النقافات .. موضة جديدة في الأعراس الجزائرية

 النقافات اللائي أصبحن جزء من ديكور سهرات الأعراس بالغرب الجزائري
النقافات اللائي أصبحن جزء من ديكور سهرات الأعراس بالغرب الجزائري

أصبحت كلمة "نقافات" التي كانت في زمن غير بعيد كلمة غريبة وغير مفهومة المعنى، من المفردات الرائجة التي اقتحمت قاموس سكان مدينة وهران الجزائرية (500 كلم غرب العاصمة) كآخر صيحة في طقوس سهرات الزفاف هناك، والنقافات تعني مجموعة نساء يختصنّ بتنظيم مراسيم الزواج والختان أو بالأحرى هم "المشرفون" على الأعراس، ويعود أصل النقافات إلى دولة المغرب، وتوحي بالحفلات والألوان والأفراح وبالملابس الفاخرة وفساتين العروس وقطع من اللؤلؤ والأعراس والصيف، الآتية من زمن آخر أيام القصور المشيدة وما تلا سقوط الأندلس.


وبعدما كان عدد النقافات يعد على أصابع اليد الواحدة، أصبح في جزائر 2009 عدد النقافات كبيرا، إثر إقدام عدة نساء على (الاستثمار) في هذا المجال المنعوت محليا بـ"الخصب"، إذ فرض مصطلح (النقافات) نفسه بقوة في السنوات الأخيرة.

في بداياتهن كن يقمن فقط بالوشم بالحناء وبعض العادات التي تقام بالعرس ولكن اليوم أصبحت النقافات ضرورة لإنجاح سهرات الزفاف وحفلات الطهارة، وتقبل عموم العوائل على طلب خدمات النقافات، وتعتبر ألبومات الصور التي تبرز الطرق المتنوعة لإقامة الحفلات والأعراس بالغرب الجزائري، أفضل وسيلة في تقديم الدعاية وإبراز نوعية الخدمات المقدمة من طرف النقافات.

وتقترح النقافات في الغالب، جملة من الخدمات انطلاقا من كراء القاعة مرورا بالفرقة الموسيقية والمصور، علاوة على كراء سيارة "ليموزين" لموكب العرس الذي ينبغي له أن يبهر عقول السكان المحليين، وتصرح الشيخة جازية (61 عاما) إحدى المتمرسات بمهنة النقافة، أنّ أسعارها في متناول الجميع، حيث تقترح مقابلا يتراوح بين 50 ألف دينار إلى 150 ألف دينار (ما يعادل 600 إلى 1500 دولار) وتبرر جازية هذا التباين في الأسعار إلى متطلبات وأهواء كل زبون، وترى أنّ الأسعار ليست مرتفعة، بما أنها تجلب معها عدة أشخاص من منشطي السهرة وحاملي الأريكة التي توضع فوقها العروس، والطاقم المكلف بإخراج السهرة في أبهى حلة كـ"الدي جي" والمصور والمشرف وكذا الخدم.

من جهتها، تقول الحاجة زبيدة (66 عاما):"اليوم لا نتصور إقامة حفلة عرس بدون النقافات، فجميع المراسيم تقام بطريقة جيدة يتم فيها توفير خدمات لائقة يتكفل بها أربعة أشخاص، ويقول محمد (57 سنة) التاجر المختص في بيع جهاز العرائس، أنّ الأشخاص الأربعة يضمنون الدعاية بتوزيع بطاقات الزيارة ويعرضون امتيازاتهم وأحيانا يفاوضون على تكاليف الخدمات المقدمة من طرفهم.

ويعلق حميدة الذي استعان بخدمات النقافات مؤخرا لدى إقامته حفل طهارة نجله، بأنّ العديد أخذوا حرفة (النقافة) أثناء إقامتهم بالمغرب، حيث تعلموا هناك الدقة والخفة في الخدمات، كما استوعبوا معنى التحلي بالجدية في عملهم، والوقوف دون كلل في مختلف مراحل تحضير العرس مع المشرفين والزبون وضبط معالم البرنامج والتوقيت ومجريات سهرة العرس، إضافة إلى التكفل التام طيلة سهرة الزفاف بالعوائل والجيران وأصدقاء العرسان.

وبخصوص ما يكتنف التحضير من تفاصيل، تقول زهرة "النقافة" المعروفة بمدينة وهران، أنها تضبط مراسيم سهرة العرس وكأنها قطعة موسيقية فكل شيء معد سلفا، من حيث عدد فساتين العروس وتسريحاتها ومجوهراتها وتزيين القاعة وملابس مرافقاتها والموسيقى التي تصاحب "التصديرة" وأماكن جلوس المدعويين، ناهيك عن الأطباق المعروضة ونوعية المشروبات والحلويات المقدمة، وتضيف زهرة بلهجة زهو وتفاخر، بأنّ دفتر مواعيدها امتلأ للموسم الصيفي القادم.

"كل شيئ محدد بحسب إمكانيات كل زبون، وعلى ضوئها نجهّز الحفلة" هكذا أوضحت "سعيدة" النقافة طبيعة مهمتها، وأوضحت السيدة النشطة بكونها تقترح خدماتها باستمرار، وعملها تحديدا هو إضفاء جمالية على كل عرس نحييه للحفاظ على سمعة ممارسي مهنة النقافة ولمساتهم (الساحرة) ما يبشر بمستقبل مبشر للنقافات، على حد تعبيرها.

ويتطلع فريق من النقافات لأن يصبحن في المستقبل سندا لأصحاب الرحلات السياحية ووكالات السفر، حيث تقول زهرة وسعيدة بأنهنّ يستطعنّ تنظيم سهرات للتعريف بتراث المناطق في إطار جولات عبر الجزائر، وإقامة أعراس بمناطق مختلفة، وتقديم عروض كما هو حاصل بالمغرب.

وتستعد النقافات اللائي أصبحن اليوم جزء من ديكور سهرات الأعراس بالغرب الجزائري، لنقل هذه التجربة الفريدة نحو وسط وشرق البلاد، وإذا كان الأمر لا يزال محتشما، إلاّ أنّ زهرة تقول أنّها رفقة كوكبة من زميلاتها، شرعنّ بناءا على طلبات البعض بتنشيط سهرات بالجزائر العاصمة والبليدة، وتعقّب سعيدة بثقة ظاهرة بأنّ الوقت سيحين ليس لتقديم خدمات أرقى، وإنما لتصبح النقافات ضرورة ملحة من أجل الاحتفاظ بأجمل ذكريات ليلة العمر.