شيغيرو بان .. مهندس معماري ياباني مطلوب عند الكوارث

المهندس المعماري الياباني شيغيرو يستخدم الورق في تصميم مساكن إيواء لضحايا الزلازل والتسونامي، وفي الصورة بيوت صنعها شيغيرو بان في تركيا من الورق ومنازل أخري في الهند
المهندس المعماري الياباني شيغيرو يستخدم الورق في تصميم مساكن إيواء لضحايا الزلازل والتسونامي، وفي الصورة بيوت صنعها شيغيرو بان في تركيا من الورق ومنازل أخري في الهند

يشتهر المهندس المعماري الياباني شيغيرو بان، بأعماله التي تتسم بالتواضع لأنه يحب استخدام الورق في البناء. ومن المثير للعجب مدى قوة هذه المادة الخام حين يتم لفها في كتل.


ومن جانب آخر يبني شيغيرو، الذي يدير مكاتب في ثلاث قارات تعمل في تصميم المتاحف والمصانع والمنازل، أماكن إيواء لضحايا الكوارث الطبيعية والكوارث التي يتسبب فيها الإنسان.

ويقوم بهذا العمل على المستوى العالمي منذ عام 1995 عندما صمم منازل للطوارئ يتكون الأساس التي تبنى عليه من صناديق الجعة وجدران من الأنابيب الورقية للناجين من زلزال كوبي. وفي عام 1999 قام بتشييد نماذج خيام من الأعمدة الورقية لمخيم للاجئين أثناء فترة ما بعد حرب الإبادة في رواندا.

ويعد منزل المدرسة الصغير ذو الإطار الورقي الذي أقامه في تشنغدو في الصين بعد زلزال 2008 الذي ضرب مقاطعة سيشوان نموذجا لموهبة هذا المهندس المعماري في المزج بين الشاعرية والفائدة العملية.

وقد تم إجراء الحوار التالي من خلال مكالمة هاتفية أثناء وجوده في مكتبه بباريس بعد زلزال الحادي عشر من مارس (آذار) الحالي وتسونامي اليابان. وناقش بان خلال المكالمة خططه لمساعدة الذين أضحوا بلا مأوى في هذا البلد.

بداية أود تقديم خالص عزائي لمصابكم. هل كان لهذه المأساة تأثير مباشر عليك؟
- لحسن الحظ لم يحدث أي مكروه لأسرتي.

أين كنت وقت وقوع الزلزال؟
- في سانت بارث، من أجل مشروع أقوم به على الشاطئ، وذهبت إلى هناك لتفقد موقع العمل. عندما سمعت ما حدث، لم أتخيل أن هذا البحر الجميل يمكن أن يسبب هذا الحجم الهائل من الدمار في اليابان. وكان من المقرر أن ألقي محاضرات في فرانكفورت وبرشلونة لكني فكرت جديا في إلغائها والعودة إلى طوكيو، لكن الناس يريدون أن يسمعوا عما حدث في اليابان وأن يعرفوا ما سأقوم به هناك.

ما هي خططك من أجل مساعدة مئات الآلاف من الناس بأماكن إيواء طارئة؟
- أستعد لعمل فواصل بسيطة لتوزيع الأسر على أماكن الإيواء. في مثل هذه الكوارث، يتم تهجير الناس إلى أماكن مسقوفة مثل صالات الألعاب الرياضية، الأمر الذي يكون ملائما في الأيام الأولى، لكن بعد ذلك تبدأ معاناة أخرى للناس سببها افتقادهم للخصوصية. وبطبيعة الحال يستغرق نقلهم إلى منازل مؤقتة تابعة للحكومة بضعة أشهر.

هل تعني بالفواصل الجدران؟
- لا، هي فقط إطار مصنوع من أنابيب ورقية تفصل بينها ستائر من الكانفا. يفتح الناس الستائر خلال فترة النهار ويسدلونها عند النوم أو في حالة وجود أطفال وتحتاج الأم إلى بعض الخصوصية. إن من السهل تجميعها وتفكيكها.

هل للخصوصية مكانة خاصة في الثقافة اليابانية؟
- الشعب الياباني يهتم بالخصوصية بقدر أقل من الغربيين، لكنني لا أتحدث عما يحتاج إليه اليابانيون. إنه أمر شخصي، فعلى الناس أن يتمتعوا بالمرونة ليتمكنوا من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم.

ما مدى التقدم الذي حققته في هذا الصدد؟
- أنا وطاقم العمل الذي يتعاون معي وطلبتي في الماضي أعددنا المواد اللازمة للبناء في طوكيو. وكانت عملية جمع التبرعات قد بدأت منذ فترة، ونسعى الآن إلى نقطة الانطلاق. فقد بنينا نموذجا في مكان الإيواء في مدينة كانوما أطلعنا عليه السلطات وللاجئين في 24 مارس ونتمنى تشييده على أرض الواقع قريبا.

ما المبلغ الذي استطعت أن تجمعه حتى الآن؟
- نحو 30 ألف دولار. وهو كاف لبداية المشروع.

هل توافق على بناء الحكومة لمنازل مؤقتة للنازحين؟ هل يمكن إدخال تحسينات عليها؟
- بالطبع يمكن من خلال عمل تصميمات داخلية وتنظيم للموقع، لكن الأمر الهام هو السرعة. على الحكومة بناء عدد كبير من المنازل في فترة قصيرة.

ستكون هناك كمية لا تحصى من التحسينات، كذلك لا توجد أراضي فضاء كافية. محاولات الحكومة جارية بإزالة الركام من المناطق المدمرة بدلا من البناء فوق الأرض. لكن مع الأسف، يجب تشييد المنازل خارج نطاق المنطقة التي كان يسكن بها المتضررون من الزلزال والتسونامي.

تبدو السرعة في اتخاذ الخطوات أمرا مطمئنا؟
- تتعافى اليابان من الكارثة سريعا. أعمل في إيطاليا منذ عامين بعد زلزال لاكويلا، ولازال وسط المدينة مغلق تماما ولم يحدث أي شيء إلى حد الآن.

من المقرر أن تفتتح الشهر المقبل قاعة حفلات مشيدة من المواد التي تشتهر باستخدامها مثل الورق في لاكويلا لجمع تبرعات من أجل إعادة الإعمار. هل يسير ذلك المشروع بحسب الجدول الزمني؟
- لقد أصدرت تعليمات لطاقم العمل القائم على هذا المشروع بضرورة إتمامه بسرعة، ووافقوا على الإسراع بإتمام المشروع. وتنظم السفارة اليابانية في روما حفل الافتتاح الذي يقوم بالعزف فيه موسيقيون يابانيون في أوركسترا إيطالية، في رغبة ليكون هذا بمثابة رسالة تشجيعية وتحفيزية من إيطاليا إلى اليابان.

كاترينا وموجات التسونامي وهايتي.. في كل مرة تحدث فيها كارثة طبيعية من تلك الكوارث يقدم المصممون أفكارا مبدعة خاصة بتصميمات لمساكن الإيواء لكنها لا تطبق أبدا. لماذا؟
- لسنا بحاجة إلى أفكار إبداعية، بل فقط تشييد مساكن عادية بطريقة سهلة وسريعة. فالمنزل هو المنزل في كل الأحوال.

هل مطلوب أن يتم وضع الكثير ممن فقدوا منازلهم من العجائز في الاعتبار عند عمل تجهيزات المنازل؟ فقد قال بعض ممن فقدوا منازلهم إنه ليس لديهم الطاقة لإعادة البناء.
- المسألة ليست مسألة طاقة، لكنها تتعلق بمدى الدعم المالي الذي يمكن للحكومة أن تقدمه لهم. أنا متشائم هذه المرة بسبب عدد الذين فقدوا منازلهم. لكن هناك بدائل عن الاعتماد الكلي على الحكومات في عمليات إعادة الإعمار وهو المبادرات الفردية مثل مبادرة منظمة «ميك إت رايت» للنجم الأميركي براد بيت التي اشتركت بها.

عندما يحين وقت إعادة البناء، هل سيكون هناك حاجة إلى نوع جديد من العمارة؟
- ليس من العسير جعل أي مبنى أقوى، فالمباني اليابانية التي شُيدت بعد عام 1981 استطاعت الصمود في مواجهة الزلزال، لكن الصعب هو الاستعداد لموجات التسونامي.

ينبغي أن يكون هناك نوع من التخطيط العمراني مثل تشييد البنايات الخراسانية الضخمة الشاهقة بالقرب من الساحل لحماية المنازل التي وراءها. من الناحية العملية يمكن تهجير الناس إلى أسطح البنايات.

لكن هل تتصور مدى قبح منظر ذلك الجدار الكبير الممتد بطول الساحل؟ على المهندسين المعماريين والمخططون العمرانيين تصميم بناء مقاوم لموجات التسونامي ذي مظهر جميل من أجل خلق مشهد رائع يسر الناظر.

هل ستكون من ضمن هؤلاء؟
- هناك الكثير من المهندسين المعماريين الأكفاء في اليابان الذين يبحثون عن وظيفة. أنا فقط أقوم بما لا يستطيع غيري من المهندسين المعماريين أن يقوم به.

أنا على يقين أنه قبل أن نتجاوز هذا الوضع، ستحدث زلازل في دول أخرى وسأذهب إلى أماكن أخرى. لقد وقع زلزال في كرايستشيرش بنيوزلندا الشهر الماضي. إن هذا يحدث كثيرا.