التبول اللاإرادي عند الأطفال .. مشكلة تؤرق الآباء

يتم  النضج الكامل  للسيطرة على المثانة ما بين 3 و 6 سنوات. أما حالات التبول قبل هذا السن فتعتبر طبيعية
يتم النضج الكامل للسيطرة على المثانة ما بين 3 و 6 سنوات. أما حالات التبول قبل هذا السن فتعتبر طبيعية

التبول اللاإرادي من أكثر الاضطرابات شيوعاً في مرحلة الطفولة وهو ما يعرف ب"سلس البول"، وهو التبول الليلي دون السيطرة عليه لدي الأطفال الذين تجاوزت أعمارهم  الأربع سنوات، أي السن الذي يتوقع فيه أن يتحكم بمثانتهم، وهو عبارة عن الانسياب التلقائي للبول ليلا أو نهاراوفي حالة عدم وجود الآفات العضوية من المسالك البولية.


عندما يحدث التبول اللا إرادي  بغض النظرعن إن كان يحدث في النهار أوالليل، فإننا نتحدث  عن سلس البول. وسلس البول هو نوع من التبول النشط، كاملا، بدون وعي،لاإرادي ويحدث أثناء النوم .

التعريف  على المستوى الفيسيولوجي
يتم  النضج الكامل  للسيطرة على المثانة ما بين 3 و 6 سنوات. أما حالات التبول قبل هذا السن فتعتبر طبيعية، ولايجب التحدث عن سلس البول إلا اعتبارا  من سن  5 سنوات  لدي البنات و6  سنوات عند البنين (لأن في هذا السن يجب أن يكتمل  التحكم الفيسيولوجي في العضلة العاصرة والمثانة)، حيث ينبغي السيطرة علي  التبول في هذا السن.

ونحن نذكر التبول اللاإرادي  الأولي Primary بحيث يظهر في عدم قدرة الطفل منذ ولادته وحتى سن متأخرة على ضبط عملية التبول. أو يكون التبول ثانوياً Secondary ، بحيث يعود الطفل إلى التبول ثانية بعد أن يكون قد تحكم بمثانته لفترة لا تقل عن سنة.

وفى بعض الأحيان يترافق التبول اللاإرادي ومشكلة سلس البول شائعة جدا : لأنها تصيب  نحو 15 ? إلي 20 % من الأطفال في الفترة من 5 إلى 6 سنوات. وهي تصيب  الفتيان بشكل أكبر(60 % من الحالات) من الفتيات. ومعدل الشفاء التلقائي يقدر ب 15 ? سنة. وسلس البول يصيب  أكثر من 5 ? من الأطفال في سن10 سنوات ، وبين 1 و 2 %  من المراهقين.

ويمكننا ان نستنتج عدة انواع للتبول اللاإرادي عند الأطفال :
 ويشمل ذلك :
• سلس البول الكلي : الطفل يتبول طوال الليل.
• التبول في الفراش بعد 8 سنوات عندما يكون هناك وجود ارتباط بين الليالي الرطبة والأحداث التي وقعت في اليوم السابق .
• سلس البول المتقطع : الحوادث لا تحدث إلا في فترات معينة.
• التبول العرضي : تقع حوادث عرضية أثناء  الإصابة ببعض الأمرض، حالات الانفصال، الأحداث العائلية الهامة.

أسباب التبول اللاإرادي
كثيرا ما تحدث علماء النفس والأطباء النفسانيين حول هذه المشكلة على نطاق واسع ولكن الأسباب ليست دائما نفسية.  في الحقيقة، فإن العامل النفسي يأتي في المقام  الأول في حالة سلس البول الثانوي. وفي عمليا، فإن معظم الأطفال الذين يتبولون في الفراش  يعتبروا أطفالا طبيعيين تماما من منظور الأطباء النفسيين  . العائلات والأسر الطبيعية بالطبع تعاني  المشاكل الصغيرة.

ولكن من ذا الذي ليس لديه مشاكل ؟
السبب الأول يكمن وراء العامل الوراثي. فالعوامل الأسرية ممكنة  في 70 % من الحالات، ويعتبر سلس البول مشكلة عائلية. والطفل الذي لديه أبوان كانا  يعانيان من سلسل البول لديه فرصة  مضاعفة للتعرض مخاطر هذا المرض، وأكثر من 75 % عندما  يكون كلا الأبوين على حد سواء قد عانيا من هذه المشكلة.

إن  الأسباب مختلفة و في كثير من الأحيان تكون ذات منشأ نفسيا . وكثيرا ما تكون التغيرات الهامة في حياة الطفل  هي مسؤولة عنها( كدخول المدرسة أو الهجرة غلي بلد  آخر ....) . وهي عادة ما تؤدي إلي سلس البول الثانوي.. وكذلك  فإن استخدام  طرق تعليم صارمة للغاية( استخدام القسوة الشديدة والضرب)، أو إنجاب أخ صغير قد تكون السبب في سلس البول لدى الأطفال.

وقد  يكون  سلس البول  أيضا ناجما عن عدم نضج من المثانة مع نقص في تثبيط بالجهاز السمبتاوي العصبي.

وتعتبر أسباب سلس البول المحتملة كثيرة  لكنها  لا تزال غير واضحة. هناك العديد من الفرضيات المطروحة، منها أساب علي المستوي النفسي ومنها التأخر في النضج العاطفي أو تأخر النضج في العاكسة البولية، اضطرابات الوظيفة الهرمونية ( غياب انخفاض إنتاج هرمون مادة مدرة للبول أثناء الليل)، أو من أصول النفسية (الصعوبات في العلاقات العائلية  صراعات مع الأم، طلاق الوالدين).

ويكون سلس البول متزايدا في حالة الأمراض المختلفة : (مثل داء السكري، أمراض الكلى، الخ.) التبول الشاذ (سلس البول) بسبب  احتجاز البول المزمن أو زرع الحالب ( قناة تنقل البول من الكلية إلي المثانة ) بطريقة غير طبيعية ، فقدان  البول خلال أزمات الصرع... الخ، هذه الحالة لا تنطبق علي  تأخير اكتساب السيطرة على العضلة العاصرة عند الأشخاص الذين يعانون من نقصا عقليا أو حركيا.  والإمساك يمكن أن يسهم في ذلك  من خلال انكماش المثانة الغير مأهولة لكبح  البول.

سلس البول بالأرقام
يحدث سلس البول نتيجة لاضطراب وعدم السيطرة على التبول وليس التبول نفسه. ويعتبر سلس البول عرضا وحالة مرضية في آن واحد . وسلس البول الليلي يعتبر "معزولا" إذا لم يكن مرتبطا  باضطراب في التبول أثناء النهار.

وسلس البول الأكثر شيوعا هو السلس الليلي الأولي، والذي يشكل وحده من 60 إلى 85 % من ضعف في المثانة عند الأطفال.

الأولاد هم أكثر المتضررين من سلس البول  الليلي من الفتيات  حيث تصل نسبتهم  إلى ما يقدر  مابين 6 % و 10 % في سن 7 سنوات. وتنخفض وتيرته  بنسبة 1 و 2% في 15 عاما.

النزعة لسلس البول
هناك  العديد من العوامل المؤهبة لحدوث سلس البول.
أهم هذه العوامل هي العامل الوراثي .

وغالبا ما يكون سلس البول الليلي مرضا وراثيا. بالتشاور يكتشف أن والده أو والدته في أي وقت مضى كان يعاني من  هذه المشكلة، الأمر الذي قد  يفسر  حالة الطفل الذي يعاني من سلس البول .


عامل المسانة:
يفسر سلس البول علي أنه   التأخير في اكتمال المسارات العصبية التي تسيطر على انتاج البول ووظيفة المثانة ليلا. في الواقع، ينجم  الإلحاح  البولي أثناء اليل ( الإفراط  في التبول الليلي) عن نقص في إفراز هرمون ADH الليلي (هرمون مضادة لإدرار البول)  وجد  لدي ثلثي الأطفال الذين  يعانون من التبول اللاإرادي . كما أظهرت الدراسات المختلفة أن قدرة المثانة  ليلا لدي الأطفال اللذين يعانون من سلس البول  أقل من الأطفال "الأسوياء" وأن النشاط  المفرط  للمثانة  يحدث  في الثلثين الأول من الليل أثناء فترة النوم العميق وهو ما يفسرأن الطفل لا يستيقظ.

عامل النوم و اليقظة :
 ليس هناك شك في أن سلس البول الليلي والنوم يرتبطان ارتباطا وثيقا. لإثبات ذلك، يكفي أن ننصت إلى الآباء عندما يشكون أن أبنائهم الذين يعانون من التبول اللاإرادي  يصعب إيقاظهم وأن نومهم عميق جدا.

وقد أظهرت الدراسات أن نوم الأطفال الذين يعانون من التبول اللاإرادي  أمر طبيعي، وفي المقابل فإن آلية الأستيقاظ لديهم غير ناضجة. لهذا السبب،  فالطفل الذي لديه تبولل لاإرادي لا يستيقظ حين تكون مثانته ممتلأة بينما الطفل الطبيعي سوف يستيقظ للذهاب للتبول.

من خلال هذه العوامل المؤهبة، فإننا نفهم بسهولة آلية سلس البول، أثناء الليل ترتبط  المثانة ذات القدرة المنخفضة للانكماش من ثم تحتاج المثانة الى للتفريغ  مقترنة بنظام استيقاظ غير ناضج فلا يستيقظ الطفل للتبول.

كيفية التعامل مع سلس البول
لن يتم  تقديم  الدعم للطفل الذي يعاني  من سلس البول سوي لطفول الذي  يرغب  في الشفاء.
ويعتمد  العلاج في المقام الأول على تغيير العادات مثل تنظيم وضعية النوم، والحد من المشروبات  بعد  الساعة السادسة والذهاب للتبول قبيل وقت النوم.

في حال فشل هذه الاجراءات البسيطة، فإننا عندئذ نلجأ لاستخدام طريقة "الإنذار" منفردة أو مرافقتها مع العلاج بالعقاقير.

"الإنذار" يقصد به تعديل سلوك المثانة -والعضلة العاصرة أثناء النوم. فهو جهاز لديه  أجهزة الستشعار لرطوبة الملابس على سبيل المثال، حيث تطلق تنبيها  عند  الأحساس بأولي قطرات البول. علي الطفل إذا أن يستيقظ ويذهب إلي دورة المياه لاستكمال التبول. هكذا عن طريق ظاهرة المراقبة، يمكن أن يكون هذا النظام أكثر فعالية وسيؤدي إلي توقف العلاج. لكن العيب أنه يحتاج لمدة شهرين في المتوسط قبل الحصول على نتائج حاسمة.

يجب  إشراك الأطفال في وقت  مبكرا جدا في الرعاية. قبل كل شيء، فإنه لا يجب مطلقا توجيه اللوم أو معاقبة الطفل في أعقاب هذه  الاضطرابات. والواقع أن علم النفس يلعب دورا هاما في سلس البول، والشعور بالذنب والقلق لا يؤديان   إلا لتفاقم الاضطرابات.

وبالمثل، فإن مقدارالتغييرات لا ينبغي أن يكون منتظما، وذلك لأن الطفل يتفاعل مع قواعد بيئته ويشعر بأن ارتداء الحفاضات أمر طفولي . وسيكون من الأفضل أن يرتدي سروالا  ماصا يماثل  الملابس الداخلية.

التعامل اليومي
يمكن التعامل مع  السلس الليلي من خلال وضع  قواعد بسيطة وإشراك الأطفال في تشكيلها. وبالتالي من الممكن العمل على إعادة تأهيل الطفل للسيطرة على مثانته من خلال  :      

• تخفيض مقدار السوائل في الجسم قبل وقت النوم .

• طلب تفريغ مثانته قبل الذهاب إلى الفراش .

• تشجيع الطفل على الاعتماد  علي نفسه  ليلا بالاستيقاظ للذهاب إلى دورة المياه عندما يشعر بالحاجة إلي التبول .

• طلب مساعدة الطفل   في تغيير ملايات الفراش ( هذا الأمر يسمح  له  المشاركة  في  الأعتناء بالمشكلة )

هذه  القواعد البسيطة يمكن أن تساعد  الطفل بشكل كبير علي التحكم في التبول .

ما هي المعالجات الممكنة ؟
سلس البول دائما يشفى عاجلا أم آجلا، ولكن بقدر ما يكون  سلس البول في مرحلة متاخرة من  العمر، كلما تزيد من صعوبة العلاج. ويعتمد العلاج الحالي على الأدوية، وعلي الأخص إيلاء الرعاية الطبية و / أو النفسية للطفل.

يعتمد العلاج الدوائي  في المقام الأول على  ال  desmopressinوهو جزيء يحدد  الADH  (هرمون مضاد  لإدرار اللبول)، والذي يتمثل دوره في الحد من كمية البول المنتجة ليلا وياخذ علي شكل أقراص وكذلك بعض مضادات الاكتئاب ، بالطبع بالأشتراك مع الحد من المشروبات.

بيد أنه من الممكن اللجوء لدواء anticholinergics في حالة المثانة الغير ناضجة التي تؤدي إلى تسرب البول أثناء النهار.
وأخيرا، فإن  سلس البول عند  الطفل لايرتكز إلا علي  القليل من العلاج الدوائي، ويمكن الحد منه عبر العلاج النفسي.

إن علاج سلس البول عن طريق الأدوية لا يتم بصورة منتظمة. وفقا لأحدث التوصيات الصادرة عن السلطات الصحية... تقوم الرعاية أساسا على توفير تدابير تعليمية وصحية. في حالة فشل هذه التدابير يمنكن اتباع   العلاج الطبي أو السلوكي  (نظام الإنذار)، ولكن ليس قبل سن 6).

علي الطبيب أن يعطي الطفل بعض المعلومات الفيزيولوجية والتشريحية اللبسيطة التي تتلائم  لازالة غموض الأعراض ويجعله يفهم أنه  يمكن أن يشفي. ويمكن إعطاء الطفل  بطاقة مراقبة ذاتية يمكن حتى يدون فيها حالات الجفاف أو الرطوبة الليالة كل صباح خلال 3 اشهر من العلاج.

من خلال  الحديث مع الطفل، يمكن للطبيب أن يعرف ما إذا كان غير مبالي حيال تلك الأعراض أم  انه  غير مرتاح  لها، أو انه يحاول إخفاء الملابس الرطبة...
علي  الطبيب، أولا  إقناع الآباء بعدم التدخل. يجب أن يتظاهروا بعدم  المبالاة : عدم التعليق على هذه الأعراض، عدم السخرية مطلقا( "هل تبولت  في السرير مثل الطفل"، و "أنت  أحمق!"... الخ) ، لا معاقبة أو مكافأة حتى لو أصبح نظيفا... ويجب ألا تعرض الملاءات الرطبة على الجيران لإشعاره بالخجل أو إجباره علي  غسل سرواله الرطب، وبالطبع لايجب معاملته  كطفل رضيع. في كلمة واحدة، لا بد من ترك الطفل بدون إشعاره بالذنب!

العلاج النفسي
أثناء الحوار مع الطفل والبيئة المحيطة يمكن تحديد سبب سلس البول الذي يترافق مع الأضطرابات العاطفية، لذا يوصي بضرورة   الخضوع لعلاج  النفسي .

العلاج التحفيزي
يعتبر علم النفس ضروري للنعامل مع  سلس البول، لذا يجب وضع  نظام للعلاج من خلال  توفير الدافع التحفيزي للطفل. أولا من الضروري علي المحيطين بالطفل أن يحرصوا على إنشاء بيئة ملائمة له.  فعمل حوارات بسيطة مع الطفل وعدم التهويل هذه الاضطرابات يمكن أن يؤديان إلي تحسين وتسريع وعي الطفل. وأيضا، "الألعاب" الصغيرة أو أن يقوم  الطفل  برسم شمسا  أو سحابة ) قد تساعد  الطفل علي  إدراك مدي تقدمه. وكذلك منح مكافأة صغيرة قد تكون في بعض الأحيان ذات صلة بالحفاظ  علي تحفيز .

 تمارين Kegel
عادة ما يوصى بهذه التدريبات للبالغين لتقوية الحوض وإدراك كيفية السيطرة على المثانة. في حالة سلس البول، هذا الأسلوب لا يمكن تنفيذه إلا إذا كان الطفل قد نضج ليقوم بهذه التدريبات بشكل صحيح.
-قام الدكتور ارنولد  كيجل طبيب أمراض النساء أمريكي بوضع تدريبات في الأربعينيات تهدف إلي تقوية وتوسيع عضلات الحوض :

•تقوية وتوسيع عضلات الحوض.
الخطوة 1 : الجلوس على حافة كرسي، ورفع القدمين والركبتين. وضع المرفقين على الركبتة مع الميل للأمام. ينبغي على الحوض أن يلمس الكرسي مقر.

الخطوة 2 : غلق العين وتخيل محاولة الأمساك بحيوان أليف.

الخطوة 3 : شد العضلات الموجودة حول الشرج والمسالك البولية بقوة، ثم  رفع الحوض لابقائه بعيدا عن المقعد.

لايجب :
• الدفع  قصرا  كما يحدث خلال انكماش
• استخدام عضلات البطن  والفخذين أو الأرداف
• كتم   النفس
 
التمارين
• شد عضلات الحوض أولا للحد الأقصي (الفترة المثالية 10 ثواني).

• الراحة لمدة أربع ثوان.

• استعادة الشد، الاسترخاء ، ثم يستأنف حتى الحد الأقصي ) والهدف النهائي  10 مرات).

• انهاء  التدريب في أعقاب خمسة تشديد ات صغيرة.
يشير الأخصائيين إلي القيام بهذه العمليات ست مرات على الاقل يوميا أثناء مشاهدة التلفزيون ( اختيار إعلان متكرر مرارا كتذكرة)، أو كلما بثت الأخبار في الإذاعة، وذلك من أجل دمجها في الروتين اليومي. ومن الموصى به شد العضلات أثناء السير، قبل الضحك، السعال أو العطاس، وعند الاستيقاظ، عند سحب أو دفع الأشياء، ولا سيما في الطريق إلى المرحاض بعد  التمكن من السيطرة على الرغبة الملحة في التبول.

وأخيرا خلافا  لسلس البول ، فإن سلس البول عند البالغين عادة ما يرجع لأسباب نفسية. وهكذا، فالعلاج يعتمد  علي القليل من من الأدوية . لا تترددي  في استشارة وإشراك الأطفال في الرعاية مع  التقليل من متاعبه.