لماذا تظل فترة الأربعينات مصدر إلهام لمصممين الأزياء

فاتنات عصر هوليوود الذهبي .. الحاضرات الغائبات في عروض الأزياء العالمية
فاتنات عصر هوليوود الذهبي .. الحاضرات الغائبات في عروض الأزياء العالمية

تعبر الخطوط الأنثوية التي سادت الكثير من عروض الأزياء العالمية، عن موضة ساحرة من حقبة الأربعينات، في محاولة ناجحة لإثبات أن جسر التواصل بين ذلك الزمن الجميل ويومنا هذا لم ينقطع.


فتلك الحقبة لا تزال تشكل مصدر إلهام لمبدعي الموضة، من أمثال جون جاليانو، مصمم دار «ديور»، وألبير الباز، المصمم الفني لدار «لانفان»، والثنائي الإيطالي دولتشي آند جابانا، وجون بول جوتييه، وغيرهم من الذين جادوا علينا في تشكيلاتهم لموسمي خريف وشتاء 2010 بتصاميم أنيقة ومترفة أعادت إلى الأذهان جمال أيقونات هوليوود من مثيلات ريتا هيوارث ولورين باكال وغيرهما، وموضة تميزت بالتفاصيل المغوية والأقمشة النفيسة والمرهفة من الحرير والساتان في فساتين تبرز الكتفين لتصبح فيما بعد رمزا للإغواء الراقي.

إلى جانب فاتنات هوليوود السابقات الذكر، لا يمكن أن ننسى فيفيان لي بنظراتها الزمردية، التي تركت أثرا مهما على الموضة من خلال تجسيدها دور سكارليت أوهارا في الفيلم الكلاسيكي «ذهب مع الريح»، وأصبحت مثال الأناقة الراقية للكثير من السيدات في فترة الأربعينات، ولا النجمة آفا جاردنر، التي فجرت مخيلة مصممي تلك الحقبة خصوصا ممن فروا من أوروبا عند اندلاع الحرب العالمية الثانية.

هؤلاء ميزوها بعلامة فارقة تمثلت في اعتماد القفازات الطويلة، التي تغطي الكوع، والتي أصبحت جزءا من الكثير من إطلالات تلك الفترة. كما أخذت تصاميم التايورات التي تزينها الأحزمة العريضة حيزا كبيرا، وهو أسلوب ما زال يلقى الرواج حتى بعد مرور ما يزيد على الستة عقود عليه.

أفلام كلاسيكية ونجمات متألقات أججن مشاعر الجماهير ومخيلة المبدعين، فخلقن دوامة لا تزال حتى يومنا هذا يحلو الدوران في فلكها الأنيق والمترف، بل إنهن شكلن متنفسا للسيدات، خصوصا في فترة سادتها أجواء الحرب العالمية الثانية تحديدا بين عامي 1939 و1945، مما فرض قوانين محددة على المرأة الأوروبية وغير خريطة المجتمع إلى حد كبير. ففي هذه الفترة دخلت المرأة ميادين العمل، بما في ذلك القيام بأعمال مضنية كانت تناط بالرجال فقط من قبل.

وكان هذا ضرورة حتمها تواجد الرجال على جبهات القتال، مما خلق نقصا في اليد العاملة كان عليها أن تملأه، سواء في المصانع أو الحقول.

وكان لا بد أن تفرض عليها هذه الأعمال التخلي عن الفساتين والمشدات، واستبدالها بأزياء عملية مثل البنطلونات والكنزات الطويلة والمعاطف، وقد برز في تلك الفترة تصميم الكاب الذي كان منقذا للمواقف بسبب سهولة ارتدائه خصوصا عند شن الغارات الجوية، إذ كانت تسارع المرأة إلى وضعه فوق ملابسها والذهاب للاحتماء في أقرب ملجأ.

حالة التقشف والزهد كان لها أيضا تأثير على المجتمع والموضة، فقد حفزت النساء على الاستعانة بمواد لم تكن تخطر على البال من قبل، مثل قماش الجوخ الذي كان حكرا على أزياء الرجال، لكن وبسبب توقف حركة الاستيراد والتصدير التي تسببت بالنقص في توافر المواد الناعمة والمترفة، كالحرير والدانتيل والساتان، اضطررن إلى تطويع الأقمشة القاسية لابتكار أزياء تساعدهن في التنقل والعمل بحرية.

لكن صناعة الموضة لم تشهد فورتها إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أي في منتصف الأربعينات، حيث برزت التصاميم المحتفلة بالأنوثة وبعودة الحياة المترفة وأجواء البذخ والترف الهوليوودي.

وكان للراحل كريستيان ديور دور كبير في هذا، بإبداعه ما أصبح يعرف في عالم الموضة بـ «ذي نيولوك» أي الفساتين الضيقة عند الخصر والمتسعة بسخاء عند التنورة، وهو الأسلوب الذي أصبح لصيقا بالدار، ويطل علينا في كل موسم على يد العبقري جون جاليانو.

لكنه ليس الوحيد الذي ينهل من هذه الفترة ومن تراث السابقين، فعودة غيره من المصممين إلى تلك الحقبة أصبحت منجما زاخرا ينهلون منه أفكار لتصاميم أنيقة في مواجهة الزمن.

والأهم أنها تصاميم لا تزال قادرة على لفت أنظار المرأة الباحثة عن قطع تشكل استثمارا ذكيا لها.تصاميم تجد مكانا لها في كل زمان، كونها تعتمد على مواد مترفة من المخمل والتافتا والحرير والساتان وغيرها، لتتناغم مع الفرو والجلد أحيانا، فتبرز أكثر فخامة وقوة وتذكر بالزمن الجميل.

قطع وإكسسوارات من الأربعينات 
برز التايور بشكل أساسي لدى كل من برادا وديور ولانفان وفالنتينو، وفي الوقت الذي تميز فيه بالعملية في بعض الإطلالات حتى يناسب سيدات الأعمال، جاء في أحيانا أخرى في منتهى الأناقة والرقي من خلال إضافات فاخرة تمثلت إما في وشاح من فرو الثعلب أو المنك أو في حقيبة يد من جلد التمساح.

ويعتبر التايور العلامة المميزة التي تعكس صورة الأربعينات، خصوصا مع بروز التنورة الضيقة أو المستقيمة، التي يصل مستواها إلى تحت الركبتين والسترة التي تبرز نحول الخصر واستقامة الكتفين، وهما العاملان اللذان برزا بشكل لافت لدى دولتشي آند غابانا وديور.

تصميم يتوجب على كل امرأة اقتناؤه، لأنه كفيل بإضفاء مسحة من الرقي على إطلالتها، كما يساعد على إبراز نحول خصرها بزيادته عرض كتفيها، كما تتماشى معه جميع أشكال الحقائب ويمكن تنكيهه باعتماد الجوارب السميكة بألوان مختلفة.

من وحي الأربعينات، برز أيضا «الكاب» بتفاصيله العصرية، فكان حاضرا ضمن مجموعة «كلوي» بصفة خاصة، وبلغ ذروة الأناقة والتألق ضمن مجموعة فالنتينو.

وينصح المختصون باعتماد الكاب شرط اختيار الطول المناسب للقامة، كأن يصل لمستوى الأرداف في حال كان حجمك صغيرا وإرفاقه بالإكسسوارات المناسبة من حزام عريض يمنح الطلة التوازن والتناسق كذلك تفضيل الحقيبة بمسكة قصيرة تمسك باليد لأنه مع تصميم الكاب يصعب استخدام الكتفين.

قماش التويد الذي أورثته الآنسة كوكو لسيدات هذا العصر، برز بشكل لافت في الكثير من المجموعات، إلا أنه يجب التنبه إلى ضرورة تبنيه بأسلوب عصري تماما كما برز لدى شانيل، وقد زينته نفحة من الخيوط الملونة بألوان لطيفة من الزهري إلى الأخضر الفاهي.

وينصح الخبراء بتجنب اعتماد التويد لكامل الطلة والاكتفاء بارتداء الجاكيت مثلا مع سروال ضيق من الجلد، مع العلم بأن الإكسسوارات تلعب دورا مهما في زيادة تألقه، لهذا يفضل تنسيقه مع حقيبة بسلاسل معدنية تكفل ضخ الحيوية عليه.

أما لمناسبات المساء والسهرة، فيبقى الفستان «الأسيميتريك»، أي الذي تبرز من خلاله الكتف الواحدة، أسلوبا يبرز بأناقة لدى «لانفان» وجورج شقرا وغيرهما، ويزيد جماله مع اعتماد القفازات التي أضفت سحرا على الطلة.

جورج شقرا مثلا اختار القفازات بقماش شفاف يخفف من سمك أقمشة التافتا والمخمل.

ويتماشى مع هذا الأسلوب وشاح كبير من الفرو يحتضن الكتفين وحقيبة تحمل باليد «كلاتش». كما يناسب الطلة التزين بالأقراط الكبيرة واستخدام «بروش» عوض عقد، ورفع الشعر على طريقة الشينيون أو تركه منسدلا شرط أن يبرز من جهة واحدة ذلك حتى لا تختفي تفاصيل الفستان.

تأثيرات حقبة الأربعينات تجلت أيضا في استخدام الإكسسوارات التي تشكل لمسة رفاهية، وتساعد على التخفيف من حدة الأقمشة الصلبة، مثل «البروش» الذي يمكن تصنيفه كقطعة إكسسوار قادرة على تغيير الإطلالة، بالنظر إلى سهولة انتقاله من تزيين ياقة جاكيت إلى إضافته البريق على كتف فستان سهرة، أو حتى وشاح من الفرو.

وبالإمكان أيضا وضعه على عمامة عصرية تلف الشعر بأناقة وتأخذك إلى حقبة الأربعينات بسهولة.

كما تلعب القبعة دورا مهما في إضفاء أسلوب الأربعينات على الطلة، في النهار بشكل خاص، على شرط اختيار الشكل الذي يتماشى مع قسمات الوجه.

ويميل الاتجاه هذا الشتاء نحو قبعات الفرو التي تمنح الوجه طلة رومانسية وفخمة في الوقت ذاته، خصوصا إذا كانت بلون مناسب لبشرتك.

وتدرجات البني النحاسي والبني بانعكاسات حمراء تناسب السمراوات عموما، فيما يناسب البني الذهبي والأسود كما الرمادي ذوات البشرة البيضاء.

وينصح بعدم اعتماد قبعة من خامة الجزء العلوي نفسها للملابس، مثلا في حال كنت ترتدين جاكيتا من الجلد اعتمدي على قبعة منسوجة من التويد أو الصوف أو القطن أو الفرو والعكس صحيح.

لتكتمل الإطلالة المستوحاة من حقبة الأربعينات ينصح باعتماد ماكياج يشبه إلى حد ما أسلوب الفنانة الاستعراضية ديتا فون تيز التي تظهر على الدوام بأسلوب مستوحى من تلك الحقبة.

يجب التركيز على إبراز جمال العينين بواسطة الآيلاينر فقط، أما الفم فيحدد باللون الأحمر المطفي.

وهنا يجب الانتباه إلى اختيار لون يناسب بشرتك. عموما البشرة البيضاء يناسبها الأحمر المائل إلى الزهري أما المائل إلى البني فإنه الأفضل للسمراوات.

ويجب توحيد البشرة بواسطة مستحضر أساس مطابق للون بشرتك والتركيز على إخفاء كل الشوائب مع وضع لمسة خفيفة من أحمر الخدود باللون الزهري الطبيعي.