في «كان» .. بيوت الأزياء والمجوهرات تستغل المهرجان لإغواء النجمات

يعنبر مهرجان «كان» مناسبة لإبرام الصفقات بين النجمات وبيوت الأزياء والمجوهرات، الأمر الذي يفسر أصرار كثير من المصممين وبيوت المجوهرات العالمية على الحضور
يعنبر مهرجان «كان» مناسبة لإبرام الصفقات بين النجمات وبيوت الأزياء والمجوهرات، الأمر الذي يفسر أصرار كثير من المصممين وبيوت المجوهرات العالمية على الحضور

يخوت ضخمة، نجمات متألقات، فساتين ومجوهرات تقدر بالملايين، ومصورون وصحافيون يركضون وراء النجوم، يقتفون خطواتهم وأخبارهم أكثر من ركضهم لتغطية الأفلام.. هذه هي مدينة كان الفرنسية هذه الأيام في عرسها السينمائي السنوي، الذي يمتد على مدى 12 يوما بالتمام والكمال.


وبهذا يكون أطول أسبوع موضة في العالم يقام على مسرح مفتوح على الشمس والبحر والحياة اللذيذة بكل ما تحمل من معاني الترف والبريق والاستعراض.

وتجدر الإشارة إلى أنه مناسبة أيضا لإبرام الصفقات بين النجمات وبيوت الأزياء والمجوهرات، الأمر الذي يفسر تواجد كثير من المصممين وإصرار بيوت المجوهرات العالمية على حضوره، بل حتى شركة الساعات السويسرية المتخصصة «جيجير لوكولتر» حرصت على أن يكون لها نصيب من الكعكة هذا العام، وخصصت ركنا خاصا بها، بل ونجحت في الحصول على معصم النجمة الألمانية دايان كروغر لتروج لها.

 المصمم الإيطالي روبرتو كافالي برر هذا الزخم من الحضور والجمال بقوله إنه ليس هناك أفضل من رحلة إلى الخارج لفتح آفاق جديدة والتعرف على أبعاد أخرى للموضة، وليس هناك، حسب رأيه، أفضل من فرنسا لتحقيق هذا الأمر.

وهو بالفعل ما أكدته الدورة الثانية والستين للمهرجان السينمائي العالمي. فعلى الرغم من أن العالم كله يرزح تحت الأزمة المالية، والحديث عن تبعاتها لا يتوقف وحالة التشاؤم لم تنقشع تماما، فإن «كان» تبدو وكأنها في معزل عن كل هذا، حتى تكاد تشعرك بأن هذه الأزمة مفتعلة ولا وجود لها أصلا إلا في وسائل الإعلام التي تضخمها، أو أنها مؤامرة لشد الأحزمة وقص بعض الأجنحة.

 ومما لا شك فيه أن بيوت الأزياء والمجوهرات لا تريد الاعتراف بها على أساس أن التفاؤل هو مفتاح الفرج، على الرغم من أن نسبة مبيعاتهم انخفضت مقارنة بالأعوام الماضية.

في البداية، أعطت الفرنسية إيزابيل هيبار، التي تترأس لجنة التحكيم الدولية للمهرجان في دورته الثانية والستين، الانطباع بأن الأجواء ستكون هادئة وتعكس الحالة الاقتصادية للعالم، بظهورها في يوم الافتتاح ببنطلون جينز غامق وقميص يمكن وصفه بالعادي لولا أنه يبرق بالخرز والترتر وجاكيت عملي، كذلك الأمر بالنسبة للنجمة الأميركية لورين رايت بين، عضو لجنة التحكيم وزوجة النجم الأميركي شون، بظهورها خلال النهار بتايور بسيط من ماركة «ديسكارد2».

 إلا أن الإيقاع سرعان ما تغير في مساء اليوم نفسه، حيث استبدلت لورين رايت بين، البساطة بأناقة الفينتاج، وتألقت في فستان طويل يتوفر على كل العناصر التي تتطلبها مناسبات السجاد الأحمر بتوقيع المصمم إيلي صعب، لتتوالى فساتين مغزولة بخيوط من ذهب وفضة أو مستلهمة من فن الأوريغامي أو مرسومة باليد.

الملاحظ أن الحاجة إلى الظهور في أجمل حلة وإطلالة والتي سادت مناسبات الأوسكار وغيرها من المناسبات المماثلة في الولايات المتحدة، انتقلت عدواها إلى أوروبا وإن بنسبة أقل.

فسابقا كان يجتمع هنا الجدي والهزلي بشكل متناغم يعطي المهرجان شخصية مختلفة، أكثر انطلاقا وتمردا على المألوف، وما علينا إلا أن نتذكر ممثلة فرنسية كانت مغمورة قبل عام 1953، اسمها بريجيت باردو.

ما إن ظهرت في المهرجان بلباس بحر كاشفة عن مفاتنها حتى تحولت بين ليلة وضحاها إلى اسم عالمي.

 ولم يمر عام واحد على هذا الحدث حتى ظهرت الممثلة سيمون سيلفا بلباس بحر أكثر إغراء يتكون من قطعتين منفصلتين، قامت بخلع القطعة العلوية منه أمام عدسات المصورين، لتحصل على دعاية مجانية تقدر بالملايين.

لكن هذا الجنون غاب، لحسن حظنا وسوء حظ الباباراتزي ومجلات الإثارة، وحتى الشطحات الفنية التي تعودنا عليها، كما هو الحال بالنسبة لفستان المغنية السويدية «بيورك» الغريب وغيرها غابت وحلت محلها أناقة المضمون، وكأن النجمات تتبارين على الحصول على القبول وشهادة حسن التصرف والأخلاق.

وعلى الرغم مما ردده الإيطالي روبرتو كافالي بأن المهرجان فرصة لهؤلاء النجمات بأن يأخذن زمام الأمور بأيديهن باختيار ما يروق لهن شخصيا ويعبر عن شخصياتهن، فإن الواضح أنهن جئن هنا لتلميع صورهن أولا وأخيرا، وإن أسعفهن الحظ، توقيع عقد مع دار معروفة.

وهذا ما يفسر أن كل ما ظهرن به، بمساعدة خبيرات الأزياء بلا شك، كان مبهرا وحالما، يفتقد إلى الدرامية التي من شأنها أن تترك تأثيرا قويا على المدى الطويل.

حضور بيوت الأزياء والمجوهرات أصبح ضروريا وجزءا من ثقافة هذا المهرجان مع الأيام، نظرا لموقعه وطقسه من جهة، ونظرا لطول أيامه من جهة ثانية، مما يجعله فرصة ذهبية لكثير منهم لقضاء إجازة صيف ممتعة في الفنادق الفخمة أو على يخوتهم.

وفي الوقت ذاته عقد صفقات وعلاقات حميمة مع النجوم والنجمات والتعرف عليهم عن قرب في الحفلات الخاصة التي تقام ليلا.

فهم لا يأتون خاوين الوفاض، بل محملين بكل ما جادت به قريحتهم ومقصاتهم من أزياء أو مجوهرات، ومصحوبين بفريق كامل عليه العمل ليل نهار لتحقيق المراد.

فمجرد أن تلبس أية نجمة، حتى وإن كانت صاعدة، فستانا بتوقيعهم، فإن هذا يعد كسبا لهم، وفي بعض الأحيان يغطي تكاليف الإجازة، إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه أفضل إعلان لمنتجاتهم. كافالي، مثلا، لبس عضو لجنة التحكيم، التايوانية شو كي، والنجمة الهندية أيشواريا راي، فيما لبس ابن بلده جيورجيو آرماني كلا من إيزابيل هيبار، رئيسة لجنة التحكيم وآسيا أرجانتو.

أما دار «ديور»، فيبدو أنها تتوجه بأنظارها إلى الشرق والسوق الآسيوي، حيث ظهرت باقة من نجوم السينما الآسيوية في أزياء بتوقيع مصممها جون غاليانو فضلا عن الإيطالية مونيكا بيلوتشي والفرنسية ماريون كوتيار، وإيلي صعب، حصل على نجمة قوية هي الأميركية لورين رايت بين، التي تتمتع بشخصية مستقلة حتى على مستوى اختياراتها الفنية.

أما المصمم حيدر أكرمان، الذي يعد هذا أول حضور فعلي له في المهرجان، فقد ظهرت له النجمة تيلدا سوينتون بفستان مميز.

وبهذا أصبح بإمكانه أن يصرخ بأعلى صوته: «أنا في «كان» إذن أنا موجود»، خاصة أنه من الصعب أن تجد تصميماته طريقها إلى حفلات الأوسكار وغيرها في الولايات المتحدة، نظرا لأسلوبه الحداثي.

 وحسب اعترافه لجريدة «نيويورك تايمز»، فإنه ليس متأكدا أن يفهموه هناك، مضيفا: «في «كان» يشعر النجوم والضيوف بأنهم أكثر حرية في اختيار ما يريدون.. هناك مساحة أكبر للفانتازيا».

لكن على الرغم من إصرار المصممين على التفريق بين شخصيتي «الأوسكار» و«كان»، فإن الأزياء الحالمة التي تميل إلى الكلاسيكية نوعا ما توالت، حيث ظهرت إليزابيث بانكس في فستان سهرة بذيل طويل رائع للمصمم أندرو جي إن، فيما تألقت وايفا لونغوريا في فستان ذي طيات متعددة من دار «فرساتشي» كذلك العارضة إيفا هيرزيغوفا.

ولأن الإطلالة المتميزة لا تكتمل من دون مجوهرات، فإنه يمكن القول بكل ثقة إن الريفييرا الفرنسية هذه الأيام واحدة من أغنى المدن في العالم، لاحتضانها مجوهرات أهم بيوت الأزياء، بدءا من «شوبارد»، الداعم للمهرجان منذ 12 سنة، إلى «فان كليف آند أربلز» مرورا بـ«كارتييه» و«شانيل» وغيرهم من بيوت المجوهرات.

 وبالنظر إلى كل اللقطات التي تطل علينا من الريفييرا الفرنسية هذه الأيام، يتبادر إلى الذهن مدى صحة المثل الشعبي القائل «اللي ببلاش كثر منه»، فلا الأزمة المالية ولا غيرها أوقفت إقبال الجميلات عليها.

وحتى في الحالات التي تبنيْن فيها مظهرا هادئا من حيث تسريحات الشعر والماكياج، أقبلن عليها بنهم، سواء تعلق الأمر بأقراط الأذن أو الأساور أو الخواتم، بل وحتى القلادات المرصعة بالماس، على اختلاف ألوانه. ومن يلومهن، فهن هنا يعشن الحلم ويستمتعن بقطع لم يكن بإمكان بعضهن حتى مجرد التفكير فيها.

بيد أن الحلم هنا تحول إلى حقيقة، وكل ما عليهن هو الاستعانة بواحدة من ممثلات هذه الشركات لاستعارة أي قطعة من قطعها، طبعا تحتفظ الدار بحق الرفض إذا لم تكن النجمة من عيار مجوهراتها، ولا ترى أنها ستزيد من مبيعاتها.

دار «شوبارد» مثلا تتوفر على فريق يتكون من 30 شخصا، مهمة كل واحد منهم التأكد أن أكبر قدر من مجوهراتها تمشي على السجاد الأحمر وتستعرض بريقها على جياد الجميلات أو معاصمهن.

والمؤكد أن بيوت الأزياء والمجوهرات قد تكون خفضت من ميزانياتها فيما يخص عدد ممثليها، لكنها لم تخفف من نسبة الأحجار الكريمة والقطع التي يصل سعر بعضها إلى أكثر من عشرة ملايين من الدولارات.

النجمة الألمانية دايان كروغر مثلا، ظهرت في أزياء ومجوهرات لدار «شانيل» وساعة من شركة «جيجير لوكولتر»، في حين ظهرت كل من آبي كورنيش وإيفانجلينا ليلي وكريستين سكوت توماس في مجوهرات من دار «فان كليف آند أربلز» هذا عدا مجوهرات من «ديور» و«فرساتشي» وغيرهما.