تقنيات حديثة منها المنظار الضوئى لعلاج آلام العمود الفقرى دون جراحة

أصبح علاج الحالات التى تعانى من الآلام المستعصية تكون نتيجة للالتصاقات التى قد تحدث بعد العمليات الجراحية المفتوحة ناجحا باستخدام تقنية التنظير الضوئى للعمود الفقرى.
أصبح علاج الحالات التى تعانى من الآلام المستعصية تكون نتيجة للالتصاقات التى قد تحدث بعد العمليات الجراحية المفتوحة ناجحا باستخدام تقنية التنظير الضوئى للعمود الفقرى.

لأول مرة فى الشرق الاوسط، بعد اثبات نجاحه طبيا فى العالم، يتم استخدام التنظير الضوئى Epiduroscopy لازالة الالتصاقات التى قد تحدث حول الاعصاب الحساسة والتى ينجم عنها آلام مستعصية تسبب اعاقة لحركة المريض بعد العمليات الجراحية المفتوحة للعمود الفقرى.


يذكر الاستاذ الدكتور أحمد فوزى المُلا من جامعة الاسكندرية في مصر ومسؤول عن وحدة علاج الآلام بمستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة، والحاصل على زمالة علاج الآلام بالتدخل اللاجراحى من معهد الآلام الدولى بتكساس في الولايات المتحدة، أن الحالات التى تعانى من الآلام المستعصية تكون نتيجة للالتصاقات التى قد تحدث بعد العمليات الجراحية المفتوحة لإزالة الجزء الضاغط من القرص البينى (او ما يسمى بالانزلاق الغضروفى) اصبح الان علاجها ناجحا باستخدام تقنية التنظير الضوئى للعمود الفقرى.

ففى بعض هذه الحالات يعانى المرضى بعد التدخل الجراحى من حدوث التصاقات (ندبات) والتى تلتف حول العصب (أو الاعصاب) وتؤدى الى “اختناقه” والتهابه وبالتالى الى حدوث آلام شديدة فى الرقبة والذراعين أوفى الظهر والساقين قد تصل حدتها الى اكثر مما كانت عليه قبل اجراء العملية الجراحية.

ازالة الآلام
وحديثا تم استخدام التنظير الضوئى بنجاح لإزالة الآلام فى حالات بروز القرص البينى قبل العمليات الجراحية فى الظهر وكذلك فى المرضى الذين يعانون من ضيق فى مجرى القناة العصبية فى العمود الفقرى (خاصة كبار السن) ومرضى العمليات الجراحية للفقرات العنقية (فى الرقبة).

ان التقنية اللاجراحية باستخدام المنظار الضوئى بمساعدة الاشعة القوسية لمنطقة فوق الأم الجافية فى العمود الفقرى تتم بادخال منظار ذو قطر رفيع تحت مخدر موضعى من اسفل الظهر (فوق العصعص) واعطاء مهدئ للمريض.

ويتم عن طريق المنظار تنظير الالتصاقات ثم تفكيكها وازالتها من حول العصب المُعتل وكذلك ازالة المواد المسببة لالتهاب الاعصاب عن طريق عملية "غسيل" فوق الأم الجافية وازالة المواد المسببة للالتهاب والتى تمنع حدوث الالتصاقات مستقبلا، ومن ثم يتم زرع قسطرة خاصة بجانب العصب المسبب للآلام بمساعدة الاشعة والمنظار الضوئى لمدة 3 أيام حيث يتم عن طريق القسطرة، بعد تثبيتها، حقن عقاقير لإزالة الآلام والالتهابات وكذلك انزيمات لإزالة الالتصاقات المتبقية حول العصب (أوالاعصاب).

المنظار الضوئي
يُوصل المنظار عين طبيب علاج الآلام الى مكان الالتصاقات فيرى كل شيء مجسم وثلاثي الابعاد وبألوانه الطبيعية، الأمر الذى يُمكن الطبيب من العمل والحركة فى حيز بالغ الدقة والحساسية، حيث يتم تفكيك وازالة الالتصاقات من حول العصب (اوالاعصاب) المسبب للآلام بسريان محلول ملحي او بتحريك مقدمة المنظار او بأداة خاصة، وعلى ذلك يتم ضخ عقاقير وانزيمات خاصة لعلاج الاعصاب بعد تفكيك وازالة الالتصاقات التى كانت تعيق وصول العقاقير المعالجة الى الاعصاب الحساسة بطرق الحقن التقليدية فى العمود الفقرى.

ولا يقود استخدام هذه التقنية الى صون جسم المريض من التعرض لآثار جراحة اخرى فحسب، بل ايضا تجنيبه اللجوء الى تقنيات علاجية اخرى للآلام (عندما تصبح مستعصية) وبهذا يتجنب المريض الى حد كبير فى المستقبل زرع دائم لجهاز "المحفز الكهربائي" على النخاع الشوكي أو مضخة المورفين الاتوماتيكية والتى تكون فى العادة آخر خطوة من خطوات علاج الالام فى حالات ما بعد العمليات الجراحية للعمود الفقرى نظرا للتكلفة والتقنية العالية لمثل هذه الاجهزة بالمقارنة لتقنية العلاج بالمنظار الضوئى.

وقد يحتاج المريض الى اعادة عمل المنظار مرة اخرى بعد مدة قد تمتد الى سنوات تعتمد على كمية الالتصاقات ومدى استجابة المريض، أما عن نتائج استخدام المنظار فى مثل هؤلاء المرضى فهى طيبة للغاية، حيث أن ازالة معظم الآلام تتراوح بنسب ما بين 70 الى 80% مع استطاعة المريض مزاولة حياته ونشاطاته الحيوية اليومية بنسبة 90% وبذلك يتجنب المريض الالام التى تعيقه عن حياة هادئة مستقرة.

وبصفة عامة ينصح الدكتور احمد المُلا مرضى بروز القرص البينى (الانزلاق الغضروفى، أو ما يعرف للبعض بعرق النسا) سواء فى الرقبة او الظهر بعرض انفسهم اولا على طبيب علاج الآلام والذى يقوم بحقن عقاقير وانزيمات خاصة فوق الأم الجافية فى العمود الفقري بمساعدة تقنية الاشعة القوسية والتى تزيل آلام الاعصاب الملتهبة وقد تؤدي، فى اغلب الأحيان، الى انكماش بروز القرص البينى مع استمرار العلاج التحفظى وبذلك قد لا يحتاج المريض الى عمليات جراحية.

وكذلك لا ينصح بتكرار العمليات الجراحية المفتوحة لازالة الالتصاقات الا فى حالات معينة (كوجود بقايا من القرص البينى من الجراحة السابقة أو بروز جديد للقرص البينى مع التأثير على درجة الاحساس او على القدرة الحركية للساقين او الذراعين او حدوث التبول اوالتبرز اللاارادى).

ولذلك لا ينصح بازالة هذه الالتصاقات جراحيا لانها قد تؤدى الى زيادة الالتصاقات (ندبات) التى من شأنها أن تتسبب فى ألام لا تقل حدتها عن ألام بروز القرص البينى ذاته أو قد تزداد وتسوء اكثر فى أغلب الاحيان لدرجة انها قد تزيد من اعاقة المريض من مزاولة نشاطات حياته اليومية.

مستجدات العلاج
أما الجديد فى علاج آلام بروز القرص البينى فى الرقبة أو العنق فهو امكانية شفط جزء صغير من النواة الجلاتينية للقرص البينى الضاغط على العصب (أو الاعصاب) المعتل والمسبب للآلام بطرق حديثة مختلفة، وذلك باستخدام مسبار خاص (على شكل ابرة) للوصول الى النواة الجلاتينية للقرص البينى من خلال الجلد بمخدر موضعى وبدون فتح جراحى وباستخدام الاشعة القوسية ويتم عن طريق المسبار ازالة أو تخفيض ضغط القرص البينى على العصب (او الاعصاب) وعندها تتلاشى الآلام التى يعانى منها المريض وبذلك يتجنب الآثار الجانبية (كحدوث التصاقات) التى قد تحدث بعد العمليات الجراحية المفتوحة وتسمى إحدى هذه الطرق الحديثة Radiofrequency Cobaltion (Nucleoplasty).

بصفة عامة تتم معالجة الآلام الناتجة عن الالتصاقات الضاغطة على الاعصاب التى قد تحدث فيما بعد العمليات الجراحية للقرص البينى باستخدام تقنية التنظير الضوئى او الآلام الناتجة عن بروز القرص البينى باستخدام تقنية الشفط فيما قبل اتخاذ قرارالعمليات الجراحية المفتوحة، باستخدام مخدر موضعى وبدون فتح جراحى وفى غرفة معقمة وباستخدام الاشعة القوسية وحقن صبغة خاصة لتحديد اماكن علاج الآلام بدقة متناهية.

ان تقنية هذا العلاج اللاجراحى تضمن اقل قدر من التدخل وتصون جسم المريض، كما أن هذا العلاج يكفل للمرضى عدم تعرضهم للآلام وغالبا ما يجنبهم الخضوع لعمليات جراحية جديدة التى ينشأ عنها عزل أو قطع العضلات، وبدون احداث أى جروح.

مزايا التداخل اللاجراحي
ان معالجة الالام بالتداخل اللاجراحى لها فوائد جمة، اذ لا تنفذ عملية جراحية مفتوحة وبالتالى يتم تفادي الآثار الجانبية، الاستغناء التدريجى لاستخدام الادوية المسكنة عن طريق الفم وبالتالى تفادى آثارها الجانبية على اعضاء الجسم (المعدة، القلب، الكبد، الكلى) والتى قد يؤدى الاكثار من بعضها الى حدوث قرحة أو نزيف بالمعدة او حتى الفشل الكلوى، كما انه لا يوجد داع للتخدير الكلى، ويقل خطر المضاعفات، وتكون الاقامة السريرية قصيرة، ويتم التعافى بشكل أسرع، كما يسمح للمريض بتناول الطعام والشراب فورا، ولا ضرورة للاقامة التأهلية بالمستشفى.

واخيرا فان للعلاج نسبة نجاح عالية، وفاعلية في تلاشى الآلام بتكلفة أقل، وللاسباب السالفة الذكر فهناك بصفة عامة اتجاه طبى عالمى باستخدام تقنيات معالجة الآلام المستعصية بدون جراحة لمحاولة تفادى العمليات الجراحية المفتوحة وبصفة خاصة اتجاه طبى فى معالجة الالام الناشئة عن بروز القرص البينى (فى الرقبة او الظهر) قبل الجراحة أو نتيجة تكوين الالتصاقات فيما بعد الجراحة والاعتماد على العلاج التحفظى (الدوائي والطبيعي والتأهيلي).

ولهذا اصبح علم تخصص معالجة الآلام بالتداخل اللاجراحى له أهمية عالمية وبدأ استخدامه و تدريسه فى البلدان المتقدمة وانتشاره فى بعض البلدان العربية لخدمة وصون جسم المرضى.