الفتيات يقررن .. العنوسة أفضل من الزواج برجل غير مناسب

العنوسة قد تكون أفضل من خوض تجربة فاشلة يتبعها مشاكل لا حصر لها
العنوسة قد تكون أفضل من خوض تجربة فاشلة يتبعها مشاكل لا حصر لها

في سبعينيات القرن الماضي، وثمانياته، كانت تكفي نظرة خاطفة من شابة تسير في الشارع، مهما احتملت من براءة وعفوية، ليبني عليها أغلب الشباب آن ذاك آمالاً بقصة حب لا تقل صخباً وعنفواناَ عن قصص الحب التي يسمعونها في مجالس السمر، كقصص عبلة وعنترة، أو مجنون ليلى.


وربما تكفي عدة نظرات وابتسامات، وعلى الأكثر بضع جمل، حتى يستنفر الشاب العائلة، مطالباً بخطبة محبوبته، والمسارعة إلى بدء المفاوضات المتعلقة بموعد "كتب الكتاب، والمهر والعرس" في أقرب وقت.

اليوم، لا تنفع النظرات والابتسامات، لم تعد تكفي بعض عبارات الإعجاب المتحفظة المسروقة في غفلة عن أعين أهل الحارة المتوارية خلف الشبابيك المغلقة طلباً للدفئ في الشتاء، أو الغارقة في قيلولة الظهيرات القائظة في الصيف، أصبح هناك حاجة لما هو أكثر ليشتعل قلب عاشق أو عاشقة.

مع أن المد الديني ورفض المجتمع للكثير من الأفكار الليبرالية التي انتشرت في ستينيات القرن الماضي، أصبحت العلاقات بين الشباب والبنات أكثر انفتاحاً على إشكال مختلفة وأكثر اختلاطاً من قبل.

التجريب ضروري
يقول وسيم بلا تردد: "لازم جربها"، يبدو التعبير وكأن وسيم يتحدث عن بضاعة ما، قميص أو بلوز أو ربما شيء آخر، وكي لا نستعجل الحكم على ما قاله نستفسر، "بأي معنى تريد أن تجرب الفتاة التي ستصبح زوجتك"، ينتبه إلى سوء الفهم المحتمل فيسارع للتوضيح مبتسماَ، "لازم جربها بس مش متل ما فهمت لازم أعرف كيف بتفكر، وشو ردود أفعالها، بأكثر من موقف، بأكبر عدد ممكن من المواقف وأطول وقت ممكن"، ويشرح لنا وسيم وجهة نظره، فالزواج بالنسبة له شراكة طويلة الأمد جداً، وبالتالي عليه أن يعرف شريكته جيداَ، يجب أن يفهم طباعها، وكذلك من المهم أن يفهم كيف تتصرف الشريكة في التفاصيل اليومية الصغيرة.

وبنفس الأهمية معرفة آرائها وأفكارها عن المسائل الوجودية الكبرى في الحياة، وأيضاً عليه أن يعرف الشخص الذي يشاركه تربية أولاده وبناء مستقبله ومستقبل أطفالهما لاحقاً، فالمسألة ليست بسيطة بالنسبة لوسيم، يجب أن يكون واثقاً تمام الثقة من أنها ستكون أقرب إلى ما يتمناه لنفسه ولعائلته (الأبوين والأخوة) وطبعاً للأطفال.

ولا بد له من معرفة مدى قدرتها على تحمل مسؤوليات الأسرة ومشاركته هذه المسؤولية فوسيم لا يعتقد أن المسؤوليات هذه بما فيها مسؤولية الإنفاق على الأسرة من نصيبه وحده، بل هي شراكة بينه وبينها، كل له نصيبه فيها حسب مقدرته وحسب الحاجة إلى دوره في إنجاح عملية بناء الأسرة.

عندما سألناه كيف ستجربها، أجاب:"بطلع معها مشاوير، بلتقي بأصدقائها، وبعرفها على أصدقائي، بيكون في حياة مشتركة بيناتنا حتى قبل الزواج"

فهذه "المشاوير" إن كانا سيقومان بها لوحدهما أو مع مجموعة من أصدقائهما، ستوضح لوسيم مع أي نوع من النساء يتعامل، من خلال معرفته لأصدقائها، ومراقبتها تتعامل معهم، وكذلك من طريقة تعاطيها مع علاقاته من الأصدقاء والمعارف.

 يعتقد وسيم أن المختبر الحقيقي لمدى تفاهمه مع زوجة المستقبل هو التقاء عالميهما، ومراقبة كل منهما للآخر، إن كان في عالمه الخاص أو في العالم الآخر، بذلك سيستطيع الاثنان دراسة شخصيات بعضهما البعض، وأفكارهما وقناعاتهما، وطبعاً مشاعرهما.

الفتيات المتحررات لسن موضع ثقة
حملنا فكرة التجريب، وألقيناها في وجه أول شاب التقيناه، فقلنا لحسن "التقينا منذ قليل بشاب أخبرنا أنه يجب أن يجرب زوجة المستقبل طويلاً قبل أن يتزوجها"، ارتبك حسن وامتعض من طريقة طرحنا للسؤال للوهلة الأولى، عندما شرحنا له ما يقصد وسيم بالتجريب، انفرجت أساريره قليلاً، وأخذ نفساً عمقياً، ليؤكد أنه "ما بيجوز، يا أخي، بنات الناس مو لعبة، بتجربها، بتلعب فيها وإذا ما عجبيتك بتكبها".

فوفق حسن يجب أن تتم الأمور بالطريقة الشرعية، طلب اليد من الأهل وقراءة الفاتحة، والخطبة و"كتب الكتاب" في أقرب وقت، ومن ثم يستطيع الشاب الالتقاء بالخطيبة تحت رقابة الأهل، عندما شرحنا له أفكار سابقه وسيم، متسائلين إن لم يكن من الأفضل أن تكون المعرفة وثيقة أكثر بين الخاطبين وأن يلتقيا في ظرف أكثر رحابة، ليكونا على سجيتهما أكثر، وبالتالي يعرف أحدهما الآخر، رفض في البداية.

ومن ثم اعترف "أحياناً بصاحب بنات، وبعد فترة بشوف أنهم ما نافعين" فموافقة الفتيات على الخروج معه والالتقاء حول فنجان قهوة في مطعم أو كافيتيريا ما، يجعله يشعر بأنهن فعلن هذا مئات المرات من قبل، وهو بالتالي لا يستطيع أن يثق بهن، يؤكد موقفه قائلاً " ما عندي ثقة بالبنت المتحررة" وعندما نسأله، عن الخطأ في ذلك فكما يفعل هو عندما يلتقي بهن بحثاً عن زوجة المستقبل، يبحثن هن أيضاً عن أزواج المستقبل.

وكما يكون هدفه "شريفاً، وقاصد خير" هن أيضاً شريفات ويقصدن إيجاد العريس، يوافق حسن على الفكرة متردداً، ولكنه يؤكد أنه لم يستطع أن يجد عروسه بهذه الطريقة، فهو يشعر بأن في قبول الفتاة بالخروج معه عدة مرات بغياب رقابة الأهل "والإنفراد فيها بمقهى أو مطعم" ما يجعله ينفر من تلك الفتاة حتى ولو لم يبدر منها ما يعيب أو يقلل من عفتها.

للفتيات أيضاً الحق في فرصة
بينما كنا نتحدث إلى حسن، توقفت شابتان فضوليتان تستمعان للحديث، وبدا واضحاً على وجهيهما أن رأي حسن لم ينل إعجابهما، فتشجعنا على إتاحة الفرصة لهما للتعبير عن رأيها في ما قاله حسن، فردت الأولى وبشكل هجومي، أن ما قاله حسن "فيه كتير ظلم وافترا على البنات" ساندتها صديقتها "متل ما بيدور حسن عن عروس، البنات كمان بيدورو عن شريك حياتهن ورفيق عمرهم، وين الغلط، وشو في عيب؟".

من حق الفتيات أن تكون لهن فرصة ويجب برأي الفتاتين (مادلين، وسحر) أن تعرف الفتاة زوجها "قبل ما تتورط معو بالتزامات ممكن الانفكاك منها يكون صعب كتير"، عندما سألنا الفتاتين عن الطريقة المثلى برأييهن لإيجاد العريس المناسب، ردت الأولى "منتعرف عليه منيح" عندما وجهت السؤال عن الطريقة، أجابت سحر، "بسيطة، منلتقي، منطلع مشاوير، على السينما... المسرح... الكافيتيريا".

نبهتها إلى أن الكثير من الشباب مثل حسن سيعتبرن هذا التصرف غير لائق بعروس المستقبل، أجابتا سويا "هاد معقد .. ما عندو ثقة بالناس" تابعت مادلين منفردة "ما رح يقدر يلاقي البنت الي تسعدو"، وأضافت سحر "مش كل بنت بتطلع مع شب بتنام معو" أضافت سحر، "صحيح .. هو هيك القصة، البنت فينها تعمل شو ما بدها وتحافظ على شرفها" برأي الفتاتان أن هناك الكثير من الفتيات المتحفظات بالشكل فقط، وما يفعلنه بالسر "الله وأعلم".

على بعد خطوات قليلة استوقفنا وليد، وهو في الخامسة والثلاثين ويعمل في شركة غذائية، سألنا وليد ما هي الطريقة التي يمكن أن تجد فيها شريكة حياتك، وشرحنا له موقف كل من حسن ومادلين وسحر، فأثنى على ما قاله حسن، وأجاب "أنا إمي بس تشوف بنت مناسبة بتحكلي عنها"، فاستفسرنا أكثر إين تراها وإن كانت الوالدة تعرفه عليها، فأخبرنا كيف عرضت والدته عليه أكثر من فتاة ألتقت بهن في حفل زواج ما أو عند جارة ما، وكيف أتيحت لها الفرصة أحياناً بالتقائهن مع والداتهن عندما يزرن أمه لغرض التعارف، ويقرر وليد من اللقاء الأول إن كانت الفتاة مناسبة ليذهب هو لزيارتها وطلبها مع والديه أو لا، عندما سألناه إن كانت الطريقة ناجحة أم لا؟

أجاب "ضبطت مرتين"، ففهمنا أن وليد متزوج من أثنتين، ولكنه وضح عندما أفصحنا عن ما فهمناه، أنه ليس متزوجاً ويقصد بـ "ظبطت مرتين" بأنه أعجب بفتاتين ولكن الأولى لم تعجب به فلم تحدث أي تطورات، في حين تقدم لخطبة الثانية، ولكنهما انفصلا بعد فترة قصيرة، عندما استفسرنا عن وجود خيار آخر للالتقاء بزوجة المستقبل، كأن يتعرف عليها بشكل مباشر، ويلتقي بها خارج رقابة الأهل، رفض بشكل مطلق معتبراً أن ذلك "حرام، لا يجوز، وغير مقبول في الدين والمجتمع" واستطرد "بنات الناس مو لعبة، ما بيصير".

العنوسة أفضل من زوج غير مناسب
إيفا ضيفتنا الأخيرة تتفق مع مادلين وسحر في مسألة الخروج مع الشباب للتعارف، لكنها ترفض أن تعتبر حسن معقداً وتقول هو تربى هكذا "يصطفل"، وترى أن العلاقات قبل الزواج تخفف من احتمالات الطلاق، وبالتالي تحمي الأطفال من أن يكونوا أبناء لزوجين منفصلين، فطلاق الزوجين كما تقول إيفا ينتج أطفال معقدين نفسياً، فالفتاة يجب أن تجد الشاب الذي يشبهها بأفكاره وقناعاته "الواحد بيدور على اللي متلو"، ومهما حاولنا إبراز الوجه الإيجابي للطرف الآخر سنظهر على حقيقتنا في لحظة ما.

وإيفا تعلمت من تجاربها أن تظهر حقيقتها منذ البداية، فهي ترفض نصائح والدتها في عدم القيام بتصرفات معينة أو مرافقة بعض الأشخاص، لأن الناس إذا علمت بتصرفاتها سينقطع نصيبها، فتجيبها "إلي بدو ينفر مني بسبب تصرفاتي أنا ما بدي إياه" فتسكت والدتها كما تقول إيفا لأنها تعرف أن الحق بجانب ابنتها، وتتابع إيفا بأن قصة العنوسة لا تعنيها بشيء، فالزواج لأجل الزواج فكرة خاطئة كلياً وهي تفضل أن تعيش مع زوج المستقبل حياة كاملة قبل الزواج، " إني كون عانس حكي فاضي لأن الأهم إني كون محققة الاستقرار لذاتي، حتى لو ضليت لحالي بدون زوج".

تختلف وجهات نظر الشباب والشابات الذين التقيناهم كثيراً حتى تكاد تتنافر تماماً ولكن يبقى هدف كل منهم أن يحقق المعادلة الصعبة داخل القفص (الذهبي)، وهي توفير القدر الأكبر من التفاهم والاتفاق ضمن العائلة، بعد العثور على الشريك المناسب، كل منهم يعتبر أن طريقته في انتقاء العريس هي الضمانة في تحقيق حياة زوجية سعيدة، والسؤال الذي حضرنا ونحن نضع اللمسات الأخيرة على التحقيق كان "لماذا لم يتحدثوا عن الحب".