فوق سن الخمسين وتقريبا لا يصيب الأطفال). كما توجد أنواع أخرى من سرطان الدم، لكنها نادرة.
عوامل حدوث السرطان
والعوامل التي قد تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطان الدم متعددة، منها: «الإصابة ببعض الأمراض الجينية الوراثية، مثل متلازمة دارون والإصابة بالفيروسات، مثل فيروس HTLV - 1 والتعرض لدرجات عالية من الإشعاع الناتج عن الانفجارات النووية أو الإشعاع المستخدم في التشخيص أو العلاج الطبي، كما يؤدي التعامل مع المواد الكيميائية مثل البنزين والفورمالدهيد إلى زيادة فرص الإصابة بسرطان الدم».
وتختلف أعراض الإصابة بسرطان الدم حسب نوع السرطان وتطوره، فيصاب المريض بأعراض متنوعة مثل: الحمى وآلام بالحلق وتقرحات بالفم وآلام بالمفاصل والعظام ونزيف باللثة أو تحت الجلد أو بأجزاء متفرقة من الجسم.
كما يؤدي سرطان الدم إلى فقدان للوزن الطبيعي والصداع والشعور بالإرهاق والضعف العام وتكرار حدوث العدوى، وأحيانا تشنجات، خاصة للأطفال، ويعاني مرضى سرطان الدم الليمفاوي تورما بالغدد الليمفاوية، خصوصا في منطقتي الرقبة والإبط.
التشخيص والعلاج
ويعتمد تشخيص سرطان الدم وأنواعه المختلفة على الفحص الإكلينيكي للمريض، وعمل صورة للدم كاملة في المختبر، وعمل فحص بالأشعة والموجات فوق الصوتية، كما يمكن أيضا عمل خزعة من نسيج نخاع العظم بمنطقة الحوض أو عظمة القص، لفحصها تحت الميكروسكوب، بحثا عن الخلايا السرطانية، وأحيانا يتم سحب عينة من سائل النخاع الشوكي وفحصها، بحثا عن علامات سرطان الدم.
ويختلف علاج سرطان الدم باختلاف النوع، وأيضا باختلاف سن المريض، وهناك عدة طرق للعلاج، وقد يتلقى المريض العلاج بأكثر من طريقة، كل حسب حالته.
والعلاجات المتاحة حاليا تشتمل على العقاقير الكيميائية والعلاجات البيولوجية والإنترفيرون والأجسام المضادة والعلاج الإشعاعي، كما تستخدم تقنية زرع الخلايا الجذعية وزرع النخاع في بعض الحالات، والعقاقير الكيميائية المستخدمة في معالجة سرطان الدم تؤخذ عن طريق الفم أو الوريد أو الحقن المباشر في سائل النخاع الشوكي في حالة ثبوت وجود خلايا سرطانية في هذا السائل أو وصول المرض إلى المخ.
أما العلاجات البيولوجية فتهدف إلى تحسين وظائف أجهزة الجسم المناعية حتى يتمكن الجسم من التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها، وتستخدم في بعض حالات سرطان الدم الليمفاوي أجسام مضادة تعطى عن طريق الحقن، لشل فاعلية الخلايا السرطانية حتى تتمكن الخلايا المناعية من اقتناصها وتدميرها.
كما يستخدم العلاج بالإنترفيرون في بعض حالات سرطان الدم النخاعي المزمن، ويعتمد العلاج الإشعاعي في علاج سرطان الدم على أشعة عالية الطاقة، تقوم بقتل الخلايا السرطانية ويتلقى بعض المرضى العلاج الإشعاعي على الأماكن التي تجمعت فيها الخلايا السرطانية، مثل الطحال وقد يتلقى المريض العلاج الإشعاعي للجسم كله قبل زراعة النخاع.
وحديثا تستخدم تقنية زرع النخاع لمعالجة بعض حالات سرطان الدم؛ حيث يتم تعريض المريض بعد العلاج الكيميائي لإشعاع على الجسم كله، للتخلص من أي خلايا سرطانية متبقية، وبعد الحصول على نخاع عظم يتوافق مع المريض، الذي يؤخذ غالبا من عظام الحوض، للأخ التوأم أو الأم أو الأب، يتم زرع خلايا نخاع المتبرع في المريض، وهكذا تبدأ الخلايا الجذعية في نخاع العظام الجديد في النمو والتطور وتتحول إلى خلايا طبيعية.