أكتشاف طبي .. التواصل مع فاقدي الوعي باستخدام المسح المغناطيسي للمخ

مكنت أجهزة  الفحص"سكانر"  الانسان  الذي هو في حالة خمود عقلي كامل من التواصل مع العالم الخارجي
مكنت أجهزة الفحص"سكانر" الانسان الذي هو في حالة خمود عقلي كامل من التواصل مع العالم الخارجي

تمكن باحثون في بلجيكا والمملكة المتحدة من التواصل مع مرضى مصابين بفقدان الوعي وذلك باستخدام طريقة جديدة لمسح المخ.


وتمت ملاحظة درجة من اليقظة في ثلاثة مرضى كان قد تم تشخيصهم بهذا المرض.

وأظهرت الدراسة التي نشرت في "مجلة نيو إنجلاند الطبية" أن مسح المخ قد أظهر دلائل على الوعي في مرضى كان يعتقد أنهم في عزلة تامة عن هذا العالم.

ويكون المرضى عادة يقظين أي ليسوا في غيبوبة، إلا أنهم غير واعين بما حولهم بسبب إصابتهم بتلف شديد في المخ.

وتمكن العلماء من قراءة عقل رجل اعتُقد أنه يفتقد أي وعي بعد حادث إصابة في رأسه، ما فتح الباب لأسئلة كثيرة حول ما يعنيه أن يكون الفرد متحسسًا للعالم الخارجي  وكيف يمكن علاج أناس يعيشون حالته.

وضمن هذا السياق تمكن رجل عمره 29 سنة من التواصل مع الباحثين عن طريق  التفكير فقط معهم باعطاء أجوبة "نعم" و"لا" للأسئلة.

علمًا بأن اعتقادًا ظل سائدًا بموت دماغ هذا الشخص منذ خمس سنوات بعد حادث سيارة.

واستخدم الباحثون في مركز "ولفسون" لتصوير المخ في كامبردج طريقة المسح الوظيفي بالرنين المغناطيسي والذي يظهر نشاط المخ على عينة من المرضى والأصحاء.

وطلبوا من المرضى والأصحاء تخيل أنفسهم يلعبون كرة المضرب أثناء خضوعهم للمسح.

ولاحظ الباحثون وجود نشاط في منطقة في قشرة المخ تتعامل مع حركة الإنسان، في جميع المتطوعين وفي أربعة من المرضى.

فباستخدام جهاز "سكانر" متطور خاص بفحص الدماغ تمكن الباحثون من استبيان أنه كان يفكر وأن من الممكن التواصل معه، على الرغم من أنه كان من المستحيل برهنة وجود أي قدر من التواصل عند سريره.

وتحقق هذا التواصل مع العالم الخارجي لأول مرة منذ عام 2003  بالنسبة لهذا الشخص.

وجاء هذا الاكتشاف على يد فريق بريطاني- بلجيكي يقوده أدريان أوين من "مجلس البحوث الطبية" وحدة "علوم الإدراك والدماغ" في جامعة كمبريدج.

وتلقى هذا الفريق الكثير من الإطراء من العاملين في الوسط الطبي في العديد من دول العالم.

فالبروفسور  نيكولاس شيف في علم الأعصاب بكلية ويل كورنيل في نيويورك قال لمراسل صحيفة الاندبندنت اللندنية إن لهذا الابتكار "تطبيقات واسعة جدا" بالنسبة للتدقيق في حالة أولئك الذين يعيشون في حالة تقع ما بين الوعي واللاوعي. وحالما "يتم شرح النتائج المحصّل عليها فسيكون لها تأثير عميق على كل مجالات الطب".

أما كريس فريث بروفسور علم النفس العصبي في جامعة كلية لندن فقال إنه من الصعب تصور "أسوأ من تجربة أن يكون هناك عقل يشتغل لكنه محبوس داخل جسد أنت لا تمتلك أي سيطرة  عليه. نحن الآن نمتلك قدرة متميزة ستمكننا في المستقبل لتقصي حالات المصابين الآخرين الذين يمتلكون الوعي ويمكن التواصل معهم".

ولم يكشف عن هوية الشخص موضع التجربة لكنه منذ إصابته بحادث سيارة عام 2003.

وبعد خروجه من حالة الإغماء في المستشفى فتح عينيه وتبع نظاما طبيعيا من حيث النوم والاستيقاظ لكنه لم يظهر أي وعي بما يحيطه ولم يرد على أي من المحفزات الحسية والبصرية والسمعية لذلك اعتبر بأنه في حالة "نباتية" أي أنه في حالة موت الدماغ.

وهناك آلاف الحالات المماثلة في المملكة المتحدة مثل حال هذا المصاب.

وعلى الرغم من عدم رده للمنبهات فإن الباحثين قرروا الاستمرار في تفحص ما إذا كان  لديه أي درجة من الوعي عن طريق إعطائه تعليمات ومراقبة نشاط دماغه كجزء من دراسة أكبر شملت 55 مصابا يعيشون وضعا مماثلا، ومن بينهم هناك 23  شخصا اعتبروا في حالة "نباتية".

لكن  باستخدام تقنيات جديدة تتضمن استخدام جهاز سكانر جديد اسمه جهاز "تصوير الصدى المغناطيسي" الذي طوره فريق البحث نفسه طلبوا من المصاب أن يتخيل لعبة تنس والمشي في بيت مألوف بالنسبة له.

ثم خططوا نشاط دماغه ردا على الطلبين ثم قارنوها مع أجوبة قدمها أشخاص عاديون بنفس الطريقة فوجدوا أن النتائج تؤكد أنه نفذ ما طلبوه منه.

وفي بلجيكا وجه باحثون في جامعة "لييج" أسئلة إلى مريض أصيب في حادث سيارة قبل سبع سنوات، وحصلوا منه على أجوبة بنعم أو لا باستخدام أفكاره فقط.

وطلب الباحثون من المريض تخيل صور حركية إذا ما أراد الإجابة بنعم، وصور تتعلق بالمكان كالتفكير بالتجول في الشوارع إذا ما أراد الإجابة بلا.

وأجاب المريض إجابات دقيقة عن 5 من 6 أسئلة وجهت إليه حول شخصه وأهله وأحداث مر بها كاسم والده.

ولقيت هذه الدراسة ترحيبا من المختصين، إلا أن البعض يؤكد على ضرورة إجراء مسح أكثر تفصيلا.

وقال الدكتور ستيفن لوريس أحد المشاركين في البحث من جامعة ليج البلجيكية: "حتى الآن هذه الفحوصات هي الطريقة الوحيدة المتوافرة حاليا للتواصل مع هذا المصاب وفي المستقبل نأمل أن نطور هذا التكنيك للسماح بمصابين آخرين كي يعبروا عن مشاعرهم وأفكارهم والتحكم بمحيطهم وتحسين نوعية حياتهم ".