الجزء الثاني من فيلم «سيكس آند ذي سيتي» .. غير واقعي للموضة

 فيلم «سيكس آند ذي سيتي» .. نهاية قصة أنيقة وتسويق مباشر وغير واقعي للموضة
فيلم «سيكس آند ذي سيتي» .. نهاية قصة أنيقة وتسويق مباشر وغير واقعي للموضة

ما من شك أن السلسلة التلفزيونية «سيكس آند ذي سيتي» كانت من أنجح المسلسلات تسويقا للموضة، بدليل أن أسماء اشتهرت من ورائها، مثل مصمم الأحذية مانولو بلانيك، وآخرين.


انتهت السلسلة في عام 2004 وأصيبت ملايين النساء بحالة من الحزن الذي تطور إلى هيستيريا.

فقد خرجت الكثيرات منهن في طوابير على أمل شراء قطعة أزياء أو إكسسوارات من تلك التي ظهرت بها البطلات بعد أن طرحت للبيع.

ويعود نجاح السلسلة إلى وصفة بسيطة تسلط الضوء على حميمية طبعت علاقة أربع صديقات، كل واحدة بشخصية وميول وهوايات واهتمامات وأسلوب موضة مختلف، مما جعل هؤلاء الملايين من النساء يدمن إياها.

فهذه العلاقة الرباعية أعطت الأمل بأن الصداقة في عصر العولمة ممكنة، كما يمكنها أن تتحدى إيقاع الحياة السريع بمادياته ومتطلباته.

وأجمل ما فيها أن يشعر المرء بالقدرة على البوح بمكنونات قلبه للآخر، بغض النظر عن اختلاف الشخصية والأهواء.

لكن يبقى أهم عنصر أو بطل شد المرأة في السلسلة، الأزياء، إذ إن كل حلقة كانت بمثابة عرض أزياء أسبوعي لا يحتاج إلى دعوة خاصة من أي مصمم.

صحيح أنها كانت غريبة وفانتازية في بعض الأحيان، إلا أن طريقة تنسيقها كانت مبهرة، لا يسعك إلا أن تعجب بجرأتها.

هذه الهيستريا شجعت البطلات على القيام بفيلم يحمل العنوان والفكرة نفسهما. لم ينجح الفيلم كثيرا لكنه أيضا لم يخسر، مما شجع على جزء ثان تم تصويره هذه المرة خارج نيويورك التي كانت بطلا من الأبطال المهمين، كون شخصية كاري، التي قامت بها سارة جيسيكا باركر تعيش فيها وتتنفس فيها أيضا.

والنتيجة لم تكن مبهرة بقدر ما خذلت عشاق السلسلة الأصلية والموضة على حد سواء. فقد وقع الفيلم في مطب استغلال فكرة ناجحة ومصها إلى العظم.

فبالنسبة للواتي كن يعتبرن السلسلة بوصلة موضة تحدد اتجاهاتها وما سيلبسنه، بغض النظر عن جرأة الألوان والمزج بين الـ«فينتاج» والأسلوب المستقبلي أحيانا، جاء الجزء الثاني باهتا، عبارة عن كليشيهات وكتالوجات جامدة لأزياء غالية الثمن، وترجمة حرفية من دون خيال لبعض عروض الأزياء، مثل عرض جون غاليانو وتحيته لسحر الشرق، وبالذات اللباس العربي، الذي تم اعتماده لأن الفيلم صور في أسواق أبوظبي وفنادقها.

المصممة باتريشيا فيلد، التي كانت وراء اختيار كل أزياء السلسلة والفيلم بجزءيه، وحصدت عدة جوائز سابقا، قضت قرابة عاما في البحث عن أزياء مناسبة تعكس تطور شخصيات كل بطلة وحياتها الجديدة، فهن إما تزوجن أو أصبحن أمهات أو وصلن إلى سن اليأس.

وشمل بحثها أسواق دبي، وعروض الأزياء ومحلات الـ«فينتاج» وغيرها لتحصل على توليفة تثير النظر والإعجاب على حد سواء صورت على خلفية الرمال أو أشجار النخيل، لكن رغم جهودها، فقد تكررت الكليشيهات، وكانت الأزياء والإكسسوارات الموقعة بأسماء عالمية هي الغالبة، بالنظر إلى الأحذية العالية جدا أو تسريحات الشعر المبالغ فيها وغيرها. مبالغة غير معقولة رافقها جهل تام بالثقافة العربية، مما جعل بعض اللقطات تبدو مفتعلة وغير مناسبة للمكان أو الزمان، تماما مثل الأزياء.

فقد غابت صورة البطلات اللواتي كن في السلسلة مفعمات بالقوة والفضول والكاريزما، وحلت محلها صورة لأربع سائحات جاهلات بثقافة الغير، وفي أحسن الحالات أربع نساء فقدن الإحساس بالواقع، بما في ذلك أن العالم يمر بأزمة مالية، وأن الأغلبية من المشاهدات لا يستطعن اقتناء بعض هذه الأزياء، فما بال ارتدائها من رؤوسهن إلى أخمص أقدامهن؟ هذه اللامصداقية انعكست على الأزياء، التي جاءت هي الأخرى مفتعلة، وكأن البطلات وجدن أنفسهن تحت ضغط كبير بأن يحافظن على فكرة الفيلم كبوصلة موضة، وكانت النتيجة أزياء غالية وأنيقة في الكثير من الأحيان، مثل الفستان الأبيض الذي ظهرت به «كاري» في اللقطة الأولى وهو من تصميم «هالستون» نسقته مع قلادة من «سولانج أزاغوري بارتريدج»، وحقيبة يد صغيرة من «شانيل» وحذاء من كريستيان لوبوتان، لكنها في العموم تفتقد روح التنسيق المثير بين الغالي والرخيص، الذي كان ميزة السلسلة التلفزيونية وجزءا من شخصية كاري (سارة جيسيكا باركر).

فمن منا لا يتذكر عندما فقدت هذه الأخيرة سلسلة اشترتها من سوق شعبية برخص التراب، وعندما حاول صديقها المليونير الروسي أن يعوضها بأخرى من الماس، لم تشعر بقيمة الماسة الضخمة وظلت تنعي السلسلة التي اشترتها بحب وربطتها بها ذكرى جميلة؟

صحيح أنه كان من الصعب على أي امرأة في كامل قواها العقلية أن تلبس تنورتها المنفوخة بالتول أو بعض إكسسواراتها الضخمة، لكنها مع ذلك كانت مثيرة للنظر وللخيال، وتوحي بأفكار يمكن ترجمتها في الواقع بعد ترويضها والتخفيف منها.

في المقابل، فإن الإحساس الذي يخرج به المشاهد للفيلم الأخير بعيد عن هذه الإيجابية، صحيح أن السنوات والتقدم في العمر، كذلك تغير أوضاعهن الاجتماعية، عوامل كان لا بد أن تؤثر على أسلوبهن، إلا أن الموضة التي روجن لها هنا هي موضة خاصة بامرأة ثرية أولا وأخيرا.

الممثلة كيم كاترال، التي تقوم بدور سامنثا الخمسينية التي تمر الآن بسن اليأس، ردت على التعليقات السلبية بقولها «هناك أشياء كثيرة ستثير المشاهد، إذا لم يجدها في الحبكة فحتما سيجدها في الموضة».

تعليق يؤكد اعتمادا شبه كلي على الموضة لكسب ود المرأة وتحقيق الإيرادات، لكنه ابتعد عن الواقع وصور الحياة وكأنها إجازة طويلة في أماكن ساحرة ومطاعم فاخرة يستعرضن خلالها أزياءهن واكسسواراتهن باهظة الثمن.

موضة تحرك خيوطها المصممة ومنسقة الأزياء باتريشيا فيلد، التي ربما نسيت ما قالته بعد حصولها على جائزة عن السلسلة التلفزيونية بأن من أهم أسباب نجاحها في اختيار ما تلبسه البطلات أنها لم تتبع استراتيجية معينة، وأنها تعلمت مع الوقت أنه «لكي تتحول أي موجة أو صرعة لموضة دارجة يجب أن تتمتع بجاذبية عالمية، سواء تعلق الأمر بوردة أو اسم محفور على قلادة.. بمعنى آخر شيء من السهل أن يتقبله الناس»، وأضافت حينها «أهتم بأن تكون لكل بطلة من البطلات قصة خاصة، ثم ألبسها على هذا الأساس.

وصفتي الناجحة هي أن اختار قطعة من الموسم الحالي، وأنسقها مع قطعة قديمة من عشر سنوات، أمزجهما مع بعض وأوجد أسلوبا خاصا لا يعترف بزمن محدد لكن يتناسب مع شخصية لابسته.. فأنا لست هنا لأسوق للأزياء».

لكن المشكلة في الفيلم أنه فعلا تسويق مباشر للأزياء، لا سيما أن الكثير منها معروض حاليا في المحلات، لأنها من التشكيلات التي عرضت لموسمي الربيع والصيف الحاليين.

أما التنسيق بين الغالي والرخيص الذي كان عنصرا ناجحا من قبل، فقد اختفى تقريبا باستثناء حالات قليلة جديدة.

فاتجاه الموضة حسب كاري وصديقاتها الثلاث هي أن تلبسي أزياء موقعة بأسماء عالمية من رأسك إلى أخمص قدميك.