قسائم الإنترنت .. تشكل حافزا نفسيا قبل كل شيء وتوفر حسومات كبيرة في المبيعات

قد تعتقد أن المقال التالي يتعلق بـ«جروبون» (Groupon.com)، وهو موقع على الشبكة تقوم قسائمه بتوفير ما بين 50% إلى 90% من الأعمال والصفقات والمشتريات المحلية. إلا أنه ليس كذلك، بل هو يتعلق بعلم النفس.


يقوم هذا الموقع يوميا بتقديم قسائم خاصة بالحسومات الكبيرة على المشتريات المحلية في منطقتك. فقد تكون هنالك قسيمة بـ25 دولارا توفر لك إجراء عملية إصلاح لدراجتك الهوائية التي تكلف عادة 50 دولارا، أو قسيمة بـ40 دولارا لإجراء عملية دلك للجسم تكلف 90 دولارا، وهكذا دواليك.

مواقع مغرية
ولا يجري توزيع هذه القسائم، ما لم يقُم حشد من الناس، 50 منهم على الأقل على سبيل المثال، بالموافقة على شرائها. ولا يمكن لأصحاب محلات البيع تحمل مثل هذه الحسومات، ما لم تكن هنالك فائدة معينة لهم. وهكذا، إذا لم يعبر عدد كافٍ من الأشخاص عن رغبتهم بهذه الصفقة فإنها تموت تلقائيا.

«غروبون» إذن عملية مربحة، فإنك توفر بها مبالغ طائلة، كما أن أصحاب الأعمال المحلية يكسبون عن طريقها عددا كبيرا من الزبائن في فترة قصيرة، من دون القيام بأي جهد تسويقي.

وعلى الرغم من أن «غروبون» مثلا تجمع نصف المال المطلوب من هذه القسائم، فإنها تصبح مربحة بعد سبعة أشهر فقط. وهذه الفكرة، أو الأسلوب، على الإنترنت كانت قد جربت في السابق مرارا ونجحت جميعها. وأصبح الحديث عن «غروبون» فجأة حاضرا في كل المنتديات، في عناوين الصحف، و«فيس بوك»، ومآدب العشاء.

وتقول الشركة إنها تعمل في 175 مدينة في أميركا الشمالية، و500 في ما وراء البحار. وينضوي في عضويتها 54 مليون شخص، ووفرت حتى الآن 1.6 مليار دولار. وفي الحقيقة تعتبر «غروبون» أسرع شركة على الشبكة حققت نموا في التاريخ، فقد بلغت قيمتها 1.5 مليار دولار خلال 18 شهرا فقط.

أسلوب الجذب النفسي
وفي الواقع أنا لا أستطيع فهم هذا الأمر الكبير بالنسبة إلى «غروبون»، وفهم نجوميتها، في الوقت الذي تعمل الكثير من المؤسسات المنافسة لها من دون الإعلان عن ذاتها. الجواب ممارسة علم النفس بشكل ذكي.

أولا يحاول موظفو مبيعات «غروبون» عقد صفقات تناسب سكان كل مدينة. فإذا كان الأمر يتعلق بمدينة سان فرانسيسكو مثلا، فإنك تحصل على عروض سياحية، وممارسة ألعاب مائية، ودروس في الطيران.

أما بالنسبة إلى مدينة نيويورك فهنالك الحسومات الخاصة بحفلات الموسيقى، والمسارح، والمطاعم. وفي مدن أخرى هنالك عروض خاصة بعمليات تجميل النساء، وحمامات الساونا وغيرها.

وفي ضواحي كونتيكيت حيث أعيش، شاهدت عروضا بـ10 دولارات لوجبات طعام في مطاعم إيطالية تكلف الواحدة منها 20 دولارا. كذلك هنالك عروض لتنظيف الثياب والملابس على البخار. ويمكن أن تتم بعض العروض عن طريق تطبيق «غروبون» المجاني على هواتف «آي فون» و«أندرويد».

وفي مخزن للكتب اخترت كتابين بسعر 23 دولارا، وعندما عرضت هاتفي على أمين الصندوق المتمرس في إدخال رموز «غروبون»، كنت الشخص التاسع الذي استفاد من الحسومات في ذلك اليوم، موفرا على جيبي 10 دولارات.

والقسيمة هنا مجدية بالنسبة إلى جميع ما هو متوفر في المخزن، وليس كما هو الحال عادة بإعلانات الحسومات عن نصف الأسعار عندما يختار المخزن أو المحل بضائع محددة ينطبق عليها هذا الأمر فقط. وهنا يأتي العامل النفسي الذي نتحدث عنه، رغم ضرورة توفر عدد أدنى من المشترين لكي تصبح الصفقة ناجزة من أجل حماية مصالح البائع.

شعبية الحسومات
وحتى ندرة مثل هذه الصفقات التي قد لا تكون أكثر من واحدة في اليوم، تضيف عاملا آخر على مشاعرك ونفسيتك، بحيث تشعرك بالاكتفاء الذاتي، وأنك حققت أمرا فريدا لم يحققه غيرك.

وقد يشتكي البعض من أن حملات «غروبون» المغرية هذه قد تجعلك تبتاع وتقتني أشياء لا تحتاج إليها، أو تهتم بها، لكن الملامة لا تقع أبدا على الأخيرة.

ورغم كل ذلك فإن هذا الاتجاه على الإنترنت شرع يتزايد، وبات الكثير من البائعين في كل مكان يقلدون «غروبون»، من أمثال «ليفينغ سوشال» المنتشرة أعمالها في 175 مدينة، مع أفراد منضوين في عضويتها يبلغ عددهم 20 مليونا، الذين وفروا 300 مليون دولار.

وبعض مواقع البيع هذه على الشبكة تقدم لك قسائم وحوافز مالية إضافية لكي تشرك أصدقاءك بمثل هذه العمليات. وهي تشكل عاملا مؤثرا في الأوقات الاقتصادية العصيبة اليوم. وهي لا تشكل أي خطورة مقابل الشعور بالنصر في انك حققت أمرا مقابل لا شيء تقريبا.