هل تؤدي «متلازمة الساق المتململة» إلى الاضطراب الجنسي؟

«متلازمة الساق المتململة» .. تصيب النساء أكثر وتقود إلى تدني القدرات الذكورية
«متلازمة الساق المتململة» .. تصيب النساء أكثر وتقود إلى تدني القدرات الذكورية

يعاني أناس كثيرون من تعب غير مبرر في الساقين، يلازمهم طوال الليل، ويعزونه دائما إلى ارتباطهم بأعمال تتطلب الوقوف لأوقات طويلة أثناء النهار، لكن معاناة موظفين مكتبيين من الحالة، لا يفارقون مقاعدهم تقريبا، جعل الأطباء يتعاملون مع الحالة كمرض يتعلق بنشاط الدماغ وليس بالجهد العضلي المبذول.


وتعاني النساء أكثر من الرجال من «متلازمة الساق المتململة» Restless Leg Syndrome، ولهذا علاقة بالإنجاب والهرمونات الأنثوية، إلا أن دراسة أميركية حديثة ترى أن الخطر الأكبر هو على الذكور، لأنه يتعلق بقدراتهم الجنسية.

فكلما عانى الرجل من آلام الساقين وتعبهما، قلت قدرته على الانتصاب أو على الاستمرار في الانتصاب حتى الانتهاء من العملية الجنسية.

اضطراب جنسي
ويطلق الطب على هذه الحالة اسم «متلازمة الساق المتململة»، وكان الأطباء يعتقدون أن أسبابها موضعية تتعلق بالعظام والعضلات، إلا أن الدراسات الجديدة تشي بعلاقة للحالة بمادة «دوبامين» التي يفرزها الجهاز العصبي المركزي في جسم الإنسان.

ويعاني المرضى من الأعراض الأربعة المميزة للمرض، وهي: اضطراب عصبي في الساقين يرتبط بحركة صعبة للقدمين، واضطراب حركي (عضلي)، وتراجع التعب والآلام من خلال الانشغال في إيقاع العمل اليومي، وتفاقم الأعراض في المساء والليل.

وبهدف التعرف على مدى انتشار الحالة بين الذكور، وللكشف عن العلاقة الممكنة بين تململ الساقين والاضطراب الجنسي، فحص العلماء الأميركيون معطيات أكثر من 20 ألف رجل من العاملين في المستشفيات والعيادات، فوجدوا أن نسبة 4 في المائة منهم يعانون من ظاهرة الساقين المتململتين.

ويتعرض الذكور - ممن تقض متلازمة الساقين المتعبتين مضاجعهم 15 مرة في الشهر- 78 في المائة أكثر إلى مخاطر الاضطراب الجنسي مقارنة بغيرهم من الذكور الاعتياديين.

وظهر أيضا أن متلازمة الساق المتململة أخطر من اضطراب النوم، لأن المصابين بها يعانون من ضعف القدرة على الانتصاب أكثر مما يعانيه المصابون باضطراب النوم بنسبة 16 في المائة.

الدماغ وليس العضلات
وذكر زيانغ جاو، رئيس فريق العمل الذي أعد الدراسة من كلية الطب في جامعة هارفارد الأميركية في بوسطن، أن من المحتمل أن تكون قلة إفراز الدوبامين سبب حدوث الحالتين، أي متلازمة الساق المتململة والاضطراب الجنسي.

وكانت نتائج الدراسة مطابقة بغض النظر عن أعمار وأوزان الرجال الذين شملتهم الدراسة، كما كانت النتائج صحيحة أيضا سواء كان الرجال يتعاطون الأدوية المسكنة لآلام الساقين أم لا.

شملت الدراسة 23119 رجلا من الأطباء والأطباء البيطريين والصيادلة، ومن أعمار تتراوح بين 56 و91 سنة (69 سنة كمعدل)، وكان 944 منهم (4 في المائة) يعانون من متلازمة الساق المتململة.

وتبين أيضا أن 9433 منهم كانوا يعانون من اضطرابات في الانتصاب (41 في المائة)، وعند اختيار المرضى استبعد المعانون من داء السكري والمفاصل حفاظا على دقة النتائج.

وفي تعليق على نتائج الدراسة الأميركية، قال الدكتور يورن زيب، رئيس قسم الأمراض العصبية في مستشفى «شترالسوند»، في دورية «الصيدلي» الألمانية: «إنه يتفق مع زميله الأميركي جاو حول أسباب نشوء متلازمة الساق المتململة».

وأكد زيب أن مصدر المتلازمة يقع في الدماغ، وليس في عضلات الساقين، مشيرا إلى أن كامل العلاج يعتمد على هذه الحقيقة وأن على الأطباء الكف عن البحث عن مصادر التعب بين الألياف العضلية.

النساء والرجال
وكانت دراسة ألمانية سابقة قد أكدت شيوع متلازمة الساق المتململة بين النساء أكثر من الرجال. وذكر البروفسور كلاوس بيرغر، رئيس قسم الطب الاجتماعي في جامعة مونستر (غرب)، أن من الممكن للأطباء أن يختلفوا حول أسباب ظاهرة تعب الساقين، إلا أنه ما عاد هناك مجال للخلاف حول انتشار الحالة بين النساء.

 وتقول دراسة أجراها قسم الطب الاجتماعي في مونستر بأن النساء يعانين ضعف ما يعانيه الرجال من هذه الحالة.

وقد أجرى بيرغر دراسة بعنوان «الحياة والصحة في ولاية فوربومرن (شرق)»، وعمل خلالها ومساعدوه على تحليل معطيات عن 4310 مواطنين يعيشون في فوربومرن في الفترة بين 1997 و2001.

وقام الباحثون بفرز الأشخاص المعانين من الساقين المتعبتين وأخضعوهم لفحوص طبية واستجواب طبي تفصيلي، كما تم التأكد من وجود الخصائص التي تميز متلازمة الساق المتململة.

ولاحظ بيرغر وزملاؤه أن الأعراض الأساسية، وبالتالي المرض، تنطبق على ما لا يقل عن 10.6 في المائة من سكان فوربومرن الذين تزيد أعمارهم على 20 سنة، في حين كانت التقديرات السابقة كافة تشير إلى انتشار الحالة بين 5 و10 في المائة.

وتبدو اللوحة أكثر قتامة حينما تتعلق الحالة بالمرأة، لأن الدراسة تشير إلى نسبة انتشار ترتفع إلى 13.4 في المائة مقابل الرجال (7.6 في المائة).

وكانت نسبة الانتشار، عند الأفراد ما بعد العشرين، ترتفع باطراد مع تقدم العمر. وهكذا كانت نسبة الانتشار بين الأفراد من مجموعة عمر 20-29 هي 3 في المائة للرجال و4.9 في المائة للنساء، وكانت بين مجموعة الأفراد من سن 60-69 تبلغ 13.2 في المائة بين الرجال و19.4 في المائة بين النساء.

وفسر الباحثون اختلاف قابلية الإصابة بالحالة بين الجنسين على أساس عدد الأطفال الذين ولدتهم المرأة، وعلى أساس عددهم في البيت، إذا كانت نسبة الانتشار بين النساء اللاتي ليس لديهن أطفال تعادل نسبة انتشارها بين الرجال.

أي أقل بنحو 50 في المائة من المعدل العام بين النساء. وكان معدل الإصابة عند النساء يرتفع بشكل ثابت مع زيادة عدد الأطفال الذين أنجبتهم الأم.

وكانت نسبة المرض بين النساء من عمر 40 - 59 سنة، وولدن 3 مرات أو أكثر، تفوق المعدل بين الرجال ثلاث مرات ونصف.

ثم عاد معدل الانتشار بين النساء من مجموعة أعمار 60 - 79 إلى الانخفاض مقارنة بالرجال.

ويميل العلماء لتفسير انتشار متلازمة الساقين المتعبتين بين النساء الولودات على أساس الهرمونات.

ويؤكد هذه الحقيقة، حسب رأي الأطباء، أن علاقة عدد الأطفال بالحالة تتراجع بين النساء اللاتي تخطين سن اليأس من المحيض.