تحذيرات من مخاطر مشروبات الطاقة

في ظل التحذيرات واسعة النطاق بشأن حالات الوفاة التي ترتبط بتناول المشروبات التجارية الحاوية على الكحول مع الكافيين، مثل مشروب الشعير «فور لوكو» (Four Loko) بطعم الفواكه، من السهل التغاضي عن المشكلات التي ترتبط بما يعرف باسم مشروبات الطاقة التي نتجت عنها تلك المشروبات.


ولكن عددا من العلماء يشعرون بالقلق إزاء المشروبات التي تحتوي على كميات عالية من الكافيين مثل «ريد بول» (Red Bull) و«روكستار» (Rockstar) و«مونستر» (Monster) و«فول ثروتيل» (Full Throttle)، التي تحظى بشعبية بين المراهقين والبالغين الشبان.

مشروبات الطاقة
وقد دفعت التركيبة الغريبة غالبا للمكونات الموجودة في هذه المشروبات ثلاثة باحثين من مركز العلوم الصحية بجامعة تكساس في مدينة هيوستون وجامعة كوينزلاند في أستراليا لفحص ما هو معروف - وما هو غير معروف - عن محتويات هذه المشروبات، التي تباع إلى جانب المشروبات الغازية والمشروبات الرياضية في المتاجر الكبيرة ومتاجر الأدوية ومواقف الراحة على الطرق السريعة.

وقاد استعراضهم لكل الدراسات المكتوبة باللغة الإنجليزية في المواد العلمية المطبوعة، التي نشرت خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في دورية «مايو كلينيك بروسيدينغز» إلى التساؤل حول فعالية وأمان مشروبات الطاقة.

آثار طويلة الأجل
وأشار الباحثون إلى أنه «تم الإعلان عن أربع حالات موثقة من الوفيات التي ترتبط بتناول مشروبات تحتوي على الكافيين، بالإضافة إلى خمس حالات منفصلة من التشنجات التي ترتبط باستهلاك مشروبات الطاقة». وتتضمن تقارير إضافية إشارة إلى رجل معافى بخلاف ذلك يبلغ من العمر 28 عاما عانى من توقف القلب بعد يوم من المشاركة في سباق للدراجات البخارية؛ ورجل معافى عمره 18 عاما توفي وهو يلعب كرة السلة بعد تناوله لعلبتين من مشروب «ريد بول» وأربع حالات من الهوس التي تعرض لها أفراد معروف عنهم إصابتهم بالاضطراب ثنائي القطب.

وكتب الدكتور جون بي هيغينز وباحثون مشاركون في دورية «مايو جورنال» العلمية أنه بسبب «استهلاك المراهقين والبالغين الشبان، بمن فيهم الرياضيين وغير الرياضيين، لمشروبات الطاقة بمعدل مزعج، فإننا نحتاج إلى تحديد ما إذا كان الاستخدام طويل الأجل لمشروبات الطاقة بواسطة هؤلاء الأفراد سوف يتحول إلى آثار ضارة خلال فترة لاحقة».

وقال الباحث المشارك تروي دي توتيل، وهو باحث في علم النفس الرياضي في جامعة هيوستن خلال مقابلة: «كل الدراسات تقريبا التي أجريت على مشروبات الطاقة شاركت فيها عينات صغيرة الحجم من الأفراد الشبان والمعافين الذين يمكن رؤية الآثار السيئة قصيرة الأجل عليهم».

«ولكن ماذا عن المدى الطويل؟ وماذا عن أمراض الكبد والأمراض القلبية الوعائية ومقاومة الأنسولين ومرض السكري؟ يمكننا أن نتنبأ بشأن الكثير من المشكلات المحتملة، ولكننا لا نعرف فحسب».

وحث توتيل إدارة الغذاء والدواء الأميركية على التدخل وتنظيم هذا السوق، التي تخضع حاليا للقليل من القيود على أنواع وكميات المكونات والدعاوي التي تتم بشأنها.

وقد صنف المنتجون هذه المشروبات على أنها «مكملات غذائية» تعفيهم من التشريعات التي تحكم المشروبات الغازية والعصائر وتسمح للمنتجين بعمل دعاوي «بنائية ووظيفية»، مثل أن هذه المشروبات «تعزز الأداء الرياضي» و«تزيد من حرق السعرات والذكاء العقلي».

وحسب ما وصف توتيل استراتيجية التسويق لمشروبات الطاقة، «فقد أخذت الشركات كأسا من القهوة، أو كأسين أو أكثر من القهوة، وأضافت الكثير من الأشياء البارزة وسوقتها بدفعة ساخنة وحديثة وشائعة للأشخاص الشبان الذين يرغبون في أن يلفتوا الأنظار وهم يسيرون حاملين لعلبة (ريد بول)».

تركيز الكافيين
يمكن لأي فرد شراء هذه المشروبات، حتى الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 11 و12 عاما. وفي بيان أرسل بالبريد الإلكتروني، قالت الجمعية الأميركية للمشروبات إن «معظم شركات مشروبات الطاقة العادية تضع طواعية بيانات على أوعيتها، بما في ذلك تحذيرات بشأن استخدامها من قبل الأشخاص الحساسين لمادة الكافيين»، وقالت المنظمة أيضا إن الكثير من أعضائها تدرج طواعية كمية الكافيين على ملصقات منتجاتها، أو أنها تقدم معلومات عن محتوى الكافيين عبر مواقعها الإلكترونية والخطوط الساخنة للعملاء».

وقال كيفين إيه كلاوسون، أستاذ طب الصيدلة في جامعة نوفا ساوث ستريم بمدينة ويست بالم بيتش في ولاية فلوريدا، الذي استعرض من قبل مسائل الأمان التي تحيط بمشروبات الطاقة إن هواجسه الأساسية كانت «كمية الكافيين، الذي يمكن أن تكون ضارة للأشخاص الذين يعانون من عيوب في القلب والأوعية الدموية موجودة مسبقا، وآثار هذه المشروبات عندما تجتمع مع استهلاك الكحول، وهو ما يمكن أن يترك نتائج كارثية».

وبعدما اتخذت الكثير من الولايات خطوات لحظر مشروب «فور لوكو»، أعادت الشركة المنتجة تركيب المشروب للتخلص من الكافيين ومركبين آخرين وهما «غوارانا» و«تاورين»، ولكن الدكتور كلاوسون قال إنه «من غير الوارد أن يترك هذا الأمر تأثيرا كبيرا على الشبان، الذين سوف يستمرون في الجمع بين استهلاك الكحول مع مشروبات الطاقة.

ويمكن أن تحجب مكونات الكافيين وما يشبه الكافيين في هذه المشروبات كمية السكر، ويمكن أن يزيد هذا من خطر السكر أثناء القيادة أو السلوكيات الخطيرة الأخرى.

ويشعر توتيل، الذي يعمل مع فرق رياضية، بالقلق إزاء تأثيرات مشروبات الطاقة على الأداء الرياضي. وقال: «يقبل الكثير من الأطفال على مشروبات الطاقة بدلا من المشروبات الرياضية، التي تحتوي في معظمها على المياه مع كمية ضئيلة من السكر والمحليات بخلاف مشروبات الطاقة. وتحتوي مشروبات الطاقة على عدد كبير من المكونات، لم يخضع معظمها لأبحاث، خصوصا عندما تستخدم مع مكونات أخرى».

مشروب قوي
وبالنسبة لرياضي يشارك في تمارين رياضية قوية، يمكن أن تضعف الجرعات العالية من السكر في مشروبات الطاقة من امتصاص السوائل وتؤدي إلى حدوث جفاف.

ويمكن أن تحتوي علبة سعتها 16 أونصة، من مشروبات الطاقة على 13 ملعقة من السكر وكمية الكافيين التي يمكن العثور عليها في أربع زجاجات مياه غازية أو أكثر.

وأشار توتيل إلى أن الكافيين، المعروف أنه يحسن من عمل العضلات والأداء، خصوصا في أنشطة التحمل، محظور في الكثير من المنافسات الرياضية. ولهذا، فإن استهلاك أحد مشروبات الطاقة مع اقتراب فعالية رياضية يمكن أن يحرم الرياضي في هذه الفعالية.

مكونات المشروبات
وتشمل المكونات الأخرى التي يتم العثور عليها غالبا في مشروبات الطاقة مواد تورين وغلوكورونولاكتون وفيتامينات بي، الغينسنغ وغوارانا والغينكو بيلوبا والشوك الحليبي.

كما أن إضافة الكحول إلى الخليط، كما كان يفعل بعض المستهلكين حتى قبل ظهور مشروبات مثل «فور لوكو» يمكن أن تكون وصفة لحدوث كارثة. وقد يعتقد الناس أنهم متزنون، تحت تحفيز مشروبات الطاقة، على الرغم من أنهم ليسوا كذلك.

وكان هذا هو مصير دونتي ستولورث، وهو لاعب في فريق كليفلاند بروانز لكرة القدم الأميركية، قتل أحد المارة بسيارته في شهر مارس (آذار) عام 2009 بعد تناول جرعات متعددة من مشروب «تيكويلا» و«ريد بول».

وقال الدكتور كلاوسون: «يتم معاملة الكافيين على أنه مادة منكهة، وليس دواء. ومن غير الوارد أن يواجه الشخص المعافى العادي الذي يستهلك كوبا واحدا من مشروبات الطاقة أي صعوبة».

وأضاف أن الأشخاص الذين تزيد احتمالات تعرضهم لمشكلات هم الرياضيون الذين يتناولون مشروبات الطاقة، والذين يفرطون في استخدام هذه المشروبات والأشخاص الذين يعانون من حالة إصابة ضمنية في القلب.