منزل في بيروت .. يمزج القديم بالعصري ليقف مميزا بين الانقاض

اشترطت قوانين تخطيط المناطق داخل الحي، وهو حاليا منطقة راقية يطلق عليها «قرية الصيفي»، أن يحافظا على التفاصيل العربية التقليدية في واجهة المبنى، بما في ذلك القناطر وصفوف الأعمدة
اشترطت قوانين تخطيط المناطق داخل الحي، وهو حاليا منطقة راقية يطلق عليها «قرية الصيفي»، أن يحافظا على التفاصيل العربية التقليدية في واجهة المبنى، بما في ذلك القناطر وصفوف الأعمدة

عندما وقعت عينا لينا الشماع لأول مرة على منزل داخل المدينة سيصبح منزلها، كان عبارة عن مكان خرب لا يزال يحمل آثار طلقات الرصاص والدمار. كان المنزل يقع في الخط الأخضر السابق، وهو شارع كان يقسم بين الجانبين المسلم والمسيحي داخل بيروت خلال الحرب الأهلية في الفترة من 1975 إلى 1990.


وقالت الشماع، وهي مصممة حلي تبلغ من العمر 50 عاما، بينما كانت تحتسي قهوة الاسبريسو في غرفة المعيشة داخل منزلها الصخري المقام على مساحة 10000 قدم مربع: «كان عبارة عن كومة من الأنقاض»، واستطردت قائلة: «عندما زرت المكان لأول مرة» قبل عشرة أعوام «كانت هناك أبواب محطمة، وقيل لي إن الزيارة يجب ألا تستغرق أكثر من 15 دقيقة فقط».

وكان المنزل المكون من ثلاثة طوابق مقسما إلى أربع شقق، وتعتقد أنه كان يستخدم كمكان مشبوه لبنات الهوى.

ولكن رأت الشماع وزوجها نمير قرطاس، وهو مقاول عقارات يبلغ من العمر 59 عاما، أن المنزل، الذي ترتفع أسقفه قرابة 15 قدما، يعتبر فرصة جيدة لترميمه وتجديده. وبالفعل قاما بشرائه في عام 2000 مقابل مليوني دولار، بحسب ما ذكرته الشماع. وفي عام 2007 بدآ عملية ترميم تكلفت 3 ملايين دولار واستغرقت عاما ونصف العام بعدما رممت البنية التحتية المحيطة وهدأ اللغط السياسي.

وبعد الانتهاء من ذلك، انتقلت الشماع مع زوجها إلى المنزل المكون من 19 غرفة و4 غرف نوم مع ابنتهما سارة ميشيل التي تبلغ من العمر عشرة أعوام، بالإضافة إلى خادمتين.

قبل أن يبدآ عملية الترميم، اشترطت قوانين تخطيط المناطق داخل الحي، وهو حاليا منطقة راقية يطلق عليها «قرية الصيفي»، أن يحافظا على التفاصيل العربية التقليدية في واجهة المبنى، بما في ذلك القناطر وصفوف الأعمدة.

تفتح غرفة نوم الضيوف، وهي واحدة من أربع غرف نوم بالمنزل، على فناء خارجي صغير ولكن من أجل إضفاء طابع عصري على ذلك، قام المهندس المعماري يوسف حيدر بوضع قطع من الزجاج الملون على أحد أطر النوافذ الضخمة المصممة على شكل حدوة حصان للإشارة إلى رسوم الفنان الهولندي بيت موندريان.

وتقول الشماع: «يعرف كل من في الخارج أنه يوجد تحول عصري داخل هذا المنزل». أما فيما يتعلق بالداخل، فلم يكن لدى الزوجين أي نية لإنشاء منزل شرق أوسطي تقليدي.

تقول الشماع، التي حصلت على درجة علمية في الهندسة المعمارية من الجامعة الأميركية في بيروت: «أشعر بالضيق من الناس الذين يحاولون شراء منازل قديمة وإعادة تجهيزها على غرار المنازل القديمة!.. من الرائع أن يكون هناك شيء قديم في الخارج وشيء عصري في الداخل».

واتفقت مع المهندس حيدر على أنهما يجب أن يزيلا الحوائط التي تفصل الشقق الأربع من أجل خلق مساحة داخلية واسعة. وفي أرجاء المنزل، قاموا بوضع أبواب من الأرضية إلى السقف مصنوعة من خشب أشجار الزيتون والماهوغاني وفافونا من تاجر خشب من منطقة بحيرة كومو بإيطاليا.

وتم الحفاظ على الألوان كي تكون محايدة مما يساعد على توفير خلفية لخيارات الأسرة من الأثاث الحديث والفن المعاصر.

وتوضح الشماع ذلك قائلة: «حوائط بيضاء وأرضيات وستائر رمادية.. عندما تذهب إلى متحف تجد أن الحوائط غير ملونة».

وفي غرفة المعيشة، وضعت أريكة بيضاء من منتجات فرانك لايود رايت بجانب تمثال زجاجي ملون من إنتاج فينيني، أحد أشهر منتجي المنتجات الزجاجية بمدينةتبلغ تكلفة المطبخ الكبير 85000 دولار، وتم تصميم الأثاث من جانب «بوفي» فينيسيا الإيطالية.

وتوجد على الحوائط رسوم خاصة بالفنان الكنغولي غاتين مابونغا. ومن التحف القليلة الموجودة بالمنزل أيضا، ثريا مصنوعة من الزجاج تعود إلى أواخر العهد العثماني معلقة فوق مقاعد معدنية من تصميم المصمم المعروف رون أراد.

وتستمتع الشماع بالوقت الذي تقضيه في المنزل، وبإقامة الدعوات، لكنها غير كافية بالنسبة إليها، حيث تقول: «في بعض الأشهر قد لا أتناول الغداء في المنزل سوى مرة واحدة أو مرتين في الأسبوع، مع أني أتمنى أن أتناوله كل يوم هنا».

بمناسبة يوم ميلادها الخمسين، دعت ما يزيد على مائة ضيف إلى حفل كبير، تقول الشماع إنه «كانت هناك أضواء ديسكو وآلات لإطلاق فقاعات في الهواء.

لقد احتفلنا كالمجانين واستمر هذا الحفل حتى الثانية صباحا.. فقد كان كل شيء في البيت مرحا ودافئا يغري الضيوف بالبقاء فيه لمدة أطول».