عزيزي صاحب العمل أجب .. لماذا يمثل المكتب أسوأ مكان للعمل؟

يحتاج العاملين وخاصة أصحاب العقول المبدعة إلى فترات طويلة من الوقت بدون أنقطاع من أجل إنجاز المهام
يحتاج العاملين وخاصة أصحاب العقول المبدعة إلى فترات طويلة من الوقت بدون أنقطاع من أجل إنجاز المهام

لتجهيز مكان ما ليصبح مقرا للعمل تنفق الشركات البلايين من الأموال على تأجير المواقع، المكاتب، والأدوات المكتبية حتى يتوفر لموظفيهم مكانا مناسبا للعمل فيه، ومع ذلك عندما تسأل الناس أين يذهبون عندما يكونون بحاجة إلى قضاء عمل ما، فنادرا ما تسمع من أحد أنه ذهب إلى المكتب لتحقيق ذلك.


إذا سألت هذا السؤال ستحصل عادة على رد واحد من ضمن ثلاثة ردود محتملة وهي:
- مكان ما.

- شيء متنقل.

- وقت.

تعني النقاط السابقة أن قضاء أي عمل يتطلب الانتقال إلى مكان ما لإنجازة فمنهم من ينجزه بالمنزل، أو مكتبة ما، أو مطعم قريب من مكان العمل أو في الطابق السفلي له.

أو سيقولون قضينا هذا العمل بالسيارة، على متن قطار أو طائرة بشكل أساسي أثناء التنقل، كذلك يمكن القول بأن العمل تم إنجازه في وقت مبكر من الصباح أو متأخر من الليل أو خلال إجازة نهاية الأسبوع، ولذلك فهم يتخيرون المكان والوقت الذي يخلو من وجود أشخاص محيطين قد يسببون الإزعاج لهم.

ونحن لا نلوم الناس على عدم رغبتهم في قضاء العمل بالمكتب لكننا نلوم المكتب نفسه، حيث يسبب التصميم العصري لمكاتب العمل كثيرا من التشويش والمقاطعة مما يصعب إتمام أو القيام بالعمل بأي شكل من الأشكال.

فعندما تطأ قدم الموظف داخل المكتب، يستبدل يوم العمل مقابل سلسلة من لحظات العمل، أي يكون العمل في لحظات قليلة بينما يمر باقي اليوم هباءا في كماليات تضيع الوقت لدرجة عدم حصوله حتى على 30 دقيقة ليرفه بها عن نفسه أو ليستريح من الضغوط والمهام التي لا تنقطع.

من الكماليات التي تضيع الوقت وتسبب مقاطعة من يعمل وعدم قدرته على أداء عمله بتركيز ما يلي:

1- اللقاءات مع العملاء.

2- المكالمات الهاتفية.

3- دعوة بعضهم إلى مكاتب بعض.

4- دعوة المدير بعض الموظفين إلى مكتبه.

5- مرور المدير على من يعملون.

ونتيجة لهذه المقاطعات يتقلص يوم العمل ويفقد قيمته والهدف المراد تحقيقه، فتضيع خمس عشر دقيقة هنا وثلاثين دقيقة هناك، وخمس عشر دقيقة قبل الغداء ثم عقد اجتماع بعد الظهر.. إلى آخره من إضاعة الوقت، إذن كيف سيتم إنجاز العمل المطلوب إنجازه وبالكفاءة المطلوبة؟

الموظف بحاجة إلى ما يلي:
يحتاج العاملون وخاصة أصحاب العقول المبدعة إلى فترات طويلة من الوقت بدون انقطاع من أجل إنجاز المهام ولتحقيق هذا لن تكفيهم خمس عشر دقيقة، أو ثلاثين دقيقة ولا حتى ساعة كاملة من العمل المتواصل فهم بحاجة إلى المزيد والمزيد.

هل يمكن أن تخبر نفسك بصراحة متى كانت آخر مرة توفر لديك فيها ثلاث أو أربع ساعات متواصلة لتنجز بها العمل؟

بالطبع لن يكون هذا بالمكتب، مع وجود مكالمة هاتفية، أو مقاطعة أحد زملائك لك ولو على سبيل المرح، أو حضور الاجتماعات، فكلها أشياء تعيق استمرارية العمل الخلاق لأنه يتطلب الوقت الكافي لمنح العقل التفكير العميق حتى يتم تحقيق الأهداف المرجوة.

يقول الخبراء أن كلا من النوم والعمل بينهما علاقات مشتركة، لكن ليس المقصود هنا أن ننام أثناء وقت العمل أو نعمل أثناء وقت النوم، إنما المقصود هو أن لكل منهما تأثيرا واضحا على الآخر، لذا يجب أن تعطي كل منهما حقه وقداسته فلا يطغى جانب على الجانب الآخر، فعند ذهابك للعمل احرص على أن يكون هدفك الوحيد هو إنجاز العمل، وعند ذهابك إلى النوم لابد أن يكون هدفك وتركيزك للنوم فقط.

هيا بنا نستعرض ما يحدث لنا أثناء الذهاب للنوم أو للعمل:
عندما تضع رأسك على الوسادة لتبدأ النوم لا يحدث هذا ببساطة لأنك تمر بمراحل عدة ليتأهب الجسم ويسكن العقل ويبدأ النوم الحقيقي، وعلى سبيل المثال حين أذهب للنوم يبدأ عقلي في سرد كل ما حدث في العمل من مشكلات ومهام سواء ما تم أو ما سيتم إنجازه في اليوم القادم، وكأن العقل كان مقيدا طوال يوم العمل وتم إطلاق سراحه بمجرد استرخائه على الوسادة وبعدها تفشل أول محاولة للنوم ونبدأ الكرة مرة أخرى وهكذا دواليك.

نفس الشيء يحدث عند الذهاب للعمل، فأنت ببساطة لا تجلس على مكتبك وتبدأ عملك على نحو فعال، ولإصلاح هذا عليك القيام ببعض الخطوات:

- إعادة ترتيب أفكارك وأولوياتك.

- توجيه قدراتك للعمل الفعال.

- منح نفسك بعض الوقت المناسب.

- تصفية ذهنك عند التوجه للعمل أو للنوم أو غير ذلك من الأهداف الحياتية.

- التركيز الفعلي على ما تريد تحقيقه.

ولا أعتقد أنك ستحصل على النوم الهاديء إذا تخللته بعض الأشياء الدخيلة طوال الليل، إذن كيف نتوقع من العاملين قضاء يوم عمل فعال إذا كان هناك ما يؤدي لمقاطعتهم خلال انجازهم لأعمالهم؟

هل يوجد حل لهذه المشكلة أم أنها طوق يصعب التحرر منه؟

بالطبع لكل مشكلة حل، فتوجد الكثير من الأشياء التي يمكنك القيام بها لتقليل فرص المقاطعة خلال العمل ومنح العاملين مساحات أكبر من الوقت لتنفيذه وهذا يتوقف على صاحب العمل فهو الشخص المفوض لإصدار القرارات.

1- يوم من العمل في صمت:
عليك أن تبادر أنت ومن معك في العمل باتخاذ قرار فعال وهو الاتفاق فيما بينكم لتحديد يوم من العمل الصامت بحيث يؤدي كل فرد عمله وكأنه وحده بالمكتب، ولن تصدق مدى فاعلية وكفاءة هذا القرار، ويمكن أن يكون هذا اليوم الخميس من كل أسبوع، وستجد كم العمل الذي تم إنجازه وقارنه مع ما أنجزت باقي أيام الأسبوع لتجد الفرق.

2- التعامل مع فريق العمل بشكل غير مباشر:
دعنا نكون أكثر واقعية حيث نجد أنك لا يمكنك تجنب المقاطعات التي تقابلها خلال وجودك بالعمل، فلا تستطيع منع أحد من مناداتك باسمك، أو قرع باب مكتبك أو من يوقفك في ردهة المكتب أو الشركة وحتى لو حاولت سوف تصاب بتشتيت الأفكار.

لذلك بدلا من التواصل المباشر وجها لوجه مع زملائك أو مديرك بالعمل وهو ما يسميه الخبراء بالتواصل النشط  يمكنك اللجوء إلى أساليب أخرى للتواصل بطرق غير مباشرة لها القدرة على تحقيق نفس الأهداف لكن بدون آثار جانبية تؤثر على فاعلية العمل وتسبب تقليص قدره ومن أمثلتها ما يلي:

- استخدام البريد الإلكتروني.

- طرق المراسلة الفورية.

- برامج تعاونية عن طريق أجهزة الكمبيوتر.

هذه الطرق مناسبة جدا فإذا لم يكن لدى العامل الوقت أو في حالة من التركيز على مهمة ما يمكنه ترك الرسائل جانبا لفترة أو تأجيلها حتى ينهي ما بدأ به وبعد ذلك يقوم بفتح تلك الرسائل وتقديم الرد المطلوب، بينما لا يمكنه عمل ذلك إذا قام أحد بطرق باب مكتبه على سبيل المثال.

3- إلغاء الاجتماعات الغير ضرورية:
ألغ الاجتماع التالي أو ببساطة لا تحضره، ولا يقترح الخبراء هنا أن تقاطع جميع الاجتماعات، إنما الحد منها حتى تستمر مسيرة العمل بدون تعثر، وستكتشف أن ما كنت تنوي مناقشته مع البعض الآخر من فريق العمل سيتحقق بطريقة أخرى وغير مباشرة.

ستلاحظ أيضا أنك اكتسبت بهذا ساعة من الوقت يمكنك قضائها في القيام بأشياء أكثر أهمية، وكذلك الحال بالنسبة لفريق العمل الذي قد أجلت الاجتماع به، وبمجرد إدراك صاحب العمل أن الاجتماعات الكثيرة ليست بالشيء الضروري الذي كان يعتقده سيؤمن أنها شيء ثانوي بعد أن كانت بالنسبة له من الأساسيات فيما سبق.وهذا كله من أجل استمرار التقدم والانتاج المثمر لكل من صاحب العمل وفريق العمل والمجتمع ككل.