«جريس كيلي .. أيقونة الأناقة» .. معرض يحتفل بها نجمة وعروسا وأميرة

رحلة الشقراء من هوليوود إلى إمارة موناكو
رحلة الشقراء من هوليوود إلى إمارة موناكو

سيستضيف متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بلندن ابتداء من 17 أبريل (نيسان) إلى 26 سبتمبر (أيلول) القادم، معرضا بعنوان «غريس كيلي: أيقونة الأناقة»، يتتبع فيه رحلة هذه الشقراء من نجمة هوليوودية إلى أميرة، من خلال أزيائها واكسسواراتها ومجوهراتها.


وهكذا ستتاح لعشاق الموضة وعشاق هذه النجمة على حد سواء، فرصة اختلاس النظر لمجموعة من الفساتين التي ظهرت بها في عدة مناسبات، بما في ذلك فستان زفافها الشهير، فضلا عن فساتين أخرى تسجل محطات مهمة من حياتها، سواء عندما كانت نجمة شباك من الدرجة الأولى، أو عروس أميرة متوجة لم تهمل واجباتها ولم تبد تذمرها منها، حتى عندما خامرها الحنين إلى التمثيل.

فقد ظلت إلى آخر رمق في حياتها راقية في مظهرها وفي تصرفاتها، الأمر الذي أكسبها حب واحترام شعب موناكو إلى اليوم، وإعجاب الموضة العالمية.

فهي ستبقى دائما في الذاكرة أيقونة موضة أولا وآخرا، بدليل أنها لا تزال ملهمة للكثير من المصممين، بقمصانها البيضاء البسيطة وأحذيتها المنبسطة وتنوراتها المستديرة، وأوشحتها الباريسية الناعمة وقفازاتها الصغيرة وغيرها.

ففي الوقت الذي اشتهرت فيه نجمتا الإغراء مارلين مونرو وبريجيت باردو، مثلا، بالأزياء المثيرة حسيا، فرضت هي أناقة رفيعة المستوى تلعب على الأحاسيس والغرائز لكن بشكل غامض، تماما كما شكله لها المخرج ألفريد هيتشكوك.

وسرعان ما تبين تأثير هذا الأسلوب على ساحة الموضة، إذ إنها ما إن تظهر بزي أو إكسسوار حتى يتحول إلى منتج ساخن تجري وراءه كل أنيقات العالم.

أكبر دليل على هذا أنها عندما ظهرت بحقيبة من تصميم دار «هيرميس» بحجم كبير أرادت به إخفاء حملها عن عدسات الباباراتزي وعيون الفضوليين، تحولت الحقيبة إلى إيقونة من أيقونات الدار، ونفدت من الأسواق.

ولا تزال حقيبة «كيلي» كما تعرف اليوم الدجاجة التي تبيض ذهبا لـ«هيرميس» إلى اليوم. ليس هذا فحسب، بل إن تأثيرها أخيرا تجاوز الماضي ووصل إلى منصات العروض، سواء في تشكيلات إيرديم أو برادا أو «ديور» أو «رالف لوران» أو مارك جايكوبس في تشكيلته الأخيرة لدار «لوي فيتون».

كل هؤلاء وغيرهم قدموا تصميمات مستوحاة من أسلوبها الأنثوي المطبوع بأناقة رفيعة، هذا عدا عن تأثيرها على شاشات التلفزيون، من خلال شخصية بيتي دريبر في مسلسل «ماد مين» (رجال مجانين) التي تبنت أسلوب غريس كيلي الذي يغلب عليه الجاكيت القصير والتنورة المستديرة وأقراط الأذن المصنوعة من اللآلئ، ماركة غرايس المسجلة.

فمما يذكر أن أمير موناكو، رينيه، توجه إلى محل «فان كليف آند أربلز» بنيويورك ليشتري لخطيبته (آنذاك) قطعة مجوهرات مميزة، فأقنعه لويس أربلز بأن بياض اللآلئ يناسب بشرتها أكثر من أي حجر آخر، وهكذا أصبحت جزءا من أسلوبها الخاص.

المعرض الذي سيفتتح أبوابه في متحف «فيكتوريا آند ألبرت» في 17 من شهر أبريل، سينقسم إلى ثلاثة أقسام ترمي لتسليط الضوء على رحلتها من نجمة إلى أميرة.

وهو بمثابة نسخة معدلة من معرض «سنوات غريس كيلي»، الذي أقيم في الأصل في «غريمالدي فورم» بمونت كارلو عام 2007، حيث قضى فريدريك ميتران - نجل شقيق فرنسوا ميتران، الرئيس الفرنسي الأسبق - عامين في وضع تصميم للمعرض، ومن المقرر أن يعرض في «فيكتوريا أند ألبرت» المقتنيات التي وقع عليها اختياره من أرشيف ضم 250 من فساتين كيلي داخل القصر الأميري في موناكو، بجانب مقتنيات أخرى مقترضة من «متحف بالنسياغا» في إسبانيا وجهات خاصة.

لكن الذي لا يجهله أي عارف أنه على الرغم من أن التصميمات الباريسية التي ارتدتها غرايس في فترة حياتها كأميرة أثارت الكثير من الاهتمام والإعجاب، إلا أن سر جاذبيتها وتأثيرها يكمن في التصميمات التي ارتدتها أثناء عملها في هوليوود، وهذا ما سيلمسه زائر المعرض.

فالأزياء التي صممها الراحل أوليغ كاسيني خصيصا لها تضاهي ما صممه لها الراحل كريستيان ديور وغيره، وكان لها دور كبير في الأسلوب الذي اشتهرت به.

كاسيني هو الذي شجعها على إبراز قوامها المثالي، المنتمي للمقاس 10، عبر ملابس أنيقة تعانقه وتبرزه بدلا من إخفائه بداخل ملابس بسيطة ذات طابع محافظ ونظارات سميكة اعتادت ارتداءها خلف الكاميرا.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن كاسيني الذي ولد في فرنسا عام 1913، ارتبط بغرايس عاطفيا، وخطبا لبعض لفترة وجيزة، قبل أن يؤسس داره الخاصة في نيويورك في الستينات، ويشتهر كمصمم لجاكلين كينيدي اوناسيس وغيرها من المخمليات والأرستقراطيات، عمل في الأربعينات من القرن الماضي كمصمم أزياء سينمائية لنجمات هوليوود، وكثيرا ما كان يردد عبارة «لقد ابتكرت المظهر المميز لغريس كيلي».

وفي حديث له مع مجلة «بيبول» وصف أول لقاء جمعه بغرايس كيلي عندما كانت في بداية مشوارها الفني، بقوله: «كانت تبدو أشبه بالمدرسة.. لقد تعمدت إخفاء جمالها لرغبتها في أن يركز الناس على قدراتها كممثلة، لهذا أخبرتها أن بمقدورها تحقيق الأمرين معا، ونصحتها بأن عليها إضفاء لمسة أنثوية حسية أكبر على مظهرها».

رغم دور كاسيني في صياغة الأسلوب العام لمظهرها كما نعرفه اليوم، فإن الفضل في تعزيز هذا الأسلوب يعود إلى ألفريد هيتشكوك.

فمن بين أبرز القطع التي سيضمها المعرض، فستان للمساء من الشيفون الأسود ارتدته في فيلم «رير ويندو» (النافذة الخلفية)، وكان من تصميم إديث هيد، مصممة الملابس ذائعة الصيت في استوديوهات «باراماونت بيكتشرز». هذه الأخيرة تولت تصميم كل ملابس كيلي في أفلام هيتشكوك الأخرى.

وهذا ما أكده دونالد سبوتو في كتابه: «مفتون بالجمال: ألفريد هيتشكوك وسيداته الأوائل» بأن المخرج هيتشكوك بذل جهدا كبيرا لابتكار صورة غرايس كيلي «باعتبارها مزيجا بين الأناقة والإغراء».

وأضاف أن «هيتشكوك اتبع منهجا تحليليا للغاية في تصوره لخزانة ملابسها، حيث حدد أسبابا وراء اختيار كل طراز للملبس».

وكان فستان الساتان ذو اللون الأزرق المخضر الذي صممته لها هيد وظهرت به على البساط الأحمر في حفل افتتاح فيلمها «ذا كانتري غيرل» (الفتاة الريفية)، ثم لدى تسلمها جائزة الأوسكار، وهو الأسلوب الذي شعر هيتشكوك أنه الأمثل لأيقونته الشقراء.

ويمكن القول إن المخرج قام بدور رائد في ظاهرة حقائب يد كيلي التي اشتعلت عام 1954، حين سمح لهيد بشراء إكسسوارات من أجل فيلم «تو كاتش إيه ثيف» (القبض على لص) من دار «هيرميس» في باريس.

بعد عامين، أعادت الدار طرح حقيبة يد صندوقية الشكل سبق وأن طرحتها في الأسواق عام 1938، بعد ما نالت شهرة بعد استخدام كيلي لها لحجب بطنها الممتلئة بسبب الحمل عن أعين المصورين المتطفلين (الباباراتزي). 

ظهرت الصورة في مجلة «لايف» وكانت بمثابة شرارة حمى ارتفاع مبيعات الحقيبة، رغم أن سعر الواحدة بلغ 3.590 جنيه إسترليني.

ومن بين الـ32 تصميما التي أنتجتها دار «هيرميس» لحقائب اليد، لا تزال حقيبة «كيلي» الأعلى مبيعا.

ولأن تغيير النجمة للاستوديو الذي تتعامل معه يعني تغير مصممة الأزياء، فبعد انتقال غرايس لاستوديوهات «مترو غولدن ماير»، تولت هيلين روز، تصميم ملابسها بدلا من إديث هيد.

وكانت هيلين من اختار التصميمات التي ارتدتها النجمة أمام الشاشة وتركت أصداء هائلة، من ملابس السفاري الأنيقة في فيلم «موغامبو»، 1953، وألهمت مجموعة «لا ساحاريين» لإيف سانت لوران في عام 1969، وصولا إلى الفساتين المترفة التي ظهرت بها في فيلم «هاي سوساييتي» (الطبقة المخملية).

فهمت هيلين روز أسلوب النجمة فنجحت في إعطائها مجموعة من أجمل التصميمات، على كل المستويات، فهي التي صممت فستان زفاف غرايس للأمير رينيه، من 25 ياردة من حرير التافتا وشرائط مطرزة بالورود ولآلئ، لا يزال يعتبر من أجمل فساتين الزفاف بعد فستان الراحلة دايانا.

ولا شك أنه سيكون نقطة الجذب في هذا المعرض إلى جانب فساتين أخرى سجلت مراحل مهمة في حياتها.

ويتناول الجزء الأخير من المعرض أزياءها كأميرة، حيث يستعرض كيف تطور مظهرها مع الزمن وبعد اضطلاعها بدور جديد كأميرة لموناكو.

ويضم هذا القسم ملابس من تصميم دور أزياء باريسية ارتدتها في مناسبات رسمية، منها فستان أرجواني من تصميم دار «إيف سانت لوران» ظهرت به في عام 1981 لحضور حفل بالأوبرا الملكية في لندن، حين التقت باللايدي ديانا سبنسر والأمير تشارلز.

وتعكس المجموعة الموجودة في هذا القسم التغييرات الكبرى التي طرأت على الموضة على امتداد عقود الخمسينات والستينات والسبعينات، وتضم ثمانية فساتين من تصميم «كريستيان ديور»، وجاكيتا من «بالنسياغا»، وفستانا من تصميم «إيف سانت لوران» عام 1965 وتايورا من قطعتين من تصميم «كوكو شانيل»، ومجوهرات من «فان كليف» و«أربلز».

هذه الأخيرة أعادت بهذه المناسبة طرح نسخة جديدة من مجموعة «الحمرا» التي كانت قد أطلقتها في الستينات وأهدى الأمير رينيه أميرته قلادة منها في السبعينات.

هذه المجموعة لن تكون حبيسة المعرض، بل ستتوفر للبيع في محلات «هارودز» ومحلات الدار بشارع «بوند ستريت».