فيلم فرنسي صامت يحوز 3 جوائز في حفل «جولدن جلوب»

جائزة جولدن جلوب
جائزة جولدن جلوب

حققت السينما الفرنسية نصرا يضاف إلى ظاهرة انتعاشها في السنوات الأخيرة، عندما هيمن فيلم «الفنان» على حفل توزيع جوائز «جولدن جلوب» الأميركية في هوليوود، ونال الفيلم الذي أخرجه ميشيل حزانافيسيوس 3 مكافآت، هي: أفضل فيلم، وأفضل ممثل كوميدي، وأفضل فيلم موسيقي، الأمر الذي دفع بطله جان دوجاردان إلى الاعتراف بأنه بدأ يحلم في سره بجائزة «أوسكار» لأفضل فيلم أجنبي.
 
ومن المعروف أن جوائز «جولدن جلوب» تعتبر من المؤشرات الدالة على اتجاه جوائز «الأوسكار» التي تمنح أواخر الشهر المقبل.
 
وفي حين جاء التكريم مفاجئا لمن اعتبر الفيلم من النوع الذي يصلح للمهرجانات والعروض الخاصة النخبوية فحسب، فإن الوسط السينمائي الفرنسي والجمهور، عموما، استقبل الفوز بكثير من الارتياح لا سيما أن أعداد الذين شاهدوا الفيلم في الصالات الفرنسية تتضخم أسبوعا بعد أسبوع. إنه أول إنتاج فرنسي يحوز جائزة أفضل فيلم في تاريخ الـ«جولدن جلوب».
 
وقد صعد إلى المسرح لتسلم الجائزة كافة فريق العاملين، وعلى رأسهم منتج الفيلم توما لانغمان نجل الممثل الفرنسي المعروف كلود بيري. وهم لم ينسوا أن يصطحبوا معهم الكلب الأبيض الصغير الذي ظهر في الفيلم. 
 
وإزاء هذا التقدير، مرت سريعا، ومن دون أثر يذكر، الزوبعة التي كانت النجمة الأميركية كيم نوفاك قد أثارتها حين اعترضت، قبل أيام، لاستعارة المخرج موسيقى فيلم «عرق بارد» للمخرج الراحل ألفريد هتشكوك، وهو الفيلم الذي كانت قد أدت دور البطولة فيه.
 
وقالت الممثلة التي تقف على عتبة الثمانين، في مقابلة مع مجلة «فانيتي فير»، إنها شعرت وكأنها «تُغتصب»، ذلك أن من غير اللائق أن يعتدي فنانون معاصرون ويغرفون من أفضل الأعمال في إرث السينما. 
 
وجاء الرد ببيان مقتضب من المخرج الذي أبدى عميق احترامه لكيم نوفاك وأسفه لاختلافهما في الرأي. وقال إن فيلمه لم يستلهم عمل هتشكوك، فحسب، بل أعمال مخرجين كبار من أمثال لونغ وفورد ولوبيتش ومورانو ووايلدر. وأضاف أنه يحب موسيقى «عرق بارد» التي وضعها برنارد هيرمان، وقد جرى استخدام مقطوعاته في أفلام كثيرة وهو سعيد بأنها موجودة في فيلمه. 
 
«الفنان» فيلم لا يشبه ما نراه على الشاشات في هذا الزمن. لقد اختار مخرجه أن يصوره باللونين الأبيض والأسود، كما كانت عليه الحال في بدايات السينما، وقرر أيضا أن يجعله فيلما صامتا شبيها بأفلام العشرينات والثلاثينات قبل ظهور السينما الناطقة. بل إن حكاية الفيلم هي تحية حب لتلك الحقبة من تاريخ الفن السابع، بنجومها وأزيائها ورومانسيتها وموسيقاها وضحكاتها ودموعها.
 
وهي تروي، في إطار من الحب وبشكل تطغى عليه الكوميديا، مأساة جورج فالنتان، الفنان الذي لمع في الأفلام الصامتة في هوليوود، أواسط عشرينات القرن الماضي، ثم ذوى مجده لأنه لم ينسجم مع مرحلة الفيلم الناطق.
 
ولعل أقوى ضربة حققها هذا الفيلم أنه إنتاج فرنسي، مع ممثلين فرنسيين، عن فكرة نبعت في مخيلة مخرج فرنسي، لكنها تتحدث عن أجواء تذكرنا بالأيام المجيدة للسينما الأميركية قبل الحرب العالمية الثانية. 
 
وقد جرى تصوير الفيلم في لوس أنجليس. وهذا يعني أن السينما الفرنسية انتزعت ثلاثا من جوائز هوليوود المرموقة في عقر دارها. أي مجنون يمكنه أن يفكر في عمل فيلم صامت وبالأسود والأبيض في زمن «حرب النجوم» و«الحديقة الجوراسية» وسينما الأبعاد الثلاثة؟ وقال الممثل الذي قام بالبطولة لموقع جريدة «ألفيغارو»، أمس، إنه كان في حفل توزيع الجوائز محاطا بنجوم أميركيين من وزن جورج كلوني وبراد بت وديفيد فينتشر وكانوا يبتسمون له بلياقة ولسان حالهم يقول: «هذا غير معقول.. ما هذا الفيلم؟».