أميركا تتابع فصول إحدى أغرب عمليات خطف الأطفال في تاريخها

جايسي لي دوغارد تعود بعد 18 سنة.. وخاطفها أنجب منها بنتين
جايسي لي دوغارد تعود بعد 18 سنة.. وخاطفها أنجب منها بنتين

بعد مرور 18 سنة على خطف جايسي لي دوغارد من الشارع قرب بيتها وهي طفلة في سن الحادية عشرة، عادت لتلتقي بأمها وعائلتها الأصلية خلال الساعات الـ36 الماضية، في إحدى أغرب حوادث الخطف والاغتصاب في تاريخ الولايات المتحدة.


وكالات الأنباء ووسائل الإعلام، ومنها شبكة «سي إن إن» تتابع ساعة بساعة تفاصيل القصة التي بدأت في مدينة ساوث ليك تاهو الصغيرة في شمال شرقي ولاية كاليفورنيا على الحدود مع ولاية نيفادا.

فتبعا للمعلومات المتوافرة خطفت دوغارد، التي هي اليوم سيدة في التاسعة والعشرين من العمر، أمام موقف حافلات مدرسية قرب بيت أهلها يوم 10 يونيو (حزيران) 1991 على أيدي رجل وامرأة كانا يستقلان سيارة رمادية اللون، كما يتذكر زوج أمها الذي شاهد من بعيد عملية الخطف.

ومع أن كثيرا من تفاصيل القصة المثيرة لم يعلن رسميا، فإن الخاطف فيليب غاريدو (58 سنة) وزوجته نانسي (55 سنة) قيد التوقيف حاليا.

ويخضع منزلهما في ضاحية أنتيوك، قرب مدينة سان فرانسيسكو، للتفتيش الدقيق، وكان غاريدو الذي ذكر أنه صاحب سجل تعديات على قصّر، قد أقدم على اغتصاب الطفلة المخطوفة بصورة متمادية وأنجبت له بنتين (11 سنة) و(15 سنة) كانتا تعيش مع أمهما في بيت صغير تابع لمنزل غاريدو في حديقته الخلفية.

وحسب المعلومات المعلنة لم يتح لأي من البنتين المنعزلتين عن العالم مع أمهما دخول مدرسة أو المعاينة في عيادة طبيب، أما نهاية كابوس عملية الخطف التي على امتداد سنوات عديدة لم يسجل فيها أي تقدم ظاهر في التحريات والتحقيقات، فجاءت بصورة غريبة بعض الشيء.

فيوم الثلاثاء الماضي جاء غاريدو إلى حرم جامعة كاليفورنيا في بيركلي، بضواحي سان فرانسيسكو وبصحبته ابنتاه وحاول الحصول على إذن بتوزيع منشورات وإلقاء كلمة، وحسب ناطق باسم الشرطة المحلية، لم يكن على علم لا بمحتويات المنشورات ولا بموضوع الكلمة.

وتزايد شك شرطيتين هناك بطريقة التعامل بينه وبين البنتين، فطلبتا بحثا استقصائيا عنه،وتبين بنتيجته أن له سابقة جرمية عام 1971 متصلة بالاغتصاب والخطف، وأنه أودع بسببها السجن لفترة في ليفنوورث بولاية كناس، وعندها مرّرت الشرطة المعلومات عنه إلى جهات الشرطة القضائية التي كانت متابعة لسجل غاريدو الجرمي وطلبت منه المثول أمامها في اليوم التالي.

وفي اليوم التالي جاء غاريدو وبصحبته زوجته نانسي وامرأة أخرى عرفت باسم «أليسا» والبنتان إلى مكتب المسؤول، الذي فوجئ بحضور «أليسا» والبنتين لأنه لم يسبق له أن شاهدهن أثناء زياراته التفقدية لمنزل غاريدو، وبعد التحقيق تبين أن «أليسا» هي دوغارد، وأن البنتين هما ابنتاها من غاريدو.

بداية أجراءات التقاضي
دفع فيليب غاريدو (58 عاما) وزوجته نانسي (54 عاما) الخاطفان المفترضان لجايسي دوغارد في 1991 والمتهمان باحتجازها لمدة 18 عاما في حديقة منزلهما في كاليفورنيا (غرب)، ببراءتهما امام القضاء الجمعة.

ولاذ الزوجان بالصمت اثناء الدقائق الخمس التي دامتها جلسة الاستماع امام المحكمة العليا لمقاطعة الدورادو، وسيكون على الزوجين ان يردا على 28 اتهاما بينها "الخطف والاعتداء الجنسي والتعذيب وممارسات لا أخلاقية وداعرة بحق طفل" بحسب ما أوضح اللفتانت لي لوفيل من مكتب رئيس شرطة الدورادو لوكالة فرانس برس.

وبكت نانسي غاريدو اثناء جلسة الاستماع في حين لم تبد على زوجها فيليب النحيل البنية ذي الشعر القصير، أيّ مشاعر تأثر.

وظهر المتهمان مقيدي الايدي وقد ألبسا زي السجن الاحمر، وتم الابقاء عليهما رهن الاحتجاز دون امكانية الافراج عنهما بكفالة. وحددت السلطات جلسة اخرى لهما في 14 سبتمبر، وغاريدو وهو قيد سراح شرطي، كان حكم عليه بتهمتي الاغتصاب والخطف ارتكبهما في 1971، واسمه مدرج ضمن السجل الاميركي للمنحرفين الجنسيين.

وقبيل جلسة الاستماع وفي الوقت الذي ارتفعت فيه الكثير من الاصوات مستغربة عدم اكتشاف معاناة جايسي في وقت أبكر، اقرت شرطة كاليفورنيا انها اضاعت فرصة لانقاذ الشابة في 2006 وذلك بعد ان أبلغها الجوار انه يبدو ان اشخاصا يعيشون في حديقة غاريدو.

غير ان الشرطي الذي ارسل للتحقق من الامر لم يدخل المنزل ولم يفتش الحديقة واضاع "فرصة انقاذ" جايسي، بحسب ما اعلن رئيس شرطة مقاطعة كونترا كوستا وارن روبف في مؤتمر صحافي. واضاف روبف "ليس بوسعي تغيير مجريات الاحداث غير اننا نلوم انفسنا ونحن اول الآسفين (..) انه امر لا يغتفر".

هذا فيما فتشت الشرطة الجمعة منزل فيليب غاريدو وذلك بحثا عن ادلة محتملة على علاقة بين المشتبه فيه ومقتل عشر مومسات في تسعينات القرن الماضي، بحسب الصحافة المحلية.

وفي مقابلة اجرتها قناة تلفزيون محلية معه بعد توقيفه وصف فيليب غاريدو علاقته بجايسي التي قال انها "ضحية"، بانها "مؤثرة". وقال في المقابلة التي أجريت معه بالهاتف "لقد رزقت بهاتين الطفلتين (من جايسي دوغارد) لقد كانتا تنامان على ذراعي كل مساء منذ ولادتهما. لم أقبلهما ابدا".

وكانت جايسي تعيش مع ابنتيها في كوخ وضيع من الخيام اخفي وراء سياج وحاجز من النبات.

واوضح فريد كولار نائب رئيس شرطة مقاطعة الدورادو الخميس ان "ايا من الطفلتين لم يذهب البتة الى مدرسة او طبيب. لقد تم الاحتفاظ بهما في عزلة تامة".

وتم كشف عملية الاختطاف حين تولت الشرطة الثلاثاء مراقبة غاريدو في حرم جامعة كاليفورنيا ببيركلي قرب سان فرانسيسكو للاشتباه في سلوكه. وبعد ان دعاه الاربعاء العون المكلف بمراقبته القضائية، مثل صحبة البنتين وزوجته وضحيته التي قدمها باسم اليسا. وبعد إجراء التحريات اكتشفت السلطات ان اليسا ليست الا جايسي دوغارد.

وقالت صحيفة "سكرامانتو بي" على موقعها على الانترنت ان الشرطة فتشت منزل غاريدو في انتيوش على بعد 70 كلم شرق سان فرانسيسكو في اطار التحقيق في مقتل العديد من المومسات.

ونقلت الصحيفة عن دانييل تيري من مكتب رئيس شرطة مقاطعة كونترا كوستا ان الشرطة دخلت "هذا الصباح" منزل غاريدو "للتحقيق في احتمال وجود رابط مع سلسلة عمليات قتل لمومسات" لم يتم كشف خيوطها في منطقة سان فرانسيسكو.

وكان تم العثور على العديد من الجثث في 1998 و1999 في منطقة صناعية قرب المكان الذي يعمل فيه غاريدو. وقال تيري للصحيفة انه تم استجواب غاريدو من قبل الشرطة بشأن هذه الجرائم دون تحديد ما اذا كان مورطا فيها.

وكان عثر الخميس على جايسي دوغارد البالغة حاليا من العمر 29 عاما بعد خطفها لمدة 18 عاما في منزل غاريدو في انتيوش على بعد 70 كلم شرق سان فرانسيسكو وطفلتيها اللتين رزقت بهما من خاطفها والبالغتين من العمر 15 و11 عاما.

ما تعرضت له جايسي لي دوغارد يعد من أغرب وأطول جرائم الخطف والاحتجاز في الولايات المتحدة، وهي تعيد إلى الأذهان، بالذات أربع جرائم مشابهة.

الأولى وقعت لكاثرين فاراند دايير، التي اختفت في مدينة بولدر الجامعية بولاية كولورادو عام 1954 وظهرت حية ترزق في وقت سابق من العام الحالي في أستراليا

 والثانية، كانت ضحيتها ناتاشا كامبوش التي اختفت في النمسا وهي في سن العاشرة عام 1998، لكنها تمكنت عام 2006 من الإفلات من خاطفها الذي أقدم إذ ذاك على الانتحار

 والثالثة وقعت أيضا في النمسا وكانت جريمة احتجاز واغتصاب عائلية لم يسجل فيها خطف، ضحيتها إليزابيث فريتزل التي احتجزها أبوها في قبو بين 1984 و2008 وأنجب منها سبعة أولاد.

أما الرابعة فكانت ضحيتها إليزابيث سمارت التي اختفت من منزل عائلتها في مدينة سولت ليك سيتي عاصمة ولاية يوتاه الأميركية عام 2002 وكان عمرها 14 عاما، لكنها ظهرت بعد مرور تسعة أشهر.