نظرة الفرنسيين لتصاميم الأزياء الأميركية تغيرت .. وأصبحوا يرونها في غاية الأناقة

الطابع الأميركي يغزو مركز الأزياء الفرنسي في العاصمة باريس، فشعبية العلامات التجارية الأميركية مرتبطة بتحول الأذواق في مجال الأطعمة
الطابع الأميركي يغزو مركز الأزياء الفرنسي في العاصمة باريس، فشعبية العلامات التجارية الأميركية مرتبطة بتحول الأذواق في مجال الأطعمة

أضاف مايكل كورس اسمه إلى قائمة العلامات التجارية الأميركية التي انتشرت خلال السنوات الأخيرة في شارع سان أونر الذي يعد المقصد الأول للباحثين عن الأناقة في باريس.


واسم مايكل الحقيقي هو كارل أندرسون. و«كورس» المقام على مساحة 7 آلاف قدم ليس من المتاجر الضخمة فحجمه لا يزيد على قسم الحقائب في متجر «أيرميز» الجديد على الضفة الجنوبية من نهر السين.

من الناحية الرمزية، يثير افتتاح متجر كورس هنا اهتماما كبيرا، فهو واحد من ضمن 175 متجرا مستقلا حول العالم، لأنه يستند إلى اهتمام الفرنسيين بكل ما هو أميركي.

ويتزامن الافتتاح مع احتفال «كورس» بالذكرى الثلاثين لتأسيسه. وللاحتفال تم تكريم المصمم في منزل السفير الأميركي، تشارلز ريفكين في حفل كوكتيل وعشاء أقامه السفير وزوجته سوزان تالسون.

وحضر الحفل مجموعة متألقة من نجوم الأزياء منهم آنا وينتور وأندريه ليون تالي وجنيفر هدسون وزو سالدانا. وكذلك أضفى حضور مجموعة أخرى بريقا للحفل مثل جون سمولز وكارمن كاس، عارضة الأزياء التي تروج لمنتجات «كورس» منذ فترة طويلة، وهيلاري رودا وأريزونا ميوز، حيث قدموا مثالا على النظرة التي عمل مصمم الأزياء على جعلها نموذجية لثلاثة عقود وأقام عليها حياته المهنية مثل بعض من زملائه المصممين.

اعتادت سي زيد غيست، الشخصية الاجتماعية البارزة القول إن رالف لورين مدين لها بنسبة من أرباحه لأن شهرته اعتمدت على تقليده لنمط الأزياء التي ترتديها.

وغيست أميركية رياضية ذات عظام قوية وجبهة قاسية وتتميز بنوع أميركي من الأناقة غير الصريحة. ويمثل شارع سان أونر منتصف الطريق فيما يتعلق بالسلع الفاخرة من أزياء كالتي ترتديها غيست وأشباهها الأكثر شعبية والتي تتسرب سرا. ويلقي متجر «أيرميز» التحية على «تومي هيلفيغر» ويقع «كورس» في آخر الشارع من جهة «لانفان».

وعلى الضفة الجنوبية من نهر السين يوجد متجر تجزئة «رالف لاورين» الجديد الذي يمثل عالم الطبقة العليا الخيالي الذي أسس بفضله المصمم شركة رأسمالها مليار دولار.

المقر مصمم على طراز نوادي مدينة بوسطن الأميركية أو قصر من قصور الساحل الشمالي في الولايات المتحدة، بحيث يمكن أن يكون مقرا لسفارة ثانية للولايات المتحدة.

وفي الموقع الآخر للمحلات الفاخرة في الشانزليزيه سيفتتح «ابركرومبي آند فيتش» متجرا ضخما بدأ الإعداد له قبل ثلاثة أعوام. وقد تم إرسال مذكرات إلى موظفي المبيعات الذين جرى اختيارهم بمواصفات عارضي الأزياء والمرشحين للعمل بتجديد سيرتهم الذاتية وإجراء تدريبات رياضية للحفاظ على لياقتهم.

ومن المقرر ألا تكون أي من المنتجات التي ستعرض في هذه المتاجر الأميركية من سترات رياضية وسراويل ذات اللون الكاكي وأحذية وشورتات ملونة وقمصان ذات أزرار كاملة فرنسية الطابع.

وقال كين داونينغ، المسؤول عن الأزياء في «نيمان ماركوس» يوم الاثنين الماضي قبل عرض ستيلا مكارثي الذي أقيم في قاعة مذهبة في قصر غارنييه: «توجد العلامات التجارية الأوروبية في الولايات المتحدة منذ سنوات.

فمثلما يريد الأميركيون أن يصبحوا متأنقين، يريد الأوروبيون تجربة النمط الرياضي غير الرسمي في الأزياء. إن كل ذلك جزء من إضفاء الطابع غير الرسمي على عالم الموضة والأزياء».

وتتضح الأذواق المختلفة التي تشمل الأزياء المتواضعة والأنيقة والمتحفظة التي قدمها الكثير من المصممين خلال أسابيع الموضة الأخيرة في نيويورك وميلان وباريس. وبعد شهر من تصفيفات الشعر والأربطة والخدع والمؤثرات والمنصات الخطيرة، يبدو حزام بسيط على هيئة شريط رفيع وسروال قطني بخصر مرتفع رائع.

ويقول داونينغ: «هذه الأزياء البسيطة ذات طابع شبابي وهناك هوس عالمي بالشباب. تمنحك هذه الأزياء مثل السترات الضخمة وأحذية (ألدين) مظهرا أكثر شبابا».

ليس من الغريب إذن أن يتبنى الفرنسيون أنفسهم وجهة نظر مختلفة عن الاستعمار المضاد وتأثيره المحتمل على أنماط السلوك الوجودي السائد.

وتقول إيمانويل ألت، رئيسة تحرير الطبعة الفرنسية من مجلة «فوغ»: «إن الملابس البسيطة المتواضعة ليست في الحقيقة كما نراها. لدى رالف لاورين تأثير قوي هنا، فهو يمثل علامة تجارية يعرفها الجميع».

لكن إيمانويل التي ترتدي حاليا سترات عسكرية كانت زي الجيش الأميركي خلال الحرب العالمية الثانية أضافت قائلة: «النظرة الفرنسية مختلفة». لكن الملابس البسيطة المتواضعة لا تعتبر كذلك في فرنسا أو حتى أميركا، فهذا النمط من الأزياء ينظر إليه باعتباره أنيقا للغاية.

وتقول فابيان بارون، مديرة تحرير الطبعة الفرنسية من مجلة «إنترفيو»: «إن هذا النمط سائد هنا منذ مدة طويلة». أي شخص يتجول في ريو سان أونر سيشعر بأن السكان المحليين منغمسون في الأزياء الشبابية الكلاسيكية التي جاءت في «تيك أيفي» أو آثار «دليل الملابس الشبابية الرسمي».

ومن بين الكنزات الضخمة ماركة «كوم ديه غارسون» وسراويل «ريك أوينز» ذات الخصر المتدلي ومنتجات «لانفين ساتين»، يمكنك أن ترى عددا كبيرا من الناس يرتدون أحذية «ألدين» وأحذية ذات رقبة عالية للصحراء وكنزات رياضية تحمل حروفا وسراويل قصيرة.

تقول فانيسا شوارتز، أستاذة التاريخ وتاريخ الفن والأفلام بجامعة جنوب كاليفورنيا ومؤلفة كتاب «فرنسي للغاية» الذي نشرته جامعة شيكاغو عام 2007: «تتمتع فرنسا وأميركا بعلاقات جيدة وذات خصوصية تعود إلى لحظة قيام ثورتيهما. وتحتضن فرنسا العلامات التجارية الأميركية التي تحظى بشهرة عالمية في مجال الموضة لأنهم يدركون أن إقامة هذه العلاقة تجعلهم منفتحين لا منعزلين».

كذلك هناك أمر غريب في تقبل باريس لهذا النمط الأميركي من الأزياء الرياضية. وتقول ستيفاني سولومون، مسؤولة الأزياء في «بلومينغديلز»: «لطالما أحب الفرنسيون رالف لكنهم يميلون إلى إضفاء الطابع الرومانسي على الأزياء الأميركية بطريقة غريبة. أزياء رعاة البقر والأزياء الهندية التي نراها مبتذلة، يرونها هم في غاية الأناقة».

وتفضل ستيفاني اتباع خطوط الأزياء الفرنسية التي تتسم بالحشمة مثل التنورة ذات الكسرات والأحذية ذات الكعب الذي يصل ارتفاعه إلى خمس بوصات.

وتفسر ستيفاني الاهتمام الفرنسي بالمنتجات الأميركية الرثة من تصميم «فيلسون» و«إل إل بين» و«بيندليتون» و«هيلفيغر» و«لاورين» و«بروكس» و«كورس» وشعبية تلك العلامات التجارية بتحولات الأذواق في عالم الأطعمة. وقالت «فجأة يتغير مزاج الناس ويطلبون فطيرة التفاح بدلا من التورتة».