عالم الصغار ينادي الكبار .. و«جوتشي» تدخل سوق الأطفال قريبا

في السنوات الأخيرة كشفت أرقام المبيعات أن صناعة أزياء الأطفال أصبحت تنافس صناعة الأزياء الرجالية.


ورغم ما يثيره الأمر من دهشة، فإنه ليس غريبا في ظل إقبال المرأة على كل ما هو مترف. وعلى ما يبدو فإنها، حتى في عز الأزمة المالية، لم يتوقف إنعاشها لهذا المجال.

فأطفالها، من جهة، يكبرون بسرعة وبالتالي يحتاجون إلى أزياء تناسب مقاساتهم المتنامية، ومن جهة أخرى فإنها قد تقتر على نفسها لكنها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقتر على أطفالها بكل ما يسر عينها ويسعد قلبها.

وهذا ما تعرفه السوق جيدا، ويرحب به المصممون وبيوت الأزياء التي أصبح معظم يطرح خطا خاصا بالأطفال منذ ولادتهم إلى وصولهم لسن المراهقة.

آخر من التحق بالركب دار «جوتشي» التي أعلنت مصممتها فريدا جيانيني مؤخرا وخلال زيارة عمل إلى سنغافورة أنها ستطلق خطها الجديد في إيطاليا أولا قبل أن توزعه على 40 محلا في كل أنحاء العالم.

خطوة لا يمكن أن تكون اعتباطية، بل العكس، فهي جد ذكية يراد منها كسب ود وولاء الزبونات القديمات، اللواتي بدأن مع الدار كفتيات صغيرات وكبرن معها إلى أن تزوجن وأصبحن أمهات، وبالتالي يردن أن يكون أطفالهن جزءا لا يتجزأ من مظهرهن.

إلى جانب هذا، فإن الدار، مثل غيرها، تتوخى إغواء زبونات جديدة، يدخلن محلاتها من أجل شراء قطع لأطفالهم ولا يخرجن منها وإلا وهن محملات بإكسسوارات أو أزياء خاصة بهن.

فمن الناحية السيكولوجية، إذا شعرت الأم بأنها عثرت على ضالتها بالنسبة لطفلها، وجاء مظهره يريح العين ويسرها، فهي حتما ستقع في الشباك من باب الثقة بقدرات الدار، ومن تم ستعرج إلى القسم الخاص بها لشراء قطع خاصة بها.

ومهما تغيرت الأسباب والأساليب، فإن الكل بات يعرف أن الزمن الذي كان فيه الطفل يكتفي بملابس أخيه الأكبر أو الملابس التي تباع في الأسواق الشعبية وغيرها، ولى، وحل محله زمن لا يعترف سوى بالراقي والغالي لفلذات الأكباد. ولم لا، وهم امتداد لأناقة الأم وانعكاس لأسلوبها؟

معرض «بيتي بيمبو» الذي يقام سنويا في مدينة فلورنسا الإيطالية، أكبر دليل على تغير أحوال السوق والثقافة العامة على حد سواء.

فقد شهد انتعاشا كبيرا في السنوات الأخيرة، وكبرت قائمة المشاركين فيه، سواء من المصممين أو من المشترين من كل أنحاء العالم.

فالمصممون باتوا يدركون أهمية هذه السوق من الناحية التجارية والتسويقية، والمشترون يريدون إرضاء زبائنهم والحفاظ عليهم حتى لا يهجروهم إلى محلات أخرى، والنتيجة أن الكل سعيد.

الأم بحصولها على أزياء تسرها وترضيها، وبيوت الأزياء بانتشارهم وحفاظهم على ولاء زبوناتهم واستقطابهم أخريات من خلال اللعب على نقاط ضعفهن تجاه أطفالهن.

استراتيجية فهمها الكثير قبل «غوتشي»، حيث سبقها إليها كل من «ديور»، «ميس بلومارين»، «أرماني»، جون بول غوتييه، روبرتو كافالي وغيرهم.

ورغم الترحيب العام بالأمر، إلا أنهم من الناحية الإبداعية لم ينسلخوا بعد عن جلدهم، ولا يزال غالبيتهم يقعون في مطب استنساخ ما يطرحونه للمرأة.

الدليل أن كل الاتجاهات التي تم عرضها على منصات عروض ميلانو أو باريس أو نيويورك، من التايور والتوكسيدو، إلى الفستان الأسود المنفوخ بالتول عند التنورة، مرورا بألوان المجوهرات والطبيعة المتفتحة وتنوع الأقمشة، بما فيها الفرو، سجلت حضورها في «بيتي بيمبو».

المشكلة الوحيدة أنها كانت أنيقة بشكل يلجم الألسن ويجعل انتقادها صعبا، حيث اختزلت فيها الفنية والابتكار بالجودة والحرفية، التي ارتبطت بأزياء النساء والتفصيل الرجالي لعقود طويلة.

وما يؤكده المتابعون والمراقبون أن المعرض هذه السنة انتهى بنغمة تفاؤل ووعود بأن خط الأطفال سيلقى اهتماما أكبر لتطويره وتجميله، وبالتالي فإنه مجال سينمو سريعا في السنوات القادمة.

عدد حضوره في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، من العارضين والمشترين على حد سواء، مثلا كان قياسيا بالنظر إلى أن العالم لم يخرج تماما من أزمته المالية، حيث وصل عدد خبراء الشراء إلى 8.750 مقارنة بـ8.600 العام الماضي مع زيادة مبيعات بنسبة 3.5%.