مدرسة ابتدائية بغرف ضيقة في الأرجنتين تتحول على يد زوجين إلى بيت رحب

أضواء بيونس آيرس تجذب عدة جنسيات تضع بصماتها على معمارها
أضواء بيونس آيرس تجذب عدة جنسيات تضع بصماتها على معمارها

القصة التي تحكي كيف عاشت جينيفر ويبستر، منتجة الأفلام الأميركية وزسولت جوهاسز بوداي، وهو معماري مجري ومصمم ديكور الأفلام، في منزل قديم كبير لأحد بارونات السكك الحديدية في الأرجنتين، هي قصة تحكي عن الصدفة والعمل الجاد.


منذ ثماني سنوات، كان الزوجان يعيشان في بودابست، ولكن رحلة إلى مدينة بيونس آيرس أدت بهما إلى إعادة التفكير في حياتهما كليا. تقول ويبستر، البالغة من العمر 42 عاما: «وقعنا في غرام المدينة. وكانت كل الأماكن رائعة ومنعشة تدعونا للاستقرار فيها».

فقد كانت المدينة تتميز بالازدهار، كما كانت تعج بجنسيات من شتى أنحاء العالم وفدت إلى المدينة بسبب رخص تكلفة المعيشة فيها والإحساس بعالميتها.

وأدركت ويبستر أن مدينة بيونس آيرس كانت مكانا مثاليا لفرع شركة «بيونير بروداكشنز»، وهي شركة كانت قد بدأتها في المجر خلال منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي من أجل خدمة صناعة الإعلان المتنامية في أوروبا الشرقية.

وبحلول شهر يونيو (حزيران) 2003، امتلكت شركة «بيونير بروداكشنز» مكتبها الخارجي الأول، وبدأ الزوجان في تقسيم وقتيهما بين مدينة بودابست، حيث كانا يمتلكان شقة، ومدينة بيونس آيرس، حيث اشتريا منزلا صغيرا في منطقة باليرمو سوهو، وهي منطقة حيوية من المدينة.

بعد هذه الخطوة بثلاث سنوات، عندما أصبحت ويبستر حاملا، قرر الزوجان قضاء معظم العام هنا، وشرعا في البحث عن منزل في ضاحية أكثر هدوءا.

واسترعى إعلان منشور على أحد المواقع الإلكترونية عن منزل مبني على نمط الفنون الجميلة في منطقة بليغرانوا، وهي منطقة راقية تحتوي على شوارع محاطة بالأشجار، انتباه ويبستر. وقاد الزوجان سيارتهما إلى المنطقة، وعندما وصلا إليها، أصيبا بالذهول عندما وجدا كنيسة مجرية بالقرب من المنزل.

وقالت ويبستر: «نحن لسنا متدينين بالفعل. ولكننا اعتقدنا أنها كانت مجرد مصادفة رائعة وإشارة جيدة».

وخلال ربيع ذلك العام، اشترى الزوجان منزلا مساحته 8000 قدم مربع، كان قد بني في أول القرن العشرين على يد مسؤول تنفيذي إنجليزي بهيئة السكك الحديدية مقابل مبلغ يصل إلى نحو 300000 دولار أميركي. وقالت ويبستر: «كان المنزل رائعا بسبب المساحة والسعر».

ولم يكن من قبيل المفاجأة أن المنزل كان يحتاج إلى عملية تجديد كاملة. فقد ظل شاغرا لمدة عقد من الزمن، وفي فترة معينة من تاريخه، تم تحويله إلى مدرسة ابتدائية، لذا كان مليئا بتقسيمات قبيحة مع الكثير من الحمامات الضيقة.

وعلى الرغم من أن المالكين الجديدين كانا خبيرين في مجال الترميم والتجديدات، فإن حجم المشروع وقوته وما سيتكلفه من جهد ووقت، أصابهما بالخوف.

يقول بوداي، البالغ من العمر 45 عاما: «كانت لدينا ميزانية ليست كبيرة، وبالنظر إلى حجم المنزل، كان يتعين علينا أن نكون حذرين جدا»، الوقت أيضا لم يكن متوفرا، لأنهما كانا ينتظران مولودهما الأول في فصل الخريف.

بدأ العمل مباشرة، حيث قام الزوجان بهدم الحوائط وتدمير المبنى بالكامل الموجود خلف العقار من أجل إخلاء مكان للحديقة وحمام السباحة. وقالت ويبستر: «لقد كانت عملية تجديد شاملة ومكثفة جدا». ما زاد من حجمها أنهما أشرفا على كل جانب من جوانب المشروع معا.

وبعد ستة أشهر من العمل وإنفاق مبلغ يقدر بـ200000 دولار، أصبح من الصعب التعرف على المبنى القديم، على الأقل من الداخل. فقد اختفت الممرات الضيقة والغرف الصغيرة، وحلت مكانها مساحات رحبة مليئة بالضوء.

وضعت في الطابق الثاني غرفتي النوم المخصصتين للأطفال، رغم أن صوفي (4 أعوام) وفيليكس (3 أعوام) لا يزالان يشتركان في غرفة نوم واحدة، إلى جانب غرفة نوم مخصصة للضيوف وجناح رئيسي. وفي الطابق الأرضي، يوجد مطبخ مساحته 540 قدما مكعبا يطل على الحديقة من خلال حائط مليء بالنوافذ.

وعلى الجانب الآخر من المنزل، كان هناك باب منزلق مصنوع من الصفائح المعدنية يفتح على مكتب، حيث كان هناك سقف قديم قائم على أعمدة صدئة لم يتم تغطيته خلال عملية إعادة البناء. واختار الزوجان تركه على هذا النحو، حسبما ذكر بوداي، لأن «أي شيء حديث جدا يمكن أن يكون باردا جدا».

وهناك شيء متبقٍّ آخر من بداية القرن العشرين لم يطاوعهما قلباهما على تغييره، وهو صالة الدخول، حيث تم تجديد السلم مع أعمدته المصنوعة من الحديد المطاوع، برفقة القوالب المعمارية حتى يبقى ضوء السماء الأصلي. كما أعيدت الواجهة الأمامية المصنوعة من الجص إلى شكلها وبريقها السابق. ويتميز القبو الضخم بأنه خال في الغالب، باستثناء غرفة مدبرة المنزل ومكان للتخزين واستوديو كان بوداي يصمم فيه الديكورات الخارجية لمشروع في المجر.

ويقول بوداي، الذي نشأ في نظام شيوعي فرض قيودا على السفر، إن العيش والعمل في منطقتين مختلفتين من الكرة الأرضية يرتبط بمواجهة تحديات خاصة، ولكنه يستحق التجربة، مضيفا أن «هذه هي المرة الأولى التي أعيش فيها في دولة أخرى. ولم أكن أتخيل هذا الوضع على الإطلاق».