البدلات والإكسسوارات الرجالية تدخل عالم النساء .. بالقوة

المرأة تتحدى الرجل وتسرق أزيائه في وضح النهار
المرأة تتحدى الرجل وتسرق أزيائه في وضح النهار

مع بداية أي موسم تستعد دور الأزياء العالمية لطرح مجموعاتها الجديدة. وهنا تظهر لكل مصمم ابتكاراته واتجاهاته الخاصة التي وعلى الرغم من كل اختلافها، فإنها تتفق جميعها دائما على مبدأ الإبداع والتجدد.


وقد بدا واضحا خلال هذا الموسم تركيز المصممين العالميين على البدل النسائية التي عادت إلى المنافسة مطيحة بكل قيود الأنوثة التقليدية. فمنصات عروض الأزياء صدمت متابعيها ومترقبيها بتصاميم جديدة منسوجة من عالم ذكوري بمختلف مظاهره وأشكاله.

وأكثر ما لفت أنه وعلى الرغم من سيطرة الطابع الرجولي عليها، فإنها حملت في طياتها ملامح أنثوية ورقي لافت خصوصا من ناحيتي الخياطة والتفصيل وسيطرة الأقمشة التقليدية الخام عليها.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الموضة كانت قد تراجعت إلى الوراء في غياب كان يمكن أن يطول كثيرا، لولا تدخل مجموعة من المصممين المهمين الذين أعطوه قبلة الحياة، ليعود بقوة لا يضاهيها سوى الترحاب الذي قوبلت به من قبل متابعي عالم الأزياء.

فدار «هيرميس» Hermès خصصت حيزا مهما لها وقدمت مجموعة من البدلات التقليدية التي جمعت في طياتها مختلف التفاصيل دون أن تغفل أي عنصر منها؛ بدءا من الأزياء المتناسقة التي تجمع البنطلونات والقمصان والمعاطف إلى رابطات العنق والقبعات.

كما انفردت دار «إيترو» Etro الإيطالية بتقديم بدلات من التويد بأكتاف بارزة منسقة مع أحزمة جلدية يتباين سمكها بين الرفيع والعريض .. واختلف الأمر في دار «شانيل»Chanel التي صممت بدلات كلاسيكية باللون الأسود والأبيض.

أما «جوتشي» Gucci فقدمت للمرأة العاملة مجموعة أكثر حيوية وجرأة وعصرية مما قدمته من قبل. في حين اختار جيورجيو أرماني أن تكون امرأته من وحي الخيال، في بدلات مكونة من تنورات فضفاضة وسترات أنيقة مجددة على الجسم، في «أناقة جديدة تتناسب مع الزمن الحالي» على حد تعبيره.

وطبعا لا يمكن أن تكتمل أناقة المرأة من دون إكسسوارات تكملها، ولهذا لم تغفل معظم دور الأزياء، إن لم نقل كلها، عن طرح كم هائل منها يتلاءم مع هذه الموضة، سواء في ما يتعلق بالأحذية الجلدية التي جاءت بتصميمات كلاسيكية تتناسب وقصات البدلات، بالإضافة إلى حقائب مختلفة الأحجام تميزت جميعها بسيطرة اللون الأسود عليها إلى جانب ألوان غامقة حيادية أخرى. ولعل أكثر ما يلفت، دخول القبعات التي تعكس إيحاءات ذكورية بحتة تذكرنا بالقرون الماضية بأشكال جد تقليدية.

يذكر أن هذه التصميمات المستوحاة من عالم ذكوري بحث، كانت من أهم الصيحات في الثمانينات وأوائل التسعينات؛ إذ اكتسحت الأسواق وارتدتها الشهيرات في كل أنحاء العالم، بما في ذلك العالم العربي، ولعل أكبر مثال على ذلك الإعلامية اللبنانية صونيا بيروتي التي كانت من أوائل من اعتمدن هذه الصيحة إلى حد أنها أصبحت تعرف بهذا الطابع الذي جذب الكثيرين إليها لحد الآن.

ففي الثمانينات، فرضت هذه الموضة نفسها على الجميع وباتت كل سيدة تقتني بدلة أو اثنتين على الأقل لترتديها في مناسباتها الاجتماعية المميزة.

لكن مع عودة موضة الفساتين الضيقة والأسلوب البسيط والنقوشات الفنية وغيرها، بدأت موضة البدلات في التراجع تدريجيا وإن لم تختف تماما من خلال تايوورات أنثوية تحاول سرقة الرجل في وضح النهار، بشكل علني وواضح، مثل ما حصل الآن. فعودتها لم تكن هي المفاجأة الوحيدة، بل أيضا الطريقة التي طرحت بها، التي تبدو فيها المرأة وكأنها استعارت بدلة أخيها أو زوجها من دون أن تدخل عليها أي تغيير سوى نعومة شخصيتها ومظهرها. غني عن القول أن المظهر كان قويا ودراميا، بشكل إيجابي في أوساط الموضة، أما في أرض الواقع، فكان الأمر غير مؤكدا.

لمعرفة رأي الشارع، الذي طرحت له هذه الموضة، أجرت جريدة «الشرق الأوسط» لقاء مع المصمم جاد قطايا الذي اعتبر أن «الحياة العصرية والعملية التي نعيشها يوميا فرضت العودة القوية لهذه الموضة. فالمرأة باتت بحاجة إلى التصاميم المريحة التي تسهل عليها عملها وتظهرها في الوقت نفسه بكامل أناقتها وجاذبيتها.

والدور العالمية والمحلية تحرص في كل موسم على ابتكار كل جديد يلبي احتياجاتها، ومن هنا كانت فكرة التصاميم الذكورية التي لم تقتصر على البنطلونات والجاكيتات فقط، بل حتى على الفساتين والتنورات، رغم أنها أنثوية خالصة، فإنها مطبوعة بهذا الأسلوب.

فلا يمكننا كمصممين أن نتجاهل كليا الغريزة الأنثوية التي تتمتع بها كل سيدة وتفرض عليها لفت الأنظار، ومن هنا كانت فكرة إدخال التصميمات الذكورية، ولو باستخدام الأقمشة أو الإكسسوارات».

وفي ما يخص مدى تقبل مجتمعاتنا العربية لهذه التصاميم، يشير جاد إلى أن المرأة العربية تقليدية بطبعها وقد لا تتقبل أي جديد بسهولة، على عكس المرأة الغربية التي تسعى باستمرار إلى التغيير في مظهرها من دون أي تردد أو تخوف.

ومما لا شك فيه أن هذه التصاميم قد تلقى استغرابا من قبل السيدات في البداية، إلا أنها وبالتأكيد سوف تفرض نفسها لأنها أنيقة من جهة، وبحكم التعود من جهة ثانية.

ويؤكد أن كل شيء جديد يظهر لا يتقبله الجميع بسهولة، وأكبر مثال على ذلك، موضة البنطلونات الضيقة جدا، التي نافست البنطلونات الواسعة، فالجميع يعرف أن عددا لا يستهان به من السيدات لم يتقبلنها في البدء وتم رفضها بالكامل، إلا أن جماليتها وسهولة تنسيقها مع قطع وإكسسوارات أخرى، جعلتها تفرض نفسها على مختلف الأذواق؛ إذ لا يمكن أن نستهين بقوة تعود العين على الشيء. وهكذا الحال مع التصاميم الذكورية. إنها مسألة وقت لا أكثر، وسيعتاد عليها الجميع وستحتل الريادة».

ويضيف قطايا أن «هذه الموضة كانت ومنذ فترات طويلة منتشرة في الغرب، حيث تبنتها معظم سيدات الأعمال لأنها تعكس الراحة والقوة على حد سواء، وبالتالي ستصل إلى مجتمعاتنا، لكن بأي نسبة وبأي شكل هذا هو الذي سنترقبه قريبا، خصوصا مع دخولنا موسم البرد، الذي يحتاج إلى منسوجات وتصاميم تمنح الدفء والقوة.

لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أن أسلوبها الجديد يختلف عن أسلوب الثمانينات والسبعينات من القرن الماضي؛ إذ حملت في طياتها نوعا من التغيير الذي يتلاءم مع عصرنا الحالي ومتطلباته المختلفة.

ومن هنا تنوعت التصاميم بين البنطلونات التقليدية بقصات عادية مع جاكيتات كلاسيكية، وبين بنطلونات واسعة أو تنورات مع معاطف طويلة، في حين غلبت على معظم المجموعات الألوان الداكنة التي تنوعت بين الأسود والرمادي والبني لكي تعكس الدفء والكلاسيكية على حد سواء.

أما من ناحية الأقمشة، فقد عمد معظم المصممين إلى استخدام الأنواع التقليدية الخام بالإضافة إلى قماش التويد، كما هي الحال بالنسبة لدار (شانيل) أو الجلد كما هي الحال بالنسبة لكل من (هيرميس) و(لويفي) وغيرهما. وكان لرابطات العنق حصة كبيرة من هذه الموضة، التي تنوعت تصاميمها أيضا بين العريض والرفيع، بقماش جلدي أو تقليدي خام».

وعلى الرغم من كلاسيكية هذه البدلات، فإن دور الأزياء حرصت على خلق تكامل بينها وبين القطع المنفصلة الأخرى وعلى رأسها المعاطف التي تميزت بدورها بأسلوب التفصيل الرجالي الأنيق، في حين تنوعت قصاتها بين الطويل والقصير على اختلاف الأقمشة والألوان، ما دامت داكنة.