فيلم وثائقي يتتبع حياة الفرنسية الأُولى منذ الطفولة إلى «الأليزيه»

كارلا بروني وزوجها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يستقبلان الرئيس البرازيلي الاسبق فيرناندو انريك كاردوسو في قصر الأليزيه
كارلا بروني وزوجها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يستقبلان الرئيس البرازيلي الاسبق فيرناندو انريك كاردوسو في قصر الأليزيه

بعد أن قرر الرئيس نيكولا ساركوزي حجب الاعلانات التجارية عن الفترة المسائية في التلفزيون الحكومي، سهر مشاهدو القناة الثانية، الرسمية، ليلة اليوم الأول من السنة الجديدة مع فيلم وثائقي شائق هو بمثابة إعلان مبطن للفرنسية الأُولى كارلا بروني ساركوزي التي تشتغل إلى جانب كونها سيدة «الأليزيه» مغنية تحقق اسطواناتها الملايين من العائدات.


جاء الفيلم بعنوان «كارلا بروني: أحدهم قال لي». واستعرض على مدى 80 دقيقة جوانب من طفولة ويفاعة وشباب هذه الإيطالية ذات القد المياس التي انتقلت برشاقة راقصة «باليه» من عرض الأزياء إلى الغناء وأخيراً إلى أحضان الرئيس الفرنسي الذي كان منتخباً حديثاً ومطلقاً من زوجته الثانية.

وإذا كان ساركوزي هو زوجها الشرعي الأول فهو لم يكن أول الرجال في حياتها، وهم كثر. وهي تخبرنا، في الفيلم، أنها أنذرته قبل الزواج بأنها لن تترك الغناء ووافق على شرطها. وأوضحت أنها لم تكن مستعدة للتخلي عن مهنتها الفنية والجلوس في القصر الرئاسي لكي تكوي قمصانه. وقد أسعدها أنه لم يجبرها على الاختيار بينه وبين مهنتها لأن «الحب لا علاقة له بالتضحية».

عن ساركوزي، تقول صديقة كارلا المغنية ماريان فيثفول: «أعتقد أنه رجل موفور الحظ». وفيثفول هي واحدة من الشخصيات التي استعان بها مخرج الفيلم جورج سكوت لإلقاء الضوء على شخصية كارلا.

وهناك أيضاً والدتها ماريسا واختها الممثلة فاليريا وشريكها في بعض اغنياتها الملحن والمغني جوليان كلير. وقد سعى المخرج الى لقاء هؤلاء بينما كان يصور فيلمه مرافقاً تسجيل كارلا لاسطوانتها الأخيرة.

وبسهولة تحسد عليها، كانت الفرنسية الأُولى تخضع لشروط لعبة السؤال والجواب رغم تطرق الفيلم الى زوايا حميمة وشديدة الخصوصية من حياتها. كما فتحت أبواب بيتها لفريق التصوير واقتادته الى حدائق «الأليزيه» والى القصر الريفي الخاص بعائلتها في منطقة «كاب نيغري»، حيث قضت مع الرئيس جانباً من عطلة الصيف الماضي، أول صيف لهما معاً. وتحدثت كارلا عن حقيقة أنها طفلة غير شرعية. وكشفت أنها لم تتحطم نفسياً عندما اكتشفت ذلك وهي في سن صغيرة.

لقد رباها الصناعي الايطالي والعازف ألبيرتو بروني تيديشي، زوج أُمها، وكانت تظن أنه أبوها، مثلما هو أبو شقيقتها فاليريا وشقيقها فيرجينيو. لكن إطلاعها على الحقيقة أراحها وأشعرها بالاستقرار، خصوصاً أنها ذهبت لتتعرف على أبيها الفعلي الذي كان يقيم في أميركا الجنوبية. أما والدتها فقد تطرقت الى المعاناة الكبيرة التي مرت بها كارلا بعد رحيل الأخ الوحيد الذي أودى به مرض «الإيدز». في كل مقاطع الفيلم، كانت كارلا مثال المرأة العاشقة القادرة على تحويل مجرى الكلام ليصب في مديح زوجها الرئيس. وهي تقول عنه: «إنه رئيس دولة لأنه يمتلك رغبة قوية في حماية الآخرين ومساعدتهم».

وكان في مقدور المتفرج أن يطلع على لقطات غير معروفة يبدو فيها ساركوزي جالساً في الكواليس يستمع الى تسجيلات زوجته أو الى حديث لها في أحد البرامج التلفزيونية. وإذا عرفنا أنه رجل مشغول بعدد شعر رأسه ويمضي نصف وقته في الطائرة الرئاسية أدركنا أنه عاشق، بالفعل، حين يختلس تلك اللحظات لمرافقة زوجته والسهر على نشاطها الفني.

يعرض لنا الفيلم صوراً من ألبوم عائلة بروني، ونرى كارلا طفلة شقراء نحيلة، رشيقة بالفطرة، تقف أمام المصور مع أفراد أُسرتها في بيتهم الأول بمدينة تورينو الإيطالية، قبل هجرتهم الى فرنسا. لقد كانت ترهف السمع الى والديها وهما يعزفان على البيانو وتتشرب بالموسيقى بحيث أنها، في شبابها، تعلقت بأعمال المغني سيرج غينزبورج وبأُغنيات بربارة وفريق «كلاش»، وبالأخص أغنيته «لندن كولينغ» التي لم تكن تأوي الى فراشها قبل أن تسمعها. وبسبب تعلقها بالموسيقى كان الكل يتوقع أن تتجه نحو الفن.

لكن كارلا قررت وهي في سن السابعة عشرة أن تعمل عارضة للأزياء. وتقول في الفيلم : «أحببت أن أكون مستقلة، أن أعمل، وأن أُسافر». وحتى عندما تقاعدت من عروض الأزياء فإنها لم تبتعد عن المنصات كثيراً، وساعدها صديقها الممثل فنسان بيريز على التعرف على وكيل فني يدعى برتران دو لابي، أبدى اعجابه ببعض ألحانها. وحال تحولها الى مغنية جاءها النجاح على طبق من ذهب لأنها عرفت كيف تعود بالأُغنية الفرنسية الى عصر الشفافية والعذوبة والغناء الهامس الذي تبوح فيه المغنية بمشاعرها للميكرفون.

والغريب أن النصوص السريعة التي كانت كارلا تكتبها حظيت بالإعجاب أيضاً، ومنها أُغنية «سلاماً أيها البحار» التي تخاطب فيها أخاها الراحل.

ثم يتوقف الفيلم عند دور كارلا كزوجة للرئيس الفرنسي وعند أناقتها التي سحرت بها البريطانيين عندما رافقت زوجها في زيارة رسمية الى لندن، بعد زواجهما مباشرة. وهنا تروي كارلا الحفاوة التي لقيتها من الملكة أليزابيث الثانية وزوجها، ومن ولي العهد، وتقول إن ثقافة العائلة المالكة وبساطتها وحسن استقبالها كان لها أثر في شعورها بأنها تعرف هؤلاء الناس من زمان. أما البريطانيون فتقول ماريان فيثفول إنهم، منذ رحيل الأميرة ديانا، لم يشاهدوا سيدة شابة في مثل أناقة كارلا بروني وسحرها.