تعلم مفردات السوشي والساشيمي وأنت تتذوقها

السوشي من مطابخ فقراء اليابان إلى موائد العالم
السوشي من مطابخ فقراء اليابان إلى موائد العالم

لأكل السمك فنّ عريق اسمه سوشي. إنها أطباق أشبه بلوحات، لا بل اقرب الى المنمنمات المفعمة بالألوان النابضة والطعم اللذيذ في آن واحد.


فهذه القطع الصغيرة تحوّلت في غزوها الشرق الأوسط، لا بل العالم وفي سنوات قليلة، سفيرة للمطبخ الياباني ومقدّمة للتعرّف الى المأكولات الشرق آسيوية من بابها الأشهى.

ففي لبنان مثلا، تشهد مطاعم السوشي إقبالا كبيرا وازديادا اكبر، إذ انها لم تعد تقتصر على الأماكن الفخمة، بل بدأت تتسرّب الى الشوارع المزدحمة وتقدّم خدمة التوصيل المجاني.

فلم تعد بذلك حكرا على الطبقات المخملية، لأنها تروج في صفوف الشباب من كل الفئات الاجتماعية حتى صارت من احدث صيحات الموضة.

وصحيح ان تذوّق الأطباق الجديدة قد يشكّل بالنسبة الى البعض هواية بحد ذاتها، إنما حين يتعلّق الأمر بالتعرّف الى المطبخ الياباني فتلك مغامرة ستكون مليئة بالمفاجآت «الطيّبة» من دون أدنى شك.

والبداية، حتما ستكون من مفتاح هذا المطبخ: السوشي. هذه «المنمنمة» يرقى تاريخها الى أكثر من ألف عام إذ انها بدأت في الأوساط الفقيرة التي كانت تبحث عن طريقة لحفظ السمك.

فكانت تقدّده ثم راحت تطوّر أساليب حفظه بشكل لا يعدّل مذاقه. فوقع الاختيار على الأرز الذي تحوّل مع الملح الخشن وعاء لحفظ السمك، يرصّ بالأحجار لأيام عدّة حتى يتخمّر ويصبح جاهزا للأكل.

ومع الوقت صارت هذه الوصفة تتطوّر، فأضيف إليها ورق الـ«نوري» (Nori) الأخضر والمجفّف، وهو نوع من أنواع الطحالب البحرية المتوافرة في اليابان.

ويروي مدير مطعم «ووك ووك» في فندق انتركونتيننتال فينيسيا (بيروت) نيكولا سعادة، في حديثه: «في القرن الثامن عشر قرّر احد الطهاة اليابانيين الكبار تقديم السمك المسحّب طازجا ومن دون تخمير. فبدأت تتبلور السوشي بالشكل الذي نعرفه».

ولمحبي خوض هذه المغامرة بشغف، عليهم التقيّد بأصول معيّنة وكأنهم يمارسون طقسا غريبا عنهم وعدم الاكتفاء بتناول وجبة لمجرّد ملء المعدة. لذلك، من الأفضل ألا يأتي الدخول الى عالم السوشي عفويا، وإلا فالنتيجة قد لا تكون مرضية للجميع، خصوصا أن تناول ثمار البحر النيئة ليس أمرا مألوفا بالنسبة الى الكثيرين.

وتفاديا للغط يجب الإشارة إلى ان الـ«سوشي» لا تعني السمك النيئ، بل الأرز والسمك او اي من ثمار البحر معا، الملفوفين بورق النوري البحري.

وللأرز هنا طعم مختلف عن نظيره المعروف في الدول العربية، إذ انه «يكون مطهوا على البخار وتضاف إليه صلصة مصنوعة من الخل الأبيض والسكر ومشروب الساكي الياباني، وذلك تحت هواء المروحة لكي يبرد الارزّ ويصبح، في الوقت نفسه، متماسكا كعجينة، إنما مع المحافظة على شكل حبة الأرز»، يقول سعادة.

بالعودة الى مغامرة دخول المطبخ الياباني، لاسيما حين يقصد «المغامر» مكانا يمتاز بديكور يجعله يشعر بأنه سائح في إحدى جزر شرق آسيا كما في «ووك ووك»، أولا هناك قاموس من التعابير اليابانية لا بد من فهمه وحفظه وسرعان ما تصبح العودة إليه عملية سهلة بفضل المذاق الشهي لقطع السوشي.

وغنيّ عن القول إن الخطوة الثانية تتعلّق بالتآلف مع استخدام العيدان (chopsticks) لئلا يضطر المرء لجمع قطع السوشي عن الطاولة وإلا فيمكن العودة الى الطرق الرائجة.

وإذا كانت الزيارة برفقة صديق او عدد قليل من الأصدقاء ينصح بالجلوس الى البار، حيث يمكن حينذاك مشاهدة مراحل إعداد السوشي المختلفة والتحدّث الى الشيف الذي عادة ما يكون من شرق آسيا، ما يسمح باكتشاف جديد ما في «ثقافة السوشي».

ولمحبي التزام الحذر في تناول السمك النيئ يمكنهم البدء بالسوشي المحضّر بالسمك المشوي، الى ان يتحلّوا بالجرأة للإقدام على تذوّق الـ«ساشيمي» التي تعني «السمك النيئ المقطّع شرائح والخالي من الحسك ويتراوح وزنها بين 15 غراما و20»، يوضح سعادة قبل ان يستفيض في الحديث عن عائلة السوشي الواسعة.

فهناك الـ«نيغري سوشي» (Nigri sushi)، وهذه تعني شرائح من السمك فوق الأرز، إنما يفصل بينهما الـ«واسابي»، وهو نوع من الخردل الياباني طعمه حاد جدا ولونه اخضر ورائحته نفّاذة، يأتي على شكل مسحوق يخلط بالمياه إلى ان يصبح متماسكا كمعجون الأسنان. وبحسب سعادة، يتمتّع الـ«واسابي» بوظيفة أساسية إضافة الى إضفائه نكهة مكمّلة للسوشي على أنواعها، وهي قتل الجراثيم او البكتيريا التي يمكن أن تكون موجودة في السمك او ثمار البحر النيئة.

لذلك، يعتبر وجود الـ«واسابي» أمرا بديهيا على المائدة الى جانب الزنجبيل وصلصة الصويا التي تلطّف من حدّة الـ«واسابي».

أما سوشي الغونكان (gunkan sushi) وتعني القارب، فمكوّنة من سمك وتحته أرز، ملفوفان معا بورق النوري فيبدو الشكل اقرب الى كوب صغير. النوع الثالث هو الـ«ماكي» وهو مرادف للسندويش الياباني.

تستخدم أوراق النوري البحرية لتحضير اللفائف التي تأتي على أشكال متعددة:
هناك الـ«اوسوماكي» (Hosomaki)، وتكون رفيعة وفيها الأرز والسمك والخضار ويمكن إضافة اي صلصة من اختيار الشيف.

ويمكن تعديل الشكل ليصبح أعرض في ما يسمّى «فوتوماكي» (futomaki)، وتعني اللفائف السميكة.

أما في الـ«اوراماكي» (Uramaki)، فيكون الامر معكوسا بحيث تصبح أوراق النوري التي تغلّف السمك محاطة بالأرز الذي يشكّل الغلاف الخارجي لقطعة السوشي، بما انه يكون متماسكا.

وهذا النوع من الماكي يعتبر الأكثر شيوعا في صفوف المبتدئين، النوع الأخير هو الـ«تيماكي» (Temaki)، وشكلها مخروطي وفي داخلها توضع حشوة الأرز، ثم السمك والخضار، وغالبا ما تكون من الخيار أو الجزر.

وللنباتيين هناك الماكي المصنوع من شرائح الافوكادو أو الخيار أو اي نوع من الخضار الذي يمكن لفّه مع ورق النوري والأرز.

وأخيرا هناك الـ«شيراشي» (Chirashi)، وهو طبق يتضمّن مروحة واسعة من الساشيمي او سلطة الساشيميالأسماك النيئة كالتونة والسلمون واللقس وأنواع مختلفة من الأصداف.

كل هذه الاصناف يمكن تذوّقها في «ووك ووك» يوميا، وأيام الاثنين يتحوّل «ملعبا» يتسيّده السوشي.

ويوضح سعادة ان الطفرة في التهافت على المطبخ الياباني عالمية ولا تقتصر على لبنان او الدول العربية أو الخليج مقابل التراجع في الإقبال على المطبخ الفرنسي.

واللافت ان «صيحة» السوشي التي بدأت تزحف الى المنطقة قبل 10 أعوام او 12 عاما، وكانت تقتصر على الطبقة المخملية لا سيما رجال الاعمال، صارت اليوم محط إعجاب الفئات الشابة التي تتذوّقها بنهم ومن دون الاضطرار لممارسة «الرقابة الذاتية» ذلك ان السمك خال من الدهون الضارة وغنيّ بالدهون المفيدة (HDL) والـ«اوميغا 3» التي تساعد على خسارة الوزن.

لكن يبقى من الضروري التذكير بأن تناول السوشي يجب ألا يفوق المعدّل الوسطي الذي يتراوح بين 12 و18 قطعة.

ولهواة تناول السوشي فتح أخيرا الـ«ووك ووك» صفوفا أيام السبت لتعلّم تحضير الاطباق خلال ساعتين مقابل 65 دولارا. وليس على التلميذ سوى الاتصال لحجز مكانه، إذ ان المطعم يقدّم له كل المكوّنات والعدّة الخاصة بتحضير السوشي من السكين الحادة الى سجادة البامبو التي تغلّف بالنيلون حرصا على النظافة.

وهنا لا بد من الإشارة الى ان البامبو معتمد في تحضير هذه القطع لأنه يسمح بتطويع المكوّنات تمهيدا للحصول على الشكل المطلوب ولأنه مضاد للجراثيم بحدّ ذاته.

ويقول سعادة: «في الختام يتسلّم التلميذ شهادته من الشيف ونلتقط له صورة تذكارية بعد ان يكون قد أمضى ساعة تعرّف خلالها على تاريخ السوشي وطرق تحضيره وساعة من أكل ما حضّره وما نقدّمه له».