«سيراميك آند مور» محترف فني يلبي شغف مختلف الأعمار في بيروت

«سيراميك آند مور» محترف يجمع الكبار والصغار ويختارونه لحفلات ذكرى الزواج والصغار لأعياد الميلاد


قد يبدو غريبا أو صعبا بعض الشيء أن يجتمع الصغار والكبار في مكان واحد بهدف الترفيه وتمضية الوقت أو ممارسة هواية مشتركة من دون التمييز بين قدرات كل منهم. لكن هذا الوضع تحقق في محترف «سيراميك آند مور» (ceramic and more) بالعاصمة اللبنانية بيروت، حيث وجد كل من هؤلاء ضالته ليطلق العنان لما يخفي في داخله من حس وذوق فنيين في تلوين المجسمات المصنوعة من السيراميك.

لا بد لمن تطأ قدماه متجر «سوديكو سكوير» في وسط بيروت أن يلفت نظره هذا المكان المبهج بألوانه وديكوره، وزينته التي تضم بعض مجسمات لونتها أيادي هواة.

والأهم هو الشغف الذي يعمل به من قرر خوض هذه التجربة.

الدخول إلى المحترف والتحدث مع الذين انشغلوا في تزيين المجسمات ذات الأشكال المختلفة التي اختاروها، يعكس صورة واضحة عن أهمية هذه الفكرة بالنسبة إلى هؤلاء.

فها هي السيدة أمل حكيم تنشغل في «منحوتتها» وتراقب في الوقت عينه ما تخطه يد ابنتها ماريا ذات الست سنوات في «قمرها السيراميكي»، وإن كانت في بعض الأحيان تغض النظر قليلا غير مبالية بما تقترفه يدا الصغيرة من «تجاوزات لونية»، إذ إن جام اهتمامها ينصب على هرتها التي اختارتها من بين مجسمات الحيوانات الموجودة أمامها.

وتعبر أمل عن إعجابها بالفكرة بالقول «أنا متخصصة في التجميل، وأحب الفن ولا سيما السيراميك، وجاء هذا المكان ليلبي هوايتي.

اعتدت على شراء هذه المجسمات جاهزة، لكن الآن صار بإمكاني تلوينها وتزيينها تبعا لذوقي.

في المرة الأولى أتيت مع ابنتي لتمارس هوايتها وأعجبتني الفكرة كثيرا، أما اليوم فقررت مرافقتها أيضا في هذا العمل».

وتعطي نصيحة لمن يتبع حمية غذائية بالقول «اكتشفت أنه مكان لإراحة الأعصاب، والأهم أنه يقضي على الجوع. عندما بدأت في هذا العمل، نسيت الأكل وشعرت بالشبع».

ولسليم، ابن الـ11 سنة، فلسفته الخاصة في تقييم هذا المحترف، إذ يقول «هنا أشعر أنني حر، أعبر عن نفسي بالألوان، ولا سيما أن هوايتي هي الرسم، والجميع يقولون لي إنني أرسم بشكل جميل وأنتقي الألوان، وأنفذها بطريقة محترفة».

وعند سؤاله عن الصاروخ الذي اختاره ليلونه يجيب سليم «لم أختره لأنه صاروخ، فأنا أكره الحرب، بل كنت أريد تلوين مجسم يدل على النار لكنه غير متوفر، فاستعضت عنه بالصاروخ، وسأكتفي بوضعه في غرفتي».

ولأنه في «ceramic and more» يتجاور الصغار والكبار في تنفيذ أعمالهم، اختار بكري كنيعو وزوجته الاحتفال بعيد زواجهما الأول في هذا المحترف، وإن لم يكن مدرجا على برنامجهما لهذا اليوم، لكن شاءت الصدف أن يتخليا عما خططا له لصالح تلوين السيراميك.

ويقول بكري «تناولنا الغداء في مطعم قريب وأتينا إلى هنا لمشاهدة فيلم سينمائي، إلا أننا، وفور دخولنا، لفتت نظرنا واجهة المحل والديكور في داخله. في بادئ الأمر ظننت أن بإمكاننا تصميم أشكال من السيراميك، ولكن عرفنا أن الهدف هو التلوين فقط، ورغم ذلك تخلينا عن مشاهدة الفيلم وقررنا خوض التجربة».

وعلى طاولة أخرى تجتمع أربع فتيات في سن العشرين لتلوين الأشكال التي اخترنها، وتقول إحداهن: «لا نهوى الرسم والفن كثيرا، لكن حب التجربة لدينا دفعنا لزيارة المحترف. وما لفت نظرنا أكثر أن الأمر ليس محصورا فقط في الصغار، فوجود الكبار يطغى في أحيان كثيرة على وجود الأطفال. وبعد تجربتنا شعرنا أنها مميزة وبإمكاننا تكرارها بين حين وآخر».

هذه الأجواء الفنية الملونة التي تطغى في هذا المحترف هي نتيجة فكرة بسيطة تحولت إلى مشروع على أيدي الشاب فؤاد المدهون وعائلته.

وقال فؤاد «منذ ثلاث سنوات رأيت مشروعا مشابها لهذا المشروع في دبي. أعجبتني الفكرة وانتظرت الفرصة الملائمة لتنفيذه، رغم أنني لم أكن أهوى الفن كثيرا، فأنا أعمل في مجال العطور».

ويشير المدهون إلى أن المحترف، ومنذ افتتاحه منذ ستة أشهر، لاقى رواجا في المجتمع اللبناني، وعدد الهواة يزيد يوما بعد يوم، رغم أن الإعلان عنه كان محدودا. ويشرح «هدفنا أن يكون مساحة حرة تجمع كل أفراد العائلة في مكان واحد ووقت واحد، وهذا ما حققناه. نتعاون مع شباب وفتيات متخصصين في مجال الرسم والفن، مهمتهم مساعدة الزبائن وإعطاؤهم النصائح اللازمة».

وعن المجسمات المصنوعة من السيراميك، يقول «نستوردها من الخارج بعد اختيار الأشكال وفقا لفئات معينة، كالحيوانات على أنواعها والتحف وبعض الأشكال المستوحاة من الطبيعة، وتلك الخاصة بالمطبخ وألعاب الأطفال وغيرها من الأشكال، مع التركيز على الأكواب بأشكالها المختلفة في كل وقت وكل مناسبة، إضافة إلى كل ما يمت إلى المناسبات بصلة، وكل منها في موعده، مثلا كان التركيز في عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة على الزينة والهدايا ذات الصلة بهما».

وعن مراحل العمل التي تمر بها قطعة السيراميك يشرح المدهون «بعدما يعمل كل زبون على اختيار قطعته وتلوينها، يصار إلى إدخالها في فرن خاص يتسع لما بين 80 و100 قطعة بحسب أحجامها، ومن ثم إخراجها بعد ثلاثة أيام فيأخذها صاحبها جاهزة للعرض أو للاستعمال، وذلك بعدما تكون قد تحولت الطبقة الخارجية إلى ما يشبه الزجاج اللامع الملون».

وهو يلفت إلى أن «ألوان بعض القطع تكون أقل من عادية عندما ينتهي الزبون من إنجازها ونتفاجأ بعد إخراجها من الفرن بتحولها إلى تحفة فنية، ولا فرق هنا بين عمل صغار أو كبار، لأن الفن هو موهبة بالدرجة الأولى».

هذا، والجديد أيضا الذي قدمه هذا المحترف هو تخصيص قاعة للاحتفال في أعياد ميلاد الأطفال، إذ يعمد الأهل إلى دعوة أصدقاء أطفالهم بعدما يختارون الأشكال التي يريدونها لتوزيعها خلال الحفلة على المحتفلين كي يلونوها على ذوقهم ولتكون هدية من صاحب العيد لهم. وفي النهاية لا بد للأطفال أن يحتفلوا ويرقصوا على وقع الموسيقى.

وكل ذلك يحصل تحت نظر الأهل الذين خصص لهم مكان في القاعة العليا حيث ركزت شاشة كبيرة تعكس كل ما يقوم به أطفالهم في تلك الأثناء.