عند الزواج بمطلق بأولاد .. في التأني السلامة وفي العجلة الندامة

المطلّق بأولاد .. مظلوم يستحق فرصة ثانية أم متهم إلى أن يثبت العكس؟
المطلّق بأولاد .. مظلوم يستحق فرصة ثانية أم متهم إلى أن يثبت العكس؟

«كامل الأوصاف، من وسامة ومال وثقافة ومركز اجتماعي، لكنه وبكل أسف مطلّق ولديه ولد».. بهذه الكلمات وصفت كارمن (24 عاما) لصديقاتها الشاب الذي تعرّفت إليه أخيرا وتقدم للزواج بها.


وأكدت أنها شعرت بانجذاب جارف تجاهه، لكن كان هناك الكثير من المخاوف والأسئلة حول وضعه أثارت قلق أهلها مما جعلها ترفضه.

 وبررت كارمن موقفها الرافض بأنه يعود «إلى المشكلات التي قد أواجهها في المستقبل عندما يكبر ابنه، رغم أنه طمأنني مرارا عندما أخبرته عن هذا القلق، مؤكدا أن الولد سيبقى عند أمه.

أما الأسباب الأخرى فهي بدورها لا تقل أهمية عن الأولى، وكان أبرزها أنه كان يلقي باللوم كله على زوجته السابقة ويحمّلها مسؤولية الطلاق، وهذا ما لم يقنعني.

 مع كل هذه التعقيدات، شعرت أنه يحق لي أن أرتبط بشخص لم يمر بتجربة فاشلة في حياته من الممكن أن تؤثّر سلبا على حياتي».

قد يوافق العديد من الناس كارمن على رأيها ويؤكدون صواب تفكيرها، لكن في المقابل هناك آخرون يعتبرون هذه الآراء مجرد «تكهنات» قد تصيب أو تخيب، والمشكلات التي قد تواجهها مع المطلّق قد تعانيها أيضا مع شخص ليس لديه تجربة زواج سابقة.

يعتبر أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية الدكتور ملحم شاوول أنه ليس هناك قاعدة عامة لهذا النوع من الزواج، وتحديدا في ما يتعلق بنجاحه أو فشله، ويقول: «بشكل عام يمكن القول إن أي امرأة عندما تفكّر في الارتباط، ولا سيما إذا كانت صغيرة السن، تتمنى أن تتزوج رجلا يكرّس كل وقته وعاطفته وماله لها ولأولادها من دون مشاركة أحد، وهذا ما لن تجده إذا اتخذت قرار الارتباط بمطلّق لديه أولاد. لذا على كلا الطرفين، في هذه الحالة، أن يناقشا الموضوع معا بشكل عقلاني وواضح ليحصل كل منهما على حقوقه من دون غبن».

ويضيف: «لكن لا بدّ من أن نكون واقعيين، ونقر بأن خوف الارتباط برجل مطلّق بأولاد يختلف بين طبقة وأخرى. فإن كان الرجل ميسورا وقادرا على توفير حاجات كل أطراف العائلة، سيسقط الكثير من المخاوف ويسهل حلها. فهو قد يضع أولاده من الزواج السابق في مدرسة داخلية راقية، ويبقى على تواصل دائم معهم ليشعرهم بمحبته وعاطفته، حتى لا يؤثر زواجه الثاني سلبا عليهم، لأن الدراسات أكّدت أن الشعور بالأمان والعاطفة العائلية لا يتوفر فقط إذا تربى الأبناء بجانب آبائهم، بل قد يكونون بعيدين عن أهلهم ويشعرون بعاطفتهم أكثر مما لو ظلوا في أحضانهم».

ولا يعتبر شاوول أن سن الفتاة تلعب دورا في احتمال نجاح الزواج أو فشله لأن النضج لا يقاس بالعمر، كما يشير، «المهم في الزواج أن يكون الطرفان مستعدين لتقديم التنازلات والعمل على إنجاح العلاقة، لهذا على من تقرر الزواج بمطلق بأولاد، أن تفكر بعقلانية وتكون مستعدة أكثر من غيرها لتقديم التنازلات والتعامل مع عائلتها الجديدة بمحبة».

سوسن من النوع العملي ولم ترَ مشكلة في الارتباط بمطلق لديه بنت صغيرة، بعدما حصلت على تطمينات من زوج المستقبل بأن ابنته ستعيش مع أمها وستأتي فقط لزيارتهما بين الحين والآخر.

بعد سبع سنوات من الارتباط لم تندم سوسن على قرارها، وتصف زواجها الذي أثمر عن ولدين، بالناجح. تقول: «ليس بيني وبين زوجي أي مشكلات تُذكر بهذا الخصوص، بل أنا أتحدث مع زوجته السابقة أحيانا على الهاتف، نظرا إلى ارتباط عمل زوجي بعملها.

كما أنني أحرص على معاملة ابنته بشكل جيد عندما تأتي لزيارتنا، وهو بدوره يقدر لي هذا الأمر ويحاول إرضائي ولا يبخل عليّ بشيء».

وحالة سوسن شاذّة بالمقارنة بما يجري في المجتمع، وهذا ما تشير إليه أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية الدكتورة دولة خنافر بقولها إنه «بمجرّد أن يكون الرجل مطلقا ولديه ولد أو أكثر، يمكن اعتبار الأمر مشكلة يجب التوقف عندها، باختصار الأسباب التي قد تدفع الفتاة إلى اتخاذ هذا القرار، فهي إما أنها تفكر فقط في الزواج، أو أنها أحبت هذا الرجل ولم تفكر في أبعاد وضعه الاجتماعي نتيجة الطلاق ووجود الأبناء، أو أنها فتاة تحب المغامرة والتحدي.

وقد تعتبر بعض الفتيات أن الرجل الذي فشل في تجربته الأولى سيبذل قصارى جهده للنجاح في التجربة الثانية، وهذا ما قد يكون ممكنا في حال ما نضج وأصبح قادرا على السيطرة على انفعالاته، لكنه بالتأكيد لن يتغير إذا كان البخل والكذب من شيمه مثلا».

وتنصح خنافر الفتاة التي تُقدِم على هذا النوع من الزواج أن تدرس المسألة بشكل جيد، وتسأل عن عادات هذا الرجل وأخلاقه، والأهم الاستفسار عن أسباب طلاقه.

أما بالنسبة إلى الأولاد فتقول: «يجب على الفتاة أن لا تأخذ هذا الأمر باستخفاف، فليس سهلا أن تدخل بيتا فيه عائلة، لذا عليها أن تفكّر إذا كانت تستطيع أن تتعايش مع هذا الوضع، وتقدر على تحمل هذه المسؤولية.

أي ما إذا كانت ستعامل الأولاد معاملة حسنة، وهذا يتطلب الكثير من التسامح والمحبة، والتجرد من الغيرة منهم، لأنهم قد يذكرونها أو يرتبطون في ذهنها بأمهم».

وتعتبر خنافر أن المطلق وإن كان لا يتجاوز 35 أو 40 عاما، إذا قرر أن يتزوج فعليه أن يرتبط بفتاة ناضجة يكون سنها قريبا من سنه كي تتعامل معه ومع أولاده بعقلانية أكثر، لا بفتاة صغيرة لا تزال عاطفتها متأججة، تحلم بالعيش بحرية وتبحث عن إشباع حاجاتها.