جنيف تفتتح أحدث مختبر لطب المخ والأعصاب

كما سيقوم الباحثون من خلال مختبر المخ والأعصاب بدراسة كيفية تأثر الدماغ بالموسيقى
كما سيقوم الباحثون من خلال مختبر المخ والأعصاب بدراسة كيفية تأثر الدماغ بالموسيقى

افتتحت جامعة جنيف يوم الاثنين 8 ديسمبر 2008 مختبر طب المخ والأعصاب، الذي يعنى بدراسة المخ والأعصاب والسلوك البشري.


ومن المتوقع أن يبدأ قرابة مائتي عالم في مارس القادم العمل في هذا المختبر الذي سيشكل جزءا من مشروع مستقبلي أضخم، هو عبارة عن مركز إقليمي متخصص في طب الأعصاب تتبع له فِرق البحث العاملة في منطقة بحيرة ليمان.

وبهذه المناسبة قامت الجامعة بتدشين مرنان (سكانر أو ماسح ضوئي) عملاق ذو قدرة فائقة على التصوير بالرنين المغنطيسي (IRM أو MRI) magnetic resonance imaging ، يبلغ وزنه 13 طنا، ويتبع لمختبر المخ والأعصاب، وقد تم الحصول عليه بفضل المنحة المقدمة من الجمعية الأكاديمية في جنيف وقيمتها 6 مليون فرنك (حوالي 4,92 مليون دولار).

وجدير بالذكر أن هذا المرنان يأتي ضمن مشروع طويل الأمد في مجال طب الأعصاب تقوم عليه جامعة جنيف، وهو يمثل حجر الأساس لمركز موعود هو الأول من نوعه في أوروبا، ومن المؤمل أن يحقق السبق في الدراسات المتعلقة بالمخ والأعصاب والسلوك البشري.

يصف مدير المركز السويسري لعلوم الانفعالات كلاوس شيرر المختبر قائلا: "إنه أول مختبر من نوعه في العالم وذو قدرة فائقة وإمكانات واسعة، وقد زُوّد بتقنيات ونظُم فريدة من نوعها، ويعوّل عليه في الأبحاث الخاصة بالانفعالات والعواطف".

كما يضم مختبر المخ والأعصاب وحدة خاصة يكشف أسرار النوم، وهي عبارة عن واقع افتراضي (كمبيوتر تفاعلي) موصول بجهاز لتخطيط المخ مهمته التقاط وتسجيل موجات المخ، يناط بهذه الوحدة القيام مباشرة بفحص العواطف والانفعالات والنشاط الدماغي خلال النوم. إذ يمكن للواقع الافتراضي إحداث مؤثرات على المخ ومن ثم استقبال الموجات والإشارات الصادرة عنه والعمل على تحليليها وتسجيلها.

وفي تصريح أدلى به مدير جامعة جنيف باتريك فويلّيومير لسويس انفو قال: "في الحقيقة، يتيح لنا مختبر المخ والأعصاب إمكانيات كبيرة ليس فيما يخص دراسة الأعصاب أو الأمراض العصبية أو الطب النفسي فحسب، بل أيضا في مجال علم النفس وعلم النفس الفسيولوجي"، وأضاف: "هدفنا أن نفهم كيف يقوم الدماغ بوظيفية وكيف يصاب بالخلل الوظيفي".

وتابع مدير جامعة جنيف يقول: "نحن نركز في أبحاثنا على الأمراض العصبية التنكسيّة (أي تلك المسببة لتأكسد الأنسجة العصبية) مثل مرض الزهيمر أو أمراض التصلب العصبي المتعدد، أو الاضطرابات النفسية، بيد أننا لن نستطيع القيام بفحوص تشخيصية جديدة دون فهم أفضل لطريقة عمل الدماغ ولشبكة الاتصالات التي تربط بين مناطقه".

وأردف باتريك فويلّيومير: "من أهم أهداف بحوث أمراض التصلب العصبي المتعدد أن نتوصل إلى طرق تمكننا من الكشف المبكر عن المرض فيما يتيح لنا الفرصة في البحث عن العلاج المبكر والناجع".

وسوف يكون للمرنان العملاق دور في كشف طريقة الاتصال بين مناطق الدماغ المختلفة ومدى قيامها بمهمتها خاصة عند حدوث نزيف في المخ.

كما سيقوم الباحثون من خلال مختبر المخ والأعصاب بدراسة كيفية تأثر الدماغ بالموسيقى، وأثر الموسيقى في تخفيف الألم، وكذلك تأثير التنويم المغنطيسي على الدماغ.

مركز إقليمي لدراسة المخ
من جهتها اعتبرت المجلة الأميركية للعلوم أن منطقة بحيرة جنيف ستحتل المرتبة الثالثة في أوروبا بعد اكسفورد وكامبردج في بريطانيا في مجال علم الأعصاب.

وجدير بالذكر أن هناك تعاون وثيق ومشترك بين جامعتي لوزان وجنيف والمستشفيين الجامعيين فيهما بالإضافة إلى المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، وتتوفر في مجموعها على أكثر من 80 طاقم بحث في مجال علم الأعصاب.

ومن جانبه قال فويلّيومير: "على مدى السنوات العشر الماضية كان هناك اهتمام متزايد في منطقة بحيرة جنيف بخصوص علم الأعصاب ومجالاته المتعددة وبخصوص اجتذاب علماء شباب واجتذاب كوادر من الباحثين الجدد".

ووفقا لما تم نشره من أبحاث في علم الأعصاب عام 2007 فقد تفوق الباحثون من جنيف على أقرانهم من لوزان بواقع 432 بحثا مقابل 254 بحثا، بينما تصدر الباحثون من جامعة زيورخ ومن المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ الترتيب بواقع 786 بحثا.

ويرى عميد جامعة جنيف جان دومينيك فاسالّي بأن: "الأمور بدأت تتبلور إلى الأحسن وبدأت تنبعث في النفوس آمال كبيرة بفضل الجهود المبذولة من مركز جنيف الجامعي لعلم الأعصاب، والمركز السويسري لعلم الانفعالات، ومركز لوزان للتصوير الطبي البيولوجي".

وفي سياق متصل بالموضوع، أعلنت سلطات كانتون جنيف مؤخرا عن خطط لتطوير حي "جونكسيون" وإنشاء مركز بحيرة جنيف لعلم الأعصاب وعمل منتزه وخدمات لمصلحة الطلاب.

ومن المقرر أن تقوم الحكومة المحلية بعرض المشروع رسميا هذا الشهر.

وإذا سارت الأمور على ما يرام، فقد يكون المشروع جاهزا ويتم تشغيله بحلول عام 2015، على حسب ما يرى مسؤولو الجامعة الذين يبدون تحوطا بهذا الشأن أكبر مما يبديه السياسيون.

وفي تصريح أدلى به رئيس قسم التعليم لكانتون جنيف تشارلز بير لصحيفة "لوتون" أشار إلى أنه "تناسب أن يكون هذا المشروع في جنيف حيث الريادة لجامعة جنيف في أبحاث علم الانفعالات" مضيفا بأن "جنيف منطقة خصبة تنشط التعاون بين جامعة جنيف وجامعة لوزان والمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان".

وأما مارك مولر مستشار الدولة لشؤون البناء فقد أعرب عن رأيه قائلا: "بالرغم من أن أكثر احتياجاتنا المالية مؤمنة بفضل ما تحققه لنا مكانة جنيف الدولية وبفضل القطاع المالي إلا أننا قررنا ألا نكتفي بما حققنا"، ويتساءل: "فمن يدري؟ لعل الأمم المتحدة تقرر يوما ما الرحيل عن جنيف".

ويلفت الانتباه معربا عن أمله: "كما أن المنظمة الأوروبية للبحوث النووية (سيرن) اكتشفت شبكة الإنترنت في القرن العشرين، فلعل المركز المرتقب في حي "جونكسيون" يحدث نقلات نحو مستقبل واعد".