المدير الإبداعي لـ«عطور أمواج»: نجاح العطر في اليابان وهونج كونج كان مفاجأة

يشبه تشونغ العطر بالموضة .. لذا يشدد على خطر الوقوع في التكرار وفي الصورة كريستوفر تشونغ المدير الإبداعي لـعطور أمواج
يشبه تشونغ العطر بالموضة .. لذا يشدد على خطر الوقوع في التكرار وفي الصورة كريستوفر تشونغ المدير الإبداعي لـعطور أمواج

في لقاء مع كريستوفر تشونغ المدير الإبداعي في شركة «عطور أمواج» العمانية العالمية في أحد محلات الشركة الواقع في شارع «لاونديس» في وسط لندن ، وعند وصولنا إلى المحل كان تشونغ بانتظارنا وراء واجهة من الزجاج عملاقة ، مزدانة بالزهور البيضاء من الخارج وكتب على صدرها اسم «أمواج» بالخط العريض.


للوصول إلى هذا العنوان لن تكون بحاجة لخريطة ، لأن رائحة العطر هي خير دليل للوصول إلى واحد من أجمل الأماكن في لندن من حيث الرائحة والديكور ، وبعد سلام واستقبال حار من قبل تشونغ الذي ينبض دمه بثقافة الصين (مسقط رأسه) وحداثة ودول الولايات المتحدة لأن تشونغ تربى وعاش معظم حياته في مدينة مانهاتن من دون التخلي عن جذوره التي ساعدته كثيرا في مسيرة الإبداع الواضحة في تصميمه من أهم وأغلى وأبرز العطور ، «عطور أمواج» الملقبة بـ «عطور النخبة».

استهل تشونغ كلامه قائلا «أنا لا أحب أن أكرر نفسي إلا أنني أفضل دائما بدء كلامي بأنها العطر بالفلسفة لأنه يتعدى كونه رائحة تتبخر بعد فترة ، بل إنه تجسيد للحياة والعيش ويساعدنا على تحديد شخصيتنا وهويتنا» ، بهذه الفلسفة الشخصية وصف تشونغ نظرته للعطر بشكل عام ، وعن عطر «أمواج» بشكل خاص قال تشونغ إنه عطر مميز وهو بمثابة سفير لسلطنة عمان بعد أن أبصر النور فيها منذ ثلاث سنوات ، أصبح منذ ذلك الحين ينطق باسم البلاد ومفخرة عمان في العالم.

«(أمواج) عطر مميز ولكنه ليس للجميع» ، يفسر تشونغ قوله هذا ، لأن «أمواج» هي عطر النخبة وعطر من يعشق ويفهم العطر ، وأهم ما يميزه هو المكون الطبيعي والخلطة المناسبة ، والأهم من هذا كله القصة التي تقف وراء كل عطر.

من أهم المكونات التي ترتكز عليها عطور «أمواج» في تركيبتها السحرية البخور اللبان ، التي يمكن أن تجدها في عمان ، إلا أن «أمواج» تأتي بها من أفريقيا لأنها أكثر مرونة في التصنيع ، إضافة إلى خشب الصندل العماني ، فـ «عطور أمواج» بدأت بعطر «الذهب» الذهب الذي يعتبر من العطور الثقيلة التي يحبذها العرب ، ومع مر السنين ومع نجاح «أمواج» تعمل لشركة «سابكو» العمانية ، استطاعت خلق عطور أخرى فريدة من نوعها كان آخرها عطر «أونور» الذي خرج للأسواق العالمية منذ شهرين تقريبا.

ويقول تشونغ بأن «أمواج» عمانية ، لكنها استطاعت الوصول إلى العالمية بسبب جودة مكوناتها ، ولم يعد العطر مخصص لجنسية دون سواها ، في البداية كانت «أمواج» تقتصر على شريحة معينة من الناس ، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط ، غير أنها أصبحت اليوم ماركة عالمية لها موقعها الخاص وزبائنها المميزون ، ومن أهم الأسواق التي تستورد وتستخدم «عطور أمواج» روسيا وألمانيا وبالطبع البلدان الخليجية الخاصة المملكة العربية السعودية ، وعدد من بلدان ومدن في الشرق الأقصى مثل هونغ كونغ ومدن صينية أخرى.

ويقول تشونغ بأن «أمواج» لا تؤمن لإجراء دراسات للأسواق ، فـ «أمواج» عطر موجه لفئة معينة ، ويرتكز على خلق علاقة خاصة ما بين الدار والزبون ، فهو ليس عطرا ينصح بإهدائه لشخص لا تعرف عنه الكثير ، إلا أن نجاح «أمواج» في اليابان وهونغ كونغ كان مفاجأة حقيقية مما دعاها التجميلية يساعد الاستطلاع على الكشف عن هذه السر ، وتبين بأن الصينيين خاصة أنها موجودة في عطر «أمواج» قيمة فعلية ، فهو عطر يدوم على البشرة لمدة طويلة كما أنهم يحبون شكل القنينة الخارجي.

ويشبه تشونغ العطر بالموضة، لذا يشدد على خطر الوقوع في التكرار، ويقول بأنه في كل مرة يخلق فيها عطرا جديدا يضع قصة معينة نصب عينيه ويبدأ منها حكاية العطر الجديد، تماما مثلما يحصل مع مصمم الأزياء، فيجب عليه وضع خطة أولا وإلا فقد يقع حائرا أمام الكم الهائل من الألوان والأشكال والقصات، فالعطر مركب من مكونات، عندما تختارها بعناية لتترجم قصة معينة تنتقل بعدها لوصف القصة لكوكبة من أهم مركبي العطور في منطقة «غراس» في جنوب فرنسا، وبعدها يقوم الفريق بإرسال عينات إلى تشونغ لتعديلها، ويصف تشونغ كل عطر من عطوره بالطفل، ويقول بأن ولادة كل طفل تستغرق ما بين 12 و18 شهرا، وعن سؤاله عن عطره المفضل، قال تشونغ بأنه لا يمكن طرح مثل هذا السؤال لأن الأم أو الأب لا يمكنهما تفضيل أحد أطفالهما على غيره.

ويقول تشونغ بأن علاقة الزبون مع عطر «أمواج» ينطبق عليها «الحب من أول شمة»، ففي بعض الأحيان تقع في شباك هذا العطر من أول مرة وفي أحيان أخرى تستغرق هذه العلاقة نحو العام، لذا نشجع الزبائن الجدد بأخذ عينات صغيرة في بادئ الأمر وتجربتها قبل الشراء، فالعطر هو شخصي جدا، ونصح تشونغ بعدم تناول المأكولات الحريفة قبل نحو 24 ساعة من تجربة العطر وعدم تجربة أكثر من 3 عطور في جلسة واحدة.

وروى لنا تشونغ قصة عطر «إيبك» التي تعتبر أكثر عطور الدار مبيعا قائلا بأن هذا العطر اختفى من على أرفف المحلات في السعودية بعد أسبوعين من طرحه في الأسواق ووقع الزبائن في حبه بشكل سريع جدا، وعند طرح عطر «ميموار» قلق تشونغ لأنه لم يسمع أي رد فعل على العطر ولم ينفد من السوق مباشرة بعد طرحه ولكن بعد عام من تصنيعه راح ينافس عطور الشركة الأخرى وهذا دليل على أن الزبون يحتاج أحيانا بعض الوقت لتوثيق العلاقة مع عطره.

عن ذوق المرأة العربية في العطور، يقول تشونغ بأنه لا يمكنه وصف المرأة العربية إلا بالذوق الرفيع بما يخص الموضة والعطر فهي تملك أهم أنف لتنشق وتصنيف عطور العالم ويساعد في ذلك على حد قوله السفر، وذلك لأن العرب يسافرون كثيرا وينفتحون على ثقافات أخرى بسرعة وهذا ينعكس على اختياراتهم الصائبة في عطورهم وأزيائهم.

ورد تشونغ على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كان من الممكن للمرأة استعمال عطر للرجال والعكس، قائلا «نعم يمكن ذلك، وأنا من الذين يرفضون تصنيف جنس العطر وفقا لجنس الزبون، ففي الكثير من الأحيان يقبل الرجال على شراء عطر النساء لأنه يناسبهم أكثر والعكس أيضا، وقمنا في الآونة الأخيرة ببيع نسبة كبيرة من عطر (إيبك) للنساء لزبائننا من الجنس الخشن».

وتتعدى «أمواج» تصنيع العطور إلى عالم تصنيع الشموع المعطرة أيضا وكريمات الجسم واليدين، وعندما سألنا تشونغ عما إذا كانت الشركة تعتزم طرح تصميمات خاصة بالأزياء، راح يضحك مشددا على تدوين ما سيقوله، فهو يأتي من عالم الفن والتصميم والأزياء، ولطالما حاول إقناع القائمين على الشركة بطرح تشكيلة أزياء خاصة بالدار، لأنه يرى أن العطر يكمل الأزياء و«أمواج» يمكنها أن تخلق خطا فريدا لزبائن مميزين تماما مثلما استطاعت من خلال عطورها فهو يحلم بتصميم العباءات التي تحمل في تصميمها جمال تصميم الزي الصيني مع إضافة الأحجار الملونة، وهذا ما يحلم به تشونغ في مشاريعه المستقبلية في الشركة.

وعن أسعار «عطور أمواج» المعروف عنها أنها باهظة، قال تشونغ بأن العطر ليس رخيصا فتبدأ الأسعار من 120 جنيها إسترلينيا ولغاية 195 جنيها إسترلينيا، وإذا ما قارنا ما بين النوعية والسعر نجد أن السعر ليس غاليا، لأن «أمواج» تستعمل أفضل المكونات كما أنها تستخدم الخشب في تغليف العلب الخاصة بها، وكلها تصمم في لندن كما أن جميع أغطية زجاجات العطر مغطسة بالذهب من عيار 24 قيراطا، وتتم عملية التوضيب والتغليف يدويا.

اللافت عندما تفتح زجاجة جديدة من «أمواج» تجد في قعر العلبة بطاقة صغيرة كتبها عليها «أتمنى أن تنعم باستعمال عطرك الجديد مع إمضاء اسم الشخص الذي قام بتوضيب الزجاجة كتب بخط اليد»، وأعتقد أن هذه اللفتة هي ترجمة حقيقية لتوقف الشركة عند حيثيات وتفاصيل الجودة.

وينصح أيضا تشونغ بوضع زخات قليلة من العطر على الرقبة والمعصمين ، لأن البعض يظن بأن العطر قوي ولكن في الواقع تكون طريقة الاستعمال خاطئة ، ونصح الزبائن الذين يفضلون شم الرائحة طيلة النهار بوضع الكريم المعطر الذي يتوافق مع العطر على الجسم وبهذه الطريقة يمكن أن تبقى الرائحة على الجسم طيلة اليوم من دون أن تزعج الآخرين.

وعن العطر الذي ينافس «أمواج» ، قال تشونغ بأن المنافسة جيدة في عالم العطور وغيره ، فلـ «أمواج» خط مميز ولا يمكن أن نقارن عطورها بأي عطور أخرى ، فهي موجهة للنخبة وليس للأسواق الضخمة ، ولكن إذا أردت الرد على السؤال بشكل محدد أكثر يمكن القول بأن المنافسة هي مع عطر «كلايف كريستيان» التي تعتبر العطور الأغلى على الإطلاق في العالم.

تملك «أمواج» 5 محلات منفصلة في عمان ومحلين في دبي ومحلا في لندن ، ومن المنتظر افتتاح فرع جديد ثانٍ قريب ، كما يمكن أن تجد «عطور أمواج» في عدد من المتاجر الكبرى حول العالم مثل متاجر هارودز وهارفي نيكولز في لندن وساكس فيفث أفينيو في الولايات المتحدة وفي عدد كبير من مطارات العالم.

وتوجد مصانع الشركة في عمان ومن المنتظر افتتاح مصنع جديد في عمان أيضًا في المستقبل القريب ، كما هو موجود في عمان أيضًا متحف مخصص لعرض العطر الناس على طريقة تصنيعه واليوم من أهم أماكن الجذب السياحي في السلطنة.