هل تجازفين بوضع خطة خمسية تحدد مسار حياتك ؟

يؤمن بعض الأشخاص أن المرء إن لم تكن له خطة معينة، فسيعيش حياته و كأنه على الحافة ولا يدري ماذا يفعل غداً.
يؤمن بعض الأشخاص أن المرء إن لم تكن له خطة معينة، فسيعيش حياته و كأنه على الحافة ولا يدري ماذا يفعل غداً.

" قد تنزعجين قليلاً عندما يسألك أصدقاؤك أو حتى رفقاء العمل عن خطتك و ماذا أعددت لخمس سنوات قادمة , و لكن بالنسبة لإرين ماكفيرلي فإنها تقوم بإهمال السؤال وإهمال المسئول عنه أيضاً "


قال "جين لينون" " إن الحياة هي الأحداث التي تتعرضين لها أثناء الانشغال في تحضير خطط أخرى"، وهذه المقولة ليس هناك أصدق منها ملائمة لوضع النساء الحالي.

إن النساء اللائي يسعين للحصول على معظم الأشياء والتفوق فيهن مثل العمل والأسرة والعلاقات الخارجية من خلال وضع خطة خمسية لها ، فإنها تشعر بالضرورية لأهمية ذلك كأهمية إزالة الشعر عن طريق استخدام الشمع البرازيلي شهرياً.

لقد أصبحت الخطة الخمسية هي إحدى اهتمامات الأقل طموحاً منذ انتشار السؤال العقيم عن تلك الخطة إلى انتشار هذه الفكرة عن طريق الخبراء النفسيين والمستشارين المهنيين أيضاً.

إن عدم القدرة على تنبؤ ولو شيء وحيد فقط في الحياة قد يؤدي بالشخص إلى الانضمام لخطة معينة ولكن بحدود و بقيود معينة قوية و خالية من المرح.

وربما قد وضعت الصحفية البريطانية والاعلامية الشهيرة "جانيت بورتر" كل جهدها في كتابها الأخير بعنوان " الحياة قصيرة جداً " و الذي من خلاله ذكرت أن الحياة تحتاج إلى خطة شهرية و ليس كل عقد أو نصف عقد، فلا يجب علينا التفكير اطلاقاً فيما سيحدث العام القادم على سبيل المثال.

تقول جانيت " لم أفكر مطلقاً فيما سأفعله العام القادم، ولكن مبدأي في الحياة هو التركيز فيما أفعله في الوقت الحالي إذا لم تأتني أفكار جديدة ".

إنه من الآمن جداً الاعتماد على ما تقوله "جانيت بورتر" بخصوص الخبرات والتعاملات الحياتية خصوصا عند النظر إلى عمرها الـ61 وزواجها المتعدد 4 مرات بالإضافة إلى حصولها على عديد من الجوائز.

بعض الأشخاص بالرغم من المحاولة معهم لترك عادة الخطط الخمسية تلك ولكنهم متمسكون بها كأنها جزء من شخصيتهم، ويتعاملون من خلالها بجدية في حياتهم.

من المعروف ان هناك بعض الأحداث التي بالفعل لها دور كبير في حياة المرأة مثل التعرض لمخاطر مرضية حتى الموت وتكرار التعرض للحوادث والحمل المفاجئ الغير مُخطط له و هذه الظروف بدورها تؤثر على شخصيتك ومستقبلك و تجبرك لإتخاذ وضع معين في حياتك واكتشاف ماذا تريد لنفسك أثناء حياتك الحالية.

وعلى سبيل المثال سنتناول تجربة المحامية "سافيينا بادهان" 31 عاماً و التي قد تعرضت لحادث مميت " لقد كنت مؤيدة كبرى لمشروع الخطة الخمسية وكنت انظر لما سأفعله في الاعوام القادمة دائماً ولكنني فعلا أدركت مدى اهمية وقتي في اليوم الذي أعيش فيه، كنت متيقنة من أن الخطة التي وضعتها لنفسي هي السبب في وصولي لتحقيق الانجازات الشخصية سواء في العمل او اجتماعيا إلى أن شعرت بالنعاس أثناء قيادتي للسيارة وما استيقظت إلى في سيارة الإسعاف وانا في طريقي للمستشفى، وفي تلك اللحظة لم أفكر مطلقاً في وظيفتي ولكنني فكرت في زوجي والأشياء الأخرى التي كانت السبب في دخول السعادة إلى حياتي.

الفرق بين حالتي الآن و حالتي قبل ذلك هو أنني مازلت اسعى لتحقيق هدفي ولكن أصبحت اكثر مرونة وأدركت جيداً انه يجب استغلال الوقت حيث أنه لاتوجد قيود عليه.

إنه لا يجب علينا الإهتمام الجاد بأمورنا العامة كإهتمامنا بحادث ما قد يغير من مسار حياتنا إلى الأبد.

ونأتي هنا بمثال لتجربة "سافينا" صاحبة إحدى الشركات بدبي والتي اعتادت على الإهتمام الجاد بالخطة الخمسية والتي شملت دراسة رسالة الدكتوراة في كامل وقتها، ولكنها قد اكتسفت في التاسع والعشرين من عمرها أن عملها في التدريس الجامعي أصبح ممل جداً وليس مصدراً لسعادتها على الإطلاق على عكس عملها الحالي كمطربة و كاتبة أغاني مشهورة، وتقول أيضاً " لقت تخليت عن الخطة الخمسية والتي كانت سبباً في جعلي أشعر بالضغط النفسي وعدم القدرة على فعل أي شيء وكان هذا سبب بدايتي في كتابة الأغاني والأشعار" وتضيف أيضاً " لقد تعرضت لخليط من ضغوط الاحداث الجارية و بعض ردود الفعل الجادة لتلك الضغوط والتي أدت للتغيير، إن الشعور بعدم معرفة ما سيحدث في المستقبل بدقة مخيف ومن الممكن أن ترتكب أي خطأ ولكن كيف تكون الحياة بلا أي مخاطرات؟ بالتأكيد سنشعر بالملل الشديد حينها ".

(إن المجازفة و المخاطرة و السعي الجاد وراء الطموح هي لغة مؤيدي الخطة الخمسية ولكن تلك الخطة في حد ذاتها مقيدة و محددة لأهدافك و تحدد تقبلك لأفكار الغير مما قد يقف عقبة في كريق نجاحك في حياتك،لهذا فالواجب عليك أن تغير من طريقة تفكيرك قليلاً)

تقول "فيونا هارولد" مؤلفة كتاب "قواعد النجاح السبعة" "إن الخطة الخمسية من الممكن أن تكون شيء شنيع جداً بالنسبة لأشخاص كثيرين"، وتابعت قائلة "لا شك أن خمس سنوات مدة طويلة جداً و بعيدة جداً على المرء كي يتخيل نفسه ماذا يكون مما قد يؤدي الى خوف و ذعر غير ضروري بالمرة "و أضافت أن هذا سيؤدي بالناس إلى اختصار تلك الخطة على أن تكون لمدة قصيرة وقالت "هذا سيجعل المرء يشعر بالتحفز والحماس على تنفيذ خطته قصيرة المدى".
كان هذا سبب تخلي "شارلوت ماكدونالد" عن الإلتزام بأي خطة والذي يعيش الآن متنقلا بين بريطانيا ودبي، و تقول " إن الخطة الخمسية هو شيء ما قرأنا عنه في يوميات (بريدجت جونز) ومن هنا فنتعجب جداً من مؤلف تلك الروايات ومن خياله الواسع لتأليف تلك الروايات " ثم أتبعت قائلة "هذا النظام مناسب لمن يبحث عن تحقيق الانجازات و التباهي بها، ولكن الأفضل أنني يجب علي أن أعيش حياتي أسبوعياً إن لم تكن يوماً بيوم، إن مصطلح المتعة يمكن تحقيقه بدون أي توقعات مستقبلية أو أي شيء آخر ولكنه يساعد أكثر على أن تكون بارعاً ومحب للتغيير".

يؤمن بعض الأشخاص أن المرء إن لم تكن له خطة معينة، فسيعيش حياته و كأنه على الحافة ولا يدري ماذا يفعل غداً.

تقول "لوسي وايت" مديرة إحدى الشركات في دبي أنها من أكبر المعارضين لما يُسمى بالخطة الخمسية ولكنها من أكثر المؤمنين بتحديد الأهداف في الحياة ، تضيف لوسي "إن تحديد الاهداف في حياتك هي الأشياء الأكثر أهمية والتي تجعلك في أغلب الأحيان راضٍ عن نفسك" و اتبعت قائلة" لقد مررت بتجارب وظيفية كثيرة و التي لم تكن في حسباني فقد بدأت العمل في بانكوك ثم انتقلت إلى دبي ولم أكن اتوقع هذا الانتقال الوظيفي في حياتي سواء على المدى البعيد أو القريب".

من الممكن أن يغير مؤيدي الخطة الخمسية من طريقة التزامهم بتخطيطاتهم عند رؤيتهم لنموذج لوسي وايت و التي اتسمت بالمرونة و تقبل التغيرات الحياتية و أن يكون هناك مجال للمفاجآت في حياتها.

إن السماح بحدوثث المفاجآت و تقبلها مع الإبقاء على تحديد الاهداف هو أساس من سلوكيات التعامل مع الحياة العامة و التي بدورها تعمل على تنشيط مبدأ التركيز على الاهداف الشخصية.

إنه مبدأ تؤمن به فيونا و تقول أيضاً "إن الخطة يجب ان تكون أي شيء إلا صارمة غير قابلة للتغيير" ثم أتبعت مفسرة لتلك النصيحة قائلة "من الممكن أن تفكر في هذا كتفكيرك أثناء قيامك برحلة ما، فأنت تبدأ بخريطتك و ربما في بعض الأوقات قد تشكك في طريقك الذي اتبعته، وبمجرد تفكيرك بهذه الطريقة فلن تعرف ما سيقابلك أثناء طريقك الحالي و سيجب عليك حينها ان تكون مرناً في مواجهة أي شيء، و لكن إن كنت صلباً عنيداً فسينتهي بك الأمر إلى الإحباط الدائم و عدم الوصول للهدف المرجو".

هذا المبدأ هو ما تؤمن به "تشارلوت أوين" الخبير العسكري والتي تعيش الآن في أبوظبي، فعدنما رفضت التخلي عن خطتها الخمسية إعترفت بأن المرونة في التمسك بالخطة الخمسية واجبة وأنها أساس النجاح والوصول للهدف المرجو.

 تقول تشارلوت " أنا لست متمسكة بخطتي بكل حذافيرها و اقبل بالتغيير" ثم اتبعت قائلة "إن فكرة تحديد مسار الحياة هو شيء كبير جداً ولكن ما يسهل هذا أن تكون الخطة الخمسية مرنة وقابلة للتغيير في حالة حدوث أي ظرف، إن خطتي التي اعددتها لاشك أنها ساعدتني في الوصول إلى غرضي و كل ما أريده من حياتي و لكن مع بعض المرونة".

ومن هذا المنطلق و العرض الواسع لكثير من التجارب ، هل الخطة الخمسية طريق من طرق النجاح؟ أم هي مصطلح قدمه ناشري الكتب المختصة في التنمية البشرية الذاتية؟ هذا المصطلح من فهمه الحرفي التقليدي فإنه عنيف التطبيق، فالتخطيط من أسهل الأشياء و لكن أصعب شيء في الحياة أن يكون لديك تحكم كامل فيما يدور حولك, ولكن مع قليل من المرونة فسيكون من السهل علينا التعامل مع أي شيء يقابلنا و يعترض طريقنا.

إن كنت من مؤيدي الخطة الخمسية و مطبقيها أم لا بخصوص ما تريد أن تكون عليه في المستقبل، فيجب عليك أن تحصل على فكرة أو وجهة نظر بخصوص ما يدور في العالم والحياة حولك والذي سيكون مفيد أكثر من وضع خطة على المحك و بحدود معينة غير قابلة للتغيير، ويجب عليك انتزاع كل ما تريده من الحياة بيديك مهما كانت العواقب ومهما حدث أي شيء.