في 3 مزادات متتالية دار «سوذبي» تقدم كنوز الإرث الأرستقراطي

المزادات تضم أرائك ماري أنطوانيت وإناء فضيا نادرا ولوحة لتيرنر، إناء البارون رابيه الثالث لدى عرضه في مقر دار «سوذبي» بلندن وبعض القطع المعروضة ضمن مزاد «روعة فينيسيا» وطاولة مصنوعة من خشب الورد مرصعة
المزادات تضم أرائك ماري أنطوانيت وإناء فضيا نادرا ولوحة لتيرنر، إناء البارون رابيه الثالث لدى عرضه في مقر دار «سوذبي» بلندن وبعض القطع المعروضة ضمن مزاد «روعة فينيسيا» وطاولة مصنوعة من خشب الورد مرصعة

يعترف ماريو تافيلا نائب رئيس دار «سوذبي» في أوروبا بأن إقامة مزاد «كنوز الإرث الأرستقراطي» الذي يعقد في مقر الدار غدا الثلاثاء 6 يوليو كان بمثابة رحلة للبحث عن الكنوز المخبأة لدى ملاك التحف الأثرية في العالم.


الرحلة المثيرة، التي أثمرت نتائجها المرجوة على الأقل برأي الخبير العالمي، بدأت بفكرة إقامة مزاد يضم قطعا نادرة في العالم. ويقول مستطردا: «الكنز في عالمي هو شيء يتمتع بما هو أكثر من الجمال والقيمة والندرة وتواريه عن الأنظار ليتعداه إلى كونه يحكي قصة أسرة».

ويشير إلى أن هناك عدة عوامل حكمت اختيار القطع المعروضة في هذا المزاد، منها أن تكون في حوزة مالك أرستقراطي، وإما على الأقل كانت على مر سنينها ضمن أملاك أحد أفراد الطبقة الارستقراطية في أوروبا.

ولهذا يرى تافيلا أن القطع الـ21 المعروضة تمثل كنوزا بكل ما تحويه الكلمة من معنى. ويشير تافيلا إلى أنه اختار أن يعرض قطع المزاد بطريقة متحفية وحرص على إضافة الملصقات بجوار كل قطعة لتروي تاريخها وأهميتها.

احدى تلك القطع، ولعلها الأهم بحكم تقدير الخبراء، قطعة تقبع في دار «سوذبي» بوسط لندن تتوسط في جلال باقي معروضات المزاد.

القطعة حرص العاملون على تلميعها وإعادة البريق إليها قبل توافد المعاينين ومحبي القطع الأثرية لرؤيتها، وهي عبارة عن وعاء فضي ضخم يصل وزنه إلى 80 كيلوغراما أو «وزن رجل» حسب ما قال جون كولم خبير الفضيات في الدار، والشخص الذي يشير إليه الآخرون باعتباره المرجع حول الكنز الأبرز في المزاد.

يشير كولم إلى أن الوعاء الفضي يعتبر نادرا جدا رغم أن هناك نحو 26 قطعة أخرى مشابهة له موجودة في أنحاء العالم، بعضها معروض للعامة في المتاحف والبعض الآخر ضمن مجموعات خاصة.

ويشير إلى أن الإناء ظل في عائلة واحدة ولم يعرض من قبل في الأسواق الفنية، ويؤكد أن العثور على الإناء كان يعد بمثابة المفاجأة للخبراء، حيث لم يعرف أحد عن وجوده في ما عدا العائلة المالكة له.

الإناء تم تشكيله من قطعة ضخمة من الفضة الخالصة واستغرق صنعه 7 شهور بحسب قول كولم، في عملية معقدة شارك فيها على الأقل 10 أشخاص.

وحسب النشرة المرفقة مع كتيب المزاد فإن الإناء الذي دخل سوق المزادات قبل 50 عاما يعد من الأواني الإنجليزية القليلة التي تعود إلى أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، واختفى عن أي سجلات تؤصل له منذ عام 1722.

والإناء في ما يبدو له سحر خاص، فروي عن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل وصفه للإناء بأنه «شامخ وأنيق»، بينما يقول كولم إنه خلال عمله لدى الدار على مدى 45 عاما لم يصادف قطعة في جمال هذا الإناء أو جودة صنعه.

قصة الإناء تعود إلى عام 1706 عندما عين اللورد رابيه سفيرا فوق العادة في بلاط ملك بروسيا في برلين، وقامت الملكة آن، ملكة بريطانيا، جريا على عادتها مع السفراء بمنح اللورد رابيه تعويضا يعرف بـ«تعويض الذهب والفضة»، وهو خاص بسفراء الملكة، تمنحه لهم ليكونوا محط انبهار الجميع.

وكان التعويض الذي ناله اللورد رابيه 5893 أونصة من الفضة الخالصة وجدت طريقها إلى ورشة فيليب روس، أحد أشهر الصاغة المعروفين في لندن في ذلك الوقت.

ويحمل الإناء شعار النبالة الخاص بالملكة آن. وتتوقع الدار للإناء سعرا تقديريا يتراوح ما بين 1.5 إلى مليوني جنيه إسترليني.

وإلى جانب الإناء النجم توجد طاولة مصنوعة من خشب الورد مرصعة بالعاج الذي يشكل أفرعا متشابكة من فروع وأوراق شجرة البلوط. ويعود استخدام شجر البلوط إلى خاتم عائلة ديلاريفيري الذي يحمل شجرة بلوط في منتصفه.

ويشير ماريو تافيبل إلى أن الطاولة قد تكون صنعت بناء على طلب الدوق أوربينو لإهدائه إلى ابنة عمه بمناسبة زواجهما، كما يشير إلى أن الطاولة التي تبدو بحالة جيدة يمكن طيها، وتوجد علامات على ذلك، وهو ما يرجعه إلى أن اللورد وزوجته اعتادا على نقل قطع المفروشات الهامة لديهما لدى تنقلهما من قصر إلى آخر.

تقدر الدار للطاولة سعرا تقديرا يتراوح ما بين 500 ألف إلى مليون جنيه إسترليني.

وتضم القطع المعروضة الأخرى مجموعة من الأرائك الملكية صنعت خصيصا للملكة ماري أنطوانيت، ووضعت في صالة الألعاب في قصر كمبلين.

جزء من طقم من 64 قطعة صنعت بناء على طلب ماري أنطوانيت لتوضع في حجرة الألعاب في قلعتها، ثم نقلت بعد ذلك إلى قصر فونتون بل الذي استخدمه نابليون بونابرت.

وتتراوح القيمة التقديرية لها بين 150 ألفا و250 ألف جنيه إسترليني.

ويوجد ضمن المعروضات أيضا مكتب سكرتاريا يقدر بـ600 ألف إلى مليون جنيه إسترليني، ويشير تافيلا إلى وجود قطعة مشابهة لها في قلعة ويندسور، وهي ملك للملكة إليزابيث الثانية.

ويشير تافيلا إلى مزهريتين ذهبيتين ضخمتين في القاعة، ويشير إلى أنهما مصنوعتان من البورسلين وتم طلاؤهما بالذهب بطريقة جعلتهما يبدوان وكأنما صنعتا من البرونز، وتحمل كل منهما رسما يحاكي إحدى اللوحات الكلاسيكية الشهيرة.

ويعود أصل المزهريتين إلى القيصر نيكولا الأول (1825 - 1855)، الذي قام بإهدائهما إلى ابنته الدوقة أولغا نيكوليفنا.

المزهريات بهذا الحجم عادة كانت تصنع بناء على طلب من القيصر لإهدائهما إلى المقربين منه. ويشير تافيلا إلى أن القطعتين تعود ملكيتهما الحالية إلى إحدى العائلات الأرستقراطية في ألمانيا.

ومن معروضات مزاد «كنوز الإرث الارستقراطي» إلى معروضات مزاد آخر يحمل عبقا خاصا، فهو يعرض مجموعة من مفروشات أحد القصور في فينيسيا.

المزاد الذي يقام تحت عنوان «روعة فينيسيا» يوم الثلاثاء أيضا، ويشير تافيلا إلى أن المجموعة تعود إلى عائلة واحدة في فينيسيا.

وبعد وفاة الزوج قررت الزوجة عرض مفروشات القصر للبيع.

ويشار إلى أن القطع المعروضة من مقاعد وأرائك ولوحات لا تزال بحالة جيدة وتنضح بالفخامة والثراء.

وكان لطريقة العرض التي اختارها تافيلا وفريق الخبراء في الدار أكبر الأثر في عرضها بطريقة أقرب لطريقة وضعها في القصر، فمن يدلف إلى الحجرة الرئيسية التي وضعت فيها أهم قطع المزاد يشعر كما لو أنه يزور قاعة في أحد القصور الفخمة.

وتتميز أيضا من خلال المجموعة كمية المرايا التي تعرض، سواء كانت منفصلة أو ملحقة بقطع أخرى، فهناك دائما انعكاس للضوء يصدر من قطع المرايا المتناثرة، ويشير تافيلا إلى أن المرايا تعكس تأثير المياه والطبيعة في فينيسيا، المدينة العائمة.

ضمن مزاد «سوذبي» للوحات كبار الرسامين «روما الحديثة» رائعة الفنان تيرنر
في مزاد لاحق يقام يوم الأربعاء 7 يوليو تقدم «سوذبي» لوحة نادرة للفنان البريطاني تيرنر، وتعد من باكورة اللوحات البريطانية، ويعود تاريخ رسمها إلى 1839، وهو ما يجعلها من أهم اللوحات التي عرضت للفنان في مزاد، وتقدر لها الدار سعرا تقديرا يتراوح ما بين 12 و18 مليون جنيه إسترليني.

ويقول ديفيد مورغويان نائب ريس «سوذبي» والخبير الأول في بواكير اللوحات الفنية البريطانية: «تعتبر هذه اللوحة الذروة في أعمال تيرنر، وأقوى اللوحات التي تناولت مدينة روما تأثيرا على الإطلاق، فهي تضم كل شيء: نبض الحياة، التفاصيل المثيرة، والحالة الجيدة»، والأخيرة يرجعها الخبير إلى أن المالك الحالي للوحة وضعها خلف إطار من الزجاج كان كافيا لحمايتها من التأثر بالعوامل الخارجية.

ويضيف الخبير أن اللوحة تعد من أعمال تيرنر القليلة التي تعد على أصابع اليد الواحدة، يملكها أفراد عاديون.