انطلاق أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2010 في أجواء تفتقد الإثارة

انطلاق دورة الموضة لربيع وصيف 2010 من التفاحة الكبيرة تحت شعار اللعب على الأنيق وتجاهل الجديد
انطلاق دورة الموضة لربيع وصيف 2010 من التفاحة الكبيرة تحت شعار اللعب على الأنيق وتجاهل الجديد

انطلق أمس أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2010 في جو مشوب بالقلق، رغم التطمينات التي يرددها بعض المراقبين الماليين بأن أحوال السوق بدأت تتحسن. فعلى ما يبدو لم تتم ترجمة هذا التحسن في قطاع الموضة بالولايات المتحدة، الأمر الذي أودى ببعض الأسماء التي أغلقت أبوابها ودفع البعض الآخر إلى تنظيم عروض صغيرة جدا.


لكن الرسالة التي بدأ يكتب خطوطها الكثير من المصممين هنا، والتي سيطالعونا بها طوال هذا الأسبوع، هي ضرورة مراوغة الأزمة المالية بالكثير من الأناقة الرومانسية والمزيد من التسويق الجيد الذي يصب في صالح المستهلك ويخدم صناعة الموضة في الوقت ذاته.

لهذا لن نستغرب إن رأينا منصات عروض الأزياء في الخيمة المنصوبة بـ«براينت بارك» تضج بتصميمات منسابة، وإن كان بعضها بطيات وثنيات فنية ناعمة، تدعم جانب الإبداع والحلم، وتترجم في المحلات فيما بعد بأسعار معقولة نسبيا مقارنة بالأعوام الماضية.

فالحل حسب ما يراه الكثير من المصممين في التفاحة الكبيرة في يد المستهلك الذي عليه أن يشتري دون تردد، خصوصا أنه ليس لديه أي مبرر لعدم معانقة هذه التصميمات الرومانسية والأنيقة والمعقولة من حيث أسعارها.

الملاحظ أيضا أنهم سيحرصون على توفير هذه التشكيلات في الأسواق قبل وقتها العادي سابقا، والذي كان ستة أشهر بعد العرض، على أمل تسويقها بسهولة أكبر، فقد تبين أن المرأة عندما ترى قطعة وتعجب بها تريدها في الحال ولا تطيق انتظارها لعدة أشهر، كما أن تغير أحوال الطقس التي أصبحت أكثر دفئا جعلت تشكيلات الربيع والصيف مرغوبة أكثر.

محاولات المصممين في التفاحة الكبيرة لها مبرراتها، فهم قد اكتووا بنار ما يمكن وصفه بأقسى أزمة مالية تؤثر على قطاع الموضة منذ 70 عاما، ويأملون أن يلهموا المرأة ويعززوا من ثقة السوق حتى تمشي أمورهم ويتجاوزوا الأزمة بسلام.

المصممة دايان فون فورستنبورغ، التي ترأس غرفة الموضة الأميركية، تشرح بأن هذا الأمر أصبح مهما، والأهم منه هو تقليص عدد التشكيلات وشحنها على دفعات إلى مراكز التسويق، مع التركيز على جعلها أكثر إبهارا وإغراء حتى تبيع بسرعة أكبر.

ووافقها المصمم زاك بوسن الرأي بقوله: «إنه وقت عصيب ويحتاج إلى الكثير من التحدي، لكني أؤمن بأن الخيال والإبداع هما الحل»، أكثر من ستين مصمما سيشاركون في الأسبوع، من أهمهم مارك جايكوبس، رالف لوران، كالفن كلاين، دونا كاران، أوسكار دي لارونتا، مايكل كورس، كارولينا هيريرا، فيليب ليم، وآخرون لا يقلون أهمية.

وسيعمد كل واحدة منهم إلى استعمال كل مهارته في الإبهار والاهتمام بالتفاصيل، لإخفاء أي قلق يخالجهم أو شح الإمكانيات حتى تبدو الصورة مكتملة، فالموضة أولا وأخيرا هي بيع الحلم والجمال، وهذا ما سيعملون على تطبيقه وتقديمه سواء بداخل «براينت بارك» أو في القاعات الصغيرة المتناثرة هنا وهناك بالنسبة لمصممين اختاروا العرض في أماكن خاصة لأسباب مختلفة.

ولا تقتصر سياسة شد الأحزمة على الأسماء الصغيرة، فحتى مارك جايكوبس صرح بأن عرضه سيكون بسيطا، مضيفا أن أسعار أزيائه أيضا ستكون متفاوتة حتى تخاطب شرائح أكبر. وفسر الأمر بأنه يحاول أن يكون أكثر مسؤولية بطرحه خيارات عدة.

ما يعرفه جايكوبس جيدا وغيره من العاملين في صناعة الموضة بنيويورك أنها ثاني أكبر قطاع بعد التمويل والبورصة، إذ تحتضن أكثر من 800 شركة متخصصة توظف نحو 175 ألف موظف يتقاضون في المجموع نحو 10 مليارات دولار في العام.

ورغم أن الكل يعرف أن الإبهار مهم للإبقاء على صورة الموضة كحلم جميل، فإن المراقبين يتوقعون أن يكون الأسبوع هادئا وعقلانيا بعد أن شهدت الكثير من الأسماء ومحلات الأزياء مبيعاتها تقل، وعلى رأسها «ساكس» و«نيمان ماركوس» التي انخفضت نسبة مبيعاتها بنحو 20% مقارنة بالعام الماضي، ومحلات «مايسيس» بنسبة 8%، حسب ما نشرته وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب).

كما سجلت مجلات الموضة انخفاضا في إعلاناتها، بما في ذلك مجلة «فوغ» التي لم تستطع هذا العام أن ترقى إلى نسبة مقاربة لتلك التي حققتها في عددها الصادر في عام 2007، أكبر عدد في تاريخها.

وهو عدد تم تصوير كل مراحله، من تحضير وتصوير ومناقشات وملاسنات، في فيلم سيعرض هذا الأسبوع في صالات السينما ويظهر الوجه الآخر للمرأة الفولاذية كما تسميها أوساط الموضة، أنا وينتور، مع العلم أن هذه الأخيرة، التي تعتبر أيضا عرابة الموضة، تقوم بدور فعال في التشجيع على التسوق، وذلك بإطلاقها مساء أمس، بالتعاون مع عمدة المدينة مايكل بلومبورغ، مبادرة «سهرة الموضة»، وهي مبادرة قامت بها مجلات «فوغ» في كل العواصم الموجودة فيها من نيويورك ولندن إلى نيودلهي وبكين وموسكو والبرازيل وغيرها.

والفكرة منها هي تقريب الموضة للمستهلك ظاهريا، لكنها في الحقيقة تستهدف جيبه، فهو سيتمكن من التسوق لساعات متأخرة من المساء، كما سيستمتع بوجود المصممين أنفسهم في هذه المحلات لمساعدته على اختيار ما يناسبه.

أنا وينتور صرحت لوكالة «رويترز» أن «أهم شيء الآن هو جذب الناس إلى المحلات، ومنحهم الشعور بالسعادة وهو يتسوقون».

وتجدر الإشارة إلى أن دورة الموضة للربيع والصيف من عام 2010 تبدأ من نيويورك لتنتقل بعدها إلى لندن ثم ميلانو وتنتهي بباريس، ورغم محاولاتها لجذب النجوم والنجمات لزيادة بريقها، فإن الهدف الحقيقي منها هو جذب المشترين ووسائل الإعلام، فأسبوع موضة لا يبيع لا يمكن أن يستمر، ونيويورك أصلا قائمة على التسويق الجيد من خلال أسلوبها «السبور» الذي يمزج الأناقة بالعملية طوال تاريخها.

هذا الموسم سيكون آخر أسبوع موضة في نيويورك يقام في خيمة «براينت بارك»، ففي الموسم القادم ستتجه الأنظار وتصوب عدسات الكاميرا إلى النجوم والأزياء في مركز لنكولن.