والدتي مصابة بالشلل الذي أقعدها عن القدرة على العناية بنفسها، وأنا أعتني بها، ولكني متأثرة جدا من حالتها وهو ما أثر على حياتي الخاصة ونفسيتي، بماذا تنصح؟

هذا ملخص رسالتك التي عرضت بشيء من التفصيل معاناتك في العناية بوالدتك، خصوصا تأثيرات ذلك عليك نفسيا وبدنيا وعدم بقاء الرغبة لديك في ممارسة الأنشطة الاجتماعية والأسرية. وبداية لاحظي معي أن ثمة ما يعرف طبيا بـ«اكتئاب الرعاية»، وهو ما قد يؤثر بشكل بالغ على نفسية الذين يتولون تقديم الرعاية لكبار السن أو الأطفال المعوقين وغيرهم ممن يحبهم الإنسان، وهو من الضروري تفهمه والعمل على منع الإصابة به.


إن تقديم الرعاية وتلبية الاحتياجات اليومية البدنية والنفسية والتغذية والعلاجات هو بالفعل أمر مجهد بدنيا ومجهد نفسيا، وفي محاولات بذل أفضل ما يمكن للأشخاص الذين نحبهم، قد يتولد لدينا الحزن والأسى والغضب والشعور بالوحدة، وهو ما قد يتولد عنه الاكتئاب، خصوصا حينما لا يقدم الإخوة والأخوات الآخرين الرعاية نفسها، أو حينما تكون حالة المريض لا علاج لها أو تتدهور، خاصة في الذاكرة.

ومن الضروري أيضا معرفة الاكتئاب المبني تشخيصه على وجود خمسة عناصر من الأعراض لمدة أسبوعين، وهي:

أولا تدني المزاج العام للإنسان غالبية أوقات اليوم، وفي كل يوم تقريبا، مثل الشعور بالحزن والفراغ والرغبة في ذرف الدموع.

ثانيا: تقلص الرغبة في الاهتمامات الحياتية المعتادة أو عدم الشعور بمتعتها في غالبية أوقات اليوم، وفي كل يوم تقريبا.

ثالثا: إما تناقص الوزن بشكل ملحوظ على الرغم من عدم اتباع أي حمية غذائية نتيجة تناقص الرغبة في الأكل، أو زيادة الوزن نتيجة زيادة شهية الأكل بشكل مفرط غالبية أوقات اليوم، وفي كل يوم تقريبا.

رابعا: حدوث إما أرق عدم النوم، أو الرغبة في النوم غالبية أوقات اليوم، وفي كل يوم تقريبا.

خامسا: توتر الانفعالات أو تبلد المشاعر والسلوكيات، وهو ما يلاحظه الغير على المرء. ويضاف إلى ذلك الشعور بالإجهاد البدني وفقدان الطاقة غالبية أوقات اليوم، وفي كل يوم تقريبا، وكذا الشعور بعدم الجدوى وكثرة ملامة النفس ومواجهة صعوبات في اتخاذ القرارات وفي القدرة على التركيز وكثرة التفكير في الموت وربما الانتحار.

وإذا ما بدأت لدى الشخص الذي يعتني بواحد ممن يحبهم هذه الأعراض أو بعضها، فمن الضروري استشارة الطبيب النفسي، لأن الاكتئاب شيء غير عابر وليس شيئا يزول بنفسه ما لم تتم معالجته، ويمكن أن يتفاقم ويتسبب في مشكلات نفسية وبدنية. وبالمعونة من المتخصصين في الشأن النفسي يمكن معالجته والتخفيف منه.

وعلى المرء أن يبذل جهده كي لا يصل إلى هذه الحالة عبر طلب المعونة من بقية أفراد الأسرة قبل تفاقم الحالة والشعور بالوحدة، من خلال التخطيط للتناوب على تقديم الرعاية. كما يجدر عدم الانقطاع عن الآخرين من الزملاء أو الأصدقاء والتواصل معهم لكي يقدموا له الدعم النفسي ويخففوا عنه إجهاد الرعاية تلك.