ألا يوجد حبة دواء سحرية لعلاج اضطرابات طيف التوحد؟

لا يوجد دليل قاطع على جدوى الأدوية .. رغم انتشار الوصفات العلاجية
لا يوجد دليل قاطع على جدوى الأدوية .. رغم انتشار الوصفات العلاجية

تشير الدراسات المسحية إلى أن نحو نصف الأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد (autism spectrum disorders) يتناولون عقاقير مخصصة لعلاج الأمراض العقلية والنفسية، يكون أغلبها أدوية مضادات الاكتئاب، أو مضادات الذهان، أو منبهات.. ورغم ذلك فقد خلصت دراسة ممولة من الحكومة الفيدرالية إلى عدم جدوى تلك العقاقير في معالجة أعراض اضطرابات طيف التوحد.
 
اضطرابات التوحد:-
رغم اختلاف التقديرات، يصاب نحو طفل من بين كل 110 أطفال أميركيين باضطرابات طيف التوحد. ويوضح «الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية»، في الطبعة الرابعة له، 5 أنواع محددة من اضطرابات طيف التوحد هي: اضطراب التوحد autistic disorder، ومتلازمة أسبرجر Asperger›s disorder، ومتلازمة ريت Rett›s disorder، واضطراب الانتكاس الطفولي childhood disintegrative disorder، والاضطراب النمائي واسع الانتشار pervasive developmental disorder. 
 
وفي الوقت الذي توجد فيه بعض الاختلافات بين اضطرابات طيف التوحد، فإن جميعها يسبب خللا في القدرة على التواصل والاندماج في المجتمع وبناء العلاقات. ومن الممكن أن يقوم الأفراد المصابون بهذه الاضطرابات بسلوكيات نمطية أو متكررة مثل لصق أصابعهم بصورة متتابعة والهمهمة.
 
ويعد العلاج السلوكي المبكر، الذي يتم في المنزل أو المدرسة، أساس العلاج من اضطرابات طيف التوحد. لكن لسوء الحظ، فإن طرق العلاج هذه شاقة وتستغرق الكثير من الوقت كما أنها تحقق نتائج ضعيفة إذا ما تم تطبيقها على أفضل نحو ممكن. ويزداد اتجاه الآباء والأطباء، الذين يكونون في أمس الحاجة إلى خيارات أخرى، إلى أدوية لتسكين أعراض مثل العدوانية وحدة الطباع والسلوكيات المتكررة أو لمنع الأطفال من إيذاء أنفسهم.
 
هرمون السكريتين:-
وفي محاولة لتزويد الأطباء والآباء بمعلومات أفضل تمكنهم من اتخاذ قرارات علاج صحيحة، طلبت الوكالة الأميركية لأبحاث الرعاية الصحية والجودة من باحثين في مركز «إيفيدينس بيزد براكتيس سنتر» التابع لجامعة فاندربيلت إجراء مراجعة للبحث عن طرق متنوعة لعلاج اضطرابات طيف التوحد للأطفال في سن الـ12 أو أقل.
 
هناك اعتقاد شائع يشير إلى أن هرمون السكريتين secretin يحث على إفراز السوائل الهضمية. في عام 1998، تم الإعلان عن حالة تضم 3 أطفال مصابين باضطرابات طيف التوحد تم إعطاؤهم السكريتين أثناء الخطوات العلاجية، اعتقادا بأن السكريتين يحسن من القدرة على التفكير ومهارات التواصل.
 
رغم ذلك، قام الباحثون في جامعة فاندربيلت بالنظر في 7 دراسات عشوائية تم إجراؤها منذ ذلك الوقت ووجدوا أن أيا من هذه الدراسات لم يشر إلى فاعلية السكريتين في علاج الأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد. (وقد خلص بحث آخر أجرته مؤسسة «كوكرين كولابوريشين» إلى النتيجة نفسها)، لهذا فما من سبب يدعو إلى استخدام السكريتين، رغم وجود بعض المواقع الإلكترونية التي تؤيد استخدامه.
 
تأثير سلوكي محدود:-
اكتشف من خلال هذه المراجعة أنه لا توجد أدوية تحسن المهارات الاجتماعية أو القدرة على التواصل في حالة الأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد. وربما تعمل بعض العقاقير على تحسين سلوكهم إلى حد ما.
 
- مضادات الذهان Antipsychotics. في دراستين على دواء ريسبيريدون risperidone (ريسبيردال Risperdal)، على سبيل المثال، طلب الباحثون من الآباء أن يقوموا بقياس سلوك أطفالهم باستخدام قائمة فحص تشتمل على 48 نقطة (كلما ازداد عدد النقاط، كان السلوك أكثر سوءا). وقد انخفضت العلامات بمعدل تراوح بين 12 و15 نقطة في حالة الأطفال الذين تم علاجهم باستخدام «ريسبيريدون»، أما في حالة الأطفال الذين تلقوا علاجا وهميا فقد انخفضت العلامات بمعدل بين 4 و7 نقطة.
 
وذكر الآباء أن «ريسبيريدون» قد قلل من السلوكيات المتكررة والنشاط الزائد لأطفالهم. كما خلصت دراستان عن دواء «أريبيبرازول» aripiprazole (أبيليفاي Abilify) إلى نتائج مماثلة.
 
لكن مضادات الذهان هذه سببت آثارا جانبية واضحة من بينها ازدياد الوزن والهدوء وأعراض مرض «خارج السبيل الهرمي extrapyramidal symptoms» (مثل تيبس العضلات أو الرعشة)، وأوصى المراجعون في جامعة فاندربيلت باستخدام «ريسبيريدون» و«أريبيبرازول» فقط عندما يكون الأطفال المصابون بمرض طيف التوحد في مرحلة حرجة من المرض قد تؤدي إلى إيذاء أنفسهم.
 
- أما بالنسبة للعقاقير الأخرى، فقد خلصت المراجعة إلى أن هناك دليلا ضعيفا يشير إلى أن مضادات الاكتئاب تساعد على تحسين سلوك الأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد. وقاموا بالإشارة إلى ميزة واحدة فقط خلصت إليها دراسة مراقبة عشوائية عن تأثير دواء «ميثيل فينيدات» (methylphenidate) («ريتالين» Ritalin)، على الشباب المصابين باضطرابات طيف التوحد. على الرغم من أن الدراسة وجدت أن هذا العقار قلل من النشاط الزائد للمشاركين، فإن هذه ميزة لا تذكر مقارنة بالآثار الجانبية التي سببها هذا العقار مثل البلادة والانسحاب الاجتماعي وحدة الطبع ومشاكل النوم والصداع والإسهال.
 
التدخلات السلوكية:-
إن أغلب طرق العلاج السلوكية المبكرة التي تستخدم لمعالجة الأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد تعتمد على مبادئ التحليل السلوكي التي تم تطبيقها من قبل، والتي تستخدم تعزيزات إيجابية وتقنيات أخرى للتشجيع على تغيير السلوك.
 
وعلى الرغم من أن الدليل محدود، فإن الدراسات تشير إلى أن التدخلات المكثفة (على الأقل 30 ساعة أسبوعيا خلال مدة تتراوح بين سنة واحدة و3 سنوات) تحسن من مهارات الأطفال اللغوية والسلوكية وقدرات التفكير مقارنة بالطرق العلاجية الأخرى. لهذا فإن التدخلات السلوكية تظل هي الاختيار الأفضل لعلاج الأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد.