موضة هذا العام .. أعصار من الأرجوان والبنفسج

الأرجواني ظل عبر التاريخ عنوان الاناقة الارستقراطية
الأرجواني ظل عبر التاريخ عنوان الاناقة الارستقراطية

من الألوان القوية هذا الموسم، الأرجواني بكل درجاته وفصائله. فقد حفلت به عروض الأزياء كما رأيناه يحلي أجساد النجمات في الكثير من المناسبات وأخيرا أثارت سارة براون، زوجة رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، الانتباه والإعجاب عندما ارتدت قبعة «بيريه» في مناسبة مهمة بدرجة من درجاته المتوهجة.


قبعة سارة براون لم تكن غالية الثمن، أو بتوقيع بيت أزياء عالمي، لكن لونها شفع لها وجعلها تبدو «على الموضة».

والحقيقة انه عندما يكون بدرجة غنية ومن قماش مترف فإنه يعطي انطباعا بالأناقة والفخامة لا نقاش فيه على أي احد يلبسه، وهو الأمر الذي يقول البعض انه طبيعي، لأنه بدأ أصلا كلون نخبوي نظرا لندرته، التي جعلته يقتصر طويلا على الطبقات الحاكمة والارستقراطية والبابوات، ولا يزال لحد اليوم يرمز للسلطة والقوة والفخامة.

ففي عصر الرومان مثلا، كان يستعمل في «توغا» الطبقات الحاكمة فقط، وويل لمن تسول له نفسه استعماله من الطبقات العامة. ومن هنا اطلق عليه لقب اللون الامبراطوري.

ويقال أيضا ان الملكة كليوباترا كانت تعشقه وتعرف تأثيره القوي، لهذا كانت تطلب من خدمها وحشمها ان ينقعوا آلاف الحلزونات الأرجوانية للحصول على أنصة واحدة من صباغ الأرجوان المستورد من مدينة صور لاستعمالها الخاص.

وما علينا إلا ان نذكر صورتها وهي تجلس في زورقها المطلي باللون البنفسجي، وتتنزَه في مياه النيل بهدف جذب انتباه أنطوني وتذويب مقاومته، مما يذكرنا بمقولة الكاتب أوسكار وايلد في روايته الشهيرة «صورة دوريان غرين» بأن لا نصدق «أي امرأة تلبس الأرجواني»، لأنها بجاذبيتها توقع أي رجل، مهما قويت مقاومته، بسهولة في شباكها.

جاذبيته وقوته لم تخفا في العصر الحديث فهو لا يزال لون الاناقة والثقة العالية، الأمر الذي يجعل السياسيين يقبلون عليه ولو من خلال الاكسسوارات، مثل ربطات العنق.

ولعل العديد منا يذكر انه عندما فاز باراك أوباما بترشيح الحزب الديموقراطي له لخوض الانتخابات الأميركية، فإن زوجته ميشال ظهرت إلى جانبه بعقد من اللؤلؤ وفستان بتصميم بسيط وناعم، لكن بلون غني لا يمكن تجاهله، هو اللون الأرجواني، الذي جعلها بين ليلة وضحاها تحتل مكانة مميزة بين انيقات العالم.

ولأنه يأتي بدرجات عديدة، فإنه بلا شك يستحضر أيضا مظهر الفرنسية الاولى كارلا بروني ساركوزي خلال زيارتها الرسمية لبريطانيا هذا العام، وهو المظهر الذي لا تزال الغالبية منا تذكره، نظرا للتأثير القوي الذي خلفه، سواء تعلق الأمر بفساتينها أو معطفها الذي اختارته من دار «كريستيان ديور» وكان بأرجواني اقرب إلى البرقوقي الغامق.

ونظرا للنجاح الذي قوبلت به أناقتها، بدت وكأنها تتفاءل بهذا اللون، إذ لجأت له ايضا خلال حفل عشاء في قصر الإليزيه من خلال فستان سهرة طويل من دار «هيرميس»، وهناك ايضا نالت الإعجاب والرضا.

الأرجواني ظل عبر التاريخ عنوان الاناقة الارستقراطية، فهو اللون المفضل للعائلات المالكة في أوروبا، بل حتى نجمات هوليوود اكتشفن انه لون قوي ومؤثر، تحبه العين وعدسات الكاميرا، فأصبحن يختلن به في مناسبات السجاد الأحمر منذ بضع سنوات عوض الاسود.

وبالإضافة إلى كل هذا، فقد اكتشفت المرأة انه لون يناسب كل البشرات، سواء كان بلون البنفسج، أو البتشولي أو الليلك، او الخزامى، أو حتى البرقوقي.
طبعا مع الوقت نزل هذا اللون من برجه العالي ودخل الحياة العامة من دون ان تهتز جاذبيته.

وفي الموسم المقبل، كما الموسم الماضي سيتسيد بكل درجاته، سواء فيما يتعلق بالأزياء أو الاكسسوارات او الماكياج، بل وحتى المجوهرات.

فحجر الجمشت الأرجواني، مثلا يعتبر من الأحجار النادرة وارتفعت اسهمه في الآونة الاخيرة بشكل كبير، لأن العديد من الطبقات المخملية تستعمله لكي تعكس المكانة الاجتماعية، فيما تستعمل انواعه الأرخص من قبل الصاغة والزبونات، كحجر يمنح الطاقة والنشاط.

تجدر الإشارة إلى انه كلما كان بدرجات هادئة وخفيفة كان يعتبر من الألوان المهدئة للأعصاب والمريحة للنفس والعين.