أتناول علاجا لخفض ضغط الدم، وتختلف لدي قراءات قياسه حينما أُجري ذلك في أوقات مختلفة من اليوم أو الأسبوع، هل يعني هذا أن لدي مشكلة ؟
المشكلة هي حينما لا تتحقق الغاية من العلاج ، وهي ضبط الارتفاعات غير الطبيعية فيه ، كي تكون ضمن ما هو طبيعي. وعبارة «طبيعي» تعني القراءات التي ثبت علمها أنها لا ترفع من احتمالات الإصابة بمضاعفة ارتفاع ضغط الدم ، وتحديداً على القلب والدماغ والكلى والعينين. وضغط الدم الطبيعي هو ما كان 120/80 ملم زئبق وأقل.
أما القراءات ما بين 120-139 / 80-89 فهي وإن كانت لا تعرف ارتفاعاً مرضياً ، إلا أنها تُصنف «مرحلة ما قبل ارتفاع ضغط الدم». توفر خفضها إلى ما هو «طبيعي» ، لان لها تأثيرات سلبية محتملة. أما ما كان 140/90 وما فوق ، فهو بكل الأحوال ، ولكل الأعمار ، أمر غير طبيعي.
يمكنك لاختلاف قراءات قياس الضغط من وقت لآخر ، فإن علينا أن نتنبه إلى أن ضغط الدم شيء متغير. لذلك فإن من الطبيعي أن يختلف من دقيقة إلى دقيقة خلال الساعة الواحدة ، ويختلف في ساعات الليل عن ساعات النهار ، وأوقات الراحة عن أوقات العمل أو التفاعل النفسي والبدني. بل ويختلف فيما بين الصيف وبين الشتاء. وبالعموم ، فإن ضغط الدم أعلى في الشتاء مقارنة بالصيف.
والاختلاف ليس سببه الوحيد هو برودة الطقس في الشتاء وارتفاع الحرارة في الصيف، بل ثمة أسباب غير مفهومة حتى اليوم. وهذه الملاحظة الطبية، وإن كانت في ظاهرها أكاديمية، إلا أن لها تطبيقات عملية مهمة، أهمها ضرورة ضبط كمية جرعات الأدوية حال ظهور اختلافات واضحة في مقدار قراءات قياس ضغط الدم عند تغير الفصول.
وخلال اليوم الواحد للأصحاء من الناس، عند عيشهم نمطاً طبيعياً في أوقات النوم والاستيقاظ، يكون ضغط الدم أقل في ساعات الليل، أي خلال مراحل النوم. وما أن يستيقظ المرء ويتحرك، حتى يبدأ ضغط الدم بالارتفاع المتقلب، وفق مقدار الجهد البدني والتفاعل النفسي مع ما يُحيط به في المنزل أو العمل أو الشارع. ويبلغ أعلى معدل للارتفاع خلال اليوم الواحد، في مرحلة منتصف ما بعد الظهر، أي أوقات العصر.
ثم بدءا من أواخر ما بعد الظهر، وبعد مغيب الشمس، ينخفض تدريجياً مقدار ضغط الدم. لكن هذا الإيقاع اليومي والطبيعي قد يختلف لدى المُصابين باضطرابات في الغدد الصماء أو وظائف الكلى، أو من يتناولون أدوية من الكورتيزون أو مشتقاته. وكذا لدى الإكثار من تناول مادة الكافيين أو التدخين أو عيش حالات من التوتر النفسي والعاطفي.
وبالنسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم، ممن يتناولون علاجات لخفضه، فقد يختلف أيضاً لديهم هذا الإيقاع اليومي للأسباب المتقدمة، ولأسباب أخرى تتعلق بعلاجات ضغط الدم، أي حينما لا تُفلح كمية العلاج المُتناولة في ضبط مقدار قراءات قياسه لجعلها طبيعية، أو حينما يتم تناول العلاج في أوقات مختلفة من الليل أو النهار.
وذلك ينصح الطبيب عادة ، حين وجود تباين واضح في قراءات ضغط الدم خلال اليوم الواحد ، بطلب إجراء فحص قياس ضغط الدم خلال كامل الـ 24 ساعة. وهو ما سيُمكن الطبيب من ضبط كمية جرعة ، وضبط أيضاً وقت تناوله. والسبب أن أدوية معالجة ضغط الدم ليس صحيحاً انها يجب تناولها فقط في الصباح. بل الصحيح أن يتم تناولها قبل الأوقات التي يلحظ الطبيب أن القراءات أكثر ارتفاعاً فيها. خاصة تلك الأنواع التي يتم تناولها مرة واحدة في اليوم. وما أنصحك به ، بعد هذا ، أن تتم المتابعة مباشرة مع طبيبك حول هذه الاختلافات التي تبينت لك ملاحظتها.