بيل كوفمان .. سيدة يهودية تعمل في التدريس رغم بلوغها عامها المائة

لدى بيل كوفمان ابن يبلغ من العمر 69 عاما وهو أستاذ في علوم الكومبيوتر متقاعد واسمه جوناثان غولدستيني وابنة تعمل طبيبة نفسية تبلغ من العمر 67 عاما هي تيا وتقول عن تقدمها في السن إن الأمر لا بد أنه حد
لدى بيل كوفمان ابن يبلغ من العمر 69 عاما وهو أستاذ في علوم الكومبيوتر متقاعد واسمه جوناثان غولدستيني وابنة تعمل طبيبة نفسية تبلغ من العمر 67 عاما هي تيا وتقول عن تقدمها في السن إن الأمر لا بد أنه حد

عندما تجلسك بيل كوفمان على أريكتها وتسألك: «هل تشعر بالراحة؟»، فإن الجواب الصحيح، كما تذكرك هي، يتطلب لكنة باللغة اليدشية وأنت تهز كتفيك وتقول «ما زلت أجني رزقي».


وعلى الرغم من بلوغها عامها المائة، فإن بيل كوفمان لا تزال تلقي بالنكات، سواء اليهودية أو غيرها، حيث ورثت كوفمان روح الدعابة وخفة الظل من جدها وهو القاص الشعبي اليهودي شولم أليكم الذي كان قادرا على إخراج الفكاهة من بين ثنايا الحرمان المفجع ونسج قصص «تيفي»، التي أصبحت رافدا قامت عليه المسرحية الموسيقية «عازف الكمان على السطح».

هذا العام، قامت بيل كوفمان بفعل شيء أكثر من قول النكات، حيث أصبحت من الأساتذة المساعدين القلائل في هذه الفئة العمرية التي تقوم بتدريس مادة حول الفكاهة اليهودية في جامعة هانتر بنيويورك، وهي الكلية التي تخرجت فيها كوفمان.

ومن بين النكات التي يقوم الفصل بتحليلها كانت هذه النكتة: «الفرنسي يقول: أنا متعب وظمآن، لذا يجب أن أتناول عصير العنب. أما الألماني فيقول: أنا متعب وظمآن، لذا يجب أن أتناول الماء. في حين يقول اليهودي: أنا متعب وظمآن، لا بد أن أعاني من مرض السكر».

تقول كوفمان في دراسة بعنوان «بارك افنيو» وعيناها تتلألأ بشكل ينم عن مكر: «لم نكن نقول النكات فحسب، بل كنا نبحث عن الأسباب وراء كون الغالبية العظمى من الممثلين الكوميديين من اليهود، وأن العديد من النكات اليهودية كانت تنتقد الذات»، وأضافت: «يعود ذلك إلى الهجرة من المدن، والفقر، ولأن اليهود كانوا عرضة للازدراء والكراهية. لقد كانت النكات بمثابة آلية للدفاع: سنتحدث عن أنفسنا بطريقة أكثر إيذاء لنا من حديثكم».

كان أول حفل عيد ميلاد لها بعد أن تجاوزت المائة يوم الثلاثاء الماضي وكرمتها جامعة هانتر بمزيج من الأغاني المبهجة لـ«فيلدلر» وكذلك كرمها المسرح اليهودي القومي - فولكسبين ونادي «تريت» الهولندي.

كانت كوفمان في الخامسة من عمرها عندما توفي جدها في 13 مايو (أيار) عام 1916 وتعتقد أنها آخر من يتذكره ويتذكر خفة ظله ممن ما زالوا على قيد الحياة.

وتقول: «ما زلت أتذكر ضحكاته ويده بينما كنا نمشي. لقد كان معتادا أن يقول لي إنه كلما أمسكت يديه أكثر، استطاع أن يكتب أفضل. لقد كتب لي خطابا أعتز به ككنز قال لي فيه: أكتب إليك هذا الخطاب لأطلب منك أن تكبري سريعا وتتعلمي الكتابة حتى تستطيعي كتابة خطاب لي. يجب أن تتناولي اللبن وشوربة الخضراوات والقليل من الحلوى حتى تكبري».

تخرجت كوفمان في جامعة هانتر عام 1934، أي بعد أحد عشر عاما من الهجرة من الاتحاد السوفياتي عندما كانت في الثانية عشرة من العمر واضطرت إلى الالتحاق بالصف الأول. وولدت كوفمان في برلين ونشأت في أوديسا في كييف وكانت الثورة الروسية بمثابة الموسيقى التي تعزف في خلفية طفولتها.

«تم تجميد الجثث الميتة في أوضاع في الشارع وكان الناس يأكلون خبزا من البازلاء لعدم توافر الدقيق، لكن الطفل لا يوجد لديه أي وجه للمقارنة. ألا يخطو كل طفل على جثث؟ لم أكن أرى أي فرق».

حصلت كوفمان على درجة الماجستير في الأدب من جامعة كولومبيا بفضل اجتهادها في العمل ومراقبة والدها لها وعملت كمدرسة في عدد من المدارس الحكومية الثانوية.

أصبحت أوديسا التي كانت عاشت فيها عشرين عاما نقطة خروجها من عباءة جدها، ففي عام 1965، نشرت رواية «الدرج السفلي» التي تحكي عن معلمة جديدة تشبهها حيث كانت تكافح من أجل الحفاظ على روحها وحماسها في مدرسة تعج بالطلبة المشاكسين والتي بها لوائح مثل عدم استخدام الدرج السفلي.

احتل اسم روايتها قائمة الكتب الأفضل مبيعا في صحيفة «نيويورك تايمز» لمدة 64 أسبوعا مما ساعدها في الحصول على وظيفة أخرى ومتحدثة باسم المدرسة.

رفضت كوفمان، التي تتعافى من كسر في الضلع، التقاط صورة لها إلا بعد أن تغير ملابسها وترتدي بلوزة أنيقة ذات لون فيروزي ووشاح وأقراط.

ووصفت نفسها بلا غرور بأنها كانت «معلمة رائعة».

لكنها تذكرت مدى صعوبة أن تحصل على شهادة بسبب بيروقراطية المدرسة، فقد طلبت منها لجنة الاختبار أن تحلل قصيدة شعرية لإدنا سانت فينسيت ميلاي وأخبروها بعد ذلك أن تفسيرها كان «بائسا».

ونظرا لرفضها ذات مرة بسبب لكنتها التي تنم عن قلة خبرة، رفضت أن يقف أحد في طريقها مرة أخرى، لذا قامت بعمل ما كان ليفعله أي شخص طموح لو كان في موقفها. فكتبت خطاب إلى إدنا وطلبت منها تقييم تفسيرها للقصيدة. وجاء رد إدنا ومفاده: «لقد كان تفسيرك وتحليلك للقصيدة أفضل من تفسيري لو كنت قمت بذلك».

وحفظ أعضاء لجنة الاختبار ماء وجههم من خلال الطلب من كوفمان محاولة الحصول على الشهادة مرة أخرى. وتقابل الآن تلاميذها السابقين الذين أصبحوا أجدادا الآن.

بالفعل لا يمكنها تصديق أن لديها ابنا يبلغ من العمر 69 عاما وأستاذ علوم كومبيوتر متقاعد هو جوناثان غولدستيني، وابنة تعمل طبيبة نفسية تبلغ من العمر 67 عاما هي تيا. وتعيش بيل مع زوجها الثاني سيدني غلاك البالغ من العمر 94 عاما وهو مدير مؤسسة «شولم أليكم ميموريال».

تقول وهي تضحك: «إنه يحب السيدات الأكبر سنا منه». الآن وبعد أن تعافت تعتزم كوفمان استكمال ممارسة هوايتها وهي رقص المامبو والتانغو في إحدى مدارس تعليم الرقص.

وتنوي توضيح كيف وصلت إلى المائة، رغم عدم اعتقادها أن هذا إنجاز .. تقول: «لا بد أن الأمر حدث تدريجيا بينما لم أكن ألاحظه. لا أشعر بأي فرق بين حالي الآن وحالي وأنا في الثامنة والتسعين أو التاسعة والتسعين أو السابعة والتسعين. إنك تلفت الانتباه والأنظار إليك فقط لأنك تعيش حياة مديدة، فقط لأنك ما زلت على قيد الحياة. بالطبع لقد عشت طويلا!».