أمومة النجمات .. بين ضريبة الماضي واستعراض الحاضر

 ما القاسم المشترك بين كارلا بروني ساركوزي، وكايت هادسون، وفيكتوريا بيكام، وجيسيكا إلبا، وإيفانكا ترامب، وناتالي بورتمان، وجانيوري جونز، وسلمى بلير وغيرهن؟ والجواب الذي يقفز إلى اللسان هو: كلهن ينتظرن حدثا سعيدا قبل انتهاء العام الحالي.
 
ففكتوريا بيكام مثلا تنتظر أول مولودة لها بعد ثلاثة صبيان في الشهر القادم، ولم تخف سعادتها بعد أن كادت تفقد الأمل في أن تكون لها طفلة تورثها أزياءها ومجوهراتها، حسب ما صرحت به في إحدى المناسبات، والنجمة كايت هادسون وكارلا بروني أيضا تنتظران طفلهما الثاني، الأولى تحضر لطفلة والثانية لصبي يلتحق بابنها أورليان البالغ من العمر 9 سنوات وهكذا.
 
لكن الأهم أن العالم كله يعرف بالأمر وصفحات المجلات البراقة تتخاطف على صورهن: تمدح في أزيائهن وتتغنى بإكسسواراتهن، وعلى رأس هذه الإكسسوارات بالطبع بطونهن البارزة.
 
وقد كان مثيرا في الشهر الماضي، وخلال قمة الثماني الكبار (جي 8)، التي عقدت في مدينة دوفيل شمال فرنسا، مظهر الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الذي بدا سعيدا ومزهوا بنفسه كالطاووس.
 
السبب، كما توضح في ما بعد، لم يعد لنجاح القمة، ولا إلى «الربيع العربي» الذي يحلو للبعض إطلاقه على الثورات العربية، والذي كان على رأس قائمة المناقشات والمشاورات، بل كان مرده إلى أنه يعيش ربيعا من نوع آخر، بأنتظاره صبيا يلتحق بأطفاله الثلاثة الآخرين من زوجتين سابقتين. 
 
فبعد أن نجحت زوجته كارلا في إشعال فتيل الفضول حول حملها منذ فترة غير قصيرة، ورفضها تأكيده على أساس أنه أمر شخصي، لم يعد إخفاء علامات الحمل ممكنا حتى بالنسبة لعارضة سابقة مثلها، تعرف كيف توظف الأزياء لتخدمها وتموه على الانتفاخات والتضاريس البارزة في جسدها.
 
فكما تعرف أي امرأة، يصبح شبه مستحيل إخفاء بروز البطن بعد الشهر الرابع، مهما كانت رشاقتها. ومن الواضح من اللائحة الطويلة للنجمات والحوامل، أو اللاتي وضعن في الآونة الأخيرة، أن كارلا بروني، البالغة من العمر 43 عاما، ليست وحدها التي اجتاحتها غريزة الأمومة. 
 
فالأمر أصبح يشبه الظاهرة، بالنظر إلى عددهن، وكأن هناك اتفاقا مسبقا بينهن على أن يكون 2011 عام التوالد. الأمر المثير للنظر أن هذه الحالة تواكب تطور العصر وثقافته، بما في ذلك ثقافة هوليوود.
 
فالعديد من النجمات، والنساء العاملات اللاتي تحررن في الستينات من القرن الماضي، ثم دخلن عالم الرجال بقوة في الثمانينات، كن في السابق يفضلن تأجيل الإنجاب في سبيل تحقيق الذات والشهرة، بل، وفي ما يتعلق بهوليوود، فإن الأمر يعود إلى العشرينات من القرن الماضي، حيث كانت بعض النجمات يضحين بالأمومة خوفا على مكانتهن وصورتهن وشهرتهن من التصدع. 
 
ولم تساعد استوديوهات هوليوود، على تبديد مخاوفهن، بل العكس تماما، كانت في بعض الأحيان تضع شروطا قاسية تمنعهن من الإنجاب طوال مدة العقد. وفي أحسن الحالات، كانت تطلب إخفاءهن الأمر عن العيون، خوفا من تحول الجمهور عنهن وتأثر شباك التذاكر.
 
لكن شتان بين الأمس واليوم، فالنجمات يتسابقن حاليا ليس فقط على الإنجاب بل إعلان أمومتهن على الملأ واستعراضها بشكل أنيق في رسالة واضحة بأن الأمومة تأتي أولا ثم النجومية، وبأن الاثنين لا يتعارضان مع بعض بل يكملان بعضا.
 
حتى الملابس تغيرت خطوطها وأصبحت تعانق الجسم لتظهر البطن عوض إخفائه وكأنه إكسسوار أغلى من أي حقيبة أو قطعة مجوهرات. وإذا كانت بعض النجمات يفضلن فساتين منسدلة ومنسابة بطيات تتماوج بأقمشة خفيفة لا تحاول إخفاء بطونهن البارزة، لكنها في الوقت ذاته لا تحددها فتبرزها أكثر، فإن هناك من يرفضن التوجه إلى المحلات المتخصصة في أزياء الحوامل، ويكتفين بشراء مقاسات أكبر من نفس المحلات التي تعودن إياها، وكأنهن لا يردن الاعتراف بأن الحمل حالة خاصة تستدعي أزياء أيضا خاصة، ولو لبضعة أشهر، مما يشفع لهن أن مظهرهن يكون دائما جذابا، وفي حالات كثيرة ينجحن في سرقة الأضواء من أكثر النجمات رشاقة ونحافة. 
 
وليس أدل على هذا من النجمة أنجلينا جولي، التي سرقت الأضواء في مهرجان «كان» السينمائي في عام 2008 عندما كانت حاملا بتوأم. حينها حصل بطنها البارز على اهتمام أكبر مما حصلت عليه العارضة إيفا هيرزيغوفا، التي ظهرت في فستان لافت يكشف كل مفاتن الجسم، بتنورته الشفافة، والذي كان من الواضح أنها كانت تنوي استعماله لإغراء عدسات الكاميرا.
 
للأسف، كانت المنافسة أقوى من رشاقتها، مما أدى إلى فشلها في مهمتها، ولا شك في أنها لم تكن تتوقع أن تدخل في منافسة مع نجمة في الأشهر الأخيرة من حملها وتخرج منها خاسرة، لكن هذا ما حصل. 
 
هذا التغير في ثقافة الحمل وعدم تعارضه مع الحياة العامة والتألق، نجح في جعل الأمومة أكثر من جذابة حتى بالنسبة للاتي لم تتحرك فيهن غريزة الأمومة فطريا بعد.
 
فالأزياء رائعة وطريقة التعامل معها أيضا تطورت مع إيقاع العصر، الأمر الذي لم يكن متوافرا للجدات، اللاتي كن يجتهدن في إخفاء حملهن، ولو تطلب الأمر الاختفاء عن الأنظار إلى حين وضع المولود.
 
فالأمومة لم تعد ضريبة تهدد مستقبلهن المهني ولا تهز مكانتهن، وصور كارلا بروني ساركوزي وهي تحضن بطنها حينا وكأنها تحمي جنينها، وتشير إليه حينا آخر بابتسامة سعادة، تؤكد ذلك. 
 
كارلا، أكدت قبل دخولها قصر الإليزيه، أنها امرأة عملية وواقعية، وبالتالي تعرف أن الطريق الوحيد أمامها الآن أن تتعامل مع حملها بأناقة تليق بزوجة رئيس وعارضة أزياء سابقة. 
 
فعلى الرغم من الجو المتقلب والمضطرب في دوفيل الفرنسية، فإن أسلوبها لم يكن مضطربا بل العكس تماما. فقد استعرضت خلال المناسبة، مجموعة من الفساتين من شأنها أن تعطي الحوامل دفعة جديدة من الثقة من جهة، وتلهم المصممين وشوارع الموضة على طرح أزياء خاصة بهذه الفترة المهمة من جهة ثانية. 
 
فقد اختارت مثلا فستانا ناعما وقصيرا إلى حد ما من «شانيل» باللون الأبيض ومن قماش التويد ومعطف أسود أيضا من التويد من نفس الدار، نسقتهما مع حذاء بكعب منخفض من «كريستيان لوبوتان».
 
ظهرت أيضا ببنطلون مستقيم نسقته مع فستان صوفي قصير جدا، يبدو كما لو كان كنزة طويلة، ومرة أخرى ظهرت ببنطلون واسع عند البطن، لا شك من قسم الحوامل، مع كنزة وجاكيت مفصل. المجوهرات في الغالب كانت ناعمة، من «فان كليف آند أربلز».