عقار يحسن الإدراك والذاكرة .. للمصابين بمتلازمة داون

دراسة أميركية تفتح الأمل لعلاج الأطفال المصابين بها
«الأطفال المنغوليون» هو المصطلح الطبي القديم الذي كان يطلق على الأطفال المصابين بمتلازمة داون أو مرض داون، وهو أشهر خلل كروموسومي في الإنسان، الذي يعتبر من أهم الأسباب التي تؤثر على القدرات العقلية له.
وكانت المرة الأولى التي تم فيها توصيف أعراضه في عام 1866 بواسطة الطبيب الإنجليزي جون لانغدون داون (John Langdon Down) ومن هنا كانت تسمية المرض بداون، ولكن لم يتم التوصل إلى أن هذه الأعراض كانت نتيجة لخلل كروموسومي في الكروموسوم 21 إلا في عام 1959، حيث توجد نسخة زائدة من الكروموسوم 21، وهذه النسخة تكون كاملة في بعض الأحيان أو يكون جزء منها فقط في أحيان أخرى، وتختلف تبعا لذلك درجة تأثير المرض على الأشخاص.
متلازمة داون 
يصاب الأطفال المرضى بمتلازمة داون (Down syndrome) بتأخر عقلي وتكون ملامح الوجه أقرب ما تكون إلى سكان وسط آسيا أو المغول، وهو سبب تسمية الأطفال بهذا الاسم، ونسبة حدوث مرض داون تقدر بحالة واحدة لكل 800 حالة مواليد.
وسنويا يتم ميلاد ما يقرب من 6000 حالة كل عام وتزيد النسبة بزيادة عمر الأم، فبينما تبلغ نسبة حدوث المرض 1 من كل 2000 لأطفال أمهاتهم في عمر 20 سنة ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 1 من كل 40 في الأمهات فوق 44 سنة.
واستطاعت الدراسة التي قام بها أطباء من جامعة كلوروادو في الولايات المتحدة مؤخرا تطوير عقار معين قد يحسن الإدراك والذاكرة ونوعية الحياة لدى مرضى متلازمة داون، وتعتبر هذه الدراسة تقدما كبيرا في أبحاث مرض داون.
وقد صرح الدكتور ألبرتو كوستا (Alberto Costa)، الذي يترأس فريق البحث الطبي، بأن التجارب التي قام بها الفريق على العقار والتي استمرت 3 أعوام قاربت على الانتهاء، وفي انتظار النتائج في خلال شهرين أو 3 أشهر.
وقام الفريق بدراسة تأثير أحد الأدوية التي تستخدم في علاج أعراض ألزهايمر وهو عقار «Memantine» على 39 مريضا من مرضى داون تناول نصفهم العقار والنصف الآخر تناول عقارا وهميا.
وأوضح كوستا في عام 2007 أن عقار «Memantine» يمكنه تحسين وظائف الذاكرة والتعلم في الفئران المصابة بمرض داون، والآن يتم استخدام العقار في تجارب على الأطفال المصابين على أمل تحسين الذاكرة والقدرات التعليمية لديهم.
وتوصل كوستا إلى وجود علاقة بين المرضى المصابين بمرض داون ومرض ألزهايمر حيث تصاب نسبة كبيرة من المرضى بأعراض ألزهايمر في سن 40 سنة.
وتعتبر هذه الدراسة بداية أمل جديد في إمكانية التوصل إلى دواء من شأنه أن يقوي الذاكرة ويحسن وظائف المخ، حيث إن الأدوية المتوفرة حاليا لعلاج مرض داون هي أدوية تحسن الأعراض فقط ومثل هذا الدواء يمكنه مستقبلا في بعض الحالات من مرضى دوان أن يساعدهم في الاعتماد على أنفسهم ويوفر لهم حياة أقرب إلى الطبيعية.
خصائص المرض 
ويتميز الأطفال المصابون بعدة خصائص إكلينيكية أهمها التأخر العقلي الذي يتدرج من تأخر عقلي بسيط أقل من المتوسط العام بقليل، ويمكن تعليمه إلى مستوى معين، وكذلك تدريبه على مهارات بسيطة، إلى تأخر عقلي شديد لا يمكن تعليمه أو حتى تدريبه، ويحتاج إلى رعاية طوال الوقت، وكذلك يعاني الأطفال المنغوليون من تأخر النمو في الطول والوزن والمشي والتحدث وغيرها، وكذلك خصائص جسدية، ويختلف الأطفال المصابون عن الأطفال العاديين في عدة أشياء:
- بالنسبة للرأس، يتميزون بصغر حجم الجمجمة وتكون مؤخرة الرأس مستوية وعدم اكتمال نمو الجيوب الأنفية بالشكل الكامل، وكذلك تأخر إغلاق فتحة الجمجمة الأمامية، التي تكون مغلقة عند الولادة، وكذلك نعومة الشعر وقصر الرقبة.
- بالنسبة للعينين تكونان مشدودتان وتظهر التهابات في الجفون والملتحمة، وكذلك عتامة في عدسة العين بنسبة 3 في المائة، وكذلك تشوه في حدقة العين (Speckled Iris).
- بالنسبة للفم تكون فتحته صغيرة، ومفتوحا، ويتم التنفس عن طريق الفم، وكذلك زيادة اللعاب في الفم، واللسان يكون كبير الحجم بالنسبة للفم مع ميل للبروز خارج الفم، ويوجد به شقوق، وأحيانا تكون الشفة السفلى مشقوقة، وكذلك تأخر ظهور الأسنان، وتكون مشوهة سواء في مرحلة الأسنان اللبنية أو الأسنان المستديمة.
 
- بالنسبة للأذن تكون صغيرة الحجم، ويتعرض الأطفال إلى التهابات مزمنة في الأذن الوسطى مع احتمالية كبيرة لفقدان السمع.
- بالنسبة لليد تكون عريضة وقصيرة الأصابع، ويوجد خط واحد مستعرض في اليد (Simian Crease) في 20 في المائة من المرضى، وتكون المساحة كبيرة بين الإصبع الأول والأصبع الثاني.
- كذلك يوجد العديد من العيوب الخلقية، وبخاصة في القلب حيث تبلغ نسبتها نحو 40 في المائة من المرضى، وتكون سببا من أسباب الوفاة في أول سنتين من عمر الطفل.
وأشهر هذه العيوب الخلقية وجود ثقب بين البطينين ورباعي فالوت وثقب بين الأذينين، وتوجد أيضا عيوب خلقية في الجهاز الهضمي مثل ضيق الأمعاء الدقيقة، وأيضا عيوب خلقية في الجهاز البولي.
- ويصاب هؤلاء الأطفال بالعديد من الأمراض المناعية، وبخاصة في الغدة الدرقية وكذلك تكون فرصتهم للإصابة بأنواع العدوى المختلفة أكبر من أقرانهم الطبيعيين مثل الالتهاب الرئوي أو النزلات المعوية أو غيرها.
- وأيضا يكون الأطفال المصابون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بمرض سرطان الدم أو «اللوكيميا» (Leukemia) نحو 20 ضعفا، وبخاصة في أول 5 سنوات من عمر الطفل، تقريبا طفل من كل 150 طفلا من مرضى داون، ولكن نسبة الإصابة ببقية السرطانات تكون تقريبا متساوية مع أقرانهم الطبيعيين.
فحص شامل 
في الأغلب يحتاج الأطفال المصابون لفحوصات للتأكد من إصابتهم بالعيوب الخلقية مثل فحوصات بالأشعة التلفزيونية على القلب والكلى والجهاز الهضمي، وكذلك يتم عمل تحاليل لقياس مستوى هرمونات الغدة الدرقية وصورة دم كاملة لاستبعاد «اللوكيميا»، وكذلك أشعة إكس على العظام، وفحوصات للنظر وتمرينات للتخاطب ومتابعة النمو والعناية بالأسنان.
ويمكن للأطفال المصابين ممارسة النشاط العادي مثل غيرهم من الأطفال تبعا لدرجة التأخر العقلي، إلا إذا كانت هناك إصابة في القلب أو الجهاز التنفسي، كما لا توجد أطعمة معينة محظورة، ولكن يراعى غذاء متوازن من دون الإفراط في الطعام لتجنب الزيادة في الوزن، ويمكنهم أيضا التعلم في مدارس لذوي الاحتياجات الخاصة وتدريبهم على اكتساب مهارات معينة تمكنهم من ممارسة مهن بسيطة مستقبلا، وعلى المجتمع تقبل هؤلاء الأشخاص ومحاولة إشراكهم في الحياة من خلال توفير بيئة عمل مناسبة لظروفهم.
يجب على الأسرة التي تنجب طفلا منغوليا عمل دراسة جينية (Genetic Counseling) لمعرفة احتمالية تكرار حدوث إنجاب طفل منغولي مرة أخرى، ويتم تبعا لنوع الإصابة في المرة الأولى، وبالنسبة للطفل يجب على الأسرة أن تشعره بالاهتمام والحنان ومحاولة إشراكه في المجتمع واكتسابه مهارات تؤهله للاعتماد على نفسه.