فرنسي يملك أكبر وأفضل متجر في العالم لبيع الأجبان

مور يملك أكبر قبو في العالم للجبن في بلد يتناول مواطنوه 350 نوعا من الجبن
مور يملك أكبر قبو في العالم للجبن في بلد يتناول مواطنوه 350 نوعا من الجبن

هل يمكننا أن نفهم الفرنسيين؟! سؤال بسيط أجاب عنه شارل ديغول ذات يوم بسؤال آخر أكثر صعوبة، وبمزيد من التفسير لفهم الفرد الفرنسي للفرنسي الآخر: «كيف يمكن أن نفهم شعبا يأكل 350 نوعا من الجبن؟».


والمواطن الفرنسي العادي الذي يأكل الجبن يوميا بعد نهاية وجبته، سواء كانت الغداء أو العشاء، لا يعرف هذه الأنواع كلها، ومن يحيطون بهذه الأنواع كافة، هم قلة قليلة جدا، على الأغلب.

لكن الأغلبية الساحقة من العوام تتناول على الأكثر ما بين 20 إلى 40 نوعا طيلة الحياة. ونادرا جدا، حتى في فرنسا، وجود متجر يحوي أنواع الجبن الفرنسية كلها.

ذلك الأمر يحتاج إلى خبرة وجلد كبيرين، إضافة إلى إمكانات معرفية جبارة بأنواع الجبن، التي هي في الأساس نتاج ثقافة فرنسية محلية تختص بها وتنتجها في الداخل كل قرية أو مدينة على حدة.

في غرونوبل، المدينة التي تعتبر عاصمة إقليم الألب الفرنسي، التي يحيط بها نهر الإيزير Isère من الجوانب كافة، وتحيط بها قمم الألب الفرنسية أيضا، ثمة متجر لبيع الأجبان الفرنسية يعتبر منذ عام 1989 أكبر متجر لبيع الأجبان في العالم، وأكبر طبق للجبن في العالم، بحسب تصنيف مؤسسة غينيس للأرقام القياسية.

وهو، حتى هذه الفترة، لا يزال يحافظ على هذا التميز الصعب في بلد تعتبر الأجبان جزءا من ثقافته الخاصة والعامة، وجزءا من شهرته العالمية، «فالفرنسي الذي لا يأكل الجبن هو ليس فرنسيا»، على حد قول الأديب الفرنسي الشهير ستاندال، الذي تفخر غرونوبل بأنه أحد أبنائها أيضا.

يتفق مع ستاندال مؤسس متجر «Les Alpages» منذ عام 1983 برنارد مور رافو، ابن المدينة أيضا، الذي يملك خبرة كبيرة في عالم الأجبان ورثها عن والده، الذي كان يعمل في مجال الدراسات الفنية، حيث أكمل برنارد العمل على خطى والده، قبل أن يجره شغفه بالأجبان إلى العمل في هذا المجال الغذائي والثقافي الفرنسي، وذلك بعد 20 عاما على خروجه من المدرسة، وخروجه من الجيش الفرنسي الذي خدم فيه لسنوات عدة.

وعمل على تحديث المؤسسة ورفدها بأنواع الأجبان المحلية كافة، التي تأتي من أنحاء فرنسا. عام 1993، قام بجلب نحو 150 نوعا من الجبن من أنحاء العالم، ليضيفها إلى المجموعة الفرنسية، مما جعله صاحب أكبر تشكيلة أجبان على مستوى العالم قاطبة.

عام 2005، حصل المحل على الجائزة الثالثة في معرض الأطعمة والفندقية في باريس، كصاحب أجمل طبق جبن، حيث صنع سجادة من القش على شكل خريطة فرنسا، ووضع فوقها أصناف الجبن الفرنسية كافة، بحسب موقع إنتاجها.

 أما عام 2007، فقد شهد فوز برنارد في المسابقة العالمية للأجبان التي تشترك في اثنتا عشرة دولة، وحصل فيها على أفضل صانع أجبان في العالم، ليتربع منذ ذلك الوقت على عرش مجد يسعى الكثير من صناع الجبن الفرنسيون والعالميون إلى تحقيقه. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، حصل برنارد على قلادة العلم الفرنسي كأفضل مصنع وتاجر أجبان في فرنسا.

عام 2009، قام برنارد بتأليف كتاب عن الأجبان الفرنسية، يقع في 192 صفحة، يشرح من خلالها سيرته في عالم الأجبان الفرنسية والعالمية، ويقدم 100 وصفة خاصة لصناعة الأجبان، وكيفية تحضيرها منزليا والأطباق التي تحضر منها.

لكنه في الكتاب، إضافة إلى هذا كله، يشرح وبتأنّ وجلد كبيرين رحلته في اكتشاف أكثر من 170 نوعا من الجبن الفرنسية، التي لم تعد تصنع هذه الأيام، تضاف إلى الأصناف الموجود.

فهو قام بتصنيع أحد أنواع الجبن التي كان يتناولها لويس الرابع عشر ملك فرنسا، وبالطريقة نفسها التي كانت تصنع بها في ذلك الوقت. عمل من هذا النوع، يبين مدى الشغف الذي يتملكه ويأخذه عميقا في عالم هذه الصناعة.

وهو يشتري أصناف الجبن الموجودة في متجره، وبخاصة الأصناف التي لا يصنعها، من أماكن صناعتها الأصلية، أي إنه لا يعتمد على المادة التجارية أو الشركات الضخمة التي ترفد السوق المحلية بكميات هائلة من الأجبان، بل يذهب إلى صغار المزارعين بنفسه، ليقف على كيفية التصنيع والكميات التي يريدها.

وإلى ذلك، فهو يملك أكبر قبو في العالم للجبن لتخزين الأجبان، ويمكن تناول بعض أنواع من الجبن مضى على وجودها نحو 20 عاما، وهي مخزنة في قبوه.

تختصر رحلة برنارد مور رافو في معناها، رحلة إنسان شغوف بتراث بلاده المتنوع، رحلة رجل عهد إلى نفسه بأن يتابع سيرة أجداده الأوائل في صناعة منتج أساسي لا غنى لفرنسا عنه بكل ما يعنيه التميز من كلمة.