ثورة تشريعية تمتد لمستشفى الأمراض العقلية في مصر

رحبت جماعات الدفاع عن حقوق المرضى بالتعديلات القانونية الجديدة
رحبت جماعات الدفاع عن حقوق المرضى بالتعديلات القانونية الجديدة

أقرت السلطة التشريعية في مصر تعديلات قانونية جديدة على المواد المنظمة لعلاج الأمراض النفسية والعصبية هو الأول من نوعه في البلاد منذ أكثر من 60 عاما.


 مراسلة بي بي سي في القاهرة يولاندا نيل كتبت التقرير التالي حول التعديلات الجوهرية التي تنظم علاج المرضى العقليين الذين كانوا يوضعون داخل مستشفى بني في القرن التاسع عشر، ويقضون فيه باقي عمرهم.

عندما قلت لسائق التاكسي إنني أريد الذهاب إلى "العباسية" هتف قائلا في فزع: "إلى مستشفى المجانين؟ هل أنت مجنونة؟".

يستمد المستشفى اسمه (العباسية) من اسم قصر ملكي شيد في 1883 في عهد الاحتلال البريطاني، وأصبح مرتبطا في مصر بمستشفى الأمراض العقلية.

في مصر من الشائع أن تجد من يلقي بالنكات على أي شخص يتصرف بطريقة مبالغ فيها قائلا إنه لابد من ايداعه مستشفى العباسية.

غير أن معظم المرضى الذين التقيت بهم في المستشفى لا يجدون هذه الفكرة مسلية.

نبيلة السيد امرأة في الأربعينات، قضت 22 عاما من عمرها في مستشفى العباسية. وهي تتذكر أنها نقلت إلى المستشفى بعد أن تعرضت لحادث سير.

وهي تتناول حاليا القليل من العقاقير الطبية، لكنها لا تعرف أين تذهب الآن في حالة خروجها من المستشفى منذ أن تركها زوجها في المستشفى واختفى.

الحلم بحياة أفضل
تقول "صديقتي المقربة هي مديحة، وأملي الوحيد أن نخرج معا ونعثر على بيت نقيم فيه".

مدير قسم الصحة النفسية الدكتور نصر لوزة ظل يضغط من أجل تعديل المواد التي تحدد التعامل مع المرضى النفسانيين وهي مواد عتيقة لم يدخل عليها أي تعديل منذ ستة عقود.

وهو يقول "تعود المادة 141 إلى عام 1944 عندما كان مفهوم رعاية المرضى العقليين ينحصر في ايداعهم المستشفى.

 لكننا نسعى الآن إلى استبدال هذا بالعلاج وسط المجتمع، ونقوم بتدريب ممرضات متخصصات في الطب النفسي على الاشراف على المرضى، كما ننشأ بيوتا خاصة لاقامة المرضى بعد خروجهم من المستشفى".

ويحدد التعديل القانوني الجديد أيضا فترة زمنية لإعادة النظر في الحالات المرضية بما يتيح للمرضى الإدلاء برأيهم في تأثير ما يتلقونه من علاج ويكفل أيضا التعامل مع المرضى الذين أدخلوا المستشفى رغم ارادتهم. 
 
التأهيل عبر مشاهدة المباريات
لقد بدأ المرضى الذين يقيمون منذ مدة طويلة في مستشفى العباسية والذين تحسنت حالتهم الصحية يحصلون بالفعل على المساعدة في الخروج من المستشفى.

مجدي عبد الحليم أودع المستشفى منذ 5 سنوات. ويقول إنه كان في منزله عندما جاء بعض الأشخاص والقوا القبض عليه واقتادوه بالقوة إلى المستشفى.

ويضيف "ربما كنت أعاني من الاكتئاب. ربما قال لهم شخص ما شيئا سيئا عني. في الأربع سنوات الأولى كان الأمر صعبا لكن الأمور بدأت تتحسن في العام الأخير".

إعادة تأهيل المرضى في مستشفى العباسية تتخذ أشكالا متنوعة. في اليوم الذي قمت فيه بزيارة المستشفى شاهدت المرضى يلعبون مباراة في كرة القدم في اطار دوري خاص بين نزلاء مستشفيات الامراض العقلية.

كان يقوم بالتعليق على المباراة الطبيب النفسي تامر زغلول.

وهو يقول إن المرضى يتفاعلون بشكل جيد جدا مع المباراة ويتأثرون في حالة تسجيلهم هدف أو دخول هدف في شباكهم.

ويضيف: "لقد أخرجنا أكثر من 450 مريضا، ونجح 250 إلى 300 منهم في التكيف مع المجتمع ولم نعد نسمع عنهم والباقون يترددون على العيادة الخارجية".

لقد رحبت جماعات الدفاع عن حقوق المرضى بالتعديلات القانونية الجديدة إلا أن النظرة العامة للناس عموما إلى المرضى النفسيين لاتزال متخلفة.

نقلت تجربتي مع سائق التاكسي إلى الدكتور تامر فقال معلقا: "الفكرة السائدة القديمة عن الأمراض العقلية لاتزال قائمة لكنها تتغير تدريجيا.

 ربما يكون هذا رد فعل سائق التاكسي اليوم لكن قبل سنوات كان من الممكن أن يرفض أصلا توصيلك للمستشفى والمرور عبر بواباتها".