هل نظارات البلو كت مفيدة حقا أم مجرد دعاية؟

في 16 ديسمبر من عام 2019 بدأ القلق يساور إيرين ساتلر عندما أصبحت الرؤية لديها ضبابية عند استخدام الكمبيوتر، لكن الطبيب أخبرها أن عينيها بخير.


وكان لديها في العمل جهاز كمبيوتر آخر بشاشة أكثر إضاءة وبدأت عيناها تؤلمها، ثم سمعت عن نظارات حجب الضوء الأزرق أو "البلو كت" وبدأت بعمل بعض البحث على الإنترنت لتعلم عنها المزيد.

وبالفعل قامت بشراء نظارة لمنع الضوء الأزرق، وبعد ارتدائها لم تعد تشعر بإجهاد في عينيها ولم تعد تعاني من ضبابية الرؤية، وبالرغم من غرابة الأمر لم تعد تشعر بإرهاق في وجهها بعد العمل.

وتعتبر ساتلر واحدة من بين العدد المتزايد من الناس الذين يرتدون نظارات خاصة لحجب أو تنقية الضوء الأزرق القوي الصادر من الشاشات الرقمية، وطبقا لتقرير صدر عن إحدى شركات التسويق العالمية صرح أن سوق نظارات البلو كت في تزايد مستمر، ومن المتوقع زيادتها لتصل المبيعات إلى 27مليونًا مع قدوم عام 2024 بداية من 18 مليون في عام 2019.

ومن ضمن الفوائد المعلنة لهذه النظارات قدرتها على تقليل إجهاد العين، وتحسين عادات النوم والوقاية من أمراض العين.

لكن هل تؤدي نظارات البلو كت هذا العمل بالفعل؟ يعتمد الأمر على من تطلب المساعدة.

وبما أن النظارات منتج جديد لذا ليس هناك الكثير من الأبحاث التي توضح الصورة، ولم تصرح إدارة الأغذية والعقاقير الدولية استخدام هذا النوع من النظارات لأنه لم يتم تسويقها حتى الآن كجهاز طبي.

وتصرح الأكاديمية الأمريكية لطب العيون أنك لست بحاجة لهذه النظارات ولم توصي بأي نوع من النظارات الخاصة لمستخدمي الكمبيوتر، وأضافت هذه المنظمة أن الضوء الأزرق الصادر من الأجهزة الرقمية لايسبب إجهاد العين أو إصابتها بأي مرض وتكمن المشكلة ببساطة في الاستخدام المفرط لهذه الأجهزة الرقمية.

ويقول الخبراء في منظمة الـ AAO أن أعراض إجهاد العين الرقمي مرتبط بكيفية استخدامنا للأجهزة الرقمية وليس بالضوء الأزرق الصادر منها.

وفي المملكة المتحدة تقول رابطة أخصائيو البصريات أن هناك نقصًا في الدليل عالي الجودة الذي يؤيد استخدام عدسات حجب الضوء الأزرق أو الـ(BB) لعامة الناس من أجل تحسين جودة الرؤية أو نوعية النوم والتخفيف من إجهاد العين أو الحفاظ على الصحة البقعية للعين.

لكن هناك بعض متخصصي العيون الذين يعتقدون أن لهذه النظارات فوائد.

رأي جريج روجرز كبير أخصائي العيون في مؤسسة Eyeworks in Decatur بجورجيا
يقول جريج أنه رأي فوائد نظارات البلو كت بين عملاء المحل حيث يسأل فريق العمل العملاء عن مقدار الوقت الذي يقضونه أمام الشاشة يوميا، فلو كان 6 ساعات أو أكثر يوصي باستخدام نوع من التقنية التي تقلل الضوء الأزرق سواء كانت في صورة نظارات أو شاشات خاصة لشاشة الكمبيوتر.

رأي مجلس الرؤية
لمجلس الرؤية الذي يمثل الصناعة البصرية رأي خاص صرح به "سمويل بيرس" الرئيس السابق للجمعية الأمريكية للبصريات، حيث يصرح أن النظارات الخاصة هي تكتيك واحد ربما تمنع إجهاد العين، ويوصي باستخدام نظارات البلو كت لتقليل إجهاد العين.

الضوء الأزرق في كل مكان
من قبل أن يبدأ عصر الرقمية الحديثة ونحن نحصل على مقدار كبير من الضوء الأزرق الصادر معظمه من أشعة الشمس، لكن الأجهزة مثل التلفاز والهواتف الذكية واللاب توب والتابلت التي تعبر عن الحياة العصرية ينبعث منها ضوء أكثر بريقا بطول موجي أقصر (مزرق).

وقد أوضح مسح أجرته الـ Acuvue وهي إحدى صناع العدسات اللاصقة أن موظفي المكاتب يقضون حوالي 6.5 ساعة يوميا جالسين أمام الكمبيوتر.

وكذلك في مسح أجراه مركز Pew Research Center كشف أن 28% من الأمريكان الكبار يقولون أنهم يدخلون على الإنترنت بشكل مستمر يزيد على 21% وهذا عام 2015.

والأصغر سنا يدخلون على الإنترنت معظم الوقت، وتتراوح الفئة العمرية لهم بين 18 إلى 29 عامًا وهم على الإنترنت بشكل متواصل تقريبا.

وصرحت "سوزان بريمو" أخصائية البصريات في جامعة إيموري أن الأبحاث حتى الآن توضح أن الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية هو المسئول عن مشكلات العين وليس الضوء الأزرق، على الرغم من أن بعض الذين يرتدون نظارات البلو كت يقولون أنها قللت إجهاد العين لديهم.

وأضافت أنك لو رغبت في ارتداء هذه النظارات ولاحظت أنها تفيدك فلا مانع، وأن ما يزعجها في الأمر هو تصريحات شركات الدعاية لهذه النظارات والتي لم تدعم بالبحث العلمي.

وتدعو "سوزان بريمو" شركات الدعاية إلى استخدام كلمات مثل (ربما) تكون هذه النظارات مفيدة بدلا من التأكيد الغير مدعم بالدليل العلمي.

وعلى سبيل المثال هناك سلسلة من المحلات في المملكة المتحدة وهي Boot Ltd. تم تغريمها بـ 40.000 جنيه عام 2017 لتقديمها دعاية مضللة قالت أن الضوء الأزرق الرقمي قد سبب تلفًا في شبكية العين، وأن النظارات الخاصة التي تباع لديهم تستطيع حماية المستخدمين.

محاولة الحصول على بعض النوم
هنا حجة أخرى لصالح نظارات البلو كت تقول أن هذه النظارات تساعدك على نوم أفضل في الليل، واتفق الباحثون أن الضوء الأزرق الصادر من شاشات الـ LED مثل الهواتف الذكية أو اللابتوب تمنع إنتاج الجسم لهرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم.

وفي دراسة أجريت بجامعة هوستون عام 2017 كشفت أن المشاركين الذين ارتدوا نظارات البلو كت أظهروا زيادة بنسبة 58% في مستويات الميلاتونين للنوم الليلي، وصرحت ليزا أوسترين الطبيبة في الجامعة أنه باستخدام نظارات البلو كت نستطيع تحسين النوم والاستمرار في استخدام الأجهزة الخاصة بنا، وهذا أمر جيد لأنه يساعدنا في الحفاظ على الإنتاجية حتى خلال الليل.

واتخذت الأكاديمية الأمريكية للبصريات اتجاهًا مختلفًا صرحت أنه ليس على الشخص إنفاق المزيد من المال على نظارات البلو كت لتحسين النوم، وببساطة تنصح الناس بتقليل الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات الرقمية وضبطها على النظام الليلي.

لو كانت مفيدة من يهتم؟
يقول البعض أن استخدامهم لهذه النظارات قد لايعالج مشكلات العين، إنما يمكنهم من العمل لساعات أطول براحة أكثر، فهناك أشخاص يشعرون معها بالراحة بغض النظر عما يقوله الآخرون.

امنحوا عينيكم فترة راحة
وأخيرا لو كنت تشعرين بالقلق على صحة عينيك من استخدام الشاشات الرقمية يمكنك إيجاد الراحة بدون الحاجة لارتداء نظارات خاصة، وينصحك الخبراء

باتباع بعض النصائح وهي:
- يجب تعديل وضعية المقعد الذي تجلسين عليه أمام الكمبيوتر حتى تكون عينيك على بعد 25 بوصة من الشاشة، وعدلي وضع الشاشة بحيث تنظرين لأسفل قليلا.

- استخدمي شاشة تنقية فوق شاشة الكمبيوتر لتقليل الضوء الصادر منها.

- استخدمي قطرات مرطبة لو شعرت بالجفاف في عينيك.

- انتبهي للضوء الموجود في المكان الذي تعلمين به فقد تحاولين زيادة تباين الشاشة.

- لو كنت ترتدين عدسات لاصقة امنحي عينيك فترة راحة بارتداء نظارات من وقت لآخر.