الهند .. تسهل الأجراءات القانونية لتأجير الأرحام

بعد أن أصبحت تقود العالم في «سياحة الخصوبة» التي تدر عليها أكثر من 500 مليون دولار سنويا، حيث تكلف العملية في مجملها قرابة 23 ألف دولار وهي أقل من خمس التكاليف داخل الولايات المتحدة مع تلقي الأم المؤج
بعد أن أصبحت تقود العالم في «سياحة الخصوبة» التي تدر عليها أكثر من 500 مليون دولار سنويا، حيث تكلف العملية في مجملها قرابة 23 ألف دولار وهي أقل من خمس التكاليف داخل الولايات المتحدة مع تلقي الأم المؤج

تعكف الهند على مناقشة قانون ينظم عمليات تأجير أرحام للأزواج العاجزين عن الإنجاب وذلك بهدف جعل الإجراءات قانونية وخالية من المشكلات بالنسبة للهنود والأجانب، على حد سواء، ممن يبحثون عن أمهات يقمن بالحمل.


وتأجير الأرحام عبارة عن ترتيب توافق بمقتضاه امرأة على أن تحمل وتلد طفلا لطرف متعاقد. وربما تكون الأم الجينية للطفل أو لا، حيث تحمل الجنين وتضعه بعد اكتماله في أعقاب زرع هذا الجنين في أحشائها.

على مدار العقد الماضي، تحولت الهند إلى واحدة من أبرز البلاد النشطة بمجال تأجير الأرحام، بل وأطلق البعض عليها «عاصمة تأجير الأرحام عالميا» مع وصول قيمة نشاط «سياحة الخصوبة» إلى أكثر من 500 مليون دولار سنويا.

ويرجع نجاح هذه العمليات في الهند بدرجة كبيرة إلى التقدم التقني لمستشفيات التخصيب في الهند، وتوافر متخصصين على درجة كبيرة من المهارات بهذا المجال وتقبل المجتمع لفكرة تأجير الأرحام وانخفاض تكاليف تأجيرها. وأدت جميع هذه العوامل إلى تحقيق معدلات نجاح مرتفعة في عمليات التأجير.

طبقا للقانون المقترح أمام البرلمان الهندي، فوضت الحكومة بنك معلومات لـ«التقنيات المساعدة على الإنجاب» بالاحتفاظ بقاعدة بيانات للسيدات المستعدات لتأجير أرحامهن، بجانب تاريخهن الطبي. وسيجري اعتماد هذه البنوك - الخاصة والحكومية - من جانب مجالس الإدارات الطبية بالولايات.

ومن شأن القانون الجديد ضمان السماح للمرأة التي تؤجر رحمها بالوضع خمس مرات، بما في ذلك أطفالها. وينص القانون على أنه «لن يسمح لامرأة أقل من 21 عاما وأكبر من 35 عاما بالعمل كأم تؤجر رحمها في ظل هذا القانون».

وسيجري السماح للأم التي تؤجر رحمها بالحصول على تعويض نقدي من الزوجين أو الشخص الساعي لتأجير رحمها.

وينص مشروع القانون على ضرورة موافقة الزوجين - سواء يربطهما زواج رسمي أم لا - قبل اللجوء إلى الاستعانة بالتقنيات المساعدة على الإنجاب.

ويعتبر الطفل المولود لامرأة غير متزوجة طفلها الشرعي، وكذلك الحال مع الأب غير المتزوج.

ويقترح القانون قواعد صارمة أمام الأجانب الباحثين عن أمهات يؤجرن أرحامهن، ويفرض على الأزواج الأجانب تقديم شهادتين - تفيد أولهما بسياسة بلدهما حيال تأجير الأرحام، بينما تعلن الثانية أن الطفل المولود سيحصل على جنسية بلادهما.

ويعمد القانون الجديد إلى ضمان أن لا يجري تطبيق اتفاقات تأجير الأرحام إلا إذا كان الوالدان المستأجران للرحم في وضع يمكنهما من اصطحاب الطفل إلى بلادهما ومنحه جنسيتهما التي كان سيحصل عليها تلقائيا حال إنجابهما له بصورة طبيعية.

تأتي القوانين الجديدة المقترحة في أعقاب شكوك واجهها الأطفال المولودون عبر عمليات تأجير أرحام في كثير من الحالات التي سلطت عليها وسائل الإعلام.

على سبيل المثال، وجد مانجي، وهو طفل لأبوين يابانيين، نفسه محط نزاع قانوني على الجنسية فور مولده لأم هندية أجرت رحمها لوالديه.

إلا أنه قبل أن يولد الطفل، انفصل الزوجان، وأبدت الزوجة عدم استعدادها لقبول الطفل. وبالمثل، تخلت الأم التي أجرت رحمها لحمل مانجي عنه.

وفي ظل غياب قوانين واضحة تنظم عمليات تأجير الأرحام، ظل وضع الجنسية الخاص بمانجي غير واضح.

وعلى الرغم من مطالبة والد مانجي بحق حضانته، فإن القانون الهندي لا يجيز ذلك. في النهاية، منحت محكمة هندية عليا حق حضانة الطفل إلى جدته إيميكو يامادا، 74 عاما.

وينص القانون الجديد على أنه حال انفصال زوجين، مرتبطين بعقد زواج أو لا، أو طلاقهما قبل مولد الطفل، لكن بعد تقديمهما موافقة باستخدام التقنيات المساعدة للإنجاب، سيصبح الطفل ابنا شرعيا لهما.

وفي حالة أخرى وجد زوجان ألمانيان (التوأمان اللذان ولدا عبر عملية تأجير رحم) نفسيهما في ورطة كبرى، لأن ألمانيا لا تعترف بتأجير الأرحام كسبيل للأبوة أو الأمومة.

على امتداد عامين كاملين، عاش التوأم في مدينة جيبور الهندية كفردين من دون مواطنة.

وبدأت مصاعبهما عندما رفضت الحكومة الهندية الاعتراف بهما كمواطنين هنديين، مبررة ذلك بأنها لا تمنح الجنسية للطفل المولود لأب وأم أجانب عبر رحم مستأجر لامرأة هندية.

وأخيرا، أسدل الستار على هذه المعركة القانونية التي دارت رحاها لعامين بتدخل المحكمة العليا في مايو (أيار) الماضي، حيث تمكن الطفلان من السفر إلى ألمانيا.

وفي حديث موجه لوسائل الإعلام المحلية، قالت المحكمة العليا «لا يسعنا سوى أن نتمنى لهما الحظ الطيب». 

إلا أنها شددت مجددا في الوقت ذاته على الحاجة الملحة لفرض تشريع ينظم واحدة من أسرع الصناعات الهندية نموا.

ولا يزال مصير توأم فرنسي ولد من رحم مستأجر لأم هندية من مومباي معلقا أمام القضاء الفرنسي. ويواجه الأب صعوبة في العودة بالتوأم إلى وطنه نظرا لعدم اعتراف القانون الفرنسي بعمليات تأجير الأرحام.

تأتي هذه القضية بعد شهر واحد فقط من حرمان أب إسرائيلي من اصطحاب توأم له إلى بلاده. وظل الأب الإسرائيلي عالقا في مومباي لثلاثة شهور قبل حصول توأمه، إيتاي وليرون، على جوازي سفر مع تخفيف الحكومة الإسرائيلية من حدة موقفها إزاء القضية.

الملاحظ أن مئات السياح يتدفقون على الهند سنويا لاستئجار أرحام سيدات لصالح أطفالهم. وتحولت الهند إلى قبلة عالمية في عمليات تأجير الأرحام. عام 2002، قننت البلاد العمليات التجارية لتأجير الأرحام في محاولة لتنشيط «السياحة الطبية»، وهو قطاع يتوقع اتحاد الصناعة الهندي أن تصل عائداته إلى 2.3 مليار دولار بحلول عام 2012. الملاحظ أن الأمهات الهنديات المستعدات لتأجير أرحامهن متوافرات ومنخفضات التكلفة.

تكلف العملية في مجملها قرابة 23 ألف دولار - أقل من خمس التكاليف داخل الولايات المتحدة - مع تلقي الأم المؤجرة لرحمها عادة نحو 7.500 دولار في صورة أقساط.

في هذا السياق، أعرب دكتور آر. إس. شارما، نائب المدير العام للمجلس الهندي للأبحاث الطبية وأحد أعضاء اللجنة التي تولت صياغة مشروع القانون، عن اعتقاده بأن «هناك حاجة لخلق مسافة آمنة بين المستشفى والأم المؤجرة لرحمها لتجنب الممارسات غير الأخلاقية».

وقال الدكتور نيانات باتل الذي يدير مستشفى يعمل بهذا المجال في غوجارات: «إننا نضل الطريق عندما تختفي القوانين، لكن على المعنيين بصياغة القوانين أن يتذكروا أن عليهم الاهتمام بالمستشفيات أيضا». يذكر أن باتل سبق له الظهور في برنامج أوبرا وينفري الشهير.

ينص القانون المقترح أيضا على أن شهادة الميلاد للطفل المولود عبر رحم مستأجر المقدمة من جانب الحكومة الهندية ستحمل اسمي الوالدين اللذين فوضا باستئجار الرحم فحسب.

وفي محاولة للحيلولة دون تعرض الطفل لسوء المعاملة، تدرس الحكومة أيضا إقرار بنود تنص على ضرورة أن يكون أحد الوالدين على الأقل هو المتبرع بالبويضات أو الحيوانات المنوية، وهو مطلب يقوم على فرضية أن الصلة البيولوجية بين الأبوين والطفل المولد عبر رحم مستأجر ستحد من احتمالات تعرضه لمعاملة سيئة.