أسبوع باريس للموضة لربيع وصيف 2010 .. كشف حساب وتقييم

في أسبوع باريس لربيع وصيف 2010.. الاناقة في عز الأزمة
في أسبوع باريس لربيع وصيف 2010.. الاناقة في عز الأزمة

انتهى أسبوع باريس يوم الخميس الماضي، وانتهت معه دورة الموضة لربيع وصيف 2010، دورة انطلقت في نيويورك، بأسبوع طويل وهادئ لم تتخلله أي مفاجآت أو إثارة، لا على مستوى الأخبار ولا على مستوى الأزياء، على العكس تماما من أسبوع لندن الحافل بالأحداث والابتكارات.


فقد احتفل هذا الأخير بمرور ربع قرن على تأسيسه بعدة فعاليات، تضافرت فيها جهود الساسة مع جهود المصممين لمنحه بريقا لم تعرفه أي من العواصم الأخيرة، باستثناء باريس إلى حد ما، ذلك أن ميلانو هي الأخرى عرفت الهدوء الممل نفسه الذي عرفته نيويورك.

باريس، مهما كان، لها دائما مكانة خاصة في القلوب عدا أنها تنجح دائما في تذكيرنا بأنها أم الموضة بلا منازع.

في الأيام الأولى لم تكن الأمور تدعو إلى التفاؤل، لأن ظلال الأزمة وتأثيراتها كانت واضحة بغياب دار «كريستيان لاكروا» هذا الموسم، خصوصا أن مصيرها لم يكن قد تقرر بعد.

لكن بالتدريج، بدأت تتناثر ذرات من الأمل تشير إلى أن الآتي أفضل، سواء بالنسبة للدار الفرنسية التي تأسست منذ قرابة عشرين عاما فقط وحفرت لها مكانة لا يستهان بها في مجال الـ«هوت كوتير» بالذات، أو بالنسبة لأزياء ربيع وصيف 2010.

الأولى بانتشار خبر عرض معقول تقدم به أحد أقارب حاكم عجمان، إحدى إمارات دولة الإمارات العربية المتحدة، حميد بن راشد النعيمي، لإنقاذها وإرجاع مصممها المبدع إلى عرشه، والثانية بعرضي كل من نيكولا جيسكيير، مصمم دار «بالنسياجا»، وكريستوف ديكارنين، مصمم دار «بالمان»، اللذين قدما في اليوم الثاني من الأسبوع تشكيلتين عصريتين تخاطبان المرأة الشابة والجريئة على حد سواء.

ثم توالت بعد ذلك العروض المثيرة أهمها عرض «ديور» يوم الجمعة، الذي تلاعب فيه جاليانو على الشفاف والسميك، أو بالأحرى على ملابس السهرة وملابس النوم الداخلية التي يمكن رؤيتها من خلال طبقة خفيفة من الشيفون أو الموسلين طويلة مشبوكة معها بطريقة يصعب تجاهلها.

جاليانو، مصمم الدار، استلهم فكرته من نوعية «الفيلم نوار» في الأربعينات، المبني على الجريمة والعقاب، وعلى ظلام الليل وضوء النهار، وكيف أن الأول غامض ومثير والثاني شفاف ومثير أيضا.

أما عنصر الإبهار فظهر من خلال تركيزه على لورين باكال في أيام الشباب، طبعا، وهمفري بوغارت، الأمر الذي يفسر حضور المعطف في الكثير من القطع وفي الكثير من الأشكال.

اللعب على الأزياء والترفيه، سواء السينما أو الموسيقى أو الرياضة، كان سمة مشتركة في الكثير من العروض الأخيرة، أهمها عرض «شانيل»، الذي كان طبقا لذيذا يغذي كل الحواس ويدغدغها.

فالأزياء كانت أكثر من رائعة من حيث عمليتها وأناقتها التي تحمل كل بصمات «شانيل لاجرفيلد» من حيث كلاسيكيتها الشابة، كما أن الإخراج في «لوجران باليه» أيضا كان عبارة عن مسرحية تستحضر عهد ماري أنطوانيت في حدائق القصر وما يجري في بساتينه وحدائقه من علاقات عاطفية خفية.

لكن كارل لاجرفيلد، الذي يعشق الموسيقى، ارتأى أن يتحفنا أيضا بوصلة غنائية حية من ليلى آلن، ليمزج جمال الأزياء والإكسسوارات بحيوية المغنية الشابة، وقدرتها على شد أنفاس الحضور.

ولا شك أن الكثيرات منا، حتى من لم يسمعن باسم المغنية من قبل، سيصبحن من معجباتها بفضل كارل.

فهن، على الأقل سيتمكن من شراء أشرطتها في أي وقت، بينما عليهن انتظار عدة أشهر قبل الحصول على الأزياء، ويا له من انتظار صعب.

المصمم الصعب، إيلي، بدوره قدم تشكيلة قال عنها المصمم سيتفان رولان إنها في غاية الأناقة وسهلة التسويق في الوقت ذاته، وهي بالفعل كذلك، حيث برهن فيها المصمم على قوته عندما يستعمل تقنية الدرابيه بالتحديد.

صحيح أنه كانت هناك الكثير من التصميمات العصرية الأخرى التي تحدد الجسم وتجعله يبدو وكأنه قطعة منحوتة، مثل مجموعة باللون الأسود بسحابات واضحة في الظهر أو الصدر أو تعطي الانطباع بأن هناك جيوبا، فضلا عن تايورات قصيرة بالبيج ومطرزة بشكل أنيق وعصري، إلا أن قوته دائما تكمن في الدرابيه، الذي لا يمكن أن ينافسه فيه أحد حتى صوفيا كوكولاساكي، المصممة التي ولدت في البلد الذي ابتكر هذه التقنية وسوقها لنا منذ قرون من خلال أساطير الرومان وقصص هيلينا وباريس وأفروديت وغيرهن من أميرات اليونان.

في عرضه ظهرت حقائب يد خجولة، لكنها تشير إلى أن المصمم يهتم بها أكثر وأكثر.

في عرض «لوي فيتون» أخذنا المصمم مارك جايكوبس في رحلة أفريقية محضة، حيث يبدو أنه استحلى دفء هذه القارة وشمسها منذ أن زارها في الموسم الماضي في تشكيلته التي عرفت إقبالا كبيرا، وما علينا إلا أن نتذكر حذاء «سبايسي» الذي بيع بأكثر من ألفي دولار ومع ذلك كانت هناك لائحة طويلة في انتظاره.

هذه المرة، ارتأى المصمم أن يزورها كسائح متسلح بكل ما يحتاجه من أزياء وإكسسوارات، ومن هنا كانت الطبقات المتعددة التي تستبق أي تغيير في الطقس، والحقائب الضخمة التي تحمل وراء الظهر لامرأة مغامرة وشابة، والأحذية والصنادل المريحة وإن كانت على شكل قباقب يزينها الريش والصدف.

«هيرميس» ترقى بالـ«سبور» إلى الكلاسيكية
أما شقي الموضة، جون بول جوتييه، فقد أبدع لدار «هيرميس» تشكيلة مستوحاة من أجواء «ويمبلدون» مع رحلة قصيرة إلى دوفيل في العشرينات والثلاثينات من خلال قطع منفصلة من الجيرسيه وفساتين وجاكيتات، أقل ما يمكن أن يقال عنها إن المصمم تفوق فيها حتى على نفسه.

فقد أعاد إلى الأذهان معنى أن تكون في خزانتك قطعة تحمل توقيع «هيرميس» أيا كان نوعها أو شكلها. فكل قطعة ظهرت في العرض كانت تحمل كل مواصفات الأناقة الراقية، بدءا من الأقمشة المترفة إلى التقنية والجودة المستعملة في حياكتها، مرورا بتصميمها العصري والكلاسيكي، الذي لا يتأثر بعوامل الزمن وتغيرات الموضة الموسمية.

وإذا كان كارل لاجرفيلد قد فتح صفحة جديدة في دار «شانيل» بإدخالها الألفية من أوسع الأبواب، فإن جون بول جوتييه قام بالشيء نفسه تماما، وأكد أنه يفهم إرث «هيرميس» لكنه أيضا يعيش زمنه.

الخلفية التي بنى عليها جوتييه تشكيلته في «قاعة فريزينيه» بضواحي باريس، كانت ملعب تنس، حيث تمت تغطية المقاعد والمنصة بالحشيش الأخضر والندى الذي تشم رائحته بمجرد دخول القاعة، والذي كان أيضا إيذانا بتشكيلة «سبور».

وهذا ما كان بالضبط في البداية، لكن سرعان ما توالت قطع في غاية الأناقة تستحضر شواطئ دوفيل، التي كانت محج الطبقات المخملية والأرستقراطية في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي.

جون بول جوتييه اعترف بعد العرض بأنه لا يلعب التنس، لكن صور لاعبة التنس الفرنسية الشهيرة في العشرينات، سوزان لانجلن، استوقفته بقوتها وجرأتها فيما يخص مظهرها، ومن هنا كانت التشكيلة التي أخذت الكثير من تلك الحقبة وترجمت بلغة العصر.

فقد كانت هناك تنورات شفافة من البليسيه، بعضها يصل إلى الكاحل، لكن وزن الأقمشة الخفيف المستعمل فيها منحها مظهرا رياضيا مترفا.

كما كانت هناك الكثير من الجاكيتات الطويلة بألوان هادئة مثل البيج، وأحيانا بحواش بالأسود، والكنزات الصوفية وغيرها. وإذا كان المصمم قد ارتقى بالدار إلى مرحلة جديدة في تاريخها من خلال الأزياء، فإنه استعمل السحر نفسه فيما يخص حقائب اليد.

صحيح أنه لم يحتج سابقا، أن يصمم حقيبة يد «تكسر السوق» كما يقال، ولم تطلب منه الدار الفرنسية الشهيرة بجلودها ذلك منذ التحاقه بها، لسبب وجيه وهو أنها راضية بما تحققه من مبيعات في هذا المجال.

فهي أحيانا لا تستطيع تلبية كل الطلبات بسبب حجم الإقبال، خصوصا على حقيبتيها «كيلي» و«بيركين»، لكنه على ما يبدو لم يستطع أن يقاوم هذه المرة رغبته في إضافة لمسة من لمساته عليهما، ومن هنا أسهب في الحجم الضخم الذي لا يمكن أن تتجاهله العين.

أهم الاتجاهات القادمة
- الأكتاف العالية والبارزة كما ظهرت عند «بالمان» و«بالنسياغا» مثلا.

- فساتين «درابيه» ناعمة كما ظهرت عند إيلي صعب و«ليونارد» وغيرهما.

-  فساتين وتنورات بطول قصير جدا، مما يجعل الحاجة إلى بنطلونات ضيقة يمكن الاستعانة بها أمرا ضروريا.

- لكن هناك أيضا قطعا بطول معقول يغطي الركبة أو يلامسها.

- الأقمشة الشفافة استعملت بسخاء، الأمر الذي يناسب امرأة جريئة جدا، ويمكن الرجوع إلى الطبقات المتعددة لتجاوز جرأتها.

- إلى جانب الأحذية العالية جدا، كانت هناك أيضا أحذية معقولة أقرب إلى الـ«سبور» كما في عرضي كل من «لوي فيتون» و«هيرميس».