مطعم «بينز تشيلي بول» في واشنطن يمزج الطعام السريع بالنضال السياسي

مؤسسه مسلم اسمه محبوب بن علي .. وزيارة أوباما وساركوزي زادت شهرته
مؤسسه مسلم اسمه محبوب بن علي .. وزيارة أوباما وساركوزي زادت شهرته

زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لمطعم «بينز تشيلي بول» للوجبات السريعة في العاصمة الأميركية واشنطن بداية عام 2009 جعلت المطعم محطّ أنظار العالم وجعلت الكثير من معجبي أوباما يشيدون بطبيعة أوباما المرحة وعدم التزامه بالتقاليد الرسمية لاختياره «بينز» أول مطعم يزوره بعد انتقاله إلى البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدة.


وبينما جعلت زيارة أوباما شخصيات رفيعة المستوى، آخرها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني، يزورون المطعم، فإن «بينز تشيلي بول» له سمعة واسعة وتاريخ طويل في واشنطن على مدار أكثر من 50 عاما.

وفي أي وقت تذهب إلى «بينز تشيلي بول» تجد العشرات من الزوار في المطعم الصغير الذي لا يجد الزائر عادة كرسيا للجلوس فيه.

ومن يتوجه إلى مطعم «بينز تشيلي بول» في شارع «يو ستريت» للمرة الأولى قد لا يتوقع أنه يدخل مطعما له أهمية خاصة في تاريخ الولايات المتحدة، من الهجرة إلى الدفاع عن حقوق الأميركيين من أصول إفريقية وتطور غناء الجاز.

فلزيارة «بينز تشيلي بول» سببان رئيسيان، أولهما رخص أسعاره وطعامه الشهي على الرغم من دسامته، وثانيهما تاريخ المطعم وإسهامه في تاريخ العاصمة الأميركية.

أولا الطعام، فمطعم «بينز تشيلي» اشتهر بتقديم ساندويتش المقانق (هوت دوغ) بطريقته الخاصة، ومع شوي المقانق «على النص» مما جعله يعرف باسم «شبه مدخَّن» (هالف سموك) والذي يكلف أقل من 6 دولارات.

وقرر المطعم تسمية «هوت دوغ» باسم «بيل كوسبي»، الممثل الأميركي من أصول أفريقية الشهير الذي بدأ يتردد على المطعم في الستينات من القرن الماضي وساعد في شهرته ودعم مالكه.

أما ساندويتش الـ«هامبرغر» فيكلف 4.90 دولار ويعتبر من أفضل الوجبات السريعة في المدينة، بينما «التشيلي» وهو عبارة عن وعاء صغير من اللحمة المفرومة مع البهارات والبصل والفلفل الأخضر.

ومن مزايا بينز أنه يفتح أبوابه من السادسة صباحا حتى الثانية بعد منتصف الليل أيام الأسبوع، أما ليلتا الجمعة والسبت فتستمر ساعات عمله حتى الرابعة فجرا، مما جعل أصحابه يسمونها «ساعاتنا المجنونة».

ويعتبر تاريخ المطعم سببا آخر لزيارته، فيأخذ مطعم «بينز تشيلي بول» اسمه من مالك المطعم ومؤسسه بن الذي كان وجها بشوشا يستقبل الزبائن على مدار السنوات الستين الماضية وحتى وفاته في أكتوبر الماضي.

وقصة بن تزيد من أهمية المطعم، فهو كان مهاجرا مسلما، جاء من جزيرة ترينيداد من جمهورية ترينيداد وتوباغو إلى الولايات المتحدة لإكمال دراسته ليصبح من أشهر مالكي مطاعم واشنطن.

في عام 1945، ترك محبوب بن علي جزيرته وعمره 18 عاما ليبحث عن مغامرة جديدة، وتصف بن عائلته بأنه كان مغامرا ويحب تجربة كل ما هو جديد. وبينما حاول العمل في مجالات عدة، في النهاية كان مطعمه الذي أسسه 1958 مع زوجته فيرجينيا التي بقيت رفيقة دربه أكثر من 51 عاما.

وعلى الرغم من وفاة بن العام الماضي، فإن أبناءه يشرفون على المطعم ويعملون على زيادة نشاطه، خصوصا بعد افتتاح مطعم مجاور للعائلة باسم «نيكست دور» نهاية عام 2008 من أجل توسيع العمل مع ازدياد الطلب عليه.

وقد فتح «بينز تشيلي بول» أبوابه خلال مرحلة حرجة من تاريخ الولايات المتحدة، مع الصراع لتحقيق حقوق الأميركيين من أصول أفريقية.

وكان شارع «يو ستريت» محل توافد الموسيقيين والسياسيين من أصول أفريقية، حيث كانت شخصيات مثل مغنية الجاز إيلا فيتز جيرالد وقائد حركة تحقيق حقوق الأميركيين السود مارتن لوثر كينغ تلتقي في المطعم.

وبعد اغتيال لوثر كينغ عام 1968 واندلاع الاضطرابات في واشنطن، كان مطعم «بينز تشيلي بول» من المحلات والمطاعم القليلة جدا التي أبقت أبوابها مفتوحة وتوافد إليها الناشطون، مما كرّس سمعته في ذاكرة تاريخ النضال للأميركيين من أصول أفريقية، مما جعل زيارة أوباما له تحمل أهمية خاصة لكونه أول رئيس من أصول أفريقية للولايات المتحدة.

ودخل «بينز تشيلي بول» التاريخ مجددا الأسبوع الماضي خلال زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى واشنطن، حيث بدأ أوباما مؤتمره الصحافي مع نظيره الفرنسي بإشادته بزيارة ساركوزي للمطعم.

وفي دليل على العلاقة الحميمة بين القائدين، ونفيا للتقارير التي أشارت إلى التوتر بينهما، خصص الرئيسان تصريحاتهم الأولية للحديث عن «بينز تشيلي بول» وإعجابهما بوجباته السريعة.

وعلى الرغم من أهمية زواره، التزم مطعم «بينز تشيلي بول» بسياسة تقضي بإطعام الممثل بيل كوسبي مجانا دون غيره، ليضاف اسم عائلة أوباما على اللائحة المحددة بداية العام الماضي.