هل تذوق الأطعمة هو سبب حبنا أو كرهنا لها؟

التذوق ليس سوى سبب واحد من أسباب حبنا أو كرهنا للأطعمة والعلماء يكشفون سر تفضيل أنواع معينة من المأكولات
التذوق ليس سوى سبب واحد من أسباب حبنا أو كرهنا للأطعمة والعلماء يكشفون سر تفضيل أنواع معينة من المأكولات

 القهوة السادة، والفلفل الحار، والكمأ، والمحار هي بعض من النكهات والأطعمة التي يمتلئ بها العالم، والتي يحبها الكثير من الناس ويكرهها الكثيرون كذلك، ولكن السؤال الآن هو ما السبب في ذلك؟ لقد نجح بعض العلماء في التوصل إلى بعض الأسرار - ولكن ليس كلها - وراء حبنا أو كرهنا لبعض الأطعمة.
 
التذوق في مقابل النكهة 
عندما نقول: «إن طعم هذا الشيء يشبه طعم الفراولة» سوف يختلف العلماء الذين يدرسون هذه الأمور معنا، حيث إن ألسنتنا لا تدرك، في الواقع، سوى خمسة أذواق أساسية وهي: الحلو والحامض والمر والمالح و«أومامي» وهي كلمة يابانية تعني اللذيذ. لكي تنتقل من شيء حلو إلى حد ما إلى «الفراولة» لا بد أن تشارك الأنف في ذلك. حيث يقوم التذوق وحواس الشم، جنبا إلى جنب مع أي إثارة كيميائية يفرزها الطعام في الحلق (النعناع أو الفلفل الحار أو زيت الزيتون)، بإرسال المعلومات التي تحتاجها إلى المخ لكي يقوم بتمييز النكهات.
 
وتقول مارسيا بيلشات، التي تقوم بتدريس التمييز بين الأطعمة في مركز مونيل للبحوث الكيميائية في فيلادلفيا: «بما أننا في أعلى قائمة الثدييات فقد جبلنا على حب المذاقات اللذيذة الطعم وكراهية المذاقات المرة»، وأضافت: «النظرية هي أننا قد نكون بطبيعتنا نحب أو نكره نكهات أساسية بعينها، لذا يمكن أن يكون الفم بمثابة حارس أو (بواب) الجسم».
 
الشيء الحلو يعني الطاقة؛ أما الحامض فيعني أن الشيء لم ينضج بعد، والطعم اللذيذ يعني أن الغذاء قد يحتوي على البروتين، في حين أن الطعم المر يوجب الحذر، فطعم معظم السموم مر.
 
أما الطعم المالح فيعني الصوديوم، وهو عنصر ضروري لعدة وظائف في أجسامنا (بالمناسبة، خرائط اللسان التي تظهر أن براعم التذوق تتجمع في المناطق التي تكشف عن طعم الأشياء سواء كان حلوا أو مرا، وما إلى ذلك، تكون مضللة للغاية، حيث إن مستقبلات التذوق بجميع أنواعها تغطي ألسنتنا - باستثناء الخط الأوسط - في حين يكمن البعض الآخر في أماكن أخرى في الفم أو الحنجرة).
 
«القهوة مرة جدا»: المكون الجيني 
وجد الباحثون أن من يقوم بالكشف عن النكهات الحلوة هو جين بشري واحد، ولكنه موجود عند كل منا. وعلى النقيض من ذلك، هناك 25 جينا أو أكثر تعمل كمستقبلات للمرارة، ولكن يختلف ذلك من شخص لآخر.
 
بعض العلاقات الجينية تكون من القوة بحيث يستطيع العلماء التنبؤ بدقة برد فعل الناس على بعض النكهات المرة من خلال النظر إلى عينات من الحمض النووي. 
 
وبالإضافة إلى ذلك، كل الناس تقريبا لديها «خشم محدد» واحد على الأقل، بمعنى أنه لا يمكنك الكشف عن رائحة معينة، على الرغم من تمتعك بحاسة الشم العادية مع الأشياء الأخرى، وأروع مثال على ذلك هو المادة الكيميائية «أندروستينون» التي تعطي الكمأ رائحته المميزة، والتي تكون كريهة لكثير من الناس مثل رائحة العرق، بينما يجدها آخرون ممتعة مثل رائحة خشب الصندل، في الوقت الذي لا يستطيع ربع البشر اكتشاف رائحته على الإطلاق.
 
«الأطعمة التي تعدها أمهاتنا هي الأفضل» 
أظهرت الأبحاث أننا مستعدون لحب نكهات الأطعمة التي كانت أمهاتنا تأكلها أثناء الحمل، حيث تمر هذه النكهات من خلال النخط (السائل الذي يملأ السلى ويحيط بالجنين في الرحم) ثم بعد ذلك عن طريق حليب الثدي.
 
لا يمكنك ببساطة تعليم فأر أو كلب أن يحب طعاما كثير التوابل؛ حسبما أعلن العلماء، بعدما حاولوا ذلك. ولكن يمكنك عمل ذلك بسهولة مع البشر، حيث تتجاوز الثقافة جيناتنا في كثير من الأحيان وتقوم بدور الفم باعتبارها «البواب» في الجسم. يحب قلة من الناس المشروبات المرة أو التوابل الشديدة، ولكن الكثير منهم تعلموا أن يحبوها بعدم أكلها أكثر من مرة.
 
إننا نتعلم في كثير من الأحيان أن نحب ما يحبه الناس من حولنا. وجد الباحثون فرقا واضحا بين الجنسين في تناول الطعام، حيث وجدوا أن النساء أكثر رغبة في تناول الحلوى، 60 في المائة للنساء مقابل 40 في المائة للرجال، في حين نجد أن الرجال أكثر رغبة في تناول الأطعمة المالحة؛ 60 في المائة للرجال مقابل 40 في المائة للنساء.
 
المحار خشن الملمس 
لا يستطيع البعض مقاومة الأطعمة اللزجة أو الرملية أو الدسمة، بغض النظر عن النكهة، ولا يمكن للعلم أن يفسر بشكل تام ما هو السبب في هذا، ولكن قامت دراسة أصدرها مركز «مونيل» للبحوث الكيميائية الخريف الماضي بتقديم حل لهذا اللغز: الناس التي لديها أكثر من إنزيم معين تتمتع بقدرة أكبر على حاسة اللمس للأطعمة النشوية.
 
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر الملمس على النكهة، عن طريق تغيير إطلاق جزيئات النكهة في الفهم. يعطي المصنعون اهتماما خاصا لهذه المسألة عندما يحاولون تصنيع طعم بديل منخفض الدهون يعطي نفس طعم الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون.
 
بقايا حبات الحلوى المغلفة بالسكر
قم بهذا الاختبار لمعرفة الفرق بين الطعم والنكهة:
- أحضر إحدى حبات الحلوى المغلفة بالسكر لكل من هذه النكهات المختلفة: الموز، وعرق السوس والكابوتشينو.
 
- والآن ضع يدك على أنفك، ثم قم بعد ذلك، من دون النظر، بالتقاط إحدى هذه الحبوب وضعها في فمك وقم بمضغها، وأبق على أنفك مغلقا.
 
- حاول التعرف على النكهة. سوف يتمكن قلة قليلة من الناس من معرفة النكهة، لأنه لا يمكن لألسنتنا بمفردها أن تفرق بينهم.
 
- ولكن بمجرد أن تفتح أنفك، فستتمكن فجأة وبسهولة من تمييز النكهة (وهذا هو تفسير عدم تذوق الطعام عندما تكون مزكوما).
 
ولأننا نحب الحلوى المغلفة بالسكر، قام العشرات من العاملين بغرفة الأخبار بتجربة هذا الاختبار، وتمكن 33 في المائة منهم من معرفة النكهة، وهو الرقم المتوقع إذا ما قمت فقط بالتخمين.
 
وتمكن شخصان من معرفة النكهة مرتين، ولكن كان أحدهما يغش. حتى توم سيتسيما، أكثر الأشخاص تميزا بحاسة التذوق في غرفة الأخبار، لم يتمكن من التمييز بين الحبوب من خلال حاسة التذوق فقط.