أمراض القلب وتأثيرها على صحة المخ

يمكن لتقدمك في العمر أن يؤثر في كفاءة مخك أيضًا مثلما يؤثر في باقي أجزاء جسمك. ومن المتوقع أن يحدث هذا التباطؤ، الذي يمكن إرجاعه إلى التقدم الطبيعي في السن.


ولكن عندما يزداد تراجع مهارات التفكير، ويصبح النسيان أمرًا معتادًا في حياتك من الممكن أن يتحول ذلك إلى ظهور المراحل المبكرة من خرف الشيخوخة الذي يعرف بأنه نوع بسيط من العجز الإدراكي. ويمكن للأطباء ملاحظة الفرق بين علامات التقدم الطبيعي في العمر، والعجز الإدراكي البسيط.

وكثيرًا ما يكون الانطباع الأول هو الربط بين هذه التغيرات وبداية مرض الزهايمر، لكن قد يكون السبب هو وجود مشكلة في تدفق الدم، وحسب التقديرات، فإن ثلث حالات خرف الشيخوخة، ومن بينها تلك الحالات التي تشبه مرض الزهايمر، تكمن وراءها عوامل تتعلق بالأوعية الدموية، على حد قول الدكتور ألبرت هوفمان، رئيس قسم علم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد.

من بين مشكلات الأوعية الدموية التصلب العصيدي  atherosclerosis، وهو تكون صفائح دهنية داخل الشرايين، وتصلب الشرايين arteriosclerosis، وهو تصلب الشرايين مع تقدم العمر؛ ويعد الاثنان من الأسباب المعروفة للإصابة بأمراض القلب. وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى تضرر كفاءة المخ من خلال عرقلة هذين المرضين للتدفق المستمر للدم المحمل بالأكسجين الذي ينعش خلايا المخ.

في حالة حدوث الجلطة، التي يطلق عليها أحيانًا السكتة الدماغية، تموت أجزاء كبيرة من أنسجة المخ عندما يتخثر الدم في أحد الشرايين الرئيسية؛ ما يعرقل فجأة مسار تدفق الدم. إضافة إلى المعاناة الآنية التي تنتج من الضرر الناجم عن أي جلطة. يصاب واحد من بين كل ثلاثة ممن يحدث لهم ذلك بخرف الشيخوخة في نهاية المطاف.

وهناك إصابات أخرى تنتج عن الانسدادات الصغيرة في الأوعية الصغيرة العميقة في المخ. وهذه الجلطات الصامتة أكثر شيوعًا من الجلطات الواضحة بمقدار يتراوح بين 10 و20 مرة. يزيد الضرر الذي لا يرى بالعين المجردة، الذي تخلفه تلك الجلطات، من احتمالات الإصابة بخرف الشيخوخة في وقت لاحق.

ويمكن أن يمهد تراكم الصفائح داخل الأوعية الدموية الطريق للإصابة بمرض الزهايمر، ويعد تراكم مخزون بروتين يُعرف باسم أميلويد بيتا beta - amyloid، الذي يعد من علامات الإصابة بمرض، من النتائج المباشرة لما يطلق عليه الأطباء نقص انسياب الدم؛ ويعني ذلك عدم حصول المخ على كمية كافية من الدم على المدى الطويل. ويوضح دكتور هوفمان، أنه بسبب هذه التداخلات ليس من المنطقي رسم خط فاصل قاطع بين مرض الزهايمر وخرف الشيخوخة المرتبط بالأوعية الدموية.

مثلما هو الحال بالنسبة إلى صحة القلب، فإن من الخطوات الأساسية للحفاظ على قدراتك الإدراكية الحد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية. ويشمل ذلك الحرص على ممارسة النشاط الرياضي باستمرار، والإقلاع عن التدخين، والسيطرة على مستوى السكر والكولسترول في الدم، واتباع نظام غذائي صحي، والحفاظ على وزن جسم مناسب.

ومن الأمور المهمة جدًا، السيطرة على ارتفاع ضغط الدم، خصوصا في مرحلة منتصف العمر، حيث يعد ارتفاع ضغط الدم من أسباب الإصابة بجلطة، وكذلك يُعتقد أنه يؤدي إلى تحفيز نمو الجروح متناهية الصغر في المادة البيضاء للمخ. ويمكن أن يؤدي مثل هذا التلف إلى تباطؤ التفكير، وتحفيز تراجع المهارات الإدراكية، الذي يعد من علامات الإصابة بمرض الزهايمر.

قد يكون هناك جانب إيجابي في العلاقة بين صحة القلب، والمهارات الإدراكية السليمة. وأوضحت دراسات عدة أجريت على مجموعات كبيرة من السكان في الولايات المتحدة وأوروبا تناقص عدد الحالات الجديدة للإصابة بمرض الزهايمر وغيرها من أمراض خرف الشيخوخة على مدى الثلاثين عامًا الماضية.

ويرى الدكتور هوفمان، أن التفسير المحتمل لهذا الأمر هو أن التقدم الذي شهدته تلك الفترة في علاج الأمراض القلبية الوعائية، ومنها ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وارتفاع الكولسترول، يمكن أن يؤدي إلى تحسن صحة المخ أيضًا.